رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

السياسة الخارجية التركية في عهد حزب العدالة والتنمية: قضايا جديدة وفاعلون جدد

ناقشت هذه الدراسة المعايير الأساسية والفرعية للتغيير والتحول في السياسة الخارجية التركية خلال عهد حكومات حزب العدالة والتنمية، من خلال الوقوف على أبعاد السياسة الداخلية المنعكسة على السياسة الخارجية، وأحداث السياسة الخارجية المهمة. كما تناولت الدراسة الجهات الفاعلة والمؤسسات الجديدة الفاعلة في السياسة الخارجية التركية وأنشطتها في سياق القوة الصلبة والناعمة. وناقشت كذلك القضايا الجديدة ومجالات الاهتمام والانفتاح الجغرافي في السياسة الخارجية.

السياسة الخارجية التركية في عهد حزب العدالة والتنمية: قضايا جديدة وفاعلون جدد

خلال عهد حكم حزب العدالة والتنمية الذي استمر عشرين عامًا من دون انقطاع، كان من الواضح أن تركيا مرت بـ"ثورة صامتة" من خلال التحول الجاد في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن والثقافة. وقد أحدث هذا التحول الشامل في التاريخ السياسي لتركيا في العهد الجمهوري تغييرات مهمة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي؛ لذلك، فإن حقبة حزب العدالة والتنمية تستحق أن تُدرَج في التاريخ باعتبارها واحدة من أهم الانقطاعات في التاريخ السياسي لتركيا. تغيرت سياسة تركيا الداخلية بطريقة تمكنها من اتباع سياسة خارجية وطنية وأكثر استقلالية ونشاطًا. وقد جرت إعادة هيكلة النظام السياسي في تركيا وتقويته بطريقة تقلل من تدخل القوى الأجنبية في السياسة الداخلية. بدلًا من النظام البرلماني النموذجي الذي من المحتمل أن ينتج عنه عدم استقرار سياسي، في الخطوة الأولى جرى انتخاب الرئيس من قبل الشعب، وفي الخطوة الثانية جرى اعتماد النظام الرئاسي، وهذا جعل الهيئة التنفيذية أقوى ضد المؤسسات الأخرى في الدولة والدول التي يجري التعامل معها.

إنّ من أهم ركائز هذا التحول السياسي الشامل في عهد حزب العدالة والتنمية التغيير في السياسة الخارجية. بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، مع تعزيز قدرته العسكرية والاقتصادية والإدارية والسياسية، خضعت السياسة الخارجية التركية لإعادة هيكلة نظرية ومفاهيمية. وبالتوازي مع قدرتها التنموية، تطورت أهداف السياسة الخارجية وأدواتها ومجالات نشاطها.

من ناحية أخرى، جرت إعادة تعريف هوية الدولة ومؤسسات الدولة لتشكيل الأساس لتغيير السياسة الخارجية. من خلال بدء عملية تطبيع شاملة في البلاد، جرى القضاء على الانفصال وانعدام الثقة بين الدولة والشعب إلى حد كبير. بدأت المؤسسات الأمنية، التي تتبنى تقليديّا موقفًا سياسيًّا وفقًا للبيئة السياسية المحلية والجهات الفاعلة، في اتخاذ تدابير ضد الجهات الفاعلة والتهديدات الخارجية بدلًا من الجهات السياسية والاجتماعية العامة والمحلية. على سبيل المثال، أصبحت القوات المسلحة التركية ومنظمة الاستخبارات الوطنية جهات فاعلة في السياسة الخارجية، وهذا أدى إلى تنويع أنشطتهما وزيادة أنشطتها في الخارج.

وخلال عهد حزب العدالة والتنمية، كانت هناك عملية جرى فيها إعطاء الأولوية للتأميم والاستقلال و"العقلنة" في السياسة الخارجية التركية. من خلال العمل بنهج يركز على أنقرة، قامت تركيا التي قللت بشكل كبير من اعتمادها على السياسة الخارجية، بإعادة تعريف علاقة التحالف التقليدية التي طورتها مع الدول الغربية على أساس هرمي. بدلًا من أن تكون دولة واجهة تحاول حماية مصالح حلفائها في سياق حلف الناتو، أصبحت دولة تطور العلاقات مع جميع محاوريها على أساس المساواة. ومع ذلك، فإن تكلفة هذا التغيير في السياسة في تركيا كانت أيضًا باهظة؛ لأن الدول الغربية حاولت تهميش تركيا الساعية إلى الاستقلال باستخدام أدوات مختلفة عما رأته يتعارض مع مصالحها الخاصة.

 


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...