رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| عروض الكتب < رؤية تركية

السياسة الخارجية التركية والدبلوماسية العامة

ويرى الكتاب أنه كما أدّت المؤسسات الحكومية والمؤسسات التابعة للدولة دورًا مهمًّا في التأثير في السياسة الخارجية فإن منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والإعلامية الخاصة أدّت كذلك دورًا كبيرًا على مستوى السياسة الخارجية، وعلى مستوى إحداث التغيير الداخلي.

السياسة الخارجية التركية والدبلوماسية العامة

Turkish Foreign Policy and Public Diplomacy

تحرير:  محمد شاهين و ب. سنم تشيفيك

Editor: Mehmet Şahin, B. Senem Çevik

مراجعة : محمود سمير الرنتيسي

Reviewed by Mahmoud Alrantisi

 

ينطلق الكتاب من الأهمية الجيوستراتيجية لتركيا، وارتباطاتها المهمّة بعدد من المنظمات الدولية التي أدت مع مجموعة من العوامل الأخرى إلى تضاعف الحضور التركي في المشهد الدولي، وقد استفادت تركيا من عدة عضويات وفعاليات مهمّة، مثل عضويتها في الناتو، وفي مجموعة العشرين التي استضافتها في مدينة أنطاليا، وتولت رئاستها في عام 2016، واختيارها عضوًا مؤقتًا في مجلس الأمن في الفترة من 2009 إلى 2010، وفعالياتها المتعددة مع منظمة التعاون الإسلامي مما جعلها تمارس سياسة خارجية مؤثرة.

وتعدّ الركيزةَ الثانيةَ للكتاب الأهميةُ المتزايدة للقوة الناعمة والدبلوماسية العامة في تحقيق أهداف الشعوب والدول بوسائل تعاونية، وبخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وفي ظل تطور وسائل وتكنولوجيا الاتصال... ويعتمد الكتاب بشكل جوهري على ما ذكره المفكر الأمريكي جوزيف ناي حول موضوعي القوة الناعمة والدبلوماسية العامة، وما ذكره آخرون من بعده حول الدبلوماسية العامة الجديدة وغير التقليدية، والتي تستخدم التسويق لصورة الدولة بدلًا من البروباغندا.

ويرى الكتاب أنه كما أدّت المؤسسات الحكومية والمؤسسات التابعة للدولة دورًا مهمًّا في التأثير في السياسة الخارجية فإن منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والإعلامية الخاصة أدّت كذلك دورًا كبيرًا على مستوى السياسة الخارجية، وعلى مستوى إحداث التغيير الداخلي.

وفي هذه النقطة تكون تركيا قد دخلت مسار الدبلوماسية العامة على أنه مسار جديد للسياسة الخارجية التركية، ويقرّ الكتاب أنه بالرغم من أن مصطلحات مثل القوة الناعمة SOFT POWER  والدبلوماسية العامة  PUBLIC DIPLOMACY  والقوة الذكيةSMART POWER  أصبحت دارجة في الوسط الأكاديمي والإعلامي، إلا أن عملية تطبيقها لم تصل إلى المرحلة المطلوبة كما هو معروف في نظريات الدبلوماسية العامة أو الدبلوماسية الوطنية.

ولهذا فإن الكتاب بأقسامه العشرين التي تولاها عددٌ من أبرز الباحثين والمتخصصين في تركيا- يتناول ويعالج بشكل أكاديمي وشامل جميع المؤسسات التي لها جهود في مجال الدبلوماسية العامة التركية من أجل الإسهام في وضع شيء يشبه إستراتيجية للدبلوماسية العامة التركية، وبالرغم من إشادة الكتاب بجهود الدبلوماسية العامة في تركيا إلا أنه يرى أنها بحاجة إلى مزيد من العمل والجهد والتطوير.

ويتناول الكتاب بشكل نظري وتأطيري عدة موضوعات ومفاهيم، أهمها القوة الناعمة والدبلوماسية العامة في تركيا، ومفاهيم العمق الإستراتيجي الذي استخدمه رئيس الوزراء التركي الحالي أحمد داود أوغلو والقوة الذكية، مع محاولة تقييمها من خلال عدة موضوعات، مثل بحث دور المجتمع والإعلام في نظريات الجيوبوليتيك، ومن خلال تقييم أدوار عدة مؤسسات تركية حكومية وغير حكومية .

ويناقش الكتاب في أحد زواياه الدبلوماسية الإنسانية في الرؤية الجديدة للسياسة الخارجية التي يمثّل دورَها عددٌ من المؤسسات، مثل تيكا، وآفاد، والهلال الأحمر التركي، وعدد من مؤسسات الإغاثة التركية، مركزًا على دورها في رسم صورة تركيا في الخارج... ويستعرض الكتاب كذلك ما أسماه دبلوماسية الشتات، وهي تعتمد على الأتراك الذين يعيشون في الخارج، وهذا يقود إلى تقييم دور المؤسسات التي توجّه الأتراك وترعاهم في الخارج، مثل "تنسيقية الأتراك في الخارج والأجانب في تركيا" التي تؤدّي دورًا بارزًا منذ بضع سنوات.

ولا يغفل الكتاب الحديث عن دور الدين في السياسة الخارجية التركية، وفي الدبلوماسية العامة التركية، مع ضرب عدد من الأمثلة في إفريقيا والبلقان وآسيا، ويشير الكتاب إلى دور القوات المسلحة التركية في فعاليات الدبلوماسية العامة من خلال دورها في أفغانستان والبوسنة وكوسوفا باعتبارها قوات سلام، مقارنًا دورها بأدوار القوات العسكرية لدول أخرى.

ومن المؤسسات والشركات التي قيّم الكتاب أدوارها الخطوط الجوية التركية والمشروعات والإعلانات التي تقوم بها، وتعرضها على مئات الآلاف من مختلف الجنسيات وبعدة لغات، ومعهد يونس أمره الذي ينشر الثقافة التركية، ويعنى بتعليم اللغة التركية، وله فروع في حوالي 32 بلدًا، وينظيم فعاليات متنوعة، ومؤسسة الدبلوماسية العامة التابعة للدولة، وكذلك المؤسسات الإعلامية، مثل وكالة الأناضول، وسلسلة قنوات TRT العربية والكردية والإنكليزية والوثائقية.

ومع الدور الكبير للمسلسلات التركية والسينما التركية التي مر عليها 100 عام بحلول عام 2014، فإن الكتاب يشير إلى المفاهيم التي تنشرها السينما التركية في المجتمعات غير التركية، مثل دور المرأة، وعلاقة المسلسلات بحجم السياحة في تركيا، وصورة البلد في الوعي الدولي، ويشير الكتاب أيضًا إلى بعض الأفلام التركية التي حصدت جوائز في المسابقات العالمية، مثل Kelebeğin Rüyası  وBahar İsyanıcıdır .

اختتم الكتاب بالحديث عن دور مراكز البحوث والتفكير التركية، واستعرض عددًا منها، مثل: سيتا SETA الذي يصدر دوريتين: إحداهما موجهة للرأي العام الغربي، وهي: INSIGHT TURKEY, والأخرى للعالم العربي، وهي مجلة رؤية تركية، ومثل: مركز أورسام ،ORSAM ، ومركز التفكير الإستراتيجي SDE، وعدد من المراكز الفاعلة الأخرى.

يعدّ الكتاب مرجعًا مفيدًا للباحثين في مجال العلاقات الدولية، وتحديدًا في فرع الدبلوماسية العامة، بوصفه فرعًا حديثًا، وبوصفه أيضًا مدخلًا جيدًا للتعرف إلى فعاليات عدد من أبرز المؤسسات التركية العاملة داخل تركيا وخارجها، التي أصبح لبعضها قدرات تفوق قدرات بعض الدول، ولها ممثليات في الخارج، وتحاول منافسة الكثير من المؤسسات، والمنظمات العالمية الكبرى.

 


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...