ملخص:
تقف تركيا اليوم على عتبة مرحلةٍ من التطور السياسي والاقتصادي، فقد انتهت عملية التحول الديمقراطي في تركيا بإقرار الانتقال إلى نظام الحكم الجمهوري الرئاسي، وتتقدم تركيا حاليا بخطى حثيثة في غمار مرحلة سياسية جديدة تعد من المراحل الأهم في تاريخها نحو تطبيق كامل للنظام الرئاسي مغادرة النظام البرلماني مع الانتخابات الرئاسية في عام 2019 بعد أن أسفرت نتائج التصويت على التعديلات الدستورية في 16 نيسان 2017- عن قبول تلك التعديلات بنسبة 51.3 بالمئة في مقابل 48.65 صوتوا ضدها.
صدرت العديد من القراءات القاصرة أو غير الصحيحة التي تناولت النظام الرئاسي في صورة أنها تعطي صلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية، وأنّها أُعِدّت خصيصًا للرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان ؛ ليمارس نوعًا من الوصاية والتسلّط تجاه الشعب التركي، وهذا أمر بعيد جدًّا عن القراءة الصحيحة لتحولات هذا النظام، وبنود الدستور التي صُوِّت عليها، وأقرّت من الشعب التركي، وهو ما يجعل من المهمّ إبراز حجم هذه الإشكاليات، والوقوف على هذا المتغير (الانتقال إلى النظام الرئاسي)، وسبر أغوار المشهد السياسي التركي، من أجل قراءة حصيفة لمجريات المشهد التركي في السنوات القادمة، وهذا ما يقدّمه الكتاب بالبحث والتحليل من خلال شرح النظام الرئاسي وحاجة تركيا إليه وتقييم سياقه والانتقادات الموجهة إليه مع تفنيد وتصحيح كثير من الرؤى المعاكسة والمغلوطة التي رافقت عملية التصويت الأخير على التعديلات الدستورية، وما تمخض عنها.
يبدأ هذا الكتاب بعرض قيم للأستاذ الدكتور برهان الدين ضوران رئيس مركز سيتا للدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدكتور نبي ميش رئيس قسم السياسة الداخلية في مركز سيتا ويقدمان فيه معلومات حول أنظمة الحكم سواء النظام الرئاسي أو البرلماني أو نصف الرئاسي مبينا أن الأنظمة الحكوميّة المطبّقة في العالم شهدت تغيّرات وتحوّلات كثيرةٍ عبر الزمن بهدف الوصول إلى شكلٍ أفضل من الناحية الديمقراطيّة وقابلية الإدارة. ويمكن لتطبيق نماذج الحكومات هذه أن تبدي تبايناً من دولةٍ إلى أخرى تَبَعاً للثقافة السياسيّة والبنية الحزبيّة السياسيّة وتصميم المؤسسات الدستوريّة والتقدّم الاقتصاديّ الخاص بكل بلد.