انقضى أكثر من سنة في متابعة الدمار الذي خلفته الإبادة الجماعية التي نفذتها "إسرائيل" في غزة والضفة الغربية ولبنان. بعد عملية "طوفان الأقصى" التي بدأت في 7 أكتوبر 2023م، قامت "إسرائيل" باحتلال غزة، مخلّفة وراءها آلامًا ودمارًا هائلينِ، فوفقًا للأرقام الرسمية المعلنة، تجاوز عدد الفلسطينيين الذين فقدوا حياتهم 40 ألفًا، في حين بلغ عدد الجرحى حوالي 100 ألف. هذه الإبادة الجماعية تسببت أيضًا في تدمير البنية التحتية والاقتصاد في غزة. ومع استمرار "إسرائيل" في شن هجماتها ومجازرها، تتزايد هذه الخسائر يومًا بعد يوم.
من جهة أخرى، فإن الاقتصاد الإسرائيلي، الذي كان يحاول التعافي بعد جائحة فيروس كورونا، يعاني بشكل متزايد تكلفة العمليات العسكرية، حيث بدأت آثار هذه التكلفة تتجلى بشكل واضح على الهيكل الاقتصادي، إذ أدت الزيادات في معدلات التضخم، والتباطؤ في قطاعات حيوية مثل السياحة والبناء- إلى تفاقم العجز في ميزانية الحكومة، وهذا أدى إلى ظهور مخاطر جديدة.
أما العمليات التي تنفذها "إسرائيل" في لبنان، فقد زادت من خطر اندلاع صراع إقليمي، ومع ذلك، فإنه في ظل فترة تتسم بقدر عالٍ من الهشاشة العالمية، يمكن القول: إن الدول الأخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تتبنى نهجًا أكثر حذرًا لتجنب توسع هذه الصراعات إقليميًّا.
في هذا التحليل، ستجري أولاً مناقشة موجزة حول الدمار الذي لحق بالاقتصاد الفلسطيني، يعقبها تقييم التكاليف الاقتصادية للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي. بعد ذلك، سيتناول البحث تأثير خطر الحرب الإقليمية من منظور الاقتصاد السياسي.