تتمتع تركيا، من حيث موقعها الجغرافي، بسكان شباب مقارنة بالعديد من دول المنطقة. قد يبدو هذا الأمر في البداية ميزة كبيرة، ولكن عند النظر إلى السياسات التي يجب تطويرها لتلبية احتياجات الشباب في أكثر مراحل حياتهم نشاطًا، يتضح أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المجتمع، ولاسيّما صانعي القرار.
الشعور بهذه المسؤولية وصل إلى درجة أن المؤسسات الحكومية المعنية تحاول وضع سياسات وفقًا لعدد السكان الشباب الذين يعيشون داخل حدود البلاد وخصائصهم الديموغرافية. ولكن قبل صياغة السياسات وتحويلها إلى أفعال، يجب تصنيف مراحل الحياة المحددة. وفي هذا الصدد، يُشار إلى مراحل الطفولة والشباب والشيخوخة باعتبارها المراحل الأكثر عمومية في حياة الإنسان.
وفي ظل هذه الظروف، تكتسب طبيعة السياسات الاجتماعية الموجهة إلى الشباب في تركيا أهمية كبيرة؛ لذا كان وضع السياسات الاجتماعية الموجهة إلى الشباب على مدى أكثر من عشرين عامًا موضوعًا أساسيًّا في هذه الدراسة.
يجب أولًا تحديد الفئة العمرية التي تندرج تحت مرحلة الشباب، ثم من المناسب تناول وضع السكان الشباب وأمثالهم في تركيا. تحدد العديد من المؤشرات والتصنيفات العمرية التي تعتمدها المنظمات الوطنية والدولية مراحل الحياة هذه. تُعَدّ الطفولة هي الفترة العمرية من 1 إلى 18 عامًا. أما مرحلة الشباب، التي تُعرف بأنها مرحلة انتقالية بين الطفولة والبلوغ، فتشمل بشكل عام الفترة العمرية من 15 إلى 29 عامًا. أما مرحلة الشيخوخة، فهي تُعَدّ بشكل عام هي الفترة التي تبدأ من سن 65 عامًا.
على الرغم من أن مراحل الحياة محددة بالأعمار، إلا أنه لا يمكن الحديث عن التكافؤ بين الشباب في العمر نفسه عند أخذ العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها في الحسبان. إلى جانب الفروق الرسمية، تختلف التصورات المتعلقة بالشباب من بلد إلى آخر، بل ومن منطقة إلى أخرى داخل البلد نفسه. ومن هذا المنطلق، لا تكفي الحدود العمرية لتصنيف الشباب على أنهم فئة متجانسة.
في الواقع، يمكن للشباب ذوي الخصائص والظروف المختلفة جدّا أن يعيشوا معًا في نفس المدينة والبلد والعالم. وفي هذا الصدد، هناك الشباب في مرحلة التعليم (الشباب الطلاب)، والشباب خارج التعليم النظامي (الشباب غير الملتحقين بالمدارس)، والشباب العاملون، والشباب في المناطق الريفية، والشباب العاطلون عن العمل، والشباب غير الملتحقين بالتعليم أو العمل "NEET"، والشباب الذين يؤدون الخدمة العسكرية، والشباب الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة، والشباب في المدن الكبرى، والشباب من الثقافات الفرعية، والشباب الرقمي، والشباب على وسائل التواصل الاجتماعي، والشباب ذوو الإعاقة، والشباب المجرمون، والمحكوم عليهم، والمعتقلون (الشباب الذين انجرفوا إلى الجريمة)، والشباب المغتربون في الخارج، والشباب العائدون من الخارج. ومع ذلك، قد يتمتع الشباب المنتمون إلى فئة عمرية معينة ببعض الحقوق والمزايا بحسب البلد الذي يعيشون فيه.