رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

القدرات العملياتية للاستخبارات التركية في إطار استخدام المنتجات التقنية المتطورة

تقيّم هذه الدراسة القدرات العملياتية المتزايدة لجهاز الاستخبارات التركي في نطاق المنتجات التقنية العالية التي عكفت تركيا على تطويرها خلال العقد الأخير. فقد قدم برنامج الطائرات المسيرة التركي إسهامات مهمة في تطوير القوة العملياتية لجهاز الاستخبارات والقدرات العسكرية التركية بوجه عام. استخدم جهاز الاستخبارات الطائرات المسيرة المسلحة وغير المسلحة في أنشطة محاربة الإرهاب في تركيا وسوريا والعراق بشكل فعال. تحلّل هذه الدراسة إسهام القدرات المتزايدة لتركيا على تطوير منتجات تقنية متطورة في الكفاءة العملياتية للاستخبارات التركية جنبًا إلى جنب مع نموذج الدورة االستخباراتية المتبع من قبل الاستخبارات التركية في نطاق أنشطة تركيا في محاربة الإرهاب والتجسس الأجنبي.

القدرات العملياتية للاستخبارات التركية في إطار استخدام المنتجات التقنية المتطورة

منذ بدايات نشأته، أجرى جهاز الاستخبارات الوطني التركي عمليات داخل الحدود التركية وخارجها لحماية المصالح التركية، والحفاظ على وحدة البلاد. فسلطات الاستخبارات التركية ومسؤولياته في توفير المعلومات الاستخباراتية التي تخدم في الحرب على الإرهاب وتنسيق الأنشطة الاستخباراتية والتجسس والتجسس المضاد لها أهمية حيوية بالنسبة لأمن البلاد. يجري دعم الأنشطة التي يخطط لها الجهاز ويؤديها ويقوم بتنفيذها لإتمام مهامه وواجباته من خلال الاستخبارات البشرية والتكنولوجيا، ومن بين الأنشطة الاستخباراتية التي ينفذها الجهاز التجسس والتجسس المضاد ومحاربة الإرهاب والعمليات السرية والحرب على الجريمة المنظمة على نطاق عابر للحدود وعلى المستوى العالمي، ودبلوماسية الاستخبارات والتحري عن الموظفين العموميين المكلفين بمهام مختلفة. وككل أجهزة الاستخبارات تخطط الاستخبارات التركية أنشطتها وتنفذها في حدود بروتوكولاتها التي تستند إلى القانون المنظم لتأسيسه. ويشكل القانون رقم 2937 الخاص بأجهزة استخبارات الدولة وجهاز الاستخبارات الوطني الواجبات القانونية والأنشطة الاستخباراتية للجهاز. مراكز التهديد التي يجري تحديدها بواسطة الاستخبارات الوطنية على أنها أهداف استخباراتية والأنشطة العملياتية التي تجري لأجلها بالاعتماد على الظروف الراهنة محليًّا ودوليًّا والتطورات التكنولوجية وجمع المعلومات وعملية تحليلها قد تتنوع وفقًا لعدد من العوامل. على سبيل المثال؛ تألفت الأنشطة التي أجرتها الاستخبارات خلال حقبة الحرب الباردة عمومًا من أنشطة التجسس والتجسس المضاد وعمليات الحرب على الإرهاب التي أُجرِيت في نطاق سلطة دوائر مكافحة الشيوعية والأنشطة السوفييتية. بعبارة أخرى يمكن القول إن أنشطة الاستخبارات الوطنية خلال الحرب الباردة كانت عمومًا جزءًا من المهام التقليدية لأي جهاز استخبارات. وبناء عليه، على الرغم من القدرات المحدودة والوسائل التي كانت متاحة في فترة الحرب الباردة ست الاستخبارات الوطنية لتحليل إستراتيجيات السياسة الخارجية للدول الأخرى، ووفرت معلومات استخباراتية لصناع القرار في السياسة الخارجية التي مكنتهم من صناعة القرار الصحيح، وحارب الجهاز الإرهاب وقام بتحليل الأنشطة العسكرية للدول الأخرى وإستراتيجياتها. علاوة على ذلك؛ عرقل الجهاز أنشطة تجسس محلية واغتيالات محتملة وعمليات تخريب، وواجه أنشطة أجهزة الاستخبارات الأجنبية والجريمة المنظمة وحافظ على أسرار الدولة التركية.

في مقابل ذلك؛ جرت أنشطة جهاز الاستخبارات في حقبة ما بعد الحرب الباردة في إطار السياسة الخارجية التركية الاستباقية تجاه العديد من المشكلات الإقليمية والعالمية. ومن ثم، مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، قام جهاز الاستخبارات الوطنية بتوسيع حربها على تنظيم بي كا كا وغيره من التنظيمات الإرهابية. ومن هنا، وسع الجهاز نطاق المهام التقليدية المحددة له برؤية أوسع بكثير في فترة ما بعد 2010 لتشمل المهام الآتية:

  • توفير المعلومات والتحليلات المتعلقة بمسائل السياسة الخارجية التي تمكن صناع القرار السياسي من اتخاذ القرارات الصحيحة؛ وذلك عبر إعطاء إشعار مسبق حول تحركات السياسة الخارجية للدول والجهات المنافسة لتركيا في النظام الدولي؛ ومد صانعي القرار بالبيانات الإستراتيجية حول القضايا الضرورية.
  • محاربة الإرهاب والقيام بمهام عملياتية نشطة في الخارج مع زيادة الإمكانيات والقدرات التكنولوجية التي تمكن الجهاز من القيام بذلك.
  • دعم العمليات العسكرية في الخارج؛ وذلك عبر متابعة التطورات المتعلقة بالأنشطة والإستراتيجيات العسكرية للدول المنافسة في النظام الدولي أو المنظمات الإرهابية وتوفير المعلومات الاستخبارية اللازمة للمؤسسات ذات الصلة.
  • دعم تطوير الإستراتيجيات العسكرية، وتوفير المعلومات اللازمة لصانعي القرار والمؤسسات ذات الصلة فيما يتعلق بالمخاطر والتهديدات التي قد تنشأ من دول أخرى أو منظمات إرهابية.
  • متابعة التطورات العالمية في الاقتصاد والتجارة عن كثب، وجمع المعلومات حول الخطوات المحتملة للدول المنافسة فيما يتعلق بأنشطتها الاقتصادية وخططها وتزويد متخذي القرار بالمعلومات اللازمة قبل توقيع الاتفاقيات التجارية للحصول على أفضل الشروط.
  • التحكم في استيفاء شروط الاتفاقيات الدولية التي تكون تركيا طرفًا فيها، وتوفير معلومات استخبارية بشأن المواقف والسلوكيات المحتملة للأطراف الموقعة على هذه الاتفاقات.
  • تطوير إستراتيجيات فعالة لمكافحة التجسس ضد أنشطة أجهزة الاستخبارات الأخرى، بما في ذلك الاغتيالات والتخريب والاستفزازات المحتملة.
  • جمع المعلومات الاستخبارية عن أنشطة الجريمة المنظمة، وخاصة على المستوى العالمي التي تضر بالأمن القومي للبلاد بالتعاون مع أجهزة استخبارات أخرى.
  • إجراء مفاوضات يجب على الدولة أن تبقيها سرية مع دول أخرى أو جهات فاعلة غير حكومية، وتنظيم مثل هذه العمليات وإتمامها.

إنه لمن غير الممكن تجاهل الطفرة التي شهدتها القدرات التكنولوجية لتركيا في قطاعات الصناعات الدفاعية وتوفير المعلومات الاستخبارية التكنولوجية في فترة ما بعد عام 2010. حيث إن قدرات الإنتاج التكنولوجي لمؤسساتها العامة والخاصة تتزايد بسرعة كل عام. فمثلًا؛ بلغت صادرات الصناعات الدفاعية والطيران التركية 2.03 مليار دولار عام 2018، فيما ارتفع هذا الرقم إلى 2.74 مليار دولار في عام 2019. وفي حين بلغت الصادرات الدفاعية 2.28 مليار دولار في عام 2020، ارتفع هذا الرقم إلى 3.22 مليارات دولار في عام 2021. وإن هذه البيانات تعكس النمو السريع للصناعات الدفاعية في تركيا.

تتجلى النتائج الملموسة لتعزيز الإمكانات والقدرات التكنولوجية لتركيا في قطاعات الصناعة الدفاعية وفي القدرة على توفير المعلومات الاستخبارية الفنية في اتساع نطاق أنشطة مكافحة الإرهاب والتجسس في الخارج.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...