كانت إيران قبل الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 من الحلفاء المهمّين للكتلة الغربية إلى درجة أنها شكلت إحدى ركائز "سياسة الاحتواء المزدوج" التي نفذتها الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الثانية. لكن مع الثورة انقلب هذا الوضع، ونشأت صراعات خطيرة بين إيران والغرب. وعلى الرغم من أن إيران ابتعدت في البداية عن كلتا الكتلتين، وانضمت إلى "حركة عدم الانحياز" ضمن نطاق حُجّة: "لا شرقية ولا غربية، جمهورية إسلامية"، إلا أنها مالت فيما بعد إلى اتباع سياسات قريبة من الصين وروسيا. في واقع الأمر، أظهرت مؤخرًا رؤية تُسمّى: "النظر إلى الشرق"، واتبعت سياسات في هذا الاتجاه، وقد تجلى هذا الوضع أيضًا في المجالات العسكرية، ففيما كانت معظم الطائرات العسكرية التي تستخدمها إيران طائرات اشترتها من الولايات المتحدة قبل الثورة، فإن ما تستعمله بعد الثورة في البنى التحتية لبرامجها الصاروخية يأتي في المقدمة من الصين وروسيا وكوريا الشمالية.
تُعَدّ الصواريخ التي بدأت إيران بتطويرها خلال الحرب الإيرانية العراقية أقوى ركائز البنية العسكرية الإيرانية، هنا برزت إلى الواجهة صواريخ سكود المصنوعة في الاتحاد السوفييتي، التي اشترتها إيران أول مرة من ليبيا وسوريا. والحقيقة أنّ صواريخ سكود شكّلت البنية التحتية للعديد من الصواريخ البالستية الإيرانية. ومن بين الصواريخ التي يمكن تصنيفها على أنها صواريخ بالستية مثل فاتح وشهاب وسجّيل وخرّمشهر- تبرز صواريخ سلسلة فاتح من حيث دقة الإصابة، وكونها تعمل بالوقود الصلب. ويبدو البرنامج النووي الإيراني، عند تقييمه إلى جانب برنامج الصواريخ البالستية، كأنه عنصر ردع مهمّ؛ لأن العديد من الصواريخ المعنية يجري تطويرها لحمل رؤوس حربية نووية.
ومع ذلك، فمن المعلوم أن إيران -فيما يتعلق بأرقام الدفاع- هي الأضعف في هذا الموضع، ولن يكون من الخطأ القول: إن هذا الوضع يرجع إلى تجارب إيران السابقة، وبُعدها عن تكنولوجيا المعلومات؛ لأنها من ناحية كانت تطور قوتها العسكرية بالخبرات التي اكتسبتها في حرب وقعت قبل أكثر من ثلاثين عامًا، في حين كانت تتعرض، من ناحية أخرى، لحصار شديد فرضه عليها الغرب. وهذا الوضع، من ناحية، دفع إيران إلى تطوير قوة عسكرية ذات توجه هجومي، ومن ناحية أخرى، دفعها إلى الابتعاد عن التكنولوجيا الحديثة في مجالات المعلوماتية والاتصالات. وعندما نقارن هذه القضية بالقوة الإسرائيلية، التي تُعَدّ هدفًا مهمًّا لإيران بحجّة عسكرية، يظهر الوضع المعاكس. وعلى عكس إيران، تتمتع "إسرائيل" بموقع متطور للغاية في مجال صناعة الدفاع، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.