أكّدت مقدمة الكتاب أن نظام التعليم في تركيا شُكِّل من خلال فهم التحديث الموروث من الإمبراطورية العثمانية، وأن التعليم أدّى دورًا حاسمًا في التحوّل الاجتماعي خلال الفترة الجمهورية. وأن إصلاحات التعليم في السنوات الأولى للجمهورية ركزت على توسيع التعليم الأساسي. ولكن مع التغيرات السياسية بعد عام 1950، ظهرت اتجاهات مختلفة في سياسات التعليم. ويبدو أن عدم الاستقرار السياسي مع التقلبات الاقتصادية في الستينيات والثمانينيات من القرن العشرين، كان بمثابة وضع حال دون استمرارية التعليم، وخلق الحاجة إلى الإصلاح. وإذا كان تطبيق نظام التعليم الإلزامي مدة ثماني سنوات في عام 1997 والتعاون الدولي- من الخطوات المهمة التي اتُّخِذت استجابة لهذه الحاجة إلى الإصلاح، فإنّ من المؤكّد أن الإصلاحات الجذرية النظامية في التعليم مع حكومات حزب العدالة والتنمية بعد عام 2002 كانت بمثابة البداية الواضحة لعملية التحول.
يقدّم الكتاب في قسمه الأول الذي يحمل عنوان: "الخلفية والمؤشرات الأساسية"، رؤية وصفية شاملة لنظام التعليم والأيديولوجيات والدراسات في تركيا، بالإضافة إلى شرح كمّيّ لكيفية حدوث التطورات من خلال المؤشرات الأساسية. تبحث دراسة يوسف ألب آيدين وكورشاد كولتور بعنوان: "التغيرات الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة في سياسات التعليم في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين" كيفية تأثر سياسات التعليم في تركيا ببعض الديناميكيات، مثل النمو الاقتصادي والتحضر والهجرة والتغيرات الاجتماعية منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وكان ثمة تركيز على زيادة الاستثمارات في التعليم، وتحسين معدلات الالتحاق بالمدارس ومؤهلات المعلمين، وتطوير نهج تعليمي أكثر شمولًا يعطي الأولوية للقيم الوطنية والأخلاقية. وتكشف الدراسة التي تحمل عنوان: "التوقعات من التعليم في الرسائل المكتوبة إلى وزارة التعليم الوطني حتى عام 2023"، التي كتبها لطفي تشاكير- بيانات نوعية مهمّة فيما يتعلق بسياسات التعليم، من خلال تحليل محتوى 28 رسالة مكتوبة إلى وزارة التعليم الوطني. ويتحدث كورتولوش أوزتورك في بحثه: "إزالة العوائق الأيديولوجية في التعليم وتنمية الحريات" عن بعض التطورات الإيجابية في التعليم من منظور اجتماعي وأيديولوجي، مثل إزالة الممارسات التقييدية في التعليم، والقضاء على انتهاكات الحقوق الفردية، وإثراء المناهج من حيث الدين واللغة والقيم، وتحسين حقوق الأقليات.