رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

مستقبل النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط في ظل العقوبات الأمريكية

تسلط هذه الدراسة الضوء على النفوذ الإيراني، وامتدادته الجغرافية، ومحركاته، ومحدداته، والسيناريوهات المتوقعة لمستقبله، وتتبع العقوبات الأمريكية على إيران باستعراض تاريخي سريع لها، علمًا بأن العقوبات الأمريكية على إيران ليست جديدة، فهذه العقوبات هي السمة التي اتسمت بها العلاقات الأمريكية الإيرانية منذ الثورة الإيرانية، وتركز على العقوبات الحالية، وطبيعتها، والآثار المتوقعة لها في السلوك السياسي الإيراني في المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار تقييم العقوبات السابقة، وهل ستفلح في تحقيق أهدافها المعلنة. وهل ستحد هذه العقوبات من النفوذ الإيراني في دول المنطقة وتداخلاتها فيها، وبخاصة سوريا والعراق واليمن ولبنان. مع الأخذ بالاعتبار محددات السياسة الخارجية الإيرانية.

مستقبل النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط في ظل العقوبات الأمريكية

ملخّص: تسلّط هذه الدراسة الضوء على النفوذ الإيراني، وامتداداته الجغرافية، ومحركاته، ومحدّداته، والسيناريوهات المتوقعة لمستقبله، وتَتبَّع العقوبات الأمريكية على إيران باستعراض تاريخي سريع لها، علمًا أن العقوبات الأمريكية على إيران ليست جديدة، فهذه العقوبات هي السمة التي اتسمت بها العلاقات الأمريكية الإيرانية منذ الثورة الإيرانية، وتركّز على العقوبات الحالية، وطبيعتها، والآثار المتوقعة لها في السلوك السياسي الإيراني في المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار تقييم العقوبات السابقة، وهل ستفلح في تحقيق أهدافها المعلنة؟ وهل سَتَحُدّ هذه العقوبات من النفوذ الإيراني في دول المنطقة وتدخلاتها فيها، وبخاصة سوريا والعراق واليمن ولبنان؟ مع الأخذ بالاعتبار محددات السياسة الخارجية الإيرانية.

 

المبحث الأول: النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط: الاتجاهات والآفاق والمحدّد‏‏‏‏‏‏ات

أولًا: محدّد‏‏‏ات السياسة الخارجية الإيرانية:

السياسة الخارجية لأي دولة لها محدّدات، تشمل هذه المحدّدات عددًا من الظروف والضوابط التي تؤطّر آليات هذه السياسة، وتشكل قيودًا على خيارات صانع القرار، ولا يمكنه تجاهلها، ومن ثَمّ تُحدِث هذه المحدّدات رقابةً ذاتيةً عنده، في أثناء تحديد البديل المناسب من بين البدائل المتعددة، ولاشك أن هذه المحدّدات كثيرة ومتنوعة، إلا أنّنا سنتناول هنا المحدّدات الأكثر تأثيرًا في السياسة الخارجية لإيران، والمحدّدات التي ستكون محل النقاش هي: الثقافة السياسية والمرجعية الأيديولوجي‏‏‏ة، والمحدّد‏‏‏‏‏‏ الاقتصادي، والمحدّد‏‏‏‏‏‏ السيكولوجي أو النفسي، والمحدّد‏‏‏‏‏‏ الإثني، والمحدّد‏‏‏‏‏‏ الأمني، والمحدّد‏‏‏‏‏‏ الإقليمي‏ والدولي.

1.     البعد السيكولوجي أو النفسي: يعتقد الإيرانيون أنهم ينتسبون عرقيًّا إلى السلالة الآرية، وهي من أعرق السلالات البشرية، وهذا الأمر مستقرّ في الضمير الجمعي للمجتمع الإيراني، ومن هنا انعكس في سلوك راسم السياسة الخارجية، الذي ينطلق من هذا الفهم في محاولته لصنع مكان ودور بارز في الإقليم والعالم، عبر التدخل بصورة مباشرة في مختلف القضايا الإقليمية؛ لتتبوّأ الدولة الإيرانية المكانة التي تستحقها على هذا الأساس، وربما يفسّر لنا هذا جزءًا من الصراع الجيوسياسي الذي تخوضه إيران مع القوى الإقليمية الأخرى إلى جانب البعد الأيديولوجي‏‏‏ الذي يرتكز إلى أسس دينية ومذهبية، وقومية أيضًا.[1]

2.     البعد الأيديولوجي‏‏‏: في الحالة الإيرانية نجد أن البعد الأيديولوجي‏‏‏ كبير التأثير في السياسة الخارجية، وهذا يجعل صانع السياسة الخارجية أسيرًا لهذا البعد عند اتخاذ القرارات، إلى جانب تأثر العلاقات والتحالفات السياسية الإيرانية بهذا المحدّد‏‏‏‏‏‏، وينعكس ذلك في سلوك النظام السياسي في تعامله مع الواقع الدولي مستندًا في كثير من الأحيان إلى مرجعياته الأيديولوجية‏‏‏، ولا ينحصر البعد الأيديولوجي‏‏‏ في السياسة الخارجية الإيرانية في البعد الديني الطائفي المذهبي، وإنما يمتدّ إلى البعدين الوطني والقومي، على اعتبار أن البعد الديني أحد مكونات شخصية الدولة الإيرانية، لكنه ليس الوحيد، وهذا يتيح الفرصة أمام صانع السياسة الخارجية للتعامل مع بعض جوانب الواقع الدولي بدون الالتزام بالقيود الدينية، ومع أن السياسة الخارجية الإيرانية متأثرة بالعامل الأيديولوجي‏‏‏، إلا أنها تتعامل بقدر من المرونة مع النصوص الدينية وتفسّرها بطريقة تحقّق كثير من البراغماتية، مع الاحتفاظ بالجرعة الأيديولوجية البارزة.[2] أما المحدّد‏‏‏‏‏‏ الثالث في السياسة الخارجية فهو المحدّد‏‏‏‏‏‏ الاقتصادي، وهو محدّد‏‏‏ مهمّ ومؤثر أيضًا، إذ تمثّل المطالب الشعبية بتحسن الأوضاع الاقتصادية نقطة ضغط كبيرة على راسم السياسة الخارجية، وهو ما يجعله أكثر واقعية وبراغماتية في أنماط تحالفاته وعلاقاته الدولية وسلوك نظامه السياسي، ويشكل المحدّد‏‏‏‏‏‏ الاقتصادي عامل توازن بين الأيديولوجية والبراغماتية، ولعلّ هذا يفسر لنا توقيع إيران للاتفاق النووي مع مجموعة (5+1) عام 2015. كما أنّ تصاعد الاحتجاجات الشعبية في إيران بين الحين والآخر وتعالي هتافات المحتجين بضرورة الالتفات إلى الأوضاع الداخلية قد يساعدانا على التنبؤ بمدى تأثير العقوبات الأمريكية في البلاد. 

3.     المحدّد‏‏‏‏‏‏ الإثني: نتيجة للتركيبة الإثنية المتنوعة للمجتمع الإيراني تتأثر السياسة الخارجية الإيرانية بهذا المحدّد‏‏‏‏‏‏، وبخاصة مع الدول التي يوجد بها امتدادات عرقية مشابهة لتلك الموجودة في المجتمع الإيراني، وبشكل عام فإن الدول ذات التركيبة العرقية المتنوعة تعمل على الموازنة بين تخفيض النزعة الانفصالية لدى الأقليات، وتقديم قدر من الحقوق لهم، وهذا الأمر لا يسير باستمرار وفق وتيرة واحدة؛ نظرًا لارتباطه بالبعد الأمني.[3]

4.     المحدّد‏‏‏‏‏‏ الإقليمي‏ والدولي: وهو محدّد‏‏‏ متعلق بمصالح وسياسات القوى الإقليمية الفاعلة والدول الكبرى، وهذه المصالح والسياسات ذات طبيعة متشابكة ومتضادة، وهذا يحتّم على راسم السياسة الخارجية التكيف  مع هذه  الحالة الثنائية من التضاد والتقاطع بين المصالح الوطنية ومصالح القوى الإقليمية والدولية؛ لتعظيم المكاسب وتقليص الخسائر وتوظيف التضاد بين مصالح الدول الكبرى؛ لتحقيق قدر ملائم من المصالح الوطنية، وهذا المحدّد‏‏‏‏‏‏ تشترك فيه جميع الدول بما فيها إيران.[4] ومن الأمثلة على ذلك الموقف الإيراني من الأزمة‏‏‏ السورية، وتدخلها هناك عسكريًّا، وسط تنافس شديد مع تركيا، وتحالف مع روسيا، مع وجود تضاد في المصالح بينهما.

5.     المحدّد‏‏‏‏‏‏ الأمني: تخضع السياسة الخارجية الإيرانية في ممارستها الفعلية لاتجاهين موجودين في النخبة الحاكمة، الاتجاه الأول ينظر إلى السياسة الخارجية من منظور ديني مذهبي طائفي، ومن ثَمّ يرى هذا الاتجاه ضرورة خلق حالة من الوعي الديني والانتماء المذهبي والطائفي، ثم تحديد مراكز التهديد والخطر الأمني في السياسة الخارجية على أسس دينية، بينما ينظر الاتجاه الثاني إلى أن السياسة الخارجية الإيرانية يجب أن تُبنَى على أسس قومية، وأن أمنها يجب أن يستند إلى طبيعة علاقاتها السياسية وتبادلاتها الاقتصادية، وضمان هذه العلاقات مع الآخرين، ويمكننا القول: إن السياسة الخارجية الإيرانية تمزج بين الاتجاهين.[5]

يعتقد الإيرانيون أنهم ينتسبون عرقيًّا إلى السلالة الآرية وهي من أعرق السلالات البشرية وهذا الأمر مستقرّ في الضمير الجمعي للمجتمع الإيراني ومن هنا انعكس في سلوك راسم السياسة الخارجية الذي ينطلق من هذا الفهم في محاولته لصنع مكان ودور بارز في الإقليم والعالم

ثانيًا: تمدّد النفوذ الإيراني في المنطقة ودوافعه:

بعد نجاح الثورة الإيرانية ضد نظام الشاه وقيام النظام الجديد لم يكن لدى هذا النظام خطة واضحة أو إستراتيجية‏‏‏ محدّد‏‏‏ة لشبكة علاقاته الدولية والإقليمية في ضوء الواقع الجديد، إلا أن النخبة الجديدة كان لديها بعض التصورات الذهنية التي تتمحور حول جملة مفاهيم حملها الخطاب السياسي لهذه النخبة، وقد أثّرت هذه التصورات والمفاهيم في السلوك السياسي للنظام الإيراني، وفي بناء شبكة علاقته الإقليمية والدولية.[6]

ومن المفاهيم التي تناولها الخطاب السياسي ما بعد الثورة مفهوم الدولة المركز؛ أي أن إيران هي مركز الأمة الإسلامية، وقد نظَّر لهذه الفكرة محمد جواد لاريجاني في كتابه "مقولات في الإستراتيجية‏‏‏ الوطنية" وعُرِفت هذه الفكرة إيرانيًّا بنظرية أم القرى، وهنالك طروحات تستند إلى جذور تاريخية قديمة تتحدث عن إحياء النفوذ الإيراني في النطاقات الجغرافية التي خضعت لنفوذ الممالك الفارسية القديمة منذ عهد الأخمينيين، أو ما يسمّونه "إيران الكبرى" أو "حوزة إيران الحضارية"، ويمتد هذا النطاق الجغرافي إلى أطراف الصين شرقًا، وإلى الجزيرة العربية غربًا، ومن المحيط الهندي جنوبًا إلى البحر المتوسط شمالًا.[7]

ووفق الإستراتيجية‏‏‏ الوطنية الإيرانية العشرينية (2005- 2025) فإن المنطقة العربية بدءًا من دول الخليج العربية تمثل نقطة الاهتمام الأولى لدى صانع السياسة الخارجية الإيراني، تليها مناطق آسيا الوسطى والقوقاز،[8] وهذا يساعدنا في فهم الإندفاع الإيراني الكبير نحو التدخل في هذه المناطق.

وقد أسهمت الظروف السياسية التي سادت المنطقة العربية منذ قيام الثورة الإيرانية وحتى الوقت الحاضر في فتح الطريق أمام التدخلات الإيرانية، فبعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في مطلع ثمانينيات القرن العشرين بُعَيد نجاح الثورة الإيرانية وقفت أغلب الدول العربية إلى جانب العراق، فعمدت إيران إلى توظيف أبناء الطائفة الشيعية في البلاد العربية لزعزعة أمن هذه البلاد واستقرارها، وروّجت لهذه السياسة تحت عناوين متعددة، أبرزها تصدير الثورة إلى الدول المجاورة، ونصرة المظلومين في إشارة إلى الأقليات الشيعية في عدد من الدول العربية، إلى جانب توظيف فكرة دعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، والتي تمكنت إيران من خلالها من كسب تأييد شعبي عربي كبير في مرحلة ما قبل الربيع العربي، خصوصًا في ظل تجاهل الدول العربية للحركات المقاومة وتهميشها.[9]

كما ساعدت الظروف الإقليمية والدولية إيران على المضي في مشروعها التوسعي، فقد شهدت نهاية الألفية الثانية ومطلع الألفية الجديدة سلسلة من الأحداث والتحولات أسهمت في إخراج الطموحات الإيرانية إلى حيِّز التنفيذ، ومن أبرزها:[10]

1.     اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، وتفكّك الدولة اللبنانية، وتصاعد حدة الاستقطاب الطائفي فيها، وتحول الساحة اللبنانية إلى ميدان حرب بالوكالة بين عدد من الأطراف الإقليمية والدولية، وهو ما شجع إيران على إنشاء مليشيات موالية لها من الطائفة الشيعية، التي جُمِعت لاحقًا باسم (حزب الله) اللبناني.

2.     سقوط الاتحاد السوفييتي، وانهيار الكتلة الشرقية المرتبطة به، وما تمخض عنه من قيام دول جديدة تحتاج إلى بناء علاقات جيدة مع إيران، ولاسيّما تلك التي تشترك معها بروابط ثقافية وتاريخية.[11]

3.     احتلال العراق، وسقوط نظامه السياسي، وهذا حوّل العراق إلى نقطة رخوة، وفتح المجال أمام إيران للتخلّص من القوة المعادلة لها، التي وقفت في وجه نفوذها وحاربتها ثماني سنوات، إذ نفذت إيران إلى العراق عبر المكوّن الشيعي.[12] 

4.     تخلّي الحكومات العربية عن الحركات الفلسطينية المقاومة، وتجاهلها وحصر التعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية، مع وجود جهات فاعلة خارجة، كحركة المقاومة الإسلامية حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، وهذا فتح الباب على مصراعية أمام إيران للتواصل معها، وتوظيف فكرة دعم هذه الحركات في مد نفوذها الإقليمي‏.[13]

5.     صعود حزب العدالة والتنمية التركي إلى سدة الحكم، وما ترتب عليه من توجّه السياسة الخارجية التركية نحو الجوار العربي والإسلامي، وصعود إيران بوصفها قوة إقليمية منافسة.[14]

6.     تفكّك الحالة العربية، وغياب نظام أمني عربي معادل، وسقوط منظومة العمل العربي المشترك، واشتعال الأزمات الداخلية بين الدول العربية.

7.     اندلاع ثورات الربيع العربي، وحدوث حالة من الفوضى مصاحبه لها في بعض البلدان، وتحولها إلى صراعات مسلحة.

8.     اندلاع ثورات الربيع العربي وتحّولها إلى صراعات مسلحة داخل بعضها، كما في الحالة السورية، واستغلال إيران لعلاقتها بالنظام السوري؛ لإدخال المليشيات الشيعية الموالية لها إلى الأراضي السورية، وانغماسها في الصراع المسلح بصورة مباشرة.[15]

9.     توقيع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا، وهذا وفَّر لإيران مزيدًا من الأموال لتمويل أنشطتها خارج الحدود.

ثالثًا: المحركات المباشرة للتمدّد الإيراني في إقليم الشرق الأوسط

إلى جانب الظروف الدولية والإقليمية التي فتحت المجال أمام تمدّد النفوذ الإيراني يمكننا رصد عدد من المحركات المباشرة للتوسع الإيراني:

1.     إيجاد خطوط دفاع متقدمة خارج الحدود السياسية المعتادة، وتوظيف حركات وأنظمة موالية لها في دول المنطقة لتحقيق هذه الغاية، وهذا يكسبها أوراق تفاوضية إضافية ويعزز موقفها في أي صفقة سياسية.

2.     تنفيذ توجهات السياسة الخارجية التي رُسِمت منذ نجاح الثورة.

3.     قطع الطريق أمام بروز طرف عربي قوي فاعل في المحيط الإقليمي‏؛ لأنّ ذلك سيُحبِط الإستراتيجية‏‏‏ الإيرانية في المنطقة.

رابعًا: جغرافيا النفوذ الإيراني واتجاهاته

تمثّل المنطقة العربية نقطة الاستهداف الأولى في توجهات السياسة الخارجية الإيرانية لاعتبارات متعدّدة، بعضها مرتبط بالأبعاد التاريخية، وبعضها مرتبط بأبعاد جغرافية، وأخرى بأبعاد اقتصادية، وقد تزامنت الثورة الإيرانية مع أحداث إقليمية أتاحت لإيران فرصة التمدّد والتدخّل في عمق المنطقة العربية، وبتتبعنا جملة الأحداث التاريخية يمكننا تحديد جغرافية تمدّد النفوذ الإيراني على النحو الآتي:

1.     فلسطين:

كانت إيران أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل بعد قيامها بفترة وجيزة عام 1949، وبقيت السفارة الإسرائيلية في طهران حتى عام 1981، حيث أُغلِقت وحلت السفارة الفلسطينية محلها، ودُعِي ياسر عرفات إلى زيارة طهرن، فزارها والتقى بآية الله الخميني، وكان الخميني قد حث المسلمين على دعم الثورة الفلسطينية، كي تتمكن من مواصلة القتال من أجل تحرير فلسطين، ورفع الظلم عن شعبها، ولا شك أن مثل هذه الاجراءات تدغدغ عواطف ملايين المسلمين من مختلف المذاهب، لما يحملونه من تعاطف مع الشعب الفلسطيني، ونظرًا لمركزية قضية فلسطين في العالم الإسلامي، وبعد توقيع اتفاقيات أوسلو بادرت إيران إلى التواصل مع الحركات الفلسطينية التي ناوأت الاتفاق، وقدمت لها أشكالًا متعددة من الدعم، في الوقت الذي عانت فيه هذه الحركات تهميش الحكومات العربية، وهذا ما أتاح لإيران الظهور بمظهر المساند للمقاومة الفلسطينية.  

شكّلت الأراضي اللبنانية ساحة للمواجهة بين إيران وخصومها فاستطاعت إيران إيجاد وكلاء لها في لبنان عبر توظيف الطائفة الشيعية وتشكيل عدد من الميلشيات الموالية لها التي دُمِجت لاحقًا في حزب الله

2.     لبنان:

النقطة الثانية التي تمدّد لها النفوذ الإيراني بعد فسطين هي لبنان، وقد شكّلت الأراضي اللبنانية ساحة للمواجهة بين إيران وخصومها، فاستطاعت إيران إيجاد وكلاء لها في لبنان، عبر توظيف الطائفة الشيعية، وتشكيل عدد من الميلشيات الموالية لها، التي دُمِجت لاحقًا في حزب الله، حيث فوّضت إيران هذه الميلشيات باستهداف مصالح الدول التي لم ترحب بالثورة، ونظرت إليها بريبة، خصوصًا الولايات المتحدة. بعد تأسيس حزب الله وتدريبه وتسليحه من قبل إيران، تحوّل هذا الحزب إلى ممثل للإردة الإيرانية، ومنفذًا لتوجهاته، واستطاع الحزب كسب شعبية كبيرة في الشارع العربي والإسلامي، إثر العمليات التي نفذها ضد إسرائيل، والتي تكلّلت بخروج إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، وكذلك بعد الحرب الإسرائيلة على لبنان عام 2006، والتي نفّذ فيها الحزب عمليات نوعية، واستهدف العمق الإسرائيلي بالصواريخ.

شكّل التمويل والتسليح والتدريب المقدم من إيران إلى حزب الله اللبناني رافعة قوية له ليكون رقمًا صعبًا في الساحة السياسية اللبنانية عبر التمثيل البرلماني، والمشاركة في الحكومات بحقائب وزارية مهمّة، وهذا جعل الحزب كأنه كيان موازٍ للدولة اللبنانية.‏‏‏ وبهيمنة إيران على الحزب أصبحت تشكل جزءًا من صنع القرار في لبنان، إلا أن السلوك الطائفي للحزب في الأزمة‏‏‏ السورية وانخراطه في القتال إلى جانب النظام السوري جعله يفقد قاعدته الشعبية لدى الأغلبية العربية السنية.[16]

3.     دول الخليج العربية:

يعود الصراع بين الجزيرة العربية وبلاد فارس إلى عهد الفتوح الإسلامية، حيث تمكنت جيوش الفتح من إسقاط الإمبراطورية الفارسية، وتسعى إيران إلى إحياء "حوزة إيران الحضارية"، وهذا يدفع الصراع إلى التجدد بين الحين والآخر لأسباب كثيرة،[17] وقد بدأت الأطماع الإيرانية في دول الخليج العربية المجاورة لها في وقت مبكر من القرن العشرين، إذ احتلت الجزر الإماراتية الثلاث: طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، عام 1971، كما كانت تطالب بضم البحرين.[18]

ومع وقوف دول الخليج العربية إلى جانب العراق في الحرب العراقية الإيرانية سعت إيران إلى توظيف الأقليات الشيعية في هذه الدول، من خلال دعمها ماليًّا، وتشجيعها على التمرد وزعزعة الاستقرار بالتظاهرات، وأعمال الشغب، والتفجيرات، وغيرها من الأساليب،[19] ومع اندلاع ثورات الربيع العربي استغلت إيران هذه الثورات في تحريك الأقليات الشيعية مجددًا، خصوصًا في البحرين، والمنطقة الشرقية من السعودية، وأظهرت إيران ازدواجية في مواقفها، فأعلنت دعمها للتظاهرات في البحرين، ووقفت إلى جانب النظام السوري في قمعه لثورة الشعب.

 

4.     العراق:

اتسمت العلاقات الإيرانية العراقية بالتوتر والاضطراب منذ عهد الشاه، ونشبت خلافات متعددة بين الجانبين حول قضايا حدودية في مياه الخليج العربي، ووصلت إلى حد الصدام مرات عدة، لكن الوساطات كانت تطوق هذه الخلافات، ووقّع الجانبان اتفاق الرباط عام 1976، إلا أنّ الحرب نشبت بين الجانبين عام 1980، واستمرت ثماني سنوات، فكانت نقطة صدام مباشر، ولاسيّما أن النظام الثوري في إيران صنّف العراق في ذلك الحين على أنه خطر على الثورة الإيرانية، وهدّده بالرغم من الانتصار العسكري الذي حقّقه العراق بدعم عربي، خصوصًا من دول الخليج، إلا أن النظام السياسي الإيراني وظّف هذه الحرب في حشد الدعم الشعبي، واكتساب مزيد من الشرعية السياسية، بحجّة أن هذه الحرب قامت بغرض حماية الثورة والتضحية من أجلها، وكثيرًا ما وُصِفت الحرب العراقية الإيرانية في الأدبيات السياسية الإيرانية بالدفاع المقدس[20].

وبعد احتلال العراق عام 2003، وإسقاط نظامه السياسي، وحلّ جيشه- سيطرت الأحزاب والمنظمات والمليشيات الشيعية الموالية لإيران على الحكم، فأصبحت مطلقة اليد في العراق، في غياب أيّ دور عربي، ليصبح العراق مصدرًا لتجنيد المقاتلين في المليشيات الخاضعة للحرس الثوري، وفيلق القدس، هذه المليشيات التي استُخدِمت لتوسيع النفوذ الإيراني وبتمويل عراقي.[21]

5.     سوريا:

خلافًا لما كانت عليه العلاقات العراقية الإيرانية اتصفت العلاقات السورية الإيرانية بالدفء، واتّخذت طابعًا تعاونيًّا في العديد من المجالات، وبالرغم من تشابه منظومة الحكم في كل من سوريا والعراق، إلا أن ذلك لم يؤثر في  علاقة النظام السوري بإيران، وقد وصل الأمر إلى حد وقوف سوريا إلى جانب إيران في الحرب العراقية الإيرانية، خلافًا لمرجعيته الفكرية التي يشكل الفكر القومي جوهرها، وقد يُعزَى هذا التقارب بين سوريا وإيران إلى أبعاد طائفية، وبعد اندلاع الثورة السورية تدخلت إيران بصورة سافرة في الصراع المسلح، وأرسلت عناصر من الحرس الثوري وفيلق القدس للقتال جنبًا إلى جنب مع قوات النظام، وأخذت إيران تروّج رواية النظام التي تدّعي أن ما حدث في سوريا ليس ثورة شعبية، بل مؤامرة كونية كبرى عليها، ومع وجود المليشيات الموالية لإيران على الأراضي السورية، وضعف قوات النظام، وانشقاق أعداد كبيرة منها- أحكمت إيران قبضتها على سوريا، وأصبح النظام السوري رهن تضارب المصالح بين إيران وروسيا، وبهذا تكون إيران قد أقامت هلالها الشيعي من العراق إلى لبنان مرورًا بسوريا.

ويُعَدّ موقف إيران من الثورة السورية، وانحيازها إلى نظام بشار الأسد نقطة تحول في الموقف الشعبي العربي منها، على اعتبار أن هذا الموقف كشف الوجه الطائفي للنظام الإيراني، وقد تعززت النظرة الشعبية العربية لإيران من خلال ازدواجية الموقف الإيراني من الحراك الشعبي العربي، فقد دعمت إيران الحراك الشيعي في البحرين، ووقفت بكل ثقلها إلى جانب النظام السوري.[22] 

6. اليمن:

وفي اليمن استغلت إيران حالة الفوضى التي  شهدها اليمن في أعقاب اندلاع الثورة الشعبية ضد نظام علي عبد الله صالح بإمداد الحوثيين بالأسلحة والذخائر، وبعد تنفيذ مخرجات الحوار الوطني اليمني والمبادرة الخليجية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية تمكّن الحوثيون من الانقلاب على الشرعية الدستورية، واحتلال العاصمة صنعاء، والسيطرة على الموانئ البحرية المهمّة، لتكون إيران بذلك قد أضافت موطئ قدم جديدًا في الساحة العربية.

خامسًا: حاملات التحوّل في النفوذ الإيراني في المنطقة العربية

بالنظر إلى التحول الكبير الذي طرأ على النفوذ الإيراني في المنطقة خلال العقود الأربعة الماضية نجد أن هذه التحوّلات حُمِلت على روافع مهمّة مكّنت من تحقيقها، منها:

1.     إستراتيجية‏‏‏ وطنية واضحة المعالم محدّد‏‏‏ة الأولويات والوجهات.

2.     توفّر البعد المؤسسي الذي وفَّر العديد من المؤسسات المتآزرة والمسؤولة عن وضع الإستراتيجية‏‏‏ حيز التنفيذ، ضمن أدوار مرسومة ومحدّد‏‏‏ة.

3.     قدرة راسم السياسة الخارجية على توظيف القضايا محلّ الاهتمام الدولي في تحقيق اختراقات مهمّة إقليميًّا ودوليًّا، فقد سوّغت إيران تدخلها في سوريا برغبتها في مساندة الجهود الدولية في محاربة الإرهاب.

4.     التوظيف السياسي للقضايا التي تحظى باهتمام شعوب المنطقة كالقضية الفلسطينية؛ بغرض توسيع نطاق النفوذ.

5.     توظيف حالة العداء بين التيارات السياسية الإسلامية والتيارات الأخرى وبخاصة اليسارية من جهة، وعداء تلك التيارات مع أنظمة الحكم، واستغلال حاجة بعض هذه التيارات للتمويل، مقابل تبنّي وجهات النظر الإيرانية وتعزيز نفوذها.

 

سادسًا: تحديات تواجه النفوذ الإيراني في المنطقة العربية

رغم كل ما حقّقته إيران من توسع في نفوذها الإقليمي،‏ وبخاصة خلال الأعوام الخمسة عشرة الماضية إلا أنّ هذا النفوذ يواجه جملة من التحديات الحقيقية التي قد توقفه عند حدّ ما، أو تقلّصه وتدفعه للتقهقر والانحسار، ومنها:

1.     ولادة حالة عربية بسبب الخطورة وجدية التهديدات الإيرانية في المنطقة، وقد ترتب على ذلك تشكيل التحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية في اليمن، وكبح جماح النفوذ الإيراني هناك.

2.     حالة الرفض الشعبي العربي للوجود الإيراني في الأرض العربية، ورفض المساعي الإيرانية لإحداث مزيد من الفوضى والتوتر لتوسيع نفوذها.

3.      انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي الموقع مع إيران، وفرض العقوبات الأمريكية عليها، وهذا سيسبب مزيدًا من المتاعب للاقتصاد الإيراني المثقل أصلًا، وسينعكس على تمويل إيران لأنشطتها وللجهات المرتبطة بها.

4.     حالة الوعي لدى الحركات السياسية الإسلامية السنية بطبيعة السلوك الطائفي المذهبي للنظام السياسي الإيراني.

5.     تخلّي إيران عن دعم حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين؛ نتيجة عدم تأييد هذه الحركات الموقف الإيراني من الأزمة‏‏‏ السورية، ورفضها الاعتذار لإيران عن موقفها المؤيد للثورة، وهو ما أضاع من إيران فرصة الاستمرار في لعب دور الداعم للمقاومة كأداة في مد النفوذ وتوسيعه.

 

المبحث الثاني: العقوبات الأمريكية على إيران: المضامين والآثار المتوقعة

أولًا: العلاقات الإيرانية الأمريكية:

شكّلت الثورة الإيرانية تحديًا كبيرًا للنفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، نظرًا للقيمة الإستراتيجية‏‏‏ التي كانت تُوليها الولايات المتحدة لإيران في عهد الشاه، وهو ما دفع واشنطن إلى تبني إستراتيجية‏‏‏ جديدة تجاه إيران والمنطقة في أعقابها، وكانت هذه الإستراتيجية‏‏‏ تسعى إلى إجهاض الثورة التي أخذت منحى دينيًّا مذهبيًّا أو على الأقل تحجيمها ومنع انتشارها خارج إيران، وقد تناولت إستراتيجية‏‏‏ الأمن القومي للولايات المتحدة عام 2002 منع ما وُصِف بسعي الجماعات الإرهابية إلى امتلاك أسلحة الدمار شامل لتهديد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، وأشارت الإستراتيجية‏‏‏ إلى أن  إيران  تدعم مثل هذا التوجه لدى الحركات الإرهابية، وقد صنّف الرئيس الأمريكي في ذلك الحين جورج بوش الابن إيران بإحدى دول محور الشر.[23]

ويمكننا قراءة الموقف الأمريكي من إيران وفهمه من خلال المعطيات الآتية:[24]

1.     سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى الهيمنة على ثروات منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة النفط: حيث تنتج هذه المنطقة ما يزيد على 30% من النفط العالمي، وتستورد الولايات المتحدة حوالي ثلثي نفطها من الخارج، وتشكل مستورداتها من نفط الشرق الأوسط حوالي 20% من إجمالي واردتها النفطية.[25]

2.     انزعاج الولايات المتحدة من المشروع النووي الإيراني: ولتوسيع دائرة الرفض للمشروع النووي الإيراني دفعت واشنطن بالملف إلى مجلس الأمن الدولي، واستغلت نفوذها في إصدار عدة قرارات دولية عبر المجلس؛ لحمل إيران على وقف هذا البرنامج، إذ تمحورت معظم القرارات الدولية التي أدّت الإدارة الامريكية الدور الفاعل في إقرارها في التضييق على حركة أموال الشركات الإيرانية.[26]

3.     التنافس على النفوذ في العراق: بعد احتلال الولايات المتحدة العراق، وإسقاط نظامه السياسي، وتحوّله إلى نقطة رخوة- أصبح ساحة للتنافس بين إيران والولايات المتحدة، وقد وظّف كلّ جانب منهما القوى السياسية الموالية له في الساحة العراقية في هذا التنافس.

ومع وجود التنافس بين إيران والولايات المتحدة في الساحة العراقية إلا أنه يمكننا أن نلحظ وجود توافق غير مباشر بين الجانبين، يتمثّل في رغبة كليهما بعدم عودة العراق إلى سابق عهده، بأن يصبح قوة إقليمية مؤثرة، إلى جانب رغبة الطرفين في الحيلولة دون عودة حزب البعث، أو أي قوة قريبة فكريًّا أو سياسيًّا منه إلى المشهد السياسي العراق.

أما نقاط التضاد بين الجانبين فهي كثيرة، نورد منها على سبيل المثال: رغبة الولايات المتحدة في تأمين ترتيب أمني طويل الأمد مع العراق يضمن لها وجودًا عسكريًّا ما هناك، مقابل رغبة إيران في انتهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق بشكل كامل، وكذلك التباين في التصورات حول الفرص الاقتصادية التي أتاحتها الحرب الأخيرة على العراق، وتدمير بنيته التحتية، ومسعى كل جانب لتحقيق القدر الأكبر منها، وقد انعكس التباين بين الجانبين في التجاذبات بين القوى السياسية العراقية.

بعد احتلال الولايات المتحدة العراق وإسقاط نظامه السياسي، وتحوّله إلى نقطة رخوة- أصبح ساحة للتنافس بين إيران والولايات المتحدة وقد وظّف كلّ جانب منهما القوى السياسية الموالية له في الساحة العراقية في هذا التنافس

مطالب الولايات المتحدة الأمريكية من إيران

تطالب الولايات المتحدة إيران بأمور عدة لتتمكن من التعامل معها بصورة طبيعية كبقية الدول، من أبرز تلك المطالب وقف إيران برنامجها النووي، والتخلّي عن السعي إلى امتلاك أسلحة نووية؛ لأن ذلك يهدّد المصالح الأمريكية ومصالح حلفائها، وكذلك الكف عن دعم المنظمات التي تصنّفها الولايات المتحدة منظمات إرهابية، ووقف النشاطات التي تعرقل التسوية السلمية في الشرق الأوسط، وقد وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه الأنشطة بأنها خبيثة، كما تطالب الإدارة الأمريكية النظام الإيراني باحترام حقوق الإنسان ،والالتزام بالمعايير الدولية المتعلقة بهذا الجانب.[27]

مطالب إيران من الولايات المتحدة

في المقابل تطالب إيران الولايات المتحدة الأمريكية بالكفّ عن التدخل في شؤونها الداخلية، والاعتراف بشرعية نظامها السياسي، ووقف التحريض ضده داخل إيران وخارجها، ووقف المقاطعة الاقتصادية، والإفراج عن الوداع الإيرانية في البنوك الأمريكية. ويرى باحثون أن توقيع الاتفاق النووي مع إيران كان بمثابة اعتراف بنظامها السياسي القائم، وضمانة له بعدم استخدام القوة لتغييره.[28]

وباستعراض مسيرة العلاقات بين إيران والولايات المتحدة نجد أنّ إيران ابتعدت عن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة، ونجحت في تجنيد واستقطاب بعض القوى والمنظمات لتهديد المصالح الأمريكية، ومحاولة إفشال خططها ومشروعاتها في المنطقة، كما استخدم الطرفان أسلوب المفاوضات السرية والعلنية، أما الولايات المتحدة فقد وظَّفت العديد من الأدوات في مواجهة إيران، من أهمها العقوبات، والنفوذ في مجلس الأمن لتوسيع نطاقها.

ثانيًا: الاتفاق النووي بين إيران ودول(5+1)

في أعقاب التوصل إلى اتّفاق إطار بين إيران ومجموعة دول (5+1) في جنيف في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 خاضت الأطراف مفاوضات صعبة وشاقة استغرقت ما يزيد على عشرين شهرًا، تُوصّل فيها إلى اتّفاق نهائي بين إيران والدول الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني، وقد تمحور اتفاق الإطار حول رفع العقوبات الدولية عن إيران، وتخلّيها عن الشق العسكري لبرنامجها النووي.[29]

وأُعلِن عن التوصل إلى الاتفاق النهائي في مدينة لوزان السويسرية في شهر نيسان/ أبريل 2015، ووُقِّع عليه يوم 14 تموز/ يوليو من العام نفسه.  وكما في الاتفاق المبدئي، فإنّ الإطار العام يقوم للاتفاق النهائي على تقييد البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية والمصرفية المفروضة على إيران، بعد التأكد من وفائها بالتزاماتها بموجب الاتفاق. كما يعزز هذا الاتفاق الإجراءات والضمانات الرقابية الصارمة على الأنشطة والمنشآت النووية الإيرانية، ويضع قيودًا عل مستوى تخصيب اليورانيوم والبلوتونيوم، ويحدّد عدد أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران.[30]

وفي حال انتهاك إيران لبنود الاتفاق تعود العقوبات الدولية والأميركية بشكل فوري عليها، ولايقتصر الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني، بل يشتمل أيضًا على مسألة حظر مبيعات الأسلحة التقليدية والصواريخ الباليستية أو التكنولوجيا المستخدمة في إنتاجها إلى إيران.

وقد شكل الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى نقطة تحوّل بارزة  في سياسة إيران الخارجية وعلاقاتها الدولية. ولم يُخفِ الموقِّعون على الاتفاق تطلّعهم إلى انعكاسه إيجابيًّا على الأمن والاستقرار في منطقة  الشرق الأوسط خاصة، وأن هذا الاتفاق قلّل من فرص إيران في تصنيع قنبلة نووية، والاعتراف بها دولةً نوويةً سلمية.[31]

وقد سعت الدول الغربية من خلال الاتفاق إلى تأمين مصالحها في المنطقة وحماية أمن إسرائيل، وتقليص تهديد إيران للأمن والاستقرار فيها، ولم يعكس الاتفاق القلق الدولي من الممارسات الإيرانية المتمثلة في تهديدها أمن دول مجلس التعاون الخليجي، وتدخلها في الشؤون الداخلية لها، وتدخلها المباشر في كل من اليمن والعراق وسوريا، وهذا يدلّ بالضرورة على أن الاتفاق لم يسعَ بنصوصه ومضامينه إلى تغيير السياسات الإيرانية في المنطقة خارج الملف النووي.

ولم تكن المعادلة التي جاء بها الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى معادلةً صفرية، فكما قدّمت أطراف الاتفاق تنازلات بنسبٍ مختلفة حقّق كلّ طرف مكتسبات بنسبٍ مختلفةٍ أيضًا، ويُحدَّد مدى التنازلات والمكتسبات وأهميتها لكل طرف وفقًا لدوافعه وأهدافه وأولوياته، وتطلعاته المستقبلية.[32]

النظرة الغربية للاتفاق مع إيران

بتوقيع الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران حصلت الدول الغربية على ضمان بعدم امتلاك إيران للقنبلة النووية، وأنه بالإمكان التعاون مع إيران تجاريًّا، وفي مكافحة الإرهاب، وفي حل مشكلات الإقليم، وأن أدخال إيران في عملية تفاوضية طويلة تعطيها شيئًا من المكاسب يضمن خفض ميول الجانب الإيراني نحو العنف في التعامل مع ملفات المنطقة، والمصالح الغربية، وأن إيران يمكن أن تسهم في حل مشكلات المنطقة التي انغمست فيها وأجّجتها على المَديين المتوسط والبعيد إذا التزمت الأطراف بالاتفاق.[33]

النظرة الإيرانية للاتفاق مع الدول الكبرى

بتوقيع إيران الاتفاق تحقّق لها استبعاد الخيار العسكري في التعامل معها، وإعطاء الأولوية للخيار الدبلوماسي، وهذا الأمر قد يمتد إلى مسائل خلافية أخرى بين إيران والدول الغربية، وأن المجتمع الدولي سيتعامل معها بصورة طبيعية كبقية الدول بعيدًا عن لغة الحصار والعقوبات.

وترى إيران أن عدم منعها بالكامل من تخصيب اليورانيوم على أراضيها وفي منشآتها تنازلٌ غربيٌّ معتبر، وأن مفاوضاتها المباشرة مع الدول الكبرى تعزيزٌ لدورها الإقليمي‏ واعترافٌ دوليّ بأهميتها على الساحة الدولية، وأنها ولّدت قناعة لدى الدول الكبرى بقدرتها الكبيرة على التفاوض الدبلوماسي، وهذا يؤهّلها للدخول في أيّ معالجة مستقبلية لملفات إقليمية مهمّة بوصفها طرفًا فاعلًا، كما تولدت قناعة لدى الطرف الإيراني بأن الدول الغربية بحاجة إلى الدور الإيراني في معالجة كثير من المسائل المرتبطة بالمصالح المشتركة، وأن هذه الدول لم تعد تصنّف إيران مصدرًا للتهديد، خصوصًا مع تنامي دور الجماعات المتطرفة المسلحة.

ملاحظات عامة على الاتفاق النووي بين إيران ودول (5+1)

‌أ.        لم يتناول الاتفاق السلوك الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، ولم يضع عليها أيّ شروط تتعلّق بالسياسات التي تنتهجها في المحيط الإقليمي‏، التي ترمي إلى مدّ نفوذها في دول الجوار، وتحقيق فكرة نشر الثورة الإيرانية وتصديرها إلى الخارج، ولذلك فإن رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران سيزيد من قدرتها على تمويل نشاطاتها في اليمن والعراق وسوريا، ودعم المليشيات المسلحة المرتبطة بها كحزب الله في لبنان.

‌ب.   أظهر الاتفاق إيران طرفًا إقليميًّا مؤثرًا ومهمًّا، مع احتمالية تعزيز هذا الدور مستقبلًا من خلال الاعتراف الدولي به في حال استمرار الاتفاق وصموده.

‌ج.     منح الاتفاق إيران مكاسب اقتصادية، من خلال السماح بتصديرها للنفط والغاز، وعودتها إلى الأسواق العالمية، واستعادة حوالي 120 مليار دولار، من أموالها المجمدة في بنوك الغرب.

‌د.       استبعاد التهديد النووي الإيراني من الأجندة الدولية.

‌ه.       استمرار خطر السلاح التقليدي الإيراني والصواريخ والبوارج الحربية بوصفه مصدرًا لتهديد أمن دول الخليج العربية.

‌و.      لم يحد الاتفاق من توجهات إيران نحو دعم المجموعات الطائفية الموالية لها في دول الإقليم، وهذا يعني أن تحسّن الظروف الاقتصادية لإيران سيكون سببًا لجعلها مصدرًا لتسليح المجموعات المناهضة للدول العربية؛ أي أنّ منع إيران من إنتاج الأسلحة النووية لا يعني بالضرورة تحقيق الأمن في المنطقة.

‌ز.     قد يحقّق الاتفاق الأمن للمصالح الغربية ولإسرائيل، لكنّه لا يحقّق ذلك لدول الخليج والعرب، ولا يسهم في حل مشكلات المنطقة التي تتورط فيها إيران.

ونستخلص من التحليل السابق أن المخاوف العربية إزاء الاتفاق النووي مع إيران وإزاء الطموحات الإقليمية المتزايدة لإيران يمكن تبديدها من خلال تبنّي إستراتيجيات تفضي إلى احتواء التداعيات المترتبة على الاتفاق النووي حال استمراره، أو تجديده، أو استبدال أيّ صيغة أخرى به، من خلال تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك، وإعادة إنتاج الحالة العربية داخل الدول وفيما بينها، وتبنّي سياسات تضامنية لتحجيم المشروع الإيراني التوسعي في الإقليم، ولاسيّما المنطقة العربية.

ثالثًا: قرار الرئيس الأمريكي الانسحاب من الاتفاق النووي

شكَّل قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرم بين إيران ودول (5+1) عام 2015 صفعة للتيار الإصلاحي في النظام السياسي الإيراني، وقوَّى موقف المحافظين الذين شكّكوا في جدوى توقيع الاتفاق منذ البداية، ويرى محلّلون أن هذا القرار يشكّل خطوة نحو المجهول، خصوصًا أن الإدارة الأمريكية الحالية لم تضع تصوّرًا واضحًا لما بعد الخروج من هذا الاتفاق، وأن هذا القرار مبنيّ بصورة أساسية على افتراضات تدور في ذهن الرئيس ترامب مفادها أنّ إيران ستقبل تحت الضغوطات والحصار بالتفاوض مجدّدًا للتوصل إلى اتفاق جديد يتجاوز تحفظات ترامب على الاتفاق السابق، إلا أنّ إيران لا تزال مصرّة على عدم التفاوض على اتفاق جديد، ولاسيّما مع رفض الدول الأوروبية، وروسيا، والصين قرار ترامب، وتمسك هذه الدول بالاتفاق القائم، وهذا يعزز الرفض الإيراني للدخول في مفاوضات جديدة.[34]

نيَّة مبيته وقرار مسبق

في حملته الانتخابية عبَّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفضه للاتفاق النووي مع إيران، وسوّغ ذلك بوجود عيوب جوهرية في الاتفاق بصيغته القائمة، إذ إن الاتفاق بالصيغة التي وُقِّع لا يمنع إيران من صناعة قنبلة نووية من وجهة نظر ترامب، وفي الثامن من شهر أيار/ مايو من هذا العام 2019 أعلن ترامب قراره بانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الذي وُقِّع عام 2015 بين إيران ومجموعة دول (5+1).[35]

شكَّل قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرم بين إيران ودول (5+1) عام 2015 صفعة للتيار الإصلاحي في النظام السياسي الإيراني وقوَّى موقف المحافظين الذين شكّكوا في جدوى توقيع الاتفاق منذ البداية

الأسباب التي سوّغ بها ترامب قراره:[36]

1.     عدم قدرة الاتفاق بصيغته الراهنة على وقف المساعي الإيرانية لامتلاك أسلحة نووية، إذ إن الاتفاق سمح للجانب الإيراني باستمرار تخصيب اليورانيوم.

2.     قيام الاتفاق بصورة أساسية على افتراض أن البرنامج النووي الإيراني هو برنامج سلميّ، وهذا وهم كبير.

3.     رفع الاتفاق العقوبات الاقتصادية القاسية التي كانت مفروضة على إيران مقابل قيود بسيطة على نشاطاتها النووية.

4.     ترتّب على رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران بموجب الاتفاق زيادة الإنفاق العسكري الإيراني بنسبة 40%، في حين لم تتحسن الأوضاع الاقتصادية في البلاد، واستُخدِمت الأموال التي جنتها إيران من رفع العقوبات في بناء صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس نووية، وفي دعم الإرهاب، ونشر الفوضى في منطقة الشرق الأوسط.

5.     خلو الاتفاق من آليات صارمة لتفتيش المواقع النووية الإيرانية، كما أنّ الاتفاق لم يعطِ حقّ التفتيش غير المشروط للعديد من المواقع المهمّة، ومن ذلك منشآت عسكرية.

6.     لم ينصّ الاتفاق على آليات محدّد‏‏‏ة تحدّ من نشاطات إيران التي من شأنها زعزعة الاستقرار في المنطقة ودعم الإرهاب.

النتائج المترتبة على قرار ترامب من وجهة نظر منتقديه

يمكننا تلخيص المترتبات السلبية على قرار الرئيس ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني من وجهة نظر معارضي القرار بما يأتي:[37]

1.     إنّ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي قد يقوّض مساعيها ضد إيران، ولا يمكّنها من حشد حلفائها الأوروبيين في أيّ تحرّك مستقبلي ضدّها، وبخاصة فيما يتعلق ببرنامج إيران للصواريخ الباليستية، ونشاطاتها في الإقليم التي تعدّها الولايات المتحدة مزعزعة لاستقرار المنطقة.

2.     خلق أزمة ثقة بين واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي، وبخاصة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

3.     دفع إيران إلى إعادة إطلاق برنامجها النووي العسكري، وتعزيز موقف المتشددين في النظام الإيراني على حساب الإصلاحيين.

4.     حدوث مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، أو بين إسرائيل وإيران، وهذا الأمر له تداعيات خطيرة على المنطقة المضطربة أصلًا.

5.     إعاقة جهود التوصل إلى اتفاق نووي مع كوريا الشمالية التي قد لا تثق بجدية الولايات المتحدة بالالتزام بما يُتَّفَق عليه، قياسًا على الحالة الإيرانية.

ما وراء قرار ترامب

أجّل ترامب قرار الانسحاب من الاتفاق النووي ثلاث مرات، كان آخرها في كانون الثاني/ يناير 2018 وقد حدّدت إدارة ترامب عدة شروط لأيّ مشروع قانون يصدر عن الكونغرس لمعالجة الاختلالات التي يراها ترامب في الاتّفاق الموقّع  عام 2015، والذي بدأ العمل به في مطلع عام 2016.

ومع أن ترامب أجّل قرار الانسحاب ثلاث مرات إلّا أنه رفض التصديق على أنّ إيران ملتزمة بالاتفاق النووي، وفق ما يعرف بقانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني الذي صدر عن الكونغرس في شهر أيار/ مايو 2015 والذي ينصّ على أن الرئيس الأميركي ملزم بالتصديق على التزام إيران ببنود الاتفاق أمام الكونغرس كلّ 90 يومًا، كما أن الرئيس ملزم بأن يقرّر كلّ 120 يومًا ما إذا كان سيمدّد تعليق العقوبات على إيران أو سيعيد فرضها.[38]

ومما جعل مهمّة ترامب أكثر سهولة في اتخاذ قرار الانسحاب خروج وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي إتش آر ماكماستر من إدارته، وهما من كبار الداعمين لاستمرار الاتفاق مع إيران.

ملاحظات ترامب ومسوّغاته ليست محل إجماع أمريكي

يبدو أن الحجج التي ساقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران ليست محلًّا للإجماع في الولايات المتحدة، وقد تعرّضت هذه المسوّغات لانتقادات حادة، واتُّهِم الرئيس بأنه يضلّل الرأي العام، ويبالغ في حديثه عن سلبيات الاتفاق.[39] كما أشار مسؤولون أمريكيون في مواقف متعددة إلى التزام إيران بالاتفاق، وإلى نجاعة نظام التحقّق الذي وُضِع لضمان هذا الالتزام، فقد أعلم وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، في شهر نيسان/ أبريل 2018 أنّ نظام "التحقق" من التزام إيران بتعهداتها بموجب الاتفاق "قويّ إلى حدّ بعيد لضمان التزام إيران". وتقول تقارير صادرة عن وكالات أمريكية مختصة أن إيران ملتزمة بتعهداتها النووية، ويرى ماتيز أن من مصلحة الولايات المتحدة الالتزام بالاتفاق النووي مع إيران، كما ترى الهيئة الدولية للطاقة الذرية أن إيران ملتزمة بالاتفاق النووي،[40] وأما حديث ترامب عن استمرار إيران بتخصيب اليورانيوم في منشآتها النووية فهذا منصوص عليه بالاتفاق الذي سمح لإيران بتخصيب كميات قليلة من اليورانيوم تقلّ عن 4%، وهذه الكمية أقلّ بكثير من الكمية اللازمة، إذ يحتاج إنتاج قنبلة نووية إلى 90% من اليورانيوم المخصّب.[41]

ومن المآخذ على مسوّغات ترامب لإلغاء الاتفاق النووي أنها تستند إلى معلومات استخباراتية إسرائيلية قدّمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكي في شهر نيسان من هذا العام 2019، وهذه المعلومات لا تتفق مع المعلومات والتقديرات المتوفرة لدى أجهزة الاستخبارات الأميركية.[42]

رابعًا: العقوبات الأمريكية على إيران

منذ  عام 1980 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران على خلفية أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية في طهران، وقطعت علاقاتها الدبلوماسية معها، واتّهمت النظام الإيراني الجديد بدعم الإرهاب الدولي وممارسته،[43] وقد شمل الحظر الأمريكي الأول على إيران العديد من القطاعات، منها الصادرات النفطية، والتبادلات التجارية، وتجميد الأصول، وحظر السفر، إضافة إلى منع دخول الصادرات الإيرانية إلى الولايلات المتحدة. وقد عُزِّزت العقوبات الأمريكية على إيران في عهد الرئيس بل كلينتون الذي اتّهم إيران بعرقلة جهود السلام في الشرق الأوسط، ودعم الحركات المناوئة للعملية السلمية التي رعتها الولايات المتحدة في عهد كلينتون، والسعي لامتلاك أسلحة دمار شامل. واستمرت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بانتهاج سياسة الحظر ضد إيران، وقد وصلت هذه العقوبات ذروتها في عهد الرئيس باراك أوباما، الذي أقر قانونًا شاملًا للعقوبات على إيران عام 2010، وظلّت هذه العقوبات قائمة حتى توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، وقد يكون لهذا الحظر دور في حمل إيران على المفاوضات بشأن برنامجها النووي، ثمّ التوقيع على الاتفاق تحت وطأة العقوبات.[44]

وبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عادت العقوبات التي كانت قائمة قبل توقيع الاتفاق، ولم يكن الهدف المعلن للعقوبات هذه المرة مرتبطًا بالاتفاق النووي كما جرت العادة في العقوبات السابقة، ولكن الهدف بحسب ترامب هو دفع إيران لتغيير سلوكها السياسي في المنطقة، الذي وصفه بالسلوك الخبيث، إضافة إلى وضع حدّ لبرامجها المتعلقة بالصواريخ البالستية، ولم يقتصر حديث ترامب على إعادة العقوبات السابقة، بل تخطاها إلى التهديد بعقوبات "شالَّة"، ستُطبَّق على مرحلتين: بدأت الأولى في 6 آب/ أغسطس 2018، وشملت ما يأتي:[45]

- حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، إضافة إلى حظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، ولاسيّما الذهب، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات التي تتعامل بالريال الإيراني، أو بسندات حكومية إيرانية.

- حظر توريد أو شراء قائمة من المعادن، أبرزها الألومنيوم والحديد والصلب، وفرض قيود على قطاع صناعة السيارات والسجاد في إيران.

- حظر استيراد أو تصدير التكنولوجيا المرتبطة بالبرامج التقنية الصناعية ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.

المرحلة الثانية من العقوبات:

- فرض عقوبات ضد الشركات التي تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن.

- فرض عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيراني، وبخاصة قطاع النفط.

- فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية.

وبمراجعة سياسة العقوبات الأمريكية على إيران نجد أن الأهداف التي ساقتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت تتمحور حول حمل إيران على ايقاف برنامجها النووي، إلا أن الهدف من العقوبات الأخيرة يتمثل في تغيير سلوك إيران في منطقة الشرق الأوسط، وتقييد برنامجها للصواريخ البالستية، وحملها على إعادة التفاوض من جديد.

بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عادت العقوبات التي كانت قائمة قبل توقيع الاتفاق ولم يكن الهدف المعلن للعقوبات هذه المرة مرتبطًا بالاتفاق النووي كما جرت العادة في العقوبات السابقة

خامسًا: الأثر المتوقع للعقوبات الأمريكية في إيران

مع انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي، وبدء تطبيق العقوبات على إيران بمرحلتيها الأولى والثانية- يواجه النظام السياسي الإيراني جملة تحدّيات ضاغطة وحرجة، منها:

1.     الأوضاع الاقتصادية المتردية أصلًا قبل بدء العقوبات، وما سيلحق بها جرّاء سريان هذه العقوبات. ويبدو أنّ مشكلات الاقتصاد الإيراني ليست ناجمة عن العقوبات الأميركية فقط، بل يبدو أن هناك خللًا في إدارة الاقتصاد الإيراني، إذ أشارت بعض التقارير الرسمية إلى أن ثلثي الإشكاليات التي يواجهها الاقتصاد الإيراني ترجع إلى ضعف إدارة الملف الاقتصادي، وأن ثلث الإشكالات الاقتصادية فقط ترتب على تطبيق العقوبات السابقة، وقد بلغ إجمالي الناتج المحلي الاسمي حوالي 430 مليار دولار في عام (2017) ، ووصلت نسبة البطالة إلى حوالي 12.5%، ووصلت نسبة التضخم إلى حوالي 10.5 %، وبلغ معدل الفقر حوالي 18,7 %، أما حجم التجارة الخارجية لإيران فبلغ حوالي 162 مليار دولار، منها حوالي 92 مليار صادرات، وتراجعت قيمة العملة بحوالي 28.5%، خلال الفترة من عام 2013 وحتى الوقت الحالي.[46]

2.      سعي إسرائيل وأطراف إقليمية أخرى إلى إثارة مشاعر العداء ضد النظام الإيراني لدى دول المنطقة وشعوبها، ولدى الرأي العام العالمي، وتحريض الداخل الإيراني، وتوظيف الأحوال الاقتصادية الصعبة لتحريك الشارع الإيراني بين الحين والآخر.

3.     الضغط الأمريكي المتزايد من خلال إحكام الحصار الاقتصادي الذي لا يقتصر على إيران، بل يمسّ العديد من الدول والشركات والهيئات التي لا تلتزم بتنفيذ الحصار ومقتضياته، ويُعَدّ الضغط الأمريكي على النظام السياسي الإيراني التحدّي الأكثر تأثيرًا، ولاسيّما أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعوّل على هذا الضغط في خلق حالة من الاضطرابات الداخلية التي تزعزع النظام السياسي، وتقود في نهاية المطاف إلى إسقاطه، أو على الأقل إرباكه وإضعافه، ومن هنا يأتي تركيز اهتمامه على الحالة الداخلية، وتحجيم دوره الإقليمي‏.

منذ  عام 1980 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران على خلفية أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية في طهران وقطعت علاقاتها الدبلوماسية معها واتّهمت النظام الإيراني الجديد بدعم الإرهاب الدولي وممارسته

4.     الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد بين الحين والآخر حتى في فترة رفع الحصار، وعادةً تتبنى هذه الاحتجاجات مطالب ذات طبيعة اقتصادية معاشية، إلا أنّ هذه الاحتجاجات طالبت أحيانًا بوقف تدخل النظام في الشؤون الإقليمية، وتوظيف الأموال في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.

بيد أن نجاعة العقوبات والحصار الاقتصادي مرتبطة بحجم التأييد الدولي لها، وفي الحالة الإيرانية نجد أن فرض العقوبات الأخيرة لا يحظى بتأييد ودعم القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، ولاسيّما أنّ التقارير والمؤشرات تدل على التزام إيران بالاتفاق النووي مع الدول الكبرى، وهذا يعني انفراد الولايات المتحدة بالحصار على ايران. فالاتحاد الأوروبي أعلن تمسكه بالاتفاق مع ايران، وتبنّى تقديم الدعم للشركات الأوروبية التي قد تخضع  لعقوبات أمريكية إذا رفضت الالتزام بالحظر، وقد فُوِّض بنك الاستثمار الأوروبي بتمويل التبادلات التجارية بين أوروبا وإيران، كما أنّ الصين أعلنت عزمها عدم الالتزام بتخفيض كميات النفط المستوردة من إيران، وقالت الهند: إنّها لا تلتزم بالحظر إلا إذا أقرّته الأمم المتحدة، كما رفضت تركيا العقوبات الأمريكية، وأعلنت عدم التزامها بها بل أدانتها، وهذه المواقف الدولية تضعف تأثير العقوبات في الاقتصاد الإيراني، ومن هنا على المواقف السياسية الإيرانية.

ومن العوامل المؤثّرة في نجاح الحصار حجم التبادل التجاري بين الدولة التي تتعرض للعقوبات والدولة التي تفرضها، فإذا كان هذا التبادل كبيرًا فإنّ العقوبات المفروضة تكون أكثر تأثيرًا، وفي حالة إيران والولايات المتحدة نجد أنّ حجم التبادل التجاري بينهما لا يكاد يذكر، وهذا مرتبط باضطراب العلاقات السياسية بين الجانبين طيلة العقود الأربعة الماضية، إلى جانب تعزيز إيران علاقتها الاقتصادية مع الدول الرافضة للعقوبات، إلى جانب وجود إيران بصفة مراقب في بعض التكتلات الاقتصادية، وهذا أيضًا يضعف من تأثير العقوبات.

غير أنه لا يمكننا إغفال تأثير العقوبات في المجتمع الإيراني، من حيث تراجع مستوى المعيشة، وتدني مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، وانخفاض القدرة الشرائية.[47]

السيناريوهات المتوقعة لتأثير العقوبات الأمريكية في النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط

يمكن الآن، بعد التحليلات السابقة للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وللعقوبات الأمريكية على إيران- أن نرسم سيناريوهات العقوبات الأمريكية على النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط على النحو الآتي:

السناريو الأول: عدم إحداث تأثير مباشر في النفوذ الإيراني وبقاؤه في حدوده الحالية

· توصيف السيناريو

احتفاظ إيران بمناطق نفوذها، وبالإنجازات التي تحققت لها في هذه المناطق، واستمرار تأثيرها في القرار السياسي للدول الخاضعة لنفوذها.

· شروط تحقق هذا السيناريو

1.     تمكّن إيران من الالتفاف على العقوبات بطرق مبتكرة عبر قنوات غير مباشرة.

2.     استثناء دول فاعلة من العقوبات الأمريكية على إيران بشكل كامل، أو بنسبة مُرضية تقلّل من تأثيرها، وتبقي مستوى السيولة المتدفق إلى إيران في حدوده الاعتيادية، أو انخفاضه بنسبة غير مؤثرة.

3.     قيام الحكومات الموالية لإيران بتمويل الأنشطة الموجهة إيرانيًّا؛ لتخفيف العبء المالي على الجانب الإيراني.

4.     ثبات مواقف بقية الدول الموقّعة على الاتّفاق والاستمرار في الالتزام به، ورفض العقوبات.

· النتائج المترتبة على تحقق السيناريو

1.     استمرار النفوذ الإيراني في المنطقة الوتيرة بنفسها التي سبقت العقوبات.

2.     ثبات شبكة العلاقات والتحالفات التي بنتها إيران واستمرارها.

السيناريو الثاني: إحداث تأثير قليل في النفوذ الإيراني

· توصيف السيناريو

تراجع النفوذ الإيراني بشكل جزئي وطفيف في بعض المناطق، وتقديم تنازلات خفيفة، كأن يقبل حلفاؤها في اليمن ببعض التسويات في بعض الملفات، وأن تقلّص مواقعها العسكرية، وتعيد انتشارها وأماكنها في سوريا، وأن تقيد بعض أنشطة المليشيات الموالية لها في العراق.

· شروط تحقّق السيناريو

1.     التزام الدول جزئيًّا بالعقوبات؛ تجنبًا للصدام مع الولايات المتحدة.

2.     تمديد فترة استثناء الدول المعفاة من العقوبات إلى مدة جديدة.

3.     تفهّم الجانب الإيراني خطورة العقوبات، واتخاذ إجراءات لتشجيع الدول على عدم القبول بالعقوبات من خلال تقليص بعض الأنشطة.

· النتائج المترتبة على تحقيق السيناريو

1.      إلزام حلفاء إيران بالالتزام بالاتفاقات المتوقّعة لخفض التوتر وأماكن الهدنة، وتخفيض مخصّصات المليشيات والمؤسسات المرتبطة بنسبة غير مربكة، والاستغناء عن بعضها، وكف يدها.

2.     حمل حلفائها على القبول ببعض المبادرات الجزئية المتعلقة بالجوانب الإنسانية في بعض مناطق الصراع ، كالحديدة وإدلب.

السيناريو الثالث: أن تؤدّي العقوبات الأمريكية إلى تقليص النفوذ الإيراني وتراجعه بشكل ملموس

· توصيف السيناريو

أن تؤدي العقوبات الأمريكية على إيران إلى إحداث خلل كبير في الاقتصاد الإيراني، بحيث يدفع إيران إلى القبول بالتفاوض مجددًا، وتقديم تنازلات كبيرة.

· شروط تحقّق السيناريو

1.     الالتزام الدولي الكامل بالعقوبات.

2.     انسحاب أطراف فاعلة جديدة من الاتفاق النووي تحت ضغط الولايات المتحدة.

3.     قيام روسيا بالضغط على إيران للاستئثار بالنفوذ في سوريا، بعد انتهاء الحاجة للمليشيات الإيرانية.

4.     تجدّد الاحتجاجات الشعبية بصورة قوية تحت وطأة الظروف الاقتصادية، والضغط على النظام السياسي للالتفات إلى الشؤون الداخلية.

· النتائج المترتبة على تحقيق السيناريو:

1.     قبول إيران بالتفاوض مجدّدًا مع الولايات المتحدة والدول الكبرى، وتقديم تنازلات تتعلق بنفوذها الإقليمي،‏ وكذلك بخصوص برامج الصواريخ البالستية.

2.     حل المليشيات الموالية لإيران، أو التخلي عنها والتوقف عن تمويلها.

3.     توقف إيران عن التدخل في ملفات المنطقة، أو اعتماد آليات جديدة للمحافظة على الحضور الإقليمي‏ من خلال توظيف أدوات القوة الناعمة.

الخاتمة

بالنظر إلى السياق التاريخي للسلوك السياسي للدولة الإيرانية وواقعه القائم حاليًّا- نجد أن السيناريو الثاني هو الأكثر إحتمالًا لتأثير العقوبات الأمريكية في النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط؛ أي أن تأثير العقوبات على النفوذ الإيراني في المَديينِ القريب والمتوسط سيكون محدودًا، إذ إن النظام السياسي الإيراني يقدّم الاحتفاظ بنفوذه الخارجي على تحسين الظروف الداخلية، ولاسيّما أنه يحكم سيطرته على كلّ مفاصل الدولة من خلال العديد من المؤسسات والعلاقات المتوازنة، التي مكّنت هذا النظام من الاحتفاظ بالسلطة طيلة العقود الأربعة الماضية.

كما أن مجرّد العقوبات الاقتصادية لا يكفي لتحجيم نفوذ دولة ما في نطاق جغرافي معين؛ لأن ذلك يعتمد وبشّل ملموس على إحداث خلل بالتوازنات القائمة لمصلحة الأطراف الراغبة في تحجيم تلك الدولة، وهذا يتطلب إعادة النظر في شبكة العلاقات الدولية والإقليمية. وفي الحالة الإيرانية فإن الدول العربية بحاجة إلى بناء منظومة أمنية خاصة بها تشمل جميع الدول العربية، ومؤيدة من القوى الشعبية العربية الفاعلة والمؤثرة كافة، وإحداث مصالحات بينية عربية: بين الأقطار العربية، وداخل الأقطار؛ بين القوى السياسية والمجتمعية في كل دولة، ثم الانطلاق بعد ذلك لبناء نظام أمني إقليمي قائم على حفظ التوازنات بين جميع الأطراف الإقليمية الفاعلة، ولاسيّما تركيا، وحفظ مصالح جميع هذه الأطراف وحمايتها، وتضييق الخناق على أطماع القوى الاستعمارية الكبرى ومصالحها.

أمّا ما يتعلق بالإجابة عن تساؤلات الدراسة فقد توصلت الدراسة إلى أن العقوبات لن تحدث تحوّلًا كبيرًا في السلوك السياسي الإيراني، وأن العقوبات الأمريكية لن تكون قادرة على زعزعة النظام السياسي الإيراني وإسقاطه بالاحتجاجات الشعبية؛ لأن النظام يتكئ على مؤسسات عميقة ومتآزرة، مكّنته من الاحتفاظ بالسلطة مدة طويلة، ولا تزال قادرة على الاستمرار على المديينِ القريب والمتوسط، وأن العقوبات الاقتصادية بمفردها لن تؤدي إلى انحسار التأثير الإيراني في الملفات الإقليمية الساخنة، كالملفين السوري واليمني؛ لأنّ ذلك يحتاج إلى إعادة بناء العلاقات والتحالفات في الإقليم بشكل عام، وفي النطاق الجغرافي العربي بشكل خاص؛ لتشكيل قوة معادلة للنفوذ الإيراني.

الهوامش والمراجع:

 


[1] R K Ramazani, Ideology and Pragmatism in Iran's Foreign Policy. The Middle East Journal; Autumn 2004; 58, 4; ABI/INFORM Global pg, 549.
[2] R K Ramazani, Ideology and Pragmatism in Iran's Foreign Policy, The Middle East Journal; Autumn 2004; 58, 4; ABI/INFORM Global pg. 552.
[3] وليد عبد الحي، إيران: مستقبل المكانة الإقليمية عام 2020، ط1، (الجزائر، مركز الدراسات التطبيقية والاستشراف، 2009)، ص172.
[4] المرجع السابق نفسه، ص173.
 [5]وليد عبد الحي، إيران: مستقبل المكانة الإقليمية عام2020، ص180.
[6] وليد عبد الحي ، إيران: مستقبل المكانة الإقليمية عام 2020، (مركز الدراسات التطبيقية والاستشراف، الجزائر، 2009)، ط1. ص167.
[7] عمر عبد الستار، عبد الناصر المهداوي، زيد عبد الوهاب، تداعيات انتفاضة إيران على المنطقة، مركز العراق الجديد، 3/2/2018 : https://www.newiraqcenter.com/archives/3222
[8] المرجع السابق نفسه.
[9] بكر البدور، قراءة في تطورات أزمة العلاقت السعودية الإيرانية، مجلة دراسات شرق أوسطية، مركز دراسات الشرق الأوسط ،عمَّان، العدد(75)، ربيع 2016، ص117.
[10] علي حسين باكير، النفوذ الإيراني في العراق: طبيعته ودوره وأهدافه. الراصد 2/8/2008، تاريخ الدخول 12/2/2019.

http://www.alrased.net/main/articles.aspx?selected_article_no=4632
[11] وليد عبد الحي، إيران: مستقبل المكانة الإقليمية عام 2020، ص263.
[12] Itamar Rabinovich, How Iran’s regional ambitions have developed since 1979, brookings, Thursday, January 24, 2019, date of intry :31/2/2019.

https://brook.gs/2R9UQ31
[13] وليد عبد الحي، بنية القوة الإيرانية وآفاقها، مركزالجزيرة للدراسات، 16/4/2013، تاريخ الدخول 12/2/2019

http://studies.aljazeera.net/ar/files/iranandstrengthfactors/2013/04/201343112429798680.html
[14] بكر البدور، المكانة الإقليمية لتركيا حتى عام 2020: دراسة مستقبلية، (مركز الجزيرة للدراسات، الدار العربية للعلوم ناشرون، الدوحة، بيروت، 2016،ص228.
  [15] مركز الفكر الإستراتيجي للدراسات، النفوذ الإيراني في المنطقة العربية بعد سقوط حلب: الآفاق والحدود. 16 ديسمبر 2016، تاريخ الدخول12/2/2019: https://bit.ly/2GmIx2j

 

 
[16] Itamar Rabinovich, How Iran’s regional ambitions have developed since 1979, brookings, Thursday, January 24, 2019 https://brook.gs/2R9UQ31
[17] علي رضا نادر، السياسة الدولية، المعادلة الإقليمية:هل تتغير السياسة الإيرانية في المنطقة إذا امتلكت القنبلة النووية؟ 18/9/2013، تاريخ الدخول 15/2/2019: https://bit.ly/2DCiBMg
[18] يوسف مكي، استقلال البحرين 1968ـ 1971 الموقف الشعبي ومواقف القوى الإقليمية والدولية، مركز البحرين للدراسات في لندن،  14/8/2012، تاريخ الدخول 15/2/2019: http://www.bcsl.org.uk/arabic/?p=146
[19] بكر البدور، تطور أزمة العلاقات السعودية الإيرانية.
[20] علي رضا نادر، الدور الذي تضطلع به إيران في العراق، مركز راند لدراسات الشرق الاوسط، 30/3/2018 ، تاريخ الدخول 15/2/2019:  file:///D:/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A4%D9%88%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A4%D9%88%D9%86/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D9%88%D8%B0%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A%20%D8%AA%D8%B6%D8%B7%D9%84%D8%B9%20%D8%A8%D9%87%20%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82.pdf

 
[21] Garrett Nada, Iran's Role in Iraq, wilson center, Apr 26, 2018, ( Date of intry 15/2/2019): https://www.wilsoncenter.org/article/part-1-irans-role-iraq
[22] Michalis Kontos, Will IRAN Become a Regional Hegemon in the Middle East?, EMSI, Eastren Mediterranean studies Initiave, 6, December 2017, date of intry:15/2/2019 https://bit.ly/2TEB2Hi
[23] محور الشر (Axis of Evil): عبارة قالها الرئيس الأمريكي جورج و. بوش في خطاب ألقاه بتاريخ 29 يناير 2002 ليصف به حكومات كل من: العراق، وإيران، وكوريا الشمالية.
[24] وليد عبد الحي، إيران: مستقبل المكانة الإقليمية عام 2020، ص195
[25] نفس المرجع السابق، ص197.
[26] Heather Stewart-US Accused of Using Aid to Sway Votes in UN Security Council. The Observer,17.Dec.2006.p.8.
[27] -Washington Post,2 May.2004,A.17.
[28]  -Scott D.Sagan-How to Keep the Bomb from Iran,Foreign Affairs,Vol.85,Issue.5,Sep.Oct.2006.pp45-59
 [29]المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وحدة تحليل السياسات، قراءة في الاتفاق النووي الإيراني، تقدير موقف، يوليو 2015، تاريخ الدخول 10/11/2018 https://bit.ly/2NkTEJF
[30] Carol Morello and Karen DeYoung, “Historic deal reached with Iran to limit nuclear program,” The Washington Post, July 14, 2015 dat of intry 15/2/2019, http://wapo.st/1I0ghvF
[31]جواد الحمد، تحليل الاتفاق النووي الإيراني وانعاكساته، تقدير موقف، دراسات شرق أوسطية، 2015، العدد (73)، خريف 2015، ص131.
[32]نفس المرجع السابق، ص132.
[33]نفس المرجع السابق، ص133.
[34]IshaanTharoor, “Trump axes the Iran deal and creates a new crisis,” The Washington Post, May 9, 2018. (visited on 9 November2018), https://goo.gl/jLc9b9
 [35]دول (5+1) هي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا.
[36]white house, National Security & Defense,Statement by the President on the Iran Nuclear Deal,January 12, 2018. (visited on 9 /11/2018): :https://bit.ly/2D9svH4
[37] أسامة أبو رشيد، الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران: الخلفيات، والذرائع، والتداعيات، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، (27/مايو/ 2018)، تاريخ الدخول 7 نوفمبر 2018 https://bit.ly/2PO8SKX
[38]Congress.Gov, H.R. 1191 - Iran Nuclear Agreement Review Act of 20151,May 22, 2015. (visited on 10 November 2018) https://www.congress.gov/bill/114th-congress/house-bill/1191
[39]Stephen Collinson, “Everything that scrapping the Iran deal says about Donald Trump,”CNN, May 9, 2018(visited on 10 November2018),: https://goo.gl/mgGFcF
[40]James McAuley& Karen Deyoung, “Europeans scramble to save Iran nuclear deal but face new concerns over U.S. sanctions,”The Washington Post, May 9, 2018,(visited on 10 November2018) , https://goo.gl/NdGhBj
[41]David M. Halbfinger, David E. Sanger & Ronen Bergman, “Israel Says Secret Files Detail Iran’s Nuclear Subterfuge,”The New York Times, April 30, 2018: ,(visited on 10 November2018) https://goo.gl/cpHacA
[42] أسامة أبو رشيد،https://bit.ly/2PO8SKX

 
[43]BabakGanji-Politics of Confrontation:The Foreign Policy of the USA and Revolutionary Iran,I.B.Tauris&Company.2006.pp.120-121.
[44]عمر الموسوي، الاتفاق النووي بين إيران ودول (5+1): دراسة تحليلية، ط1،(برلين:المركز الديمقراطي العربي للدارسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية، 2018)، ص95.
[45]Whitehouse, STATEMENTS & RELEASES,Statement from the President on the Reimposition of United States Sanctions with Respect to Iran,August 6, 2018, (Visited on 13/11/2018):https://bit.ly/2QFKQzc

 
[46]البنك الدولي: إيران نظرة عامة، (تاريخ الدخول 15/11/2018): https://www.albankaldawli.org/ar/country/iran/overview
[47]فاطمة الصمادي، هل تُحقّق العقوبات على إيران ما يريده ترامب؟ مركز الجزيرة للدراسات،7/11/2018،(تاريخ الدخول 15/11/ 2018): https://bit.ly/2Q27LaX


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...