تتناول الدارسة الحالية آثار انسحاب روسيا من اتفاقية ممرّ الحبوب ومستقبل الاتفاقية، حيث كانت أزمة الغذاء العالمية إحدى المشكلات الرئيسة التي ترافقت مع الحرب في أوكرانيا. أدت أزمة الغذاء إلى نقص الغذاء من ناحية، وإلى ارتفاع حاد في أسعار الغذاء في العلم من ناحية أخرى، وهذا تسبب بتضرر كبير في البلدان الفقيرة. وقد بادرت عدة جهات، منها تركيا والأمم المتحدة، للوصول إلى اتفاقية ممر الحدود، واستطاعت تمديدها لثلاث مرات. ترى الدراسة أن تقييم مسوِّغات الأسباب التي قدمتها روسيا، ومستقبل هذا الاتفاق المهم ما يزالان يحمل أهمية كبيرة في سياق الحدّ من أزمة الغذاء العالمية.
تتناول هذه الدراسة موضوع المساعدات الإنسانية الدولية في فترات الكوارث، فالكوارث
الطبيعية والحروب تؤدي إلى تكوين مجتمعات بشرية تعجز عن الوصول إلى الغذاء الأساسي
والمأوى والرعاية الصحية، ومن ثَم تُقَّدم إليهم مساعدات إنسانية قصيرة الأجل أو مؤقتة ريثما تصل
المساعدات طويلة الأجل. وتفيد الدراسة أنه كان لتزايد دور تركيا في مجال المساعدات الإنسانية
تأثير كبير في سرعة الاستجابة الدولية لتلبية نداء تركيا للمساعدة في أعقاب زلزال 2023م.
على الرغم من انطلاق مسار تفاوضي جديد في يناير 2021 بين أنقرة وأثينا إلا أن التصريحات المعادية لتركيا الصادرة عن بعض الأسماء رفيعة المستوى في الحكومة اليونانية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، خصوصًا بعد اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية. هدفت تلك التصريحات إلى تصوير تركيا على أنها دولة عدوانية تتصرف على نحو يخالف القانون، وتسعى لتغيير الوضع القائم. في الأساس، تسعى اليونان إلى عزو تلك الادعاءات إلى التصريحات والممارسات التركية، وبخاصة تلك المتعلقة بالقضايا العالقة في بحر إيجة. بتناول الادعاءات المذكورة في إطار قانوني يتضح أن تغيرًا لم يطرأ على تصريحات تركيا وتحركاتها منذ أعوام، وأن تصريحات أنقرة وممارساتها تستند بشكل واضح إلى أسس قانونية، فتصريحات اليونان ومساعيها لتصوير تركيا على أنها دولة تنتهج نهجًا مخالفًا للقانون إنما هو موقف سياسي أكثر من كونه قانونيًّا.
يُعَدّ مضيق الدردنيل، وبحر مرمرة، ومضيق البوسفور التي تُسمّى مجتمعة المضايق التركية- ممرًّا بحريًّا مهمًّا إستراتيجيًّا للعديد من البلدان، إذ يُعَدّ طريق الاتصال البحري الوحيد بين البحر الأسود والبحر المتوسط؛ ولهذا السبب الأساسي أصبحت هذه الممرّات باستمرارٍ موضوعًا للوائح الدولية الناظمة للملاحة البحرية. ويتكرّر الأمر اليوم كلما أُثِير تطور مهمّ ذو طبيعة إقليمية، وتصبح اتفاقية مونترو موضوع الجدل، ويُثَار التشكيك فيها بوصفها الاتفاقية الدولية الحالية التي تنظّم الممرّات.
يكشف التحليل القانوني للنظام القائم أن الاتفاقية لا تشكل نظامًا لمرور عبر المضايق فحسب، بل تؤسس كذلك نظامًا شاملًا لأمن الدول المطلة على البحر الأسود، وفي مقدمتها تركيا. والحرب الروسية الأوكرانية القائمة حاليًّا تعطي إشارات إلى عناصر مهمة حول كيفية تنفيذ الاتفاقية في مثل هذه الحالة.
تتناول هذه الدراسة المنازعات القانونية الناشبة حول قضية الجزر نتيجة ترسيم الحدود
البحرية بناءً على معاهدة الجرف القاري الموقّعة بين اليونان وإيطاليا عام 1977 ، ومعاهدة المنطقة
الاقتصادية الخالصة عام 2020 حيث تختلف اليونان مع تركيا في مقارباتها الحقوقية المتعلقة
بقضية ترسيم الحدود البحرية في بحر إيجة منذ الستينيات، وفي شرق المتوسط منذ السنوات
القليلة الماضية، وقد وقّعَت اليونان على معاهدة "المنطقة الاقتصادية الخالصة" الدولية مع
إيطاليا في حزيران 2020 في القسم الواقع بين إيطاليا واليونان، وأعلنت أن هذه المعاهدة شبيهة
بالمعاهدة المؤرخة في 24 أيار 1977 التي نصّت على حدود الجرف القاري لكلا البلدين في
المنطقة البحرية نفسها حيث يُلاحَظ في المعاهدات المذكورة اعترافٌ لبعض الجزر اليونانية بنفوذٍ
محدّد. ومن هنا فإنّ هذا التناقض يوجب دراسة مقاربات اليونان الحقوقية المتعلقة بممارساتها
في هذا المجال رغم قلَّتهِا.