شكّل هجوم المقاومة الفلسطينية من مقاتلي كتائب القسام التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس تقطه تحول كبيرة في شكل الصراع الفلسطيني مع دولة الاحتلال، وتحول هذا الهجوم إلى بداية معركة كبيرة أطلقت عليها حماس "معركة طوفان الأقصى"، في المقابل أطلق عليها الاحتلال عملية "السيوف الحديدية". لم تقتصر العملية بالرد على المقاومة بل تحولت إلى حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني على المستويات كافة، فطالت كل نواحي الحياة الفلسطينية قتلًا وتدميرًا لكل مظاهر الحياة على وجه الأرض.
في المقابل واجهت "إسرائيل" صدمة، غير مسبوقة، طالت مؤسسات الدولة بصورة لم يُعرَف لها مثيل، وليس ثمة من وصفها بأدق من وصف المؤرخ الإسرائيلي ألان ببابيه الذي ذكر أنها تشبه الزلزال الذي ضرب مبنى قديمًا فبانت الشقوق فيه! وعليه تسعى الدراسة إلى استعراض حيوية المجتمع الإسرائيلي وتفاعله مع هذه الصدمة عبر فهم أهم مركباته الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يُطلِق عليه الإسرائيليون في أدبياتهم بـ"المرونة الاجتماعية".
تناولت الدراسة عناصر مركبات هذه المرونة أو الحصانة الاجتماعية على المستوى الشخصي، من خلال استعراض نتائج 7 أكتوبر 2023م وحالة الحرب، وما يصاحبها من حالات الاكتئاب والتوتر، وأعراض ما بعد الصدمة، والاختلال الوظيفي. وفي الإطار الأوسع على مستوى المجتمع من دراسة واقع التضامن والاستقطاب داخل المجتمع، ومظاهر الانقلاب القيمي للمجتمع نتيجة لحالة الخوف والرعب التي تسيطر على المجتمع، والتي أدت إلى تسويغ الرغبة في الانتقام. وقد أثرت الحرب في موقف الجمهور من مؤسسات الدولة كاملة؛ الحكومة ورئيسها والجيش والشرطة وقادة الجيش.
وامتدت تداعيات الحرب إلى الجوانب الاقتصادية وتأثر المواطن الإسرائيلي بالسياسات الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع تكلفة الحرب، وتضررت قطاعات إنتاجية واسعة نتيجة استدعاء جزء كبير من العاملين في هذ القطاع إلى الخدمة العسكرية، وهذا أدى إلى تراجع الاستثمارات، وبخاصة في التكنولوجيا الفائقة، وهروب رأس المال إلى خارج "إسرائيل"، والبحث عن مراكز أكثر استقرارًا.