في 7 أكتوبر 2023، انطلقت عملية عسكرية غير متوقّعة في جنوب "إسرائيل" من قبل مجموعة من المقاومين الفلسطينيين بقيادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس في غزة،. وقد أُطلِق على هذا الهجوم المفاجئ اسم "عملية طوفان الأقصى"، الذي رافقه إطلاق آلاف الصواريخ على "إسرائيل"، وقد بدأ من البر والجو والبحر. وغزة هي منطقة صغيرة (365 كيلومتر مربع) على ساحل البحر الأبيض المتوسط، يبلغ عدد سكانها 2.4 مليون نسمة، وهذا يجعلها واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية في العالم. وفي غضون ساعات من العملية، تمكن المقاتلون الفلسطينيون من الاستيلاء على عدد من القواعد العسكرية ومقرات الشرطة والبلدات التي يسكنها مستوطنون محتلون يهود.
واصلت الجماعات الفلسطينية المسلحة بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الاشتباك عدة أيام في معارك بالأسلحة النارية مع القوات الإسرائيلية في أجزاء مختلفة من جنوب "إسرائيل".
وكان الدافع وراء عملية طوفان الأقصى هو مجموعة متنوعة من العوامل، التي تظهر جميعها يأس الفلسطينيين الذين واجهوا التصفية كفئة "سياسية" جزئيًّا بسبب اتفاقيات أبراهام، التي أدت إلى التطبيع بين "إسرائيل" وعدد من الدول العربية (الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان) في ظل محاولة الحكومة الإسرائيلية الحاكمة آنذاك ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة في "إسرائيل" بشكل كامل. وقد كشف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بوقاحة عن نية التهام الأراضي التابعة للفلسطينيين بالكامل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2023. وكانت عملية 7 أكتوبر تهدف أيضًا إلى لفت انتباه العالم إلى الحصار الشامل والحصار العسكري على غزة.
منذ عام 2007، تحولت غزة إلى سجن مفتوح. كما شعر الفلسطينيون بالغضب من الاعتداءات الصهيونية المستمرة على قدسية المسجد الأقصى، والاستفزازات، وفرض القيود المتزايدة على المصلين المسلمين. وأخيرًا، كان تصاعد عنف المستوطنين ضد السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وتوسيع مستوطنات الاحتلال اليهودي الجديدة من بين الدوافع الرئيسة. وسرعان ما وصفت الدولة الصهيونية هذه العملية العسكرية بأنها "هجوم إرهابي"، وادّعت أن القانون الدولي يمنحها الحق في الدفاع عن النفس. وبناء على ذلك، أعلن رئيس الوزراء نتنياهو أن بلاده في حالة حرب. وفي نفس يوم توغل القوات الفلسطينية في جنوب "إسرائيل"، شنت القوات المسلحة الإسرائيلية قصفًا عنيفًا على غزة من الجو والبر والبحر، ولم يهدأ القصف منذ ذلك الحين. أدت الهجمات العشوائية والشاملة والمتواصلة التي شنتها "إسرائيل" على غزة مدة 40 يومًا (حتى 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023) إلى مأساة إنسانية مروعة أدت إلى مقتل حوالي 13 ألف شخص وإصابة ما لا يقل عن 30 ألفًا من سكان غزة. وقد تعرضت غزة للدمار التام نتيجة موجة القصف التي شهدت التدمير الكامل لـ41,000 منزل و71 مسجدًا والتدمير الجزئي لـ222,300 وحدة سكنية، و25 مستشفى (لا تعمل الآن)، و253 مدرسة (63 أصبحت غير صالحة للاستعمال)، و156 مدرسة مساجد و3 كنائس حتى 14 تشرين الثاني/نوفمبر.
وبعد ارتكابها دائرة لا تنتهي من الجرائم الدولية ضد الشعب الفلسطيني، مثل جرائم الحرب، والجرائم ضد السلام، والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الفصل العنصري، تستطيع الدولة الصهيونية الآن "الفخر" بنفسها بأنها ارتكبت عملًا شريرًا جديدًا، يتجاوز الجرائم السابقة في نطاقه وفظاعته: ألا وهو الإبادة الجماعية.