رؤية تركية
دورية محكّمة في
الشؤون التركية والدولية
ISSN 2458-8458
E-ISSN 2458-8466

| المقالات والدراسات < رؤية تركية

جهود تركيا في مجال المساعدات الإنسانية لغزة من 7أكتوبر حتى وقف إطلاق النار

ملخّص: بعد 7 أكتوبر 2023، شهدت غزة واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في التاريخ. بسبب الجوع وسوء التغذية وانهيار نظام الرعاية الصحية وعرقلة "إسرائيل" الوصول إلى المياه والضروريات الأساسية- أعلنت الأمم المتحدة رسميًّا غزة منطقة "مجاعة". ومع ذلك، وفي انتهاك لاتفاقيات جنيف، منع نظام الاحتلال الصهيوني بشكل منهجي وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وقد أدى هذا الوضع إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة. بذلت تركيا جهودًا لتقديم المساعدات الإنسانية مباشرة إلى غزة، وواصلت دعم وتسهيل أوضاع الشعب الفلسطيني على أراضيها من خلال إجلاء المرضى والجرحى والطلاب من غزة. ويجري إيصال المساعدات التركية إلى غزة بشكل كبير عبر مصر والأردن، بتنسيق من رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ (AFAD)، وبمشاركة منظمات مدنية. ABSTRACT: After October 7, 2023, Gaza experienced one of the most severe humanitarian crises in history. Due to hunger, malnutrition, the collapse of the healthcare system, and Israel’s obstruction of access to water and essential supplies, the United Nations officially declared Gaza a “famine zone.” Nevertheless, in violation of the Geneva Conventions, the Israeli occupation systematically blocked the delivery of humanitarian aid to Gaza, exacerbating the humanitarian catastrophe. Türkiye has made efforts to provide humanitarian assistance directly to Gaza and has continued to support and facilitate the situation of the Palestinian people on its territory by evacuating patients, the wounded, and students from Gaza. Turkish aid is largely delivered to Gaza via Egypt and Jordan, coordinated by the Disaster and Emergency Management Presidency (AFAD) and with the participation of civil society organizations.

جهود تركيا في مجال المساعدات الإنسانية لغزة من  7أكتوبر حتى وقف إطلاق النار

المساعدات الإنسانية تقدمها الأمم المتحدة، والصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليان، بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية. وتعتمد هذه المؤسسات في الغالب على التمويل المقدم من الحكومات، وبدرجة أقل من الأفراد الخاصّين والشركات.

بينما تشير التقديرات إلى أن أكثر من 362 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بحاجة إلى مساعدات إنسانية طارئة، فإنّ غزة أصبحت منذ 7 أكتوبر 2023، محور قضايا المساعدات الإنسانية في العالم؛ لأن غزة، التي تعاني بالفعل حصار نظام الاحتلال الصهيوني منذ سنوات، أصبحت بؤرة احتياجات المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى تعرضها مباشرة للإبادة الجماعية بعد 7 أكتوبر.

ربما لهذا السبب زادت المساعدات الإنسانية لفلسطين (رغم كل العقبات) بشكل كبير في عام 2024؛ بسبب تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة. أصبحت فلسطين الدولة التي تتلقى أكبر قدر من المساعدات الإنسانية في العالم في عام 2024، بقيمة 2.9 مليار دولار. ويمثل هذا زيادة بنسبة 51 في المئة عن العام السابق وزيادة بنسبة 88 في المئة عن عام 2023. وبهذه الزيادة، تجاوزت فلسطين أوكرانيا وسوريا لتصبح البلد الذي يتلقى أكبر قدر من المساعدات الإنسانية. وتُعَدّ تركيا إحدى الدول الرائدة في جهود المساعدات الإنسانية لغزة.

في هذا السياق، تتبادر إلى الذهن ثلاثة أسئلة أساسية:

ما الخلفية وراء حاجة العالم الإسلامي إلى المساعدات الإنسانية؟

ما جهود المساعدات الإنسانية تجاه غزة بعد 7 أكتوبر؟ وما العقبات التي تواجهها؟

ما الخطوات التي اتخذتها تركيا حتى الآن لتقديم المساعدات الإنسانية لغزة؟

خلفية الحاجة إلى المساعدات الإنسانية في العالم الإسلامي

تُعرّف الأمم المتحدة "المساعدات الإنسانية" على أنها الدعم المقدم لإنقاذ حياة الأشخاص المتضررين من الأزمات وتخفيف معاناتهم، وتشمل المساعدات: الدعم المادي واللوجستي للأشخاص المتضررين من الكوارث التي من صنع الإنسان مثل النزاعات المسلحة/الحروب، وكذلك الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والزلازل والتسونامي والأعاصير.

تُقدَّم المساعدة الإنسانية للمجتمعات المتضررة من العوامل الطبيعية والبشرية المذكورة أعلاه في شكل دعم حيوي، مثل: الغذاء والتغذية والمأوى والخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي والبنية التحتية للنظافة. علاوة على ذلك، تُقدَّم الخدمات التعليمية بوصفها جزءًا من المساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ، ولاسيما لمنع تعطيل التعليم في أثناء النزاعات أو الكوارث.

ينبغي الالتزام بمبادئ معينة في تقديم هذا الدعم، الذي يُعَدّ حيويًّا لتلبية الاحتياجات الفورية للأشخاص المتضررين ووضع الأسس للتعافي والتنمية على المدى الطويل. في عام 1991، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة "الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية" على أنها معايير/مبادئ أساسية للمساعدات الإنسانية.

ويستند مبدأ الإنسانية إلى حماية كرامة جميع الضحايا وحقوقهم، ولا سيما الفئات الأكثر ضعفًا، مثل النساء والأطفال وكبار السن. ويعني مبدأ الحياد أن المساعدة تُقدَّم من دون النظر إلى الأصل العرقي أو الجنس أو الدين أو الجنسية أو الرأي السياسي، بينما يهدف مبدأ النزاهة إلى ضمان تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا على سبيل الأولوية، من دون الانحياز إلى أي جانب سياسي أو ديني أو أيديولوجي. أما مبدأ الاستقلالية فيقتضي أن تُقدَّم المساعدة الإنسانية بشكل مستقل تمامًا عن الأهداف السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية.

وتنبع الحاجة المتزايدة إلى المساعدة الإنسانية في العالم الإسلامي، الذي يتبع هذا الإطار بشكل عام، من التداعيات السلبية للإرهاب، وآثار المشكلات الاقتصادية، والأزمات الإنسانية التي تعقب الكوارث الطبيعية. ومع ذلك، فإن السبب الأهم لهذه الحاجة هو الآثار السلبية للحروب والصراعات الداخلية والاحتلالات.

وتُعَدّ مناطق مثل فلسطين والعراق وسورية واليمن وأفغانستان وأراكان من المناطق التي تشهد أزمات بارزة في هذا السياق. إذ شهد العالم الإسلامي صراعات عنيفة ولا تزال مستمرة نتيجة للحروب بين الدول والحروب الأهلية والتدخلات/الاحتلالات الخارجية. وقد أسفرت هذه الصراعات عن خسائر فادحة؛ إذ فقد ملايين الأشخاص حياتهم في غزو أفغانستان، والحرب الإيرانية العراقية، والحروب في البوسنة وكوسوفو في البلقان، وغزو أراكان، والحروب الأهلية في الصومال وسورية. كما فقد آلاف الأشخاص حياتهم في الحرب الأهلية المستمرة في السودان وفي الإبادة الجماعية في غزة، فلسطين، على مدى العامين الماضيين منذ 7 أكتوبر.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...