رؤية تركية
دورية محكّمة في
الشؤون التركية والدولية
ISSN 2458-8458
E-ISSN 2458-8466

| المقالات والدراسات < رؤية تركية

حزب الله بعد نصر الله: أولوية الحفاظ على المكتسبات في المركز اللبناني

إن اغتيال أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، وما سبق ذلك من ضربات تعرّض لها حزب الله، أخل بموازين الردع في مواجهة "إسرائيل"، إلا أن الحزب استطاع لاحقًا إعادة ترميمها نسبيًّا بصموده في المواجهات البرية، وبقدرته على استهداف العمق الإسرائيلي. تتأرجح التوقعات بخصوص مآل المشهد السياسي اللبناني بالمجمل بين اتجاهين رئيسين: الأول يتمثل في إيجاد تسوية محلية- دولية تفضي إلى رسم حدود القوى ونفوذها في لبنان والمنطقة، والثاني يقوم على تبني موقف "إسرائيل" الرافض لأي حل قبل التأكد من إضعاف حزب الله؛ في السيناريو الأول، قد يدخل لبنان في فترة استقرار تجريبي، وفي السيناريو الثاني قد يبقى لبنان في حالة من الاضطراب المستمر أو حالة اضطراب نسبي تتأرجح بين السيناريوهين. ABSTRACT The assassination of Nasrallah and the preceding strikes against Hezbollah disrupted the balance of deterrence with Israel. Yet, Hezbollah was later able to relatively restore it through its steadfastness. The expectations regarding the Lebanese political scene fluctuate between two main scenarios. The first is to find a local-international settlement that leads to drawing the boundaries and influence of the powers in Lebanon and the region. The second is based on adopting Israel's position of rejecting any solution before making sure that Hezbollah is weakened. In the first scenario, Lebanon may face a period of experimental stability, while in the second one, Lebanon may remain in a state of constant turmoil or a state of relative turmoil that oscillates between the two scenarios.

حزب الله بعد نصر الله: أولوية الحفاظ على المكتسبات في المركز اللبناني

أطلق حزب الله في الثامن من أكتوبر 2023م عمليات عسكرية محدودة على الحدود الجنوبية للبنان، تحديدًا في مزارع شبعا "المحتلة"، أي بعد يوم واحد فقط من انطلاق معركة "طوفان الأقصى". جاء هذا التدخل العسكري، من جهة متوافقًا مع التزام حزب الله بـ"وحدة الساحات"، ومن جهة أخرى لم يكن يريد تجاوز حقائق ومتطلبات الواقع اللبناني ولا ارتباطه بعمقه الإستراتيجي في طهران. أي كان يريدها حربًا تلتزم بالمعادلة التقليدية على الحدود، من دون أن تمس حاضنته الشعبية في الجنوب فضلًا عن الضاحية الجنوبية، ولا أن تتحول إلى حرب إقليمية تشمل طهران، معتمدًا مبدأ الردع، وقدرة الحزب على استهداف العمق الإسرائيلي. وقد أكد أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، بعد ثلاثة أسابيع على الحرب، أن عملية "الطوفان" كانت فلسطينية خالصة، وأن دور الجبهة اللبنانية يقتصر على التضامن مع غزة وردع "إسرائيل" عن مهاجمة لبنان.

لكن الحرب الإسرائيلية كانت تتسع لتشمل قرى على طول الحدود اللبنانية- الإسرائيلية، أُطلِق عليها قرى الحافة الأمامية، كما توسعت معها الضربات الإسرائيلية الأمنية، فكان تفجير أجهزة اتصال يستخدمها الحزب، وإصابة الآلاف منهم. وبلغت المواجهة الذروة مع استهداف "إسرائيل" لبيئة حزب الله وحاضنته حتى في العمق اللبناني، وأطلقت عملية برية "سهام الشمال" بهدف "تطهير" المواقع العسكرية والبنى التحتية التي أنشأها حزب الله بالقرب من الحدود، والقضاء على وجوده هناك، بحيث يمكّن ذلك "إسرائيل" من إعادة عشرات آلاف الإسرائيليين للعودة إلى الشمال. أفضت هذه التطورات إلى اغتيال قيادة أركان الحزب بمجملها، وأنهت جيلًا قياديًّا برمته، ووصلت ذروتها باغتيال نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول 2024، في المقر المركزي للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت.

إن اغتيال نصر الله، هذه الشخصية الاستثنائية التي قادت حزب الله أكثر من ثلاثة عقود وأعطته أبعادًا مختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي- يفتح المجال لمتغيرات وتداعيات على مستويات متعددة. تركز هذه الورقة على استعراض تأثير اغتيال السيد نصر الله في حزب الله، ودوره في السياق المحلي والإقليمي، وتداعيات ذلك على الوضع اللبناني.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...