هناك شبه اتفاق على أنّ التحول الأكثر أهمية في السياسة الخارجية التركية حدث مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002. ومن أوضح المؤشرات على هذا التحول أن الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط قد ازداد بشكل ملحوظ في السياسة الخارجية التركية. بالإضافة إلى وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، فإن من أهم دوافع هذه العملية التطورات في منطقة الشرق الأوسط ذاتها منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
شهدت السنوات 2001-2003 تغييرات كان من شأنها أن تؤثر بشكل كبير في مستقبل السياسة الإقليمية على صعيد كل من تركيا والشرق الأوسط. وفي حين وقعت واحدة من أكثر الهجمات الإرهابية إثارة للصدمة على الأراضي الأمريكية في 11 سبتمبر 2001، شنّت الإدارة الأمريكية عملية عسكرية في أفغانستان استمرت لسنوات عديدة. وفي عام 2003 بينما بدأت الولايات المتحدة تدخلًا عسكريًّا ضد العراق هذه المرة، فقد أكّدت أنها يمكن أن تصبح فاعلًا أكثر نشاطًا في سياسات الشرق الأوسط. كما أنذرت هذه التطورات بتوجه سياسي قد يتطور ضد الفاعلين العالميين، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، في دول منطقة الشرق الأوسط التي تُعَدّ على حدود تركيا. في الفترة نفسها، مع العمليات العسكرية للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، ظهر المفهوم الذي يمكن تسميته الجغرافيا السياسية الشيعية في الشرق الأوسط.
في هذا السياق، اكتسبت إيران نفوذًا كبيرًا في أعمالها السياسية والعسكرية والاقتصادية في البحرين والعراق واليمن ولبنان في سياق سياساتها في الشرق الأوسط.
وفي الفترة 2001-2002، إلى جانب التطورات الجيوسياسية ذات الصلة في الشرق الأوسط، حدثت تحولات مهمة في السياسة الداخلية لتركيا، فنتيجة للانتخابات التي أُجرِيت في عام 2002، تسلّم حزب العدالة والتنمية الحكومة، وبدءًا من نوفمبر 2002، بدأت حقبة جديدة في السياسة الداخلية والخارجية لتركيا. عندما يتعلق الأمر بعام 2022 -خلال فترة حزب العدالة والتنمية، الذي أكمل عشرين عامًا في السلطة- يُلاحَظ أن تركيا حققت العديد من الاختراقات في سياستها الداخلية والخارجية. وفي هذا السياق، شملت سياسة تركيا تجاه الشرق الأوسط في العقدين الماضيين اختراقات مهمة وخاصّة عندما يُؤخَذ النشاط السياسي والعسكري في الاعتبار.