رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

مستقبل التحركات الروسية في إفريقيا القرن الإفريقي نموذجًا  

مستقبل التحركات الروسية في إفريقيا القرن الإفريقي نموذجًا  

مستقبل التحركات الروسية في إفريقيا  القرن الإفريقي نموذجًا   

الملخّص تتناول هذ الورقة دوافع التحركات الروسية في إفريقيا في منطقة القرن الإفريقي بوجه خاصّ، وذلك في سياق التنافس بين القوى الخارجية للحصول على موطئ قدم لها في هذه المنطقة الحيوية من العالم، حيث يأخذ التنافس بين هذه القوى الكبرى في الحقبة الحاليّة أبعادًا متعددة، منها الصراع على مناطق النفوذ، ويشمل المناطق الحيوية في العالم، منها القرن الإفريقي. كما يعدّ الصراع والتنافس بين روسيا من جهة، والقوى الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة من جهة أخرى- أبرز ملامح هذه الحقبة. بيد أنّ التنافس الغربي- الروسي في القرن الإفريقي على سبيل المثال، يأخذ شكلًا أقل حِدّةً من حيث مستوى المواجهة ونوع المواجهة مقارنة بصراعات هذه الأطراف في مناطق أخرى، غير أنه صراع تقود المؤشرات إلى أنه سيتطور إلى صراع أكثر حِدًّة في هذه المنطقة من العالم.

 لا يختلف اثنان في أنّ روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفييتي تعود اليوم بقوة إلى الساحة الدولية، ولاسيّما بعد التغييرات الداخلية بوصول الرئيس فلاديمير بوتين إلى سدّة الحكم عام 2000، وتولّيه مهمّة إعادة إحياء القوة الروسية مجددًا، وتأتي عودة الدُّبّ الروسي إلى الساحة الدولية في خضّم تحولات إقليميّة ودوليّة كبيرة.

في هذا الصدد، تتأثر التحركات الروسية حاليًّا، سواء في محيطها الغرب، حيث الصراع بين روسيا والغرب في دول الاتحاد السوفييتي السابق، أم في مناطق أخرى من العالم حيث تحاول روسيا  تعزيز نفوذها- بإرث الحرب الباردة وتجربتها. ومن هنا يأتي تناول هذه الورقة للتحرك الروسي تجاه القرن الإفريقي في هذا السياق.

خلال حقبة الحرب الباردة، كان القرن الإفريقي ساحة للصراع والتنافس بين القوّتينِ الكبرييْنِ: المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، والمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي من جهة ثانية، ولاسيّما في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.

في الوقت الراهن، يلاحظ في خضم التنافس الخارجي لإنشاء قواعد عسكرية في القرن الإفريقي بروز ظاهرة "العسكرة" الآخذة في التزايد عبر الإقليم، حيث تأخذ هذه "العسكرة" أشكالًا مختلفة، منها التدخل المباشر، أو التعاون العسكري وتأسيس القواعد العسكرية، أو مبيعات الأسلحة مع دول المنطقة، علاوة على ذرائع مكافحة الإرهاب والقرصنة وغيرها من أشكال الجريمة المنظمة... فالتدخلات العسكرية للقوى الخارجية تعرّض الإقليم ذا السلام الهشّ بهذه المنطقة الأكثر رخاوة في العالم- إلى مزيد من الاضطرابات. ومن المفارقات أنّ هذا الحضور العسكري الأجنبي الكثيف في المنطقة لا يؤدّي دورًا مؤثرًا في استقرار المنطقة؛ لا على صعيد منع النزاعات الحدودية بين بلدان المنطقة، ولا على صعيد السيطرة على الصراعات بين الدول، أو وأد التهديدات والهجمات الإرهابية على أراضيه.

وانطلاقًا ممّا تقدّم، تحاول هذه الورقة تفسير تلك التحركات الروسية تجاه القرن الإفريقي وفق السياقات الآتية:

أوّلًا: عالَم ما بعد الحرب الباردة

مثّل سقوط الاتحاد السوفيتي (1991)، وانهيار جدار برلين (1989)، وحرب الخليج الأولى ضد العراق (1990)- محطات مهمّة في هيكل النظام الدولي الذي تشكّل عقب الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، كما كانت هذه الأحداث أيضًا من مؤشرات نهاية حقبة الحرب الباردة (1947-1991) التي انقسم العالم فيها إلى قطبين اثنين، هما: الكتلة الشرقية الاتحاد السوفييتي، والكتلة الغربية، ثم أعقب ذلك تراجع الاهتمام ببعض أقاليم العالم، وزيادة الاهتمام بأقاليم أخرى بحسب أهميتها الإستراتيجية للقوى الدولية الجديدة؛ وعقب انهيار الاتحاد السوفييتي تراجعت العلاقات بين إفريقيا وروسيا الاتحادية وريثة القطب المنهار، وانكفأت روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي على ذاتها.

 وبرزت الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت "النظام العالمي الجديد"، ونصّبت نفسها تحت إدارة جورج بوش الأب (1989-1993) قوة عظمى مُهيمِنة. وفي خضمّ هذه التحولات، جرى الحديث عن تشكل معالم نظام دولي جديد تحت قيادة القطب الدولي الظافر-حينها- وهو الولايات المتحدة الأمريكية.

وطفق المنظّرون الإستراتيجيون يتحدثون عن ملامح هذه الحقبة الجديدة بأنها تمثّل "نهاية التاريخ"، كما ذهب إلى ذلك المفكر الأمريكي ذو الأصول اليابانية فرانسيس فوكوياما، من أنّ حقبة الصراع والاستقطاب وفراغ القوة التي وسَمت الحقب السابقة منذ نهاية الحرب الباردة انطوت ببروز "السلام الأمريكي"، حيث تقف واشنطن بوصفها قائدةً للعالم في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.

في هذا الصدد، يرى أحمد‏ داود أوغلو أنه ومع نهاية كل حرب كبرى كان يُصار إلى تأسيس نظام دولي جديد، غير أنه ومنذ نهاية الحرب الباردة التي تعدّ بطريقة أو بأخرى امتدادًا للحربيين العالميتين، "لم يُؤسَّس نظام دولي جديد إلى الآن، ولم تستقرّ التوازنات الدولية في مكانها بعد"1، وكذلك يرى أوغلو أيضًا "أن القوة العالمية لم تتمكن من تأسيس نظام دولي جديد منذ ذلك الحدث [نهاية الحرب الباردة]، حتى أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001"2.

بيد أنّ التفرُّد الأمريكي لم يدم طويلًا، حيث تراجعت قوّة واشنطن ونفوذها بسرعة أكبر ممّا توقّعه المخططون والمنُظِّرون الإستراتيجيون‏؛ نتيجة تورطها في ما دعته بالحرب العالمية على الإرهاب لمواجهة تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى، ثمّ غزوها أفغانستان (تشرين الأول/أكتوبر 2001)، والعراق (آذار/مارس 2003)، وخوضها ما أطلقت عليه الحرب العالمية على الإرهاب ضمن تحالف دولي قادته وفق تصريح الرئيس جورج بوش الابن: "من ليس معنا فهو ضدنا".

وقد كانت لنتائج هاتين الحربين نتائج وخيمة على مكانة الولايات المتحدة ونفوذها، وهو ما سمَح بتشكّل ملامح نظام عالمي متعدّد الأقطاب، أو نظام لا تفرض فيه أيُّ قوة نفوذَها بمفردها، وهو ما دعاه ريتشارد هاس، مسؤول التخطيط الأسبق بوزارة الخارجية الأمريكية، بـ"عالم بلا أقطاب"3 وقصَد به أن هذا النظام الدولي الراهن لا تملك فيه أيٌّ من القوى الكبرى التأثير والنفوذ لوحدها، وإنما هنالك فاعلون آخرون من غير الدول يؤدّون أدوارًا مهمة، جنبًا إلى جنب مع القوى التقليدية الكبرى والمؤسسات المختلفة للنظام الدولي.

ولقد ترك تراجع الدور الأمريكي الباب موارِبًا لبروز قِوى جديدة لا يزال النقاش محتدمًا في حقل العلاقات الدولية بشأن توصيف ملامح هذه القوى الصاعدة؛ حيث برز التنّين الصيني قوة دولية مؤثّرة آخذة في الصعود لتكونَ قطبًا دوليًّا؛ وكذلك عادت روسيا بقوة إلى السياسة الدولية بعد حقبة الانطواء على الذات بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، كما برزت دول مجموعة البريكس، التي تضم كلًّا من روسيا والصين، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، والهند، ولاسيّما على صعيد الاقتصادي، بجانب الاتحاد الأوربي، ومجموعات وتكتلات إقليميّة أخرى عديدة  عبر العالم حيث بات، وبدرجات متفاوتة، تؤثر في المشهد الدولي والإقليمي على حدّ سواء. وقد وصف الكاتب الأمريكي  من أصول هندية فريد زكريا بأنه "صعود الآخرين"، أو عالم "ما بعد أمريكا"4

مؤخّرًا، وعلى نحو أكثر وضوحًا، بات التنافس الأمريكي- الروسي أحد أهمّ ملامح الواقع الدولي الراهن؛ وتعددت جبهات المواجهة والتنافس بين هاتين القوتين الكبريين، ولم تقتصر على حدود أوربا، حيث سعى الغرب لمحاصرة روسيا في نطاقها الحيوي في البلقان، والبحر الأسود، ودول الاتحاد السوفييتي السابقة، وشرق أوربا؛ ونتيجة لذلك شهدت مناطق النفوذ السوفييتي سابقًا في كل من جورجيا وقرغيزيا وأوكرانيا مواجهات جسّدت التنافس الحالي بين القِوى الغربية بقيادة واشنطن من جانب، وروسيا الصاعدة بقوة مرة أخرى في السياسة الدولية من الجانب الآخر.

وكان واضحًا التوجّه الجديد للسياسة الروسية لتحدّي واشنطن في الشرق الأوسط، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية عند الضرورة، كما شهدنا في حالات أوكرانيا، وضم شبه جزيرة القرم (2014)؛ وقبل ذلك، التدخل في  كل من أبخازيا وجورجيا وأوسيتيا الجنوبية (2008)، فضلًا‏ عن عرقلة مساعي واشنطن الرامية لنصب الدرع الصاروخية في شرق أوربا، وعلى حدود روسيا، وكذلك التصدّي لمحاولات توسع الناتو على حدودها (أبخازيا)، أو مناطق نفوذها.

في العقدين الأخيرين، تعدّدت أجندة السياسة الدولية، وبعُدت الشُّقّة بين القوى الدولية إزاء اختلاف هذه الأجندة، التي تُفسَّر بحسب مصالح الدول الكبرى، من بينها روسيا، ومن بينها قضايا كالإرهاب والقرصنة على سواحل الصومال...إلخ. ولم يخرج تفسير هذه القضايا عن سياق التنافس الجيوستراتيجي.

ثانيًا: ما بعد الربيع العربي

يتفق المراقبون على أن ثورات الربيع العربي التي انطلقت في عام 2011 أحدثت زلزالًا سياسيًّا تعدّى تأثيره حدوده الجغرافية منطقة الشرق الأوسط- إلى إعادة رسم معالم توجهات السياسة الخارجية لبعض القوى الدولية، ولاسيّما فيما يتّصل بمستقبل التنافس بين القوة المهيمِنة، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وتلك القوة الصاعدة كروسيا والصين وغيرهما، فضلًا‏ عن احتدام حدّة التنافس بين القوى الدولية من أجل الهيمنة والنفوذ. وفي هذا الخضم، سرّعت روسيا بشكل خاص من وتيرة تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، مستغلةً الفراغ الذي نشأ نتيجة تلك الثورات، فضلًا‏ عن تداعيات الربيع العربي والتعقيدات الناجمة عن الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان، من خلال صعود قوى الإسلام السياسي، وانبعاث خطر التنظيمات الجهادية، ولاسيّما تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، و"القاعدة"، وتشكيل ذلك خطرًا عالميًّا عابرًا للحدود.

وبذلك، يمكن القول إن عالم ما بعد الربيع العربي أوجد مجالًا واسعًا للتنافس على الشرق الأوسط ومحيطه الجيوستراتيجى، وهذا زاد من حِدّة التنافس بين الدول الكبيرة لتعزيز حضورها في هذه المنطقة الحيوية، بالنظر للتحديات المهولة التي خلّفتها آثار الربيع العربي، والفراغ الذي خلفه الربيع العربي، بتراجع أدوار بعض الدول المحورية في المنطقة، وهو ما دفع كذلك الدول الكبرى للتسابق للقيام بحماية مصالحها في ضوء هذا الواقع الجديد، بعد أن كانت تعتمد في السابق على تلك الدول.

 ويمكن القول إن الفراغ الذي أعقب ثورة الربيع العربي يمكن أن يكون أحد أهمّ دوافع التوجّه الروسي نحو القرن الإفريقي. وفي هذا السياق كان التدخل الروسي (والذي كان قد بدأ في 30 أيلول/سبتمبر 2015) لمساندة نظام بشار الأسد المدعوم من قبل إيران ضد ثورة الشعب السوري من أجل "الحرية والكرامة"- بمثابة تحّول كبير في السياسات الروسية، يمكن تفسيره بالخوف من تداعيات الربيع العربي، والذي سيقود نجاحه إلى إسقاط النظام القريب من موسكو؛ النظام السوري، وكذلك إلى صعود الحركات الجهادية التي تخوض موسكو ضدّها حربًا في جوارها القريب في الشيشان والبلقان، والجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفييتي السابقة، فضلًا‏ عن شعور الروس بضرورة اهتبال فرصة تراجع نفوذ واشنطن في المنطقة بعد إخفاق حربها على ما يُسمَّى بالإرهاب، ورغبة إدارة ترامب في الانسحاب من مشكلات الشرق الأوسط.

وعقب تعثّر ثورات الربيع العربي، برز نظام إقليمي جديد متمركز حول دول الخليج العربي في ظل صعود قيادة شابة جديدة في الأنظمة الملكية التقليدية. وكذلك في ظلّ الخلافات بين دول الخليج من جهة وواشنطن من جهة أخرى، حول مواجهة طموحات إيران الإقليميّة. ومن المحتمل أن تتطور العلاقات بين روسيا ودول الخليج ولاسيّما على أرضية وجود الطرفين في القرن الإفريقي، وخلافاتهما مع واشنطن، كل على حِدة، فضلًا‏ عن وجود رغبة لدى الطرفين في أداء أدوار، والبحث عن نفوذ.

ثالثًا: الأزمة الخليجية والقرن الإفريقي

كذلك كان للتنافس الخليجي- الخليجي5 على خلفية اندلاع أزمة حصار قطر ومُقاطعتها في (حزيران/يونيو 2017)، بإعلان كلّ من المملكة العربية السعودية والإمارات‏ العربية المتحدة ومصر والبحرين مجتمعة قطع جميع العلاقات مع قطر... كان لهذا الصراع الإقليمي انعكاساته على منطقة القرن الإفريقي، حيث أُعِيد اكتشاف الأهمية الجيوستراتيجية لهذه المنطقة، ووجدت دول المنطقة كأثيوبيا وأريتريا وجيبوتي والصومال، وحتى جمهورية أرض الصومال (غير المعترف بها دوليًّا) نفسها في خضم هذا الصراع بين دول الخليج للحصول على تأييد هذا الطرف أو ذاك من أطراف الأزمة الخليجية المتفاقمة؛ لتدخلَ بذلك منطقة القرن الإفريقي ولاسيّما عبر ما عُرِف مؤخرًا بـ"ديبلوماسية الموانئ"، حيث غدا هدف الحصول على إدارة الموانئ، وإنشاء القواعد العسكرية، واستئجار الموانئ من الدول الواقعة على ساحل الغربي للبحر الأحمر- من مظاهر الأزمة الخليجية. وفي هذا الإطار سعت الإمارات‏ العربية المتحدة التي لها وجود نشط في الصومال لتعزيز نفوذها في المنطقة بشتى السبل. ففي هذا الصدد طوّرت الإمارات‏ العربية المتحدة التي كانت قد وقّعت- عبر ذراعها الاقتصادية شركة "موانئ دبي العالمية"، في (كانون الأول/ديسمبر 2015) اتفاقًا مع جمهورية  "أرض الصومال" لتطوير ميناء "بربرة"، غير أنها كشفت في مطلع (آذار/مارس 2018) عن اعتزامها إنشاء قاعدة عسكرية هناك بدون موافقة الحكومة الفيدرالية في مقديشو، وهو ما فجّر أزمة ديبلوماسية بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو ودولة الإمارات‏ العربية، ونقلت الأمر إلى مجلس الأمن الدولي والمنظمات الإقليمية أيضًا. كما تسيطر أبوظبي على ميناءي مصوع وعصب الأريتيريين، إلى جانب السيطرة على ميناء عدن باليمن. وفي هذا السياق هناك أيضًا تحركات المملكة العربية السعودية في المنطقة، التي كشفت عن اتجاهها إنشاء قاعدة عسكرية لها في جيبوتي. بجانب كل ذلك، هناك النشاط الإيراني في المنطقة لدعم المتمردين الحوثيين في اليمن عبر البحر الأحمر، ولاسيّما بعد تشكيل تحالف "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية وشنّه حملة عسكرية في (26 آذار/مارس 2015)- ولا تزال "عاصفة الحزم" مستمرة حتى الآن- ضد الحوثيين الذين كانوا قد سيطروا على العاصمة صنعاء (21 أيلول/سبتمبر 2015).

من هنا باتت أزمة الخليج أو حصار قطر مهددًا للتوازن الهشّ في القرن الإفريقي؛ فخلال زيارته إلى اثيوبيا مؤخرًا (آذار/مارس 2018) كان وزير الخارجية الأمريكي قد حذّر من الانعكاسات السلبية لامتداد الأزمة الخليجية إلى القرن الإفريقي6.

وفي هذا السياق، هناك الانخراط التركي والديبلوماسية النشطة تجاه القرن الإفريقي والبحر الأحمر على وجه الخصوص. فالزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أروغان إلى  السودان (وشملت أيضًا تشاد وتونس) في 24 كانون الأول/ديسمبر 2017، حيث وقّع مع الحكومة السودانية اتفاقًا لإعادة ترميم جزيرة سواكن الواقعة على البحر الأحمر شرق السودان7- أثارت ردود أفعال كبيرة، وجرى الحديث عن احتمالات أن يكون يأخذ الوجود التركي هناك أبعادًا عسكرية أكبر مستقبلًا، على غرار القاعدة العسكرية في الصومال. وهناك أيضًا إبداء بعض دول الخليج قلقها من النفوذ التركي في البحر الأحمر؛ ومن هنا بات هناك ترابط كبير بين القرن الإفريقي وشبه الجزيرة العربية.

رابعًا: التكالب على القرن الإفريقي

رغم الاختلاف في تعريف حدود القرن الإفريقي، إلا أنّ هناك إجماعًا على أهمية هذه المنطقة من الناحية الجيوستراتيجية. وكما يشير الباحث أنس القصاص فإنه لا يوجد تعريف موحّد "للقرن الإفريقي الكبير" حتى الآن، وإنما تستعمل التعريفات السائدة حسب مصالح الدول الكبرى ومدى رغبتها في الانخراط في قضايا الإقليم؛ فتارة يُقال القرن الإفريقي فقط، وتارة "القرن الإفريقي الكبير" والذي يشمل دول: إثيوبيا والصومال وجيبوتي وأريتريا وكينيا ويوغندا والسودان وجنوب السودان، ولدى البعض يمتد إلى ما وراء ذلك8، فالقرن الإفريقي من ناحية الموقع الجغرافي، يتصل بباب المندب وخليج عدن والطرق المؤدية إلى المتوسط وقناة السويس فالمحيط الهندي، ويمتد ليشمل منطقة اليابسة غرب البحر الأحمر، وخليج عدن في شكْل قرن، وهو أيضًا ملتقى فضاءات إستراتيجية تصل إفريقيا بالشرق الأوسط والمحيط الهندي.

على غرار أقاليم العالم الأخرى التي تأثرت بالصراع الدولي في العقود الخمسة الماضية، أُهمِلَت منطقة القرن الإفريقي بعد انقشاع الصراع بين القوى الكبرى، ولاسيّما إبّان الحرب الباردة، ولذلك فقدت المنطقة أهميتها لدى الدول الكبرى الصاعدة؛ لكونها كانت تُعَدّ من مناطق نفوذ الاتحاد السوفييتي سابقًا، وكما يلاحظ الباحث التركي-وهو مسؤول مكتب الاتصال بالقوات المسلحة التركية في الصومال- محمد جم أوغلوتورك أنه و"بعد نهاية الحرب الباردة، فقَد القرن الإفريقي بطرق ما أهميته الجيوستراتيجية"9.

إذن، مرة أخرى تعود منطقة القرن الإفريقي مجددًا لتكون مسرحًا للتنافس والصراع بين القوى الأجنبية وتوازنات القوى الكبرى اليوم، كما جرى خلال حقبة الحرب الباردة، غير أن هذه المرّة تسارعت بشكل كبير وتيرة "العسكرة"، وذلك من خلال إنشاء القواعد والاتفاقيات العسكرية وعقود التسليح...إلخ.

ونظرًا لأهمية الموقع الجيوستراتيجي‏ للقرن الإفريقي تشهد المنطقة في السنوات الأخيرة تكالبًا شديدًا من قِبل القوى الكبرى للتموضع فيها، فضلًا‏ عن الدول الإقليمية الطامحة لأداء أدوار والحصول على مواقع للنفوذ هناك، ولا يزال الجدل قائمًا بين الباحثين عن الأهمية الجيوستراتيجية للقرن الإفريقي بالنسبة للقوى الكبرى، بعد أن غدا حوض البحر الأحمر  في الوقت الراهن منطقة لصراع النفوذ بين الدول الكبرى مع بعضها بعضًا، وكذلك الدول الاقليمية المختلفة، وبذلك ازدادت الأهمية الجيوستراتيجية لهذه المنطقة، التي حفزت في الوقت الراهن على التدخل الخارجي المكثف في هذه المنطقة.

وفي سياق التنافس بين القوى الكبرى حول النفوذ والهيمنة والتأثير، يتبوّأ القرن الإفريقي أهمية قصوى بالنسبة للقوى الكبرى؛ فالقضايا التي تشغل بالَ العالم كالأزمات والحروب والقرصنة وأخيرًا الإرهاب... جميعُها توجد بدرجات متفاوتة في القرن الإفريقي، ومن هنا تأتي أهميتها الكبرى للمجتمع الدولي الذي يتدخل...

فالصين وفرنسا والولايات المتحدة لديها قواعد في جيبوتي التي تقع على مقربة من باب المندب. ومن الدول التي أقامت قواعد عسكرية لها في منطقة القرن الإفريقي الكبير -وجُلَّها في جيبوتي-: فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، وإيطاليا، والصين، واليابان، والسعودية، والإمارات‏ العربية المتحدة، بينما تشير تقارير إعلامية إلى إنشاء روسيا قاعدة عسكرية لها في أريتريا10.

فيما افتتحت تركيا قاعدة عسكرية لها في الصومال في (أيلول/سبتمبر 2017) إلى جانب عرْض الرئيس السوداني على روسيا إنشاء قاعدة عسكرية في ساحل بلاده على البحر الأحمر. وهناك النشاط الإيراني في المنطقة لتوفير الدعم للمتمردين الحوثيين في اليمن، إلى جانب حضور الناتو- العدو اللدود لروسيا، وأداة واشنطن العسكرية- الذي كان قد أطلَق عام 2009 عملية "درع المحيط" لمحاربة القرصنة في البحر الأحمر.

لكن في ظل هذا الانقسام والتباعد في المواقف في العديد من الملفات والقضايا الدولية والإقليميّة بين القوى المختلفة من الصعب تحقيق ذلك، ومن هذا مسألة محاربة "القرصنة" في سواحل الصومال، حيث أخذت كلّ دولة تتحرك بمفردها من منظور مصالحها أو أمنها القومي.

 ونظرًا لأهمية القرن الإفريقي وفي حمأة التكالب والتنافس عليه، فإن هذه المنطقة تحتاج إلى آلية مستدامة تحقق مصالح دول المنطقة وشعوبها، وكذلك تحفظ مصالح الدول الكبرى والإقليميّة، بحيث يتم الاتّفاق فيما بين هذه الدول على الامتناع عن تبنّي أي تدابير من شأنها تقويض الاستقرار، أو الإخلال بتوازن القوى السائد هناك حاليًّا.

محدّدات التحركات الروسية في القرن الإفريقي

في الوقت الرهن، يوجد اختلاف كبير بين الباحثين حول مسألة وجود سياسة روسية تجاه القرن الإفريقي، ومَردُّ هذا الاختلاف يرجع إلى غياب المعطيات الملموسة حول أُسس السياسة الروسية تجاه هذه المنطقة، ولاسيّما في الوثائق الرسمية. ففي حين يذهب محلّلون إلى أن بعض تلك "التحركات" الروسية في المنطقة لا ترقى إلى مستوى سياسة متماسكة وإن كانت تُعَدّ مؤشرات لنفوذ أكبر لروسيا في المستقبل- يذهب آخرون إلى وجود سياسة روسية تجاه القارة الإفريقية بشكل عام. وهنا يجادل الباحث التركي جم أوغلو تورك، فيقول: "لا تزال إفريقيا لا تتبوّأ مكانًا مركزيًّا في السياسية الخارجية الروسية، لكن التطورات في خليج عدن يمكن أن تجعل روسيا أكثر حرصًا على التركيز على القرن الإفريقي"11، بينما يقول ديميك أشيسو الخبير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة أديس أبابا: إنه على ما يبدو تظل روسيا لا تهتم بالقرن الإفريقي بوصفه إقليمًا جيوستراتيجيًّا، وقد أبدت الحد الأدنى من الاهتمام بالقرن في ترتيب المصالح العليا في إفريقيا12.

كما يلفت أوغلو تورك إلى أنه في "مفهوم السياسة الخارجية لروسيا الاتحادية والذي وقّع عليه الرئيس بوتين في (30 كانون الأول/ ديسمبر 2016)، وكذلك في النسخة المبكرة من عام 2013، فإن إفريقيا لا يمكن أن تكفي مصالح روسيا"13. بينما لم تشر وثيقة الأمن القومي الروسي لسنة (2020) -مثلًا- بالتفصيل إلى أهمية القرن الإفريقي.

إنّ روسيا البوتينية العائدة بقوة إلى السياسة الدولية تدخل القرن الإفريقي في صراع مع القوة الكبرى الأخرى، كالصين والولايات المتحدة الأمريكية، ولاسيّما في أثيوبيا؛ الصديق الأقدم والأكبر بالمنطقة، حيث إمكانيات اقتصادية واعدة، ولاسيّما في مجال الطاقة، وكذلك تحتفظ روسيا بإرث من العلاقات التاريخية مع إفريقيا، شهدت ذروتها إبّان حقبة الاتحاد السوفييتي البائد، عندما تبوّأَ القرن الإفريقي مكانة مهمة في السياسات السوفيتية تجاه القارة السمراء، حيث سعت القوى الغربية لاحتواء المد الشيوعي في القرن الإفريقي إبّان الحرب الباردة بينما رَمى الاتحاد السوفييتي بثقله وراء دعم (نظام الدرق) في إثيوبيا ونظام محمد سياد بري في الصومال (الذي انهار مع الدولة المركزية هناك في عام 1991). حتى باتت تلك المنطقة توصف بكوبا إفريقيا14؛ نظرًا للأهمية الإستراتيجية، والنفوذ السوفييتي فيها.

وفي خضّم التحولات الجيوستراتيجية التي يشهدها العالم حاليًّا، والحديث عن صعود روسيا وعودتها إلى الساحة الدولية من خلال بعض مناطق ذات الأهمية الإستراتيجية- من غير المحتمل أن تهمل منطقة أكثر أهمية كالقرن الإفريقي، بدليل مسارعة روسيا إلى التحرك فور ظهور خطر القرصنة على شواطئ البحر الأحمر وتهديده مصالح الدول الكبرى، وتسابق الدول المختلفة للقيام بتدابير ضد القراصنة، وبدأت روسيا في 16 كانون الأول/ديسيمبر 2006 عملياتها العسكرية ضد نشاط القراصنة في سواحل الصومال على البحر الأحمر.

ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن الوجود الروسي في القرن الإفريقي ومنطقة البحر الأحمر، وفي ‏جيبوتي على وجه الخصوص، لا يعزّز نفوذها بوصفها قوة دولية مؤثرة لمواجهة منافسيها كالولايات المتحدة فحسب، بل سيكون ذلك مدعاة لمدّ نفوذها إلى منطقة الخليج العربي، بالنظر إلى موقع جيبوتي والقرن الإفريقي، بالنسبة لمنظومة الأمن القومي لدول الخليج، التي أخذت هي الأخرى في البحث عن مسارات مستقلة إلى حدّ ما، بدل الاعتماد فقط على المظلة الأمنية الأمريكية، ولاسيّما مع تراجع القوة الأمريكية، وتراجع أهمية الشرق الأوسط لديها، وما يروّج من تحليلات من احتمالات انسحاب أمريكي متوقع من الشرق الأوسط إلى مناطق أكثر أهمية من الناحية الجيوستراتيجية بالنسبة للمصالح والأمن القومي الأمريكي، فضلًا‏ عن الخلافات بين دول الخليج والإدارة الأمريكية إزاء موضوع احتواء إيران. ويتوقع أوغلو تورك: "ربما ستغيّر روسيا وجهات نظرها حول القرن الإفريقي من ناحية تحقيق هدفها كقوة عظمى في الإقليم في المستقبل القريب"15.

رغم غياب المعطيات وتفاوت الاهتمام الروسي بدول المنطقة، ولكن عند ترتيب دول القرن من حيث الأهمية بالنسبة للسياسة الروسية في حال عزّزت موسكو من سياستها في هذه المنطقة، فإن جيبوتي سوف تتبوّأُ المرتبة الأولى لوقوعها على مقربة من باب المندب وخليج عدن، ومن ثَمّ هي الأكثر أهمية من الناحية الجيوستراتيجية، تليها إثيوبيا، ثم السودان... وهكذا.

إنّ النزعة العدائية لروسيا تجاه الدول الغربية وتصاعد التوتر بين الطرفين على أكثر من صعيد، إضافة إلى التحرك الروسي في هذه المنطقة- قد توسّع من نطاق حروب الوكالة التي تعدّ إحدى أدوات بعض الدول الكبرى لحماية مصالحها هناك.

 وفي ‏ضوء ما تقدّم يمكننا تلخيص المحدّدات التي تحكم التحركات الروسية في القرن الإفريقي -حاليًّا وفي ‏المستقبل المنظور- في النقاط الآتية:

  • التدخل العسكري

في ضوء تنامي نظرة حكومات بعض الدول الإفريقية لروسيا باعتبارها حليفًا في مواجهة سياسات الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، ولاسيّما فيما يتصل بتدخلاتها في الشؤون الداخلية لهذه الدول؛ وكذلك، مع ما يُعرف عن السياسة الروسية من استخدام العلاقات العسكرية مدخلًا للعلاقات السياسية، نجد أن طابع العلاقات الروسية الإفريقية يميل إلى أن تكون العلاقات العسكرية هي الشكل الوحيد للعلاقات. وفي سياق ما تشهده صناعة الأسلحة الروسية وزيادة حجم الصادرات والتي تضخ عائدات ضخمة على الدولة الروسية بعد إعادة بناء المجمع الصناعي العسكري الروسي في حقبة بوتين16، نجد أنه يتم استخدام عقود السلاح مدخلًا للعلاقات السياسية مع الدول الأخرى.

لا نقصد بالتدخل العسكري هنا معناه "المباشر" بقدر ما نعني به هيمنة نمط التفاعلات القائمة على العلاقات العسكرية في السياسة الخارجية لدى بعض الدول، ومنها روسيا. فعلى سبيل المثال، وخلال زيارة الرئيس البشير إلى روسيا (23 تشرين الثاني/نوفمبر 2017) عرَض الرئيس البشير على نظيره الروسي تأسيس قاعدة عسكرية روسية في ساحل السودان على البحر الأحمر.

وتفاوتت ردود الأفعال لدى الجانب الروسي إزاء هذا العرض، بين من يرى أهمية هذه القاعدة المقترحة، ومن يرى خلاف ذلك. ورأى بعضهم- في سياق التنافس بين واشنطن وبكين وموسكو- أن هذه "القاعدة الروسية في السودان سوف تكون مكمّلة لقاعدة الصين في جيبوتي-فهما حليفان، وسيكونان قادرينِ على الوفاء بهواجس الأمن والاستقرار على جانبَي باب المندب والبحر الأحمر"17

بينما قال مدير مركز الدراسات الإستراتيجية كونوفالوف، إنه "من الصعب نفي الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن. ثم، مع وجود قاعدة روسية بحرية في طرطوس السورية، سيكون وجود نظيرتها على البحر الأحمر، مغريًا جدًّا. فإذا ما كانت عودة روسيا إلى الشرق الأوسط حقيقة، فإن هذه القاعدة ضرورية"18 ثم أكّد كونوفالوف: "تجري الآن دراسة هذا الاقتراح تحت عدسة مكبّرة، والمقارنة بين الإيجابيات والسلبيات"19

وفي ‏جانب آخر من الرؤية الروسية، وعلى عكس الرأي السابق، يرى مدير مركز "تحليل الإستراتيجيات والتقانات"، رسلان بوخوف، عدم حاجة روسيا إلى قاعدة بحرية على البحر الأحمر. ولكنه في الوقت نفسه يرى أن روسيا تحقق شيئًا واحدًا هناك، وهو إدارة "الخلاف مع اللاعبين الكبار في هذه المنطقة20

وفي ‏سياق هذا النمط، وخلال زيارة وزير الخارجية الروسي إلى إثيوبيا (آذار/مارس 2018) كُشف عن اتّفاق لبناء محطة نووية21، كما تمت الخطوة نفسها في السودان. ويمكن القول في هذا الصدد إن هذه التوجهات الروسية من المحتمل أن تثير خلافات بين روسيا ودول المنطقة من جهة، والدول الغربية التي تتبنى مكافحة ما يُعرف بالانتشار النووي.

في ظل حالة الفوضى التي يمرّ بها النظام الدولي والتطورات الإقليميّة في القرن الإفريقي والشرق الأوسط- يبدو أن نمط سياسة إنشاء قواعد عسكرية روسية بالخارج ولاسيّما في المناطق الحيوية من أهم دوافع التحركات الروسية لملء هذا الفراغ، ولاسيّما الصراع بينها وبين الغرب، وهذا يزيد من احتمال تحوّل إفريقيا إلى ميدان للصراع بين الطرفين؛ ومن المؤشرات على ذلك ما رَشح مؤخرًا من اتجاه روسيا إلى تأسيس قاعدة عسكرية لها في جمهورية أرض الصومال (صومالاند)- وهي جمهورية انفصالية وعاصمتها (هرغيسا)، وكانت قد أعلنت انفصالها عن جمهورية الصومال من طرف واحد في عام 1991، ولم يعترف بها المجتمع الدولي حتى اليوم. ورغم عدم تأكيد صحّة هذه التقارير الإعلامية، إلا أن التطورات في هذه المنطقة والتنافس بين القوى الكبرى لتأسيس القواعد العسكرية هناك، فضلًا‏ عن التحركات الروسية ترجّح من احتمال حدوثها مستقبلًا. وحول هذا أشار خبراء روس إلى أن هذه الخطوة -تأسيس قاعدة عسكرية روسية في أرض الصومال- يجب أن تأتي في سياق الصراع بين روسيا والغرب، وأنها ضرورية، وأن مستقبل هذا الصراع بالنسبة إليهم سيكون في إفريقيا. وقد نقلت صحيفة "روسيا اليوم" عن الخبير في معهد الشرق الأوسط، سيرغي بالماسوف، قوله: إن "الحديث في السابق حول إنشاء قواعد عسكرية روسية- دار حول مصر، والسودان، والآن يتحدثون عن الصومال. إذا كان من شأن قاعدة في مصر أو السودان أن تؤثر في النقل عبر قناة السويس، فإن قاعدة في الصومال تغلق بإحكام طريق الخروج من خليج عدن؛ لذلك، تدور حول هذه المنطقة مواجهة؛ الإمارات‏ تحاول، والصين نشرت قاعدتها في جيبوتي"22 ويشير الباحث المصري بدر الشافعي إلى أن هذه القاعدة تعمل على "إيجاد موطئ قدم لروسيا في البحر الأحمر، الذي كان بحيرة عربية في السابق قبل نشأة إسرائيل واستقلال إريتريا، ثم أصبح بحيرة دولية، ولاسيّما مع أزمة القرصنة أوائل هذا القرن. ومن هنا ربّما يشكل حالة من الحرب الباردة الجديدة بين موسكو وواشنطن التي تعدّه إحدى المناطق الإستراتيجية التقليدية الخاضعة لها"23.

  • التدخل الإنساني

تستخدم روسيا -مثلها مثل القوى الدولية الأخرى التي تنطلق من مبادئ حفظ السلم والأمن الدوليين، وادّعاء الإسهام في تحمّل المسؤوليات في مواجهة التحديات والأزمات الدولية- التدخل الإنساني في مواجهة الأزمات والكوارث جزءًا من الديبلوماسية، كما أنها تسهم بشكل فعال في تقديم الخدمات الإنسانية إلى بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في القارة الإفريقية، ولاسيّما في قطاع الطيران. لذا، فإن مسوِّغات "التدخل الإنساني" في القارة ترزح تحت وطأة الحروب والنزاعات والصراعات المسلحة... وإنّ الأزمات الإنسانية والكوارث تسوِّغ في بعض الأحيان سياسات النفوذ والمصالح لبعض الدول الكبرى، ومنها روسيا.

وحيث إن المبرر الإنساني يعدّ من العوامل التي تستند إليها الدول الكبرى لتسويغ وجودها وسياساتها في بعض المناطق. فإنّ وجود روسيا في القرن الإفريقي وعلى سواحل البحر الأحمر ضمن عوامل عديدة يستند إلى مسوِّغات المهام الإنسانية التي تقوم بها في أكثر من منطقة في العالم؛ وهنا يلاحظ روناك غوبلاداس الباحث في مركز الدراسات الأمنية بجنوب إفريقيا، نقلًا عن الخبير في الشؤون الإفريقية بالمجلس الأطلنطي بواشنطن بيتر فام- أن "عناصر روسيا ضمن بعثات حفظ السلام في إفريقيا يتجاوز أعداد جنود دول فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة مجتمعة"24.

 ومن هنا فإنّ هذا الدور الإنساني لروسيا يحتاج الحضور في المناطق الحيوية، ولاسيّما  في المنافذ والممرّات المائية كالبحر الأحمر، وهو ما يشير إليه جم أوغلوتورك بقوله: إن "سياسة روسيا حول القرن الإفريقي لا تركّز فقط على مستوى أو قيمة الموارد الطبيعية والتجارة والشراكة الاقتصادية، ولكن أيضًا تهتمّ بالقضايا الإنسانية، كالسلام والتعليم جنبًا إلى جنب مع القضايا الأمنية"25

  • السعي للنفوذ الدولي

فوق كل ذلك، إن وجود روسيا بقوة في القرن الإفريقي، حيث باب المندب ذو الأهمية الحيوية للتجارة الدولية، يجعلها في حاجة إلى الحفاظ على المنظومة البديلة، كمجموعة "البريكس" بصفتها قوة اقتصادية صاعدة في الاقتصاد الدولي في وجه المنظومة التي يهيمن عليها الغرب، ومن ثَمّ ضمان استدامة صعودها بوصفها قوة عالمية على المدى البعيد، وكذلك تقوية حلفائها.

والواقع أن أهمية القرن الإفريقي بالنسبة لروسيا اليوم، إلى جانب العوامل الأخرى، هي أنها تسعى كذلك إلى الحصول على الموارد الطبيعة لاستدامة صعودها كقوة دولية، والبحث عن أسواق جديدة لصادراتها، وتأمين طريق انسياب صادراتها، فضلًا‏ عن ضمان أمن الطاقة لها مستقبلًا، ولاسيّما في امتصاص آثار العقوبات التي تفرضها الدول الغربية عليها. وهو ما يؤكّده الباحث أوغلو تورك- نقلًا عن غيلز-: "من المرجّح أن تركز موسكو على التعاون السياسي، ومبيعات السلاح، والاستثمار في الموارد الطبيعية مع القرن الإفريقي على المدى القصير"26.

 وتظلّ هناك قضايا أخرى، من قبيل تأمين طرق تجاراتها، وضمان إمداد الطاقة، وبخاصة مع تزايد حجم التبادل التجاري بين موسكو وإفريقيا. تقول ورقة تقدير موقف لمركز الدراسات الأمنية بجنوب إفريقيا: "إن نهج روسيا في التجارة والاستثمار في إفريقيا فتح الآفاق للتبادل الاقتصادي في القارة. والواقع أنّ التجارة والاستثمار بين روسيا وإفريقيا بين الأعوام 2005 و2015 شهدا نموًّا بنسبة 185%"27.

كل ذلك يعزّز من فرضية احتمالات تعزيز الوجود الروسي في القرن الإفريقي حيث البحر الأحمر، بالنظر إلى الاستثمارات الروسية في إفريقيا، إلى جانب مساعيها في إطار مصالح مجموعة "البريكس"، وبذلك تقدم روسيا نفسها على أنها شريك قادر على حماية مصالح حلفائه، والدفاع أمام القوى الدولية الأخرى عنهم عندما يلزم ذلك.

إذن، إنْ تمكنت روسيا من تعزيز نفوذها في منطقة القرن الإفريقي، فإن ذلك يعطيها ميزة إمكانية بناء نفوذ دولي أكبر، وإعادة تشكيل مؤسسات السياسة الدولية، بالنظر إلى أهمية هذه المنطقة ومنطقة حوض البحر الأحمر بالنسبة لمصالح الدول في مجالَي أمن الطاقة وطرق التجارة وما يعنيانه.

  • ديبلوماسية الفيتو

واستنادًا إلى السلوك التصويتي لروسيا في مجلس الأمن الدولي، وطبيعة الأنظمة السياسية القائمة في منطقة القرن الإفريقي، وكذلك التحولات الإقليمية والتنافس على القرن الإفريقي، يمكننا التنبؤ بتطور التأثير الروسي في قضايا هذه المنطقة مستقبلًا، لأن روسيا الاتحادية يُعرف عنها -بوصفها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن- الإفراط في استخدام حق النقض (الفيتو) لمصلحة حلفائها، وهي الميزة التي تجعلها ذات أهمية بالنسبة لبعض دول القرن الإفريقي، وبخاصة تلك الخاضعة للعقوبات الدولية، أو التي تحتاج لبعض أشكال الدعم السياسي والديبلوماسي في مواجهة النفوذ الأمريكي، كحالتَي السودان وأريتريا، أو تلك التي تتخوف من تراجع النفوذ الأمريكي وتسعى إلى الحصول على دعم دولة كبرى أخرى، كدول الخليج العربي.

والى وقت قريب، اقتصر التعاطي الروسي مع أزمات المنطقة على الحد الأدنى، حيث لم تسع موسكو إلى أداء أدوار أكبر، مكتفية في بعض الأحيان بالتفرّج على تدخلات الدول الأخرى، ولاسيّما الولايات المتحدة والدول الغربية. ومع كل ذلك، حرصت موسكو على التعاطي مع تلك الأزمات بحسب أهميتهما لمصالحها؛ وركّزت على التمسك بالحدّ الأدنى من الانخراط السياسي في تلك الأزمات، ونجد أنها قد نشطت في الاهتمام ببعض الملفّات والأزمات في سياق المواجهة بينها وبين الدول الغربية. على سبيل المثال في علاقاتها مع السودان، وفي إطار تحركاتها تجاه الأزمات في ليبيا، وجنوب السودان...- انعقدت بالخرطوم (كانون الأول/ديسمبر 2014) الدورة الثانية لمنتدى التعاون العربي- الروسي، والذي انعقد على هامشه أيضًا "مؤتمر دول جوار ليبيا"، وكانت المصالح النفطية في ليبيا من أهم هواجس موسكو في تلك الفترة[28.

وفي ‏خطوة ذات مغزى وتعكس بعض التحول النسبي في السياسة الروسية توجّهها نحو مزيد من النشاط والمنافسة على بعض ملفات ومناطق النفوذ الأمريكي، ففي أيلول/سبتمبر 2015 استضافت موسكو لقاءً جمع وزيرَي خارجية السودان وجنوب السودان،؛ بهدف التوسط بين الدولتين، بعد أن عجزت الوساطة الإقليمية التي تدعمها الدول الغربية في إحداث اختراق جدّي في هذا الملف، ولاسيّما أن انفصال جنوب السودان عن السودان في 2011 كان مشروعًا غربيًّا، ولاسيّما بالنسبة للولايات المتحدة.

وتعدّ حالة السودان نموذجًا تطبيقيًّا لطبيعة العلاقة بين روسيا ودول المنطقة من جهة، وللصراع الدولي والإقليمي على هذه المنطقة من جهة ثانية، وهي حالة للدراسة والتحليل يمكن تعميمها على بقية دول المنطقة.

 وقد اتجه السودان في مواجهة العقوبات الأحادية التي تفرضها عليه الولايات المتحدة منذ عام 1993- نحو تعزيز علاقاته مع روسيا؛ سعيًا وراء الدعم الروسي في مواجهة الضغوط الغربية عليه، وقد تعزّزت علاقات الطرفين، متخذة أشكال التعاون كافة، ووصل الأمر مؤخرًا إلى الدخول في مجال "التعاون النووي"، حيث اتفق الطرفان على إقامة محطة نووية29.  

وأما بالنسبة لروسيا فالعلاقات القوية مع السودان تحقّق لها أكثر من هدف؛ فمن جهة تستطيع عبره النفاذ إلى إفريقيا، ولاسيّما منطقة القرن الإفريقي، والانخراط من خلال تلك العلاقات في ملفات تجعل روسيا في موضع اشتباك، أو مساومة ديبلوماسية مع منافسيها، ومن هذه الملفات تصاعد الأزمات جنوب السودان، وكذلك تطورات الأوضاع في ليبيا، وما يرتبط بها من أجندة ساخنة، كالهجرة غير الشرعية، والإرهاب، وشبكات الجريمة العابرة للحدود...إلخ، فضلًا‏ عن قضية دارفور التي تعدّ أحد ملفات الصراع داخل مجلس الأمن الدولي، ولاسيّما بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكّرة اعتقال بحقّ الرئيس السوداني عمر البشير في عام 2009، وهي قضية تحتاج فيها السودان إلى مساندة روسيا، كما أن ذلك يوفّر لروسيا حججًا للمساومة الديبلوماسية مع الدول الغربية الداعمة للمحكمة في ملفات أخرى.

  • النموذج الروسي

إن روسيا بالنظر إلى السياسة الروسية في عهد بوتين تُعَدّ قوة صاعدة بقوة، وهي تسعى من جانبها إلى الترويح لنماذجها الخاصة في القضايا الدولية الراهنة، وفي ظل الاختلاف حول التواضع على تعريف مشترك حول قضايا السياسة الدولية وتحدياتها الراهنة، فإنّ من المتوقع ألَّا تمضي روسيا في إتباع هذا "النموذج" وحدها، بل ستسعى للترويج له لدى حلفائها وفي ‏مناطق النفوذ التي تحصل عليها، ولاسيّما مع اعتماد موسكو مؤخرًا التدخل العسكري إذا ما اقتضى الأمر فرض الأمر الواقع، وكذلك اختيار الميادين الرخوة لتصفية الحسابات وتسوية المساومات مع المنافسين والأعداء، مع الاختيار بعناية المناطق والبلدان الهشّة، كالشرق الأوسط، والقرن الإفريقي.

 علاوة على ذلك، يمكن التدليل على ذلك من خلال سعي روسيا من خلال علاقاتها إلى ترويج نموذجها في مكافحة الإرهاب، معتمدة على تجربتها في الشيشان. من هنا يظل الدعم العسكري أحد أهمّ مجالات السياسة الروسية تجاه دول القرن الإفريقي، وذلك لمواجهة نشاطات "الشباب المجاهدين"، وتنظيم "القاعدة" في القرن الإفريقي... وقبل كل ذلك فإن تدخل موسكو في سوريا يمكن أن يكون أحد أشكال النموذج الروسي الذي يمكن أن يتكرر في القرن الإفريقي؛ وسيُغري النموذج الروسي دول الخليج العربي، التي ستجده مناسبًا لسياستها ضد إيران، أو ضد الفاعلين من غير الدول، كحركات الإسلام السياسي والجهاديين بشكل عام. ويقول كل من ثيودور كارسيك وجورجيو سافيرو الباحثان بمركز "المجلس الأطلنطي" بواشنطن: "هناك عدة أفكار لدى القادة العرب من مختلف الطيف الأيديولوجي ترى في موسكو قوّة للاستقرار وفاعلًا في المشهد الأمني الجديد في الإقليم"30.

ولكن هذا النموذج الذي أشرنا إليه يحمل من السلبيات ما يعوّق انتشاره، إذا ما أرادت موسكو الدفاع عن فكرة عالم متعدد الأقطاب، أو عن سياسة دولية بديلة.

وفي ‏ضوء الترابط بين الأزمة الخليجية والتفاعلات في القرن الإفريقي، والتحرك الروسي في المنطقة، وكذلك الصراع بين القوى الكبرى، والخلافات بين الغرب وروسيا- فإن من المحتمل أن يكون الفيتو الروسي عاملًا مُغريًا في التأثير في تطورات الأحداث في دول القرن الإفريقي والخليج العربي، وهو ما سيعزّز النفوذ الروسي في هاتين المنطقتين.

مستقبل التحركات الروسية في القرن الإفريقي

رغم أن تأكيد بعض الباحثين أن روسيا لا ترى في القرن الإفريقي إقليمًا ذا أهمية جيوستراتيجية -على الأقل في الوقت الراهن- إلا أننا نذهب هنا إلى أن هناك عدة معطيات تساعد في التنبؤ بسلوك وسياسات روسية وتحركاتها الخارجية بخلاف ذلك، ومن ثَمّ من المتوقع أن تتبوّأ منطقة القرن الإفريقي -وحوض البحر الأحمر على وجه الخصوص- مكانة كبيرة في السياسة الروسية مستقبلًا، وذلك للمعطيات والتحولات الآتية:

أوّلًا، بروز ملامح لتشكّل نظام دولي جديد: بسبب التحولات المتسارعة في السياسة الدولية، التي تتجسد في عدة عوامل، منها: تراجع القوة الأمريكية، وبروز عالم متعدد الأقطاب تسعى القوى الصاعدة فيه -منها روسيا- لتعظيم فرص نفوذها. وستكون مناطق العالم وأقاليمه الحيوية المختلفة ميدانًا للتنافس والصراع. وإن هذا التنافس في بعض المناطق سيحدّد مدى مكاسب القوى الكبرى ووزنه في المستقبل، وتعدّ السياسات الانعزالية التي تتبعها واشنطن تحت إدارة ترامب الحالية حافزًا لروسيا على الأٌقل لتحقيق مكاسب في هذا الصدد.

ثانيًا، الحرب الباردة الجديدة: على غرار الحرب الباردة الأولى، حيث التسابق والصراع على مناطق النفوذ، وترى وسائل إعلام غربية ومراكز الأبحاث أن ما يجري حاليًّا بين الغرب وموسكو هو إعادة إنتاج للحرب الباردة ، حيث بات التنافس اليوم بين القوى الدولية من خلال تكالبها على بعض المناطق الإستراتيجية من العالم، خصوصًا الشرق الأوسط والقرن الإفريقي؛ نظرًا للأهمية الجيوستراتيجية لهاتين المنطقتين بالنسبة لمصالح الدول الكبرى وسياساتها. ففي خضم هذه الحرب الباردة الجديدة ستسعى بعض القوى التقليدية إلى المحافظة على مناطق نفوذها، وتسعى دول أخرى إلى الحصول على مناطق نفوذ جديدة، وتسعى دول ثالثة إلى استعادة مكانتها ونفوذها، وهو بالفعل أشبه بحرب باردة جديدة.  

وتدخل روسيا هذه الحرب متسلّحة بخبرة وتجربة الحرب الباردة، وكذلك بشكوكها العميقة تجاه الغرب. لذلك يتوقع جم أوغلو أنه "مع التطورات الجيدة لعلاقات روسيا، وبخاصة مع أريتريا والسودان والفاعلينَ الآخرينَ في القرن الإفريقي- يمكن أن يعدّ هذا تحدّيًا لإعادة تأسيس النفوذ في الإقليم المهمّ في البحر الأحمر وقناة السويس، على غرار التنافس الأمريكي- السوفييتي خلال الحرب الباردة"31.

ثالثًا، الفراغ والتنافس الإقليميين: في هذين الإقليمين الحيويين: الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، هناك تراجع في أدوار القوى الإقليمية التقليدية بعد ثورات الربيع العربي وتداعي النظام الإقليمي العربي في ظل بروز قوى وسياسات إقليمية جديدة كُليًّا على أنقاض النظام القديم، وهو ما شجّع القوى الكبرى على التكالب نحو هذه المنطقة عبر سياسات "العسكرة" شديدة الخطورة، وهذا واضح في سلوك بعض دول الخليج العربي في مرحلة ما بعد الربيع العربي.

 وكذلك هناك التدخلات الخارجية السالبة في القرن الإفريقي، حيث يعيش هذا الإقليم تحت وقْع أزمات مستعصية، كالفقر المدقع، والإرهاب، وانعدام الأمن، فضلًا‏ عن مشكلات ضعف الدول الوطنية القائمة حاليًّا، التي تتسم عمومًا بالهشاشة والإخفاق مع التنافس الخارجي عليها، علاوة على غياب نظام إقليمي يكون فعّالًا خاصًّا بالمنطقة، ومستقلًّا عن سياسات الدول الكبرى.

الهوامش والمصادر:

1. أحمد‏ داود أوغلو: العمق الإستراتيجي:‏ موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، ترجمة محمد جابر ثلجى وطارق عبدالجليل، مراجعة بشير نافع وبرهان كورغولو؛ الدوحة:)مركز الجزيرة للدراسات(، بيروت: )الدار العربية للعلوم ناشرون(. ط1،(2010)، صص605

2. نفس المصدر.

3. بخصوص الجدل حول التراجع الأمريكي انظر: سامي الجندي وفريد زكريا: "تراجع النفوذ الأمريكي أعظم قصة عالمية في عصرنا"، موقع (المصريون) على الرابط:

http://www.masrawy.com/news/news_press/details/2017/12/29/1230403/فريد-زكريا-تراجع-النفوذ-الأمريكي-أعظم-قصة-عالمية-في-عصرنا

 4. نفس المصدر.

5. حول أبعاد الصراع الإقليمي والدولي على القرن الإفريقي ولاسيّما سياسات دول الخليج العربي، راجع:

 James M. Dorsey"  ,A game of chess: Gulf crisis expands into the Horn of Africa",

على الرابط: https://moderndiplomacy.eu/2018/01/03/game-chess-gulf-crisis-expands-horn-africa/

 (تاريخ الدخول 4 يناير 2018)،  وأيضًا:

Rashid Abdi, "How has the Gulf crisis affected security and stability in the Horn?",

على الرابط: https://www.crisisgroup.org/middle-east-north-africa/gulf-and-arabian-peninsula/dangerous-gulf-horn-how-inter-arab-crisis-fuelling-regional-tensions (تاريخ الدخول 18/3/2018)

6. انظر: تيلرسون: أزمة الخليج امتدت لإفريقيا- جريدة (الشرق) القطرية،  15 نيسان 2018على الرابط: https://goo.gl/NfudmK

7. حول زيارة أردوغان للسودان: "مكاسب محتملة: لماذا تحاول تركيا تعزيز حضورها الاقتصادي بالبحر الأحمر؟"، مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، 2018

8. أنس القصاص: "أمن القرن الإفريقي في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية 2015"، مجلة (رؤية تركية)، العدد (4)، السنة الرابعة (4)، (شتاء 2015)، ص66 وما بعدها.

9. من الدراسات المهمّة حول أبعاد الصراع بين القوى الكبرى حول القرن الإفريقي راجع:      

Mehmet CemOğultürk" ,Russia’s Renewed Interests in the Horn of Africa As a Traditional and Rising Power"

على الرابط: http://risingpowersproject.com/quarterly/russias-renewed-interests-in-the-horn-of-africa-as-a-traditional-and-rising-power/ (تاريخ الدخول 28/2/2018)

10. حول القواعد العسكرية الأجنبية في القرن الإفريقي، راجع:

Abdi Latif Dahir :"How a tiny African country became the world’s key military base", على الرابط:

https://www.huffingtonpost.com/joseph-braude/why-china-and-saudi-arabi_b_12194702.html،

11.  جم أوغلو، المصدر السابق...، راجع أيضًا

Mehmet CemOğultürk" ,Russia’s Renewed Interests in the Horn of Africa As a Traditional and Rising Power",

12. هذا الاقتباس ورد في:

"No Worries if Russia Opens Base in Eritrea: US Official"

على الرابط:

https://addisfortune.net/articles/no-worries-if-russia-opens-base-in-eritrea-us-official/

(تاريخ الدخول 22/2/2018)

13. حول هذا الموضوع، راجع: "إستراتيجية الأمن الروسية الجديدة: التحول للهجوم"،(الجزيرة نت)، على الرابط:

وكذلك: "إستراتيجية الأمن القومي الروسي للمرحلة القادمة تتناسب مع التحديات والأخطار التي تواجهها البلاد"، على الرابط:http://nsaforum.com/activities/1588-2016-04-09-15-47-36( تاريخ الدخول 22/2/2018)

14. أحمد‏ عزيز: "القرن الإفريقي": محاولات روسية لاستعادة "كوبا إفريقيا": السبعينيات، موقع (نون بوست)، على الرابط:http://www.noonpost.org/content/11170 (تاريخ الدخول 1/3/2018)

 وحول مشروع مركز ويلسون الدولي بواشنطن عن الحقبة السوفيتية في القرن الإفريقي راجع:

Radoslav Yordanov" ,The Soviet Union in the Horn of Africa"

على الرابط...

https://www.wilsoncenter.org/blog-post/the-soviet-union-the-horn-africa

(تاريخ الدخول1/3/2018)

15.  جم أوغلو، مرجع سابق...

16. حول صناعة الأسلحة الروسية ودورها في السياسة الخارجية الروسية، انظر: مهند حميد الراوي، "عالم ما بعد القطبية الأحادية الأمريكية: دراسة في مستقبل النظام السياسي الدولي"

 17.  حول زيارة الرئيس السوداني إلى روسيا، انظر : "إيجابيات وسلبيات الوجود الروسي في السودان"، مصدر سابق؛  وأيضًا: (بلومبيرغ):

Henry Meyer, "Russia Welcomes Sudan Leader Wanted for Genocide by World Court" ,

على الرابط:

https://www.bloomberg.com/news/articles/2017-11-24/russia-welcomes-sudan-leader-wanted-for-genocide-by-world-court  (تاريخ الدخول
وكذلك:

"The Horn of Africa + Sudan are replacing the Middle East as THE geo-political danger zone,"

على الرابط:

http://theduran.com/horn-africa-sudan-replacing-middle-east-geo-political-danger-zone/

(تاريخ الدخول 17/3/2018)

18. بخصوص الجدل الذي ثار عقب عرض الرئيس السوداني على نظيره الروسي إقامة قاعدة عسكرية على شاطئ بلاده على البجر الأحمر، راجع، "إيجابيات وسلبيات الوجود الروسي في السودان"، موقع (روسيا اليوم)،
 (تاريخ الدخول 3/3/2018)

 19. نفس المرجع.
20.  نفس المرجع.
21. انظر: "مركز نووي في إثيوبيا بدعم روسي"، (الجزيرة نت)، (تاريخ الدخول 9/3/2018)،  على الرابط https://goo.gl/UeEfBS

22. راجع: "هل ترد روسيا على ضربات سوريا في إفريقيا.. وكيف؟" موقع (عربي21)، (تاريخ الدخول:15/3/21

على الرابط: https://goo.gl/uBUQoN

23.  د. بدر حسن شافعي ، "أبعاد القاعدة العسكرية الروسية في السودان"، المعهد المصري للدراسات الإستراتيجية"،(إستنابول)، (4ديسمبر2017) على الرابط:https://goo.gl/dmvqJv

 

24. راجع:

Ronak Gopaladas,Through energy diplomacy, military might and soft power, Russia will gradually increase its influence in Africa".

على الرابط:

https://issafrica.org/iss-today/russia-and-africa-meet-again

تاريخ الدخول (22/2/2018)

 25. جم أوغلو، م سابق

26. جم أوغلو، م سابق

27. انظر لورقة تقدير موقف: مركز "الدراسات الأمنية بجنوب إفريقيا" بعنوان:Russia

"Russia and Africa meet again"

على الرابط: https://issafrica.org/iss-today/russia-and-africa-meet-again (تاريخ الدخول 22/2/2018)

وأما بخصوص الاستثمارات الروسية في إفريقيا، انظر الرابط:

Kester KennKlomegah" ,Russia’s investment in Africa: New challenges and prospects"

على الرابط:

https://www.pambazuka.org/global-south/russia%E2%80%99s-investment-africa-new-challenges-and-prospects

28. " منتدى التعاون «العربي الروسي» يبدأ أعماله بالخرطوم غدًا"،  موقع (مبتدا) على الرابط:

https://www.mobtada.com/details/262324 (تاريخ الدخول 22/2/2018)

 29. انظر: "السودان يفتح الاستثمار في اليورانيوم بالتشاور مع أجهزة الأمن"، موقع (سودان تربيون)، على الرابط: http://www.sudantribune.net/السودان-يفتح-الاستثمار-في-اليورانيوم(تاريخ الدخول 25-2-2018).

30. الاقتباس بتصرف طفيف في: 

Theodor Karasik and Giorgio Caiero, "Why Does Vladimir Putin Care About Sudan?"

http://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/why-does-vladimir-putin-care-about-sudan  (تاريخ الدخول 12/3/2018)

31. جم أوغلو ، م سابق

 


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...