رؤية تركية
دورية محكّمة في
الشؤون التركية والدولية
ISSN 2458-8458
E-ISSN 2458-8466

| المقالات والدراسات < رؤية تركية

قراءة في عملية طوفان الأقصى في عامها الأول

أدّت عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 إلى أحد أكبر الشروخ في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، وفتحت حماس بهذه العملية وتبعاتها باب إنهاء حصانة تل أبيب في السياسة العالمية. إن التحدي الجريء الذي مثلته حركة حماس لم يجعل "إسرائيل" أمام خوف وجودي فحسب، بل هزّ بشكل خطير التوازنات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الشرق الأوسط، وأدى إلى ظهور خطوط صدع في النظام العالمي. في هذا التحليل ثمّة تأطير لتفسير طوفان الأقصى، وبيان سبب إحداثه هذا التمزق الضخم، وأهم مؤشرات الواقع الحالي واتجاهات المستقبل في الحالة المصاحبة لمشهد طوفان الأقصى، والدوافع التي ستفتح الباب أمام بناء نظام جديد. ABSTRACT The Al-Aqsa Flood Operation on October 7, 2023, led to one of the largest rifts in the history of the modern Middle East. Globally, Hamas opened the door to ending Tel Aviv's immunity in world politics. The bold challenge posed by Hamas not only made Israel face existential fear, but also seriously shook the political, social and economic balances in the Middle East and led to the emergence of fault lines in the global system. In this analysis, first, a framework was provided to explain the Al-Aqsa Flood and why it caused this huge rupture, then the reasons for the expectation that ended the political equation in the Middle East and in the global system were discussed, The most important current indicators and future trends in the situation accompanying the Al-Aqsa flood scene, as well as the incentives that will open the door to building a new system.

قراءة في عملية طوفان الأقصى في عامها الأول

مضى أكثر من عام على عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الأراضي المحتلة صباح 7 أكتوبر 2023، ارتكب فيه الاحتلال الإسرائيلي إحدى أعظم عمليات الإبادة الجماعية، وشهدت فيه غزة أعمق معاناة في تاريخ البشرية. ارتكبت "إسرائيل" المجازر الكبرى أمام عيون العالم أجمع، وواصلت إستراتيجيتها التوسعية العدوانية، ولم يظهر المجتمع الدولي الإرادة الكافية لإنهاء هذا العدوان، فازداد حجم الكارثة أضعافًا مضاعفة. وبحسب الأرقام الرسمية، قتل جنود الاحتلال خلال هذه الفترة أكثر من 40 ألف شخص، واتخذت الإدارة الصهيونية جميع الخطوات بشكل جذري لضم قطاع غزة.

وواصلت "إسرائيل" التي انتهكت القانون الدولي والقانون الإنساني وقواعد حقوق الإنسان مرات لا تُحصَى- أعمالها غير الإنسانية بدون مراعاة أيّ قواعد أخلاقية وقانونية، بدعم مفتوح من القوى الغربية الرئيسة بقيادة الولايات المتحدة. من خلال عرقلة كل المبادرات الدبلوماسية، وبذل أقصى الجهود لتوسيع حدود الحرب- قام بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته الصقور بجرّ المنطقة إلى دوامة عميقة من عدم الاستقرار، من خلال العدوان الذي حاول إسباغ الشرعية عليه بمرجعيات دينية. إن الإدارة الصهيونية، التي تستهدف المناطق الزراعية وحظائر الحيوانات والبنى التحتية كافة، والمباني كالمستشفيات ودُور العبادة والمدارس ومراكز الرعاية من أجل القضاء على أي علامة على الحياة في غزة- أصمّت آذانها عن كل النداءات، وأظهر الواقع بوضوح أن دولة الاحتلال الإسرائيلي أكبر تهديد لسلام البشرية ومستقبلها.

إن نضال كتائب القسام بنموذج جديد للمقاومة ضد عقود من الاحتلال والقمع أدى إلى أحد أكبر التصدعات في الشرق الأوسط الحديث. كسر هذا التطور الذي هزّ بشدة أجندة الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية- كلّ الروتين المتعلق بفلسطين ومستقبل الأراضي المحتلة، وخلق في الوقت نفسه أساسًا من شأنه أن يسمح بإقامة نظام جديد في المنطقة مع "إسرائيل"، من خلال خطوط الصدع التي أثارتها، فالعملية التي شنتها المقاومة في غزة بإرادتها ومبادرتها فتحت الباب أمام عملية ستظل آثارها الإقليمية والعالمية محسوسة سنوات طويلة، على الرغم من الدمار، والإبادة الجماعية التي لا تزال "إسرائيل" ترتكبها.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...