وصلت الحرب الباردة الجديدة إلى شرق البحر الأبيض المتوسط. على المستوى الإستراتيجي، يوجب دخول الصين وروسيا إلى فراغ القوة في هذا المجال الجيوسياسي الإستراتيجي على واشنطن أن تجد أدوات قليلة التكلفة، يمكن بواسطتها إعادة تصميم هيكلية ومؤسسية الجغرافيا السياسية الإقليمية. وحتى اليوم، يبدو أن الولايات المتحدة تستعمل ثلاثة محاور للتحالفات، ظهر آخرها في شكل تحالفات مع اسرائيل وهي تحالفات مرنة وموجهة نحو المصلحة على مستوى التنافس الإقليمي. من المتوقع للأسف أن تعزّز هذه التحالفات، الانقسامات الموجودة مسبقًا في المنطقة ما لم يحدث تغيير جذري. تبحث هذه الدراسة في كيفية وتعليل وجوب تبنّي واشنطن منطق "محاور التحالف" لتشكيل شرق البحر المتوسط، وتستكشف التأثير المتوقع لاتفاقات أبراهام التي أطلقتها الولايات المتحدة على الجغرافيا السياسية الإقليمية.
تتناول هذه الدراسة السياسات الأوربية في البحر المتوسط، وتركز على نقطة مشتركة، هي مناقشة أهداف وأدوات الوجود الفرنسي والإيطالي والأمريكي في البحر المتوسط، وتأثيرات تطوير الغرب لإستراتيجيته في البحر المتوسط، وتتطرق في الوقت ذات إلى سياسات تركيا في شرق البحر المتوسط، علمًا أنها تؤدّي دور اللاعب الرئيس في التوازنات الإقليمية، وفي إستراتيجيات التوازنات. وترى الدراسة أن الذي يحدّد نجاح أو استقرار سياسات اللاعبين الغربيين لا يتمثل فقط في الانسجام والتنسيق فيما بينهم؛ فالعامل الأهمّ في تحديد حدود إستراتيجيات اللاعبين الغربيين هو قدرة تركيا ووسائلها في تحويل هذه السياسات وموازنتها.