رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

قراءة في مسار العلاقات بين حماس وإيران

تناقش هذه الدراسة الإطار العام للعلاقة بين حماس وإيران التي وصلت إلى مرحلة التعاون الإستراتيجي. تقرّ الدراسة بأن العلاقة مبنية على المصالح المتبادلة، وتحاول توضيح الأسباب التي دفعت حماس وإيران إلى إقامة اتصال وثيق، وبيان المدى الذي ستصل إليه العلاقة في المستقبل. تناقش الدراسة تطور العلاقات الثنائية، ونقاط الانهيار الرئيسة، والانعكاسات المحتملة للوضع الجديد بعد 7 أكتوبر 2023، وتشير إلى أن الدعم العسكري الكبير الذي قدمته إيران إلى حماس أسهم في تقوية جناحها العسكري بشكل كبير.

قراءة في مسار العلاقات بين حماس وإيران

إن العملية التي شنتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، على الأراضي المحتلة صباح 7 أكتوبر 2023 لم تتسبب في إحداث تحول في تاريخ المقاومة الفلسطينية فقط، بل أحدثت العديد من الأحداث. وفي سياق المناقشات حول علاقات حماس بإيران من المعروف أن طهران تقدّم الدعم العسكري لحماس منذ سنوات عديدة. وبخاصة خلال عملية سيف القدس، التي بدأت بعد الخطوات العدوانية الإسرائيلية في القدس عام 2021، حيث أعاد الأداء المقاوم الناجح لكتائب القسام العلاقات بين حماس وإيران إلى جدول الأعمال.

جاءت زيادة كتائب القسام، لقدرتها العسكرية بشكل كبير بفضل المعرفة التي قدمتها إليها إيران إلى حدّ كبير، والتي زادت من قوتها في الميدان. وهذا الوضع الذي جاء نتيجة للعلاقات بين حماس وإيران، هو أمر يجب أن يُؤخَذ بعين الاعتبار؛ لأنه يظهر الثقة بالنفس التي اكتسبتها المقاومة، والمرحلة التي وصلت إليها مع طوفان الأقصى. على الرغم من أن طبيعة العلاقة بين إيران وحماس يجري تقديمها بشكل مختلف من قبل دولة الاحتلال "إسرائيل" ومؤيديها الغربيين، إلا أن حقيقة وجود تعاون إستراتيجي وعملي بين الطرفين قضية لا ينبغي تجاهلها، فالقضية الفلسطينية كانت دائمًا أداة وظيفية لإيران التي طرحت رؤية جديدة للسياسة الخارجية بعد الثورة الإسلامية، واتبعت إستراتيجية توسّع نشطة مع رؤيتها للنظام العالمي. كما أن إيران التي حاولت اكتساب الشرعية من خلال دعم النضال الفلسطيني بين المجتمعات السنّية- حاولت تعزيز علاقاتها مع هذه البنية الإسلامية، وزيادة قدرتها على المناورة في منطقة الشرق الأوسط بعد انطلاقة حماس.

تمكنت حماس، وهي البنية الأكثر أهمية في المقاومة الفلسطينية، من الحصول على الدعم اللوجستي والفني الذي تحتاج إليه إلى حد كبير من إيران؛ لمواصلة قتالها ضد دولة الاحتلال. وبما أن موقع النظام الإيراني في السياسة العالمية يسمح له بدعم حماس، فإن هذا الوضع -بلا شكّ- جعل من الضروري بالنسبة لحماس تعزيز علاقاتها مع إيران من أجل مقاومة مستدامة.

إن التعاون الإستراتيجي الذي أقامته حماس والقيادة الإيرانية بدون القلق على السياق الأيديولوجي- مكّن أيضًا من خلق توازن مهمّ في المنطقة. وعلى الرغم من اهتزاز العلاقات خلال الأزمة السورية عام 2011، إلا أن كلًّا من حماس وإيران اختارتا تطبيع العلاقات في وقت قصير؛ لأن الوضع الراهن أضر بإستراتيجيات الطرفين. إن العلاقة بين حماس وإيران التي تُعَدّ مبنية على أساس المصالح المتبادلة، بغض النظر عن السياق الأيديولوجي والطائفي، هي في المرحلة الحالية لا غنى عنها للطرفين من ناحية، لكنها من ناحية أخرى علاقة هشّة للغاية؛ بسبب المخاطر المحتملة. والسؤال الرئيس المزدوج الذي يجب الإجابة عنه في هذا البحث، وهو الذي سيناقش الإطار العام للعلاقة بين حماس وإيران هو: ما الأسباب التي دفعت حماس وإيران إلى إقامة اتصال وثيق؟ وإلى أين ستتطور هذه العلاقة في المستقبل؟ في هذا السياق، ستجري مناقشة تطور العلاقات الثنائية أوّلًا، ثم نقاط الانهيار الرئيسة، والانعكاسات المحتملة للوضع الجديد بعد 7 أكتوبر 2023.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...