رؤية تركية
دورية محكّمة في
الشؤون التركية والدولية
ISSN 2458-8458
E-ISSN 2458-8466

| المقالات والدراسات < رؤية تركية

معايير صنع القرار في السياسة الخارجية الأمريكية في ظل رئاسة ترامب الأولى

ملخّص: تحلّل هذه الدراسة عملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترامب مع التركيز على الشرق الأوسط خلال فترة ولايته الأولى، وتسلط الضوء على التفاعل بين مختلف أشكال صنع القرار العقلاني، وعلى أسلوبه في صنع القرار، وتخلص إلى أنه رغم رغبة ترامب في فرض أجندته، إلا أن القيود المؤسسية والانقسامات الداخلية تحدّ من استقلاليته في صنع السياسات؛ لذلك كانت قرارات إدارته فوضوية في الغالب، وذلك بفضل الأيديولوجيات القومية والمناهضة لليبرالية، وتأثير الشخصيات الرئيسة الأخرى. وبشكل عام، يُظهر البحث أن افتراض وجود منطق ثابت ورسمي في عمليات صنع القرار في عهد ترامب أمر مضلل، بل إن فهم السياسة الخارجية الأمريكية يستلزم تحديد تأثير النخب غير التقليدية، والديناميات السياسية الداخلية، فضلًا عن العقلانيات المتنافسة. ABSTRACT: This paper analyzes U.S. foreign policy-making under President Trump with a particular emphasis on the Middle East during his first term. It highlights the complex interplay between various forms of rational decision-making (formal, political, economic, and subjective) on his decision-making style. It finds that despite Trump’s desire to impose his own agenda, institutional constraints and internal divisions limit his autonomy in policy-making. His administration’s decisions have therefore often been chaotic, thanks to nationalist, anti-liberal ideologies and influence of other key figures. Overall, the article shows that assuming a consistent and formal logic in decision-making processes during the Trump era is misleading. Rather, understanding U.S. foreign policy necessitates identifying the influence of non-traditional elites, internal political dynamics as well as competing rationalities.

معايير صنع القرار في السياسة الخارجية الأمريكية في ظل رئاسة ترامب الأولى

كثيرًا ما أكدت دراسات السياسة الخارجية الأمريكية مركزية القيادة الرئاسية في تشكيل شكل الانخراط في القضايا الدولية؛ بيد أن رئاسة ترامب خلخلت النماذج الراسخة، متحديةً الافتراضات التقليدية حول التماسك المؤسسي، ونماذج الفاعل العقلاني، واستمرارية المعايير الإستراتيجية، وفي سياق الشرق الأوسط على وجه الخصوص، انحرفت مقاربة إدارة ترامب بشكل ملحوظ عن السوابق التاريخية، وكشفت الطبيعة المجزأة لعملية صنع القرار في ظل ظروف الاستقطاب الأيديولوجي، والتآكل البيروقراطي، والقيادة الشخصية. تدرس هذه الورقة البحثية معايير صنع السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة ولاية الرئيس دونالد ج. ترامب الأولى، مع التركيز بشكل خاص على التفاعل بين الأشكال المتعددة للعقلانية -الرسمية والسياسية والاقتصادية والذاتية- التي شكلت السلوكيات والنتائج السياسية الرئيسة في الشرق الأوسط.

وخلافًا للإدارات القائمة على تقاليد الأممية الليبرالية أو المحافظين الجدد، كانت سياسة ترامب الخارجية مدفوعة بائتلاف غير منظم من الجهات الفاعلة القومية والمناهضة للعولمة والإنجيلية التي أنتج عدمُ ثقتها المشتركة بالنظام الليبرالي تطرفًا خطابيًّا وتناقضًا إستراتيجيًّا على حدّ سواء. وفي حين احتفظت الرئاسة بالسلطة الرسمية، فإن قيادة ترامب غير المنتظمة، والارتجال الإستراتيجي، والاعتماد على دائرة داخلية متوائمة أيديولوجيًّا ولكن مجزأة في الوقت نفسه- كل ذلك عقّد إلى حدّ كبير ممارسة صنع سياسة خارجية متماسكة.

ولمعالجة هذه التعقيدات، تتبنى هذه الدراسة إطار ماكس فيبر للعقلانية الذي يسمح بإجراء تحليل نمطي يتجاوز حدود المنطق الشكلي الأداتي. يوفر تمييز ماكس فيبر بين العقلانية الرسمية والموضوعية (الذاتية) والاقتصادية والسياسية- عدسة أكثر دقة لفهم قرارات السياسة الخارجية التي تبدو متناقضة عند الحكم عليها بالمعايير التقليدية. ووفقًا لهذا المنظور، لا يمكن تفسير أفعال ترامب -مثل الانسحاب المفاجئ من سوريا، والانفتاح على القادة السلطويين، وتهميش الخبرة المؤسسية- على أنها غير عقلانية في حد ذاتها، بل تُفسَّر بوصفها تعبيرًا عن عقلانيات بديلة تشكلها الحوافز السياسية المحلية والالتزامات الأيديولوجية والمنطق العاطفي. يجادل هذا البحث بأن الموقف السياسي لإدارة ترامب في الشرق الأوسط لا يمكن فهمه بشكل كامل من دون الأخذ في الحسبان العقلانيات المعقدة والمتضاربة في كثير من الأحيان التي حركت قراراتها. كما يسلط البحث الضوء على الظروف الهيكلية والأيديولوجية الأوسع نطاقًا –ومن ذلك تراجع المؤسسية البيروقراطية، وصعود الحكم الشعبوي، وتآكل سلطة الخبراء- التي مكنت هذا التفكك الإستراتيجي وهي تتحدى مدى كفاية تفسيرات الاختيار العقلاني والتفسيرات الواقعية من خلال تأكيد الحاجة إلى تحليلات تتمحور حول الجهات الفاعلة والأيديولوجية والمؤسسية التي تعكس بشكل أفضل الحقائق التجريبية لصنع السياسة الخارجية الأميركية المعاصرة.

 


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...