شكّلت الولايات المتحدة لاعبًا محوريًّا في سياسة المناخ العالمية منذ مدّة طويلة؛ نظرًا لإسهاماتها التاريخية الكبيرة في انبعاثات الغازات الدفيئة، وتأثيرها الواسع في صياغة الاتفاقيات البيئية الدولية، إلا أن إعادة انتخاب دونالد ترامب في نوفمبر 2024 وتنصيبه في يناير 2025 شكّلت نقطة تحوّل بارزة في مقاربة البلاد لقضايا تغيّر المناخ والاستدامة. فمنذ توليه المنصب ولاية ثانية، سارع الرئيس ترامب إلى تفكيك العديد من السياسات المناخية التي أرساها أسلافه، ولاسيّما تلك التي جاءت ضمن "قانون خفض التضخم عام 2022" في ظل إدارة بايدن، الذي مثّل دفعة استثنائية في جهود مكافحة تغيّر المناخ. وفي المقابل، روّج ترامب لأجندة تركّز على إنتاج الوقود الأحفوري وتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة.
تتناول هذه الدراسة التغيّرات الفورية التي طرأت على سياسات الولايات المتحدة في مجالات المناخ والطاقة والتجارة والاستدامة خلال الولاية الثانية لترامب، كما تتنبأ بمسار هذه السياسات على امتداد فترة رئاسته، وتقيّم انعكاساتها الواسعة على الجهود العالمية لمكافحة تغيّر المناخ وتعزيز الاستدامة. إذ تُعيد هذه التحولات رسم المشهد البيئي الداخلي في الولايات المتحدة، وتفرض تحديات كبيرة أمام التعاون الدولي والسعي الجماعي للتصدي لأزمة المناخ. علاوة على ذلك، قد تُفضي هذه التحولات إلى توتير العلاقات الدولية، في ظل تزايد نظرة بعض الدول إلى الولايات المتحدة بوصفها شريكًا أقل موثوقية في الجهد العالمي المشترك، وربما يدفع ذلك البعض إلى التراجع عن التزاماتهم المناخية تبعًا لذلك.