كان سقوط الخلافة زلزالًا عنيفًا، عاشت على إثره مجتمعاتنا الإسلامية حالة اغترابٍ كبيرٍ وضياع؛ لأنه ارتبطت لديهم قوة الإسلام ببقاء الخلافة، فاجتهدت النُّخب في تأسيس جمعيات دينية وجماعات لسدِّ الفراغ الذي حصل، فواجهتها تحديات كبيرة وعقبات، أبرزها: شيوع الأحزاب العلمانية والاشتراكية فضلًا عنِ الدعوات القومية والوطنية، فغابت قيمُ الإسلام وغُيبت؛ لأنها لم تجد ناصرًا لها وحاملًا، فالجيش منذ بزوغ نواته الأولى كان يحمل مشروعًا معاديًا للإسلام صاغته الدول الغربية وطُبق بأيدٍ طائفية، فكان الإسلاميون همُ الضحيَّة على امتداد القرن الماضي.
جاءت هذه الورقة البحثية لتسلط الضوء على حقبةٍ ممتدةٍ من سقوط الخلافة إلى سقوط الأسد في بُعدِها الديني والسياسي، وحاولت، ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، أن أُقدِّم صورةً موضوعيةً مصغرةً عن تلك المرحلة ملتزمًا المنهج العلمي الوصفي المقارن؛ متجنبًا النقد مراعاةً لطبيعة الموضوع.