يتناول هذا العدد علاقات تركيا بالقوى الكبرى ونقدّم في العدد الذي بين أيديكم من مجلة (رؤية تركية) طائفة من البحوث المتنوعة المهمّة، نبدأها ببحث عن العلاقات التركية الروسية وبحث عن العلاقات التركية الصينية وعلافات تركيا بحلف الناتو. كما يحتوي الملف على مجموعة أخرى من الدراسات القيمة
شكلت القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة بُعدًا مهمًّا وملمحًا بارزًا في السياسة الخارجية التركية، في الوقت الذي دفعت التداعيات التي أعقبت ثورات الربيع العربي الأزمة الفلسطينية إلى واجهة الأحداث مرة أخرى، على الرغم من تفاقم الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وتعاظمها، وبروز إشكاليات تخصّ بنى السلطة السياسية وأنظمة الحكم داخلها، وما رافقها من مخاضات ديموغرافية جديدة خالفت [تمظهراتها] التضاريسية والجغرافية والسياسية القديمة التي كانت قبل تلك الثورات العربية.
تظل التجربة السياسية للحركات والتيارات الإسلامية عقب الربيع العربي من التجارب المهمّة التي وجب تسليط الضوء عليها ووضعها تحت المجهر البحثي؛ نظرًا إلى حجم التحولات التي صاحبت التجربة ما بين صعود وهبوط ونجاح وإخفاق في مناطق متفرقة من العالمين العربي والإسلامي، وهو ما عقدنا عليه العزم في العدد الجديد من مجلة (رؤية تركية)، حيث تناولنا تجارب هذه الحركات والتيارات السياسية ابتداء من المشرق، ومرورًا بالمغرب العربي، وانتهاءً بتموضع تلك التجربة في الغرب.
يتناول العدد الجديد من (رؤية تركية) هذه الظاهرة الشديدة الخطورة والشديدة الحساسية معًا، فالباحث تورغاي يرلي قايا يتناول في باكورة مواد هذا العدد (الإسلاموفوبيا والإعلام: المظاهر المعاصرة لمعاداة الإسلام) تأثير هذه الظاهرة في الفضاء الإعلامي، انطلاقًا مما شكلته أحداث الحادي عشر من سبتمبر من منزلق خطِر، خصوصًا من الناحية الإعلامية التي كرست هذا التصور السلبي عن المسلمين، والدور الذي أدّته وسائل الإعلام الغربية حيال الظاهرة بتذكيتها ونشرها.
تناول هذا الملفَّ المهمَّ والساخنَ في هذا العدد جملةٌ من الباحثين والخبراء المعنيين بالمسألة الإيرانية وتشعباتها في الإقليم، منهم الكاتبة والباحثة الأردنية فاطمة الصمادي، والباحثون الجزائريون: خالد يايموت، ومراد شحماط، ويحيى بوزيدي، وجلال خشيب، والكاتبان المصريان محمد الزواوي، ومحمد محسن أبو النور، إضافة إلى الكاتبين التركيين حسن بصري يالتشن، وعبدالله يغين، واختُتِم العدد بطائفة من عروض الكتب العربية والاجنبية المهمّة.
ارتأينا أن نحصّص العدد الجديد من "رؤية تركية" للقارة السمراء، نغوص في إشكالياتها وقضاياها السياسية والمجتمعية والدينية، مع رصد وشائج الصلة بينها وبين "تركيا الجديدة"، وحجم التأثير والتأثر بينهما على مختلف الأصعدة، ولاسيّما بينها وبين الجزأين الجنوبي والغربي منها.
يمثل المغرب العربي حالة خاصة في المشهدين العربي والإسلامي ؛ لما يحويه من مزايا جيوسياسية مهمّة، وإرث تاريخيعريق أهّلته إلى أن يكون طوال قرون عدة مصدر جذب للشرق والغرب في آن واحدٍ معًا.
وتمثل المملكة المغربية الجزء الأهم في خضم هذه الدائرة المغربية؛ لقدرتها على الحفاظ على الثبات، ودعم الاستقرار، وضبط الأجواء الداخلية، في ظل مناخ عام مضطرب ، كان يلتف بها وبالمنطقة العربية بأكملها، ولا يزال منذ الربيع العربي إلى تعثره وارتداده إلى النحو القائم.
تركيا الجديدة -على حد وصف أحمد داوود أوغلو، رئيس الحكومة الحالية- التي يجب على الجميع أن ينتبه إلى انبعاثتها الثانية بعدة أكثر من عشرة أعوام من نهضتها- تدخل مسارات جديدة، وتخضع لتحولات بينية مهمّة. ولهذه الأهمية الخاصة حمل العدد الذي بين أيديكم عنوان: (تركيا الجديدة).
من أنقـرة إلى بنغازي... نضـع بين أيديكم عددًا جديدًا من مجلـة (رؤيـة تركيـة) يتناول الحالة الليبية في أدق وأصعب تصوراتها البنيوية والأيدلوجية، وما آلت إليه بعد ثورة الـ17 من فبراير 2011 -أو ما تعرف بالثورة الخضراء- التـي أطاحـت بحكـم العقيـد معمـر القذافي، والتـي أنهت فـترة مظلمة مـن تاريخ الشـعب الليبي الذي لا تزال مخلفاته قائمة حتى اللحظة في مشـهد متعثر للثـورة جراء حالـة التجريف السياسية والفكرية والثقافية والمعارفية الشاملة التـي قام بها في المشـهد الليبي على مـدار أربعة عقـود كاملة، ولايـزال الشـعب الليبي يبحث عـن اسـتكمال ثورتـه، ووقف محـاولات ردته عنهـا، وهو الموضـوع الذي يتناولـه طائفة من الباحثين والمختصين بالشـأن الليبي في بانوراما فكريـة وسياسـية واقتصاديـة شـاملة ومتنوعة يضمها هذا العدد.
في هـذا العـدد الذي بـين أيديكم نقف على مشـهد العدالة والتنمية الجديد والصاعد في آن معًا، لاسيّما بعدما نجح في تقويـض الدولة الموازيـة التـي حاولت عبثًا أن تبث الكراهية وعـدم الاسـتقرار في المشـهدين السـياسي والاجتماعـي التركيـن، مـن خـلال ترويـج الإشاعات المغرضة، ومحاولة هدم كيان الدولة المؤسـسي، والرجوع بالبـلاد إلى عصور مضت أقسم الشعب التركي على ألا يعود إليها مجدّدًا.
تمضي تونس باستقرار في تحمل دور ريادي نحو ترسيخ التوافق السياسي والاجتماعي في المنطقة بعد أن رفعت راية الثورات العربية، وأحيت بها أملًا جديدًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في عددنا الجديد نحاول الإطلالة من شرفات المشهد التونسي؛ لنقف على تطورات المشهدين السياسي والمجتمعي داخله في محاولة جادة منا لسبر أغوار هذا المشهد المرتبك الذي خطا خطوة مهمّة محو تصحيح المسار، والعدول عن إخفاقات حقيقية حدثت لتجارب الإسلاميين في السلطة عقب الربيع العربي.
حاولنا في هذا العدد التعرف على ملامح العلاقات ما بين دول المتوسط وبين الاتحاد الأوروبي، بل والغرب عامةً، فضلًا عن المحددات الجديدة التي تتشابك أو تربط بينهما، ولم يكن الربيع العربي بمعزل عنها؛ بل أصبح قضية مهمة لدى الغرب ولا سيّما "الاتحاد الأوربي".