رؤية تركية
دورية محكّمة في
الشؤون التركية والدولية
ISSN 2458-8458
E-ISSN 2458-8466

| المقالات والدراسات < رؤية تركية

الجماعات الدينية في اليمن بين الولاءات الوطنية والارتباطات الخارجية

ملخَّص: تُعَدّ الجماعات الدينية في اليمن ضمن الجماعات الفكرية العابرة للحدود السياسية والجغرافية، وقد شُكِّلت في ظلِّ عوامل تاريخية تختلف عن واقع الدول القُطرية الحديثة اليوم، وهي ترتبط مع مثيلاتها في العالمين العربي والإسلامي. وعليه، فهذه الجماعات الدينية تخضع لعوامل ومؤثِّرات محلِّية، وعوامل ومؤثِّرات خارجية، وهذا بدوره يجعل مِن المهم تقييم أفكارها ومواقفها مِن قضايا السيادة والاستقلال. هذه الورقة تناقش طبيعة رؤى وأفكار هذه الجماعات الدينية اليمنية للقضايا المتعلِّقة بالسيادة والاستقلال، وتحلِّل سياساتها ومواقفها تجاه هذه القضايا؛ لفهم طبيعة الأدوار التي تقوم بها. اعتمدت الورقة منهجًا وصفيًّا وتحليليًّا، مع منهج مقارن فيما بينها، في قراءة تلك الأفكار والمواقف منذ 1962م حتَّى 2024م. Abstract: Religious groups in Yemen are among the intellectual groups that transcend political and geographical borders. They were formed under historical factors different from those of the modern nation-state and are connected to their counterparts in the Arab and Islamic worlds. Accordingly, these religious groups are subject to local factors and influences, as well as external ones, which makes it important to evaluate their ideas and positions on issues of sovereignty and independence. This paper discusses the nature of the visions and ideas of these Yemeni religious groups regarding sovereignty and independence and analyzes their policies and positions toward these issues to understand the roles they play. The paper adopts a descriptive and analytical approach, along with a comparative method, in examining these ideas and positions from 1962 to 2024.

الجماعات الدينية في اليمن بين الولاءات الوطنية والارتباطات الخارجية

في حين أنَّ العقائد والأديان والأفكار تتجاوز الحدود، المكانيَّة والزمانيَّة والسياسيَّة، وتخترقها، فإنَّ الجماعات المنتسبة إليها ترتبط عادة مع أطراف خارجية تنتمي إلى العقائد أو الأديان أو الأفكار ذاتها. وقد سهَّلت طبيعة الحياة المعاصرة، بما منحته للمجتمعات مِن إمكانية للنفاذ والاتِّصال بالعالم الخارجي بشكل سهل وميسَّر، للجماعات المنتمية إلى ديانات أو عقائد أو أفكار متَّحدة للاتِّصال والارتباط المستمرِّ مع بعضها. وبين الارتباطات الداخلية والخارجية لهذه الجماعات هناك مساحة تنازع تنشأ بين المسؤوليَّات والالتزامات، وهذا يؤثِّر في تجاوبها الشعوري والسلوكي مع قضايا السيادة والاستقلال في أوطانها، خصوصًا إذا غلب عليها الانحياز للارتباطات الخارجية على حساب الارتباطات الداخلية.

وقد باتت الجماعات الدينية في اليمن ظاهرة اجتماعية حاضرة ومؤثِّرة على صعيد الساحة العامَّة والميدان السياسي؛ وبالأخصِّ منذ عام 1990م، حيث منح دستور الوحدة اليمنية القوى السياسية والفكرية والاجتماعية والدينية كافَّة حقوقًا وحرِّيات عامَّة، وهذا أتاح لها الإعلان عن كياناتها وتنظيماتها؛ كما أتاح لها الحركة والاتِّصال والانتشار والتأثير، وبناء علاقات وروابط خارجية.

وإذا كانت الجماعات الدينية، أو الجماعات الفكرية والسياسية عمومًا، ترتبط بالخارج فهذا يتطلَّب إثارة سؤال حول مدى تأثير هذا الارتباط بالخارج في ولاءاتها الوطنية، ومواقفها إزاء قضايا السيادة والاستقلال الوطني، وعن كيفية الجمع بين الالتزام بين المسؤوليات والارتباطات الداخلية والمسؤوليات والارتباطات الخارجية.

هذه الورقة تتناول مدى تأثُّر الجماعات الدينية في اليمن بارتباطاتها الخارجية، وتأثير ذلك على صعيد قراراتها ومواقفها وسياساتها في البعد الوطني، ومِن ثمَّ في قضايا الوطن والسيادة والاستقلال بشكل أو بآخر.

وهي تهدف إلى بيان المحاذير التي تقع فيها الجماعات الدينية، وتشتِّت ولاءاتها بين الداخل والخارج، وتؤثِّر بأدوارها الدينية في مستوى تماسك المجتمع المحلِّي ووحدة صفِّه. كما تهدف الورقة إلى توضيح الإشكالات التي فرضتها الدولة الوطنية الحديثة على الجماعات الدينية وأهدافها وأجنداتها الخاصَّة، ومسؤوليَّاتها المحلِّية وتلك المرتبطة بالأمَّة أو الطائفة أو المذهب أو التيَّار.

وتعتمد الورقة على المنهج الوصفي والتحليلي في عرض حالة تلك الجماعات الدينية، استنادًا إلى تاريخها الحركي وسجل مواقفها في القضايا العامَّة؛ مع إجراء قدر مِن المقارنات والمقاربات بين أدوارها الاجتماعية والسياسية في الشأن اليمني بما يظهر مدى تجاوبها للارتباطات الخارجية.

وتلتزم الورقة بالمحدِّدات التالية:

  • المحدِّد الموضوعي: تلتزم الورقة مناقشة أفكار ورؤى الجماعات الدينية في اليمن، بمختلف توجُّهاتها، تجاه الولاء الوطني والارتباطات الخارجية، ومدى تأثير ذلك في مسؤولياتها الداخلية، وبالأخصِّ في قضايا السيادة والاستقلال الوطني، باعتبار تلك الجماعات الدينية حاضرة في المشهد العام والميدان السياسي.
  • المحدِّد الزماني: تلتزم الورقة تغطية موضوعها خلال الفترة (1962- 2024م)، حيث بدأت الجماعات الدينية في اليمن بالبروز سياسيًّا واجتماعيًّا ومدنيًّا، وإن تطرَّقت للبعد التاريخي بوصفه عاملًا مفسِّرًا للمسار الذي تتحرَّك فيه.
  • المحدِّد المكاني: تلتزم الورقة تغطية موضوعها في جغرافيا الجمهورية اليمنية، التي تشكَّلت إثر قيام الوحدة بين شطري البلاد في 22 مايو 1990م.

ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...