مثل كل الأعوام السياسية الطويلة، لم يبدأ عام 2014 في 1 يناير؛ لكنه بدأ سياسيًا في 1 في تركيا في نهاية مايو مع أحداث ساحة تقسيم. ومع ذلك، فإن هذا العام قد ينتهي بما يبعث على التفاؤل. يمكن القول إنه إذا لم يتم تغيير موعد الانتخابات العامة المقبلة، فإن عام 2014 السياسي الطويل سيمتد حتى يونيو 2015. ولو كانت الإطاحة بالحكومة في الانقلاب البوليسي القضائي في 17 ديسمبر قد نجحت لخضعت تركيا لنظام وصاية جديد لسنوات عديدة قادمة. لقد انتهت المرحلة الأولى من سباق الانتخابات الثلاثية في تركيا بفوز أردوغان. وستكون الانتخابات الرئاسية المقبلة في أغسطس 2014 هي المرحلة الثانية. لقد أظهرت انتخابات 30 مارس بوضوح أن حزب العدالة والتنمية سوف يستمر في تأدية دور مهم في المشهد السياسي التركي لسنوات قادمة.
تُقدِم تركيا بشكل سريع على مواعيد الانتخابات الثلاثة، اثنان منها خلال عام 2014 وواحد في عام 2015. وقوع هذه التطورات المهمة خلال سنة واحدة قد زادت الساحة السياسية حراكًا من الآن مع زيادة التوتر السياسي يومًا بعد يوم.
ماذا حدث في مصر؟ انتقل النظام المصري إلى الهجوك قبيل الانتخابات الرئاسية، وفعل الجيش والقضاء كل ما في وسعهم لمنع محمد مرسي من الوصول إلى مقعد الرئاسة، وقلصوا صلاحياته وقاموا بحل مجلس الشغب. وبالرغم من كل ذلك، أصدر مرسي إعلانًا دستوريًا يعزز صلاحياته، وأمر بإعادة محاكمة مبارك. وهكذا ستعاني مصر من صراع مرير بين الديمقراطية ونظام الوصاية.
أثيرت مرة أخرى التساولات حول مسار السياسة الخارجية التركية في أعقاب أزمة أسطول الحرية بين تركيا وإسرائيل، والتي تزامنت أيضًا مع تصويت تركيا في شهر مايو ضد قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بإيران، فهل أدركت تركيا ظهرها للغرب؟ في المناقشة الحالية، يمكن للمرء أن يلاحظ أنه بدلًا من إجراء بحث نزيه حول مسار السياسة الخارجية التركية واتجاهتها؛ فإن طرح مثل هذه الاسئلة يهدف إلى إرسال رسالة ضمنية من التخويف لتركيا أو إلى إعطائها إنذارًا، ولإلقاء المزيد من الضوء على التغييرات الاخيرة التي شهدتها السياسة الخارجية التركية؛ فإن هذا البحث يقترح أن نلتفت أولًا إلى التحولات التي طرات على دور الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، فهذا البحث يحاول إثبات أن تجاهل التغير الجوهري في النظام العالمي، عند تحليل كل محاولة تركية للتكيف مع الظروف الجديدة واعتبارها صورة من صور "التحول المحوري" ما هو إلا مجرد جهود لتحليل السياسة الخارجية التركية بمقاييس عفى عليها الزمن.