يُعَدّ سقوط نظام بشار الأسد بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 لحظة مفصلية في تاريخ سورية الحديث، بوصفه نهاية عقود من الحكم الأمني والسلطوي، وبوصفه بداية مرحلة شديدة التعقيد، تتقاطع فيها رواسب الماضي مع تحديات الحاضر، وتتشابك فيها المسارات السياسية مع المخاطر الأمنية والاجتماعية، حيث كشف الواقع على الأرض عن مشهد يتسم بالهشاشة، تتنازعه فواعل داخلية وخارجية متعددة المصالح، لها موقف يتسم بالمراوحة بين الرفض وعدم التوافق مع السلطات السورية الجديدة.
تواجه سورية في مرحلة ما بعد الأسد مشكلات بنيوية، تتراوح بين إعادة تشكيل المؤسسات، وتحقيق العدالة الانتقالية، وبناء جيش وطني موحد، وضمان وحدة القرار السيادي، فضلًا عن تحديات الأمن، والتطرف، والانقسام المجتمعي، حيث أنتج انهيار النظام فراغًا أمنيًّا، وسياسيًّا -سرعان ما جرى ملؤه بخطوات فعليّة متتالية- وقد استغلّ تنظيم داعش المساحة الممكنة أمنيًّا للتحرك في إعادة تموضعه، وسمح هذا الفراغ لفلول النظام السابق بإعادة بناء شبكاتهم، كما أعاد إحياء طموحات محلية انفصالية لدى بعض الجهات، كبعض المرجعيات الدينية لدى الطائفة الدرزية ومكونات قسد، إلى جانب ذلك، فإن بقاء العقوبات الدولية، وتنامي التدخلات الإسرائيلية، وضعا السلطات الجديدة أمام ضغط داخلي وخارجي يستدعي التحرك باستمرار؛ لاحتوائه وتجاوزه.