نُحيي في هذه الأيام ذكرى جديدة لمحاولة انقلاب 15 تموز (يوليو)، فقبل ثماني سنوات بالضبط، شهدت تركيا محاولة انقلاب دنيئة وإجرامية، قُتل فيها مئات الأشخاص، وأصيب الآلاف. ولكن رغم هذا الإجرام والقتل واجه مدبّرو الانقلاب مقاومة جديّة لأوّل مرة في تاريخ تركيا، إذ واجه الجمهور الانقلابيين في الساحات، وأماكن مختلفة. ورغم استخدام الانقلابيين السلاح، لم يتمكنوا من تخويف من قاوموا الانقلاب عزّلًا من السلاح، ورغم كل جهود الانقلابيين إلا أن محاولة الانقلاب باءت بالإخفاق.
مثل كل انقلاب، هناك أمور يلزم القيام بها لفهم محاولة انقلاب 15 تموز. لكن لعلّ من الأجدى والمفيد التركيز على خصائص مدبري الانقلاب بدلًا من التركيز على نقاط أخرى، مثل الوضع العام للبلاد، ونجاحات أو إخفاقات الحكومة الحالية، في التدابير اللازمة التي اتُّخِذت لمنع الانقلاب. ولأن كل هذه العوامل تختلف من شخص لآخر، فهي ليست قضايا يجب أن يتفق عليها الجميع، ولا يمكن تحديدها بشكل موضوعي في جميع الأوقات وفي جميع الحالات. على سبيل المثال، هل الحكومة ناجحة أم فاشلة؟ لا يمكن التوصل إلى نتيجة ترضي الجميع أو يتفق عليها الجميع. اعتمادًا على وجهة نظرك، يمكن اعتبار الحكومة ناجحة أو فاشلة. وبالمثل، من الصعب معرفة جواب التساؤل عما إذا كانت الاحتياطات اللازمة قد اتُّخِذت ضد مدبري الانقلاب كافية أم لا. إن العقلية الانقلابية يمكن أن تتطور بطريقة أو بأخرى، وبما أنه ليس من الممكن تشكيل جيش ثان ضد الجيوش، فلن يكون من الممكن منع مدبّري الانقلاب.
وفي هذا السياق، قد يكون من المفيد التركيز على الفاعل المدبّر للانقلاب. وفي هذه الحالة فإن بنية جماعة الانقلاب، والهوية الفردية والجماعية لمدبري الانقلاب، ومواقفهم وخطوطهم الأيديولوجية، وحججهم التي يسوّغون بها الانقلاب، وأشكالهم التنظيمية، واتصالاتهم وارتباطاتهم وتحالفاتهم المحلية والدولية- هي من بين العوامل الأساسية والعناصر الرئيسة التي يجب فحصها.