مضى أكثر من عام على عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الأراضي المحتلة صباح 7 أكتوبر 2023، ارتكب فيه الاحتلال الإسرائيلي إحدى أعظم عمليات الإبادة الجماعية، وشهدت فيه غزة أعمق معاناة في تاريخ البشرية. ارتكبت "إسرائيل" المجازر الكبرى أمام عيون العالم أجمع، وواصلت إستراتيجيتها التوسعية العدوانية، ولم يظهر المجتمع الدولي الإرادة الكافية لإنهاء هذا العدوان، فازداد حجم الكارثة أضعافًا مضاعفة. وبحسب الأرقام الرسمية، قتل جنود الاحتلال خلال هذه الفترة أكثر من 40 ألف شخص، واتخذت الإدارة الصهيونية جميع الخطوات بشكل جذري لضم قطاع غزة.
وواصلت "إسرائيل" التي انتهكت القانون الدولي والقانون الإنساني وقواعد حقوق الإنسان مرات لا تُحصَى- أعمالها غير الإنسانية بدون مراعاة أيّ قواعد أخلاقية وقانونية، بدعم مفتوح من القوى الغربية الرئيسة بقيادة الولايات المتحدة. من خلال عرقلة كل المبادرات الدبلوماسية، وبذل أقصى الجهود لتوسيع حدود الحرب- قام بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته الصقور بجرّ المنطقة إلى دوامة عميقة من عدم الاستقرار، من خلال العدوان الذي حاول إسباغ الشرعية عليه بمرجعيات دينية. إن الإدارة الصهيونية، التي تستهدف المناطق الزراعية وحظائر الحيوانات والبنى التحتية كافة، والمباني كالمستشفيات ودُور العبادة والمدارس ومراكز الرعاية من أجل القضاء على أي علامة على الحياة في غزة- أصمّت آذانها عن كل النداءات، وأظهر الواقع بوضوح أن دولة الاحتلال الإسرائيلي أكبر تهديد لسلام البشرية ومستقبلها.
إن نضال كتائب القسام بنموذج جديد للمقاومة ضد عقود من الاحتلال والقمع أدى إلى أحد أكبر التصدعات في الشرق الأوسط الحديث. كسر هذا التطور الذي هزّ بشدة أجندة الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية- كلّ الروتين المتعلق بفلسطين ومستقبل الأراضي المحتلة، وخلق في الوقت نفسه أساسًا من شأنه أن يسمح بإقامة نظام جديد في المنطقة مع "إسرائيل"، من خلال خطوط الصدع التي أثارتها، فالعملية التي شنتها المقاومة في غزة بإرادتها ومبادرتها فتحت الباب أمام عملية ستظل آثارها الإقليمية والعالمية محسوسة سنوات طويلة، على الرغم من الدمار، والإبادة الجماعية التي لا تزال "إسرائيل" ترتكبها.