أصبحت تركيا في حقبة ما بعد الحرب الباردة، واحدة من الدول الرائدة التي تحاول تنويع أهداف سياستها الخارجية، والتواصل من خلال التعددية، وبنظرة متعددة الأبعاد. وأحد الأمثلة المهمة جدًّا على هذا التوجه كان تجاه جمهوريات آسيا الوسطى التي ظهرت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. نجحت الرؤية المتعددة الأبعاد لتركيا في نشر عناصر القوة الناعمة في هذه المنطقة؛ لزيادة نفوذها بشكل منهجي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وفي منظور تركيا المحدث بعد الحرب الباردة، لم يعد يُنظَر إلى مناطق مثل إفريقيا وآسيا على أنها "بعيدة ومثيرة للمشكلات"، بل يُنظَر إليها ضمن شراكات محتملة أقامت معها تركيا علاقاتها، ووسعت علاقاتها في المجالات السياسية والاقتصادية، وتتصرف بشكل مشترك عند الضرورة.
وبالإضافة إلى تواصلها الموسع مع إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا الوسطى، قامت تركيا بصياغة نهج جديد في السياسة الخارجية تجاه آسيا. تتابع تركيا عن كثب التطورات في مناطق آسيا والمحيط الهادئ، التي تؤدّي دورًا مهمًّا في السلام والاستقرار العالميينِ والإقليميينِ. وفي هذا الإطار، ترى تركيا أن التحديات التي تواجهها المنطقة تتطلب التعاون بدلًا من الاستقطاب، وتدعم المخططات الثنائية والصغرى والمتعددة الأطراف. علاوة على ذلك، تُولي الدولة أهمية لشفافية المبادرات الإقليمية وشموليتها وخلق أوجه التآزر فيما بينها. وتعتقد تركيا أيضًا أنه لا ينبغي إجبار دول المنطقة على الانحياز إلى أي طرف. ومن ثم، فإن تركيا تبني تعاونها مع دول المنطقة على مبادئ المنفعة المتبادلة والشراكة المتساوية، وتهدف إلى زيادة التعاون الثنائي والإقليمي في إطار المبادئ والأولويات المشتركة. وبالنظر إلى التاريخ الاستعماري لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، فمن الجدير بالذكر أن تركيا، التي ليس لديها أي ماض استعماري، تتمتع بمزايا كبيرة في تعزيز الثقة بما يتماشى مع هذه المبادئ.