رؤية تركية
دورية محكّمة في
الشؤون التركية والدولية
ISSN 2458-8458
E-ISSN 2458-8466

| المقالات والدراسات < رؤية تركية

الطلاب الدوليون في دبلوماسية التعليم التركية: الطلاب السوريون نموذجًا

ملخّص: الطلاب الدوليون هم إحدى الركائز الأساسية للدبلوماسية التعليمية. تبحث هذه الدراسة في البعد الدولي للطلاب في الدبلوماسية التعليمية التركية من خلال مثال الطلاب السوريين. يوجد في تركيا 60,750 طالبًا سوريًّا على مستوى الجامعات، و12,537 خريجًا بين عامي 2013 و2023؛ وهذا يعني أن تركيا تؤدّي أدوارًا مهمة في التعاون الإستراتيجي طويل الأمد مع سوريا، ولاسيما في المجالات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والأكاديمية والاجتماعية والثقافية. وفي هذا السياق، فإن الإستراتيجية التعليمية التي تنفذها تركيا تجاه الطلاب السوريين على وجه الخصوص تعزز ريادتها الإقليمية، وتقدّم نموذجًا مثاليًّا لمفهوم الطلاب الدوليين. Abstract: International students are one of the cornerstones of education diplomacy. This study examines the international dimension of students in Turkish education diplomacy through the case of Syrian students. There are 60,750 Syrian students at the university level and 12,537 graduates between 2013 and 2023 in Turkey. This means that Turkey plays important roles in long-term strategic cooperation with Syria, particularly in the economic, political, diplomatic, academic, social, and cultural fields. In this context, Turkey's educational strategy towards Syrian students in particular reinforces its regional leadership and provides an ideal model for the concept of international students.

الطلاب الدوليون في دبلوماسية التعليم التركية: الطلاب السوريون نموذجًا

تعني ”الدبلوماسية التعليمية“ باختصار، استخدام الدول للتعليم بوصفه ”قوة ناعمة“؛ لتطوير علاقاتها مع الدول الأخرى، وتكوين مجال نفوذ لها. ويؤدّي ”الطلاب الدوليون“ دورًا مهمًّا في هذا الصدد. ويمكن عدّ الطلاب الدوليين فئة فرعية من مفهوم الهجرة/اللجوء؛ لأن الهجرة تعني الانتقال المادي، المؤقت أو الدائم، من مكان إلى آخر. وينطبق هذا التعريف على أولئك الذين يغيّرون بلدهم لأغراض التعليم، ومن هنا يمكن التعامل مع الطلاب الدوليين في إطار الهجرة.

يمكن تصنيف الهجرة إلى فئتين أساسيتين، هما: ”الهجرة النوعية“ و”الهجرة القانونية“. ويمكن تقسيم الهجرة النوعية إلى ثلاث فئات، هي: ”الهجرة الدينية“ و”الهجرة الاقتصادية“ و”الهجرة التعليمية“. وتُسمّى الهجرة الدينية، بوصفها مصطلحًا دينيًّا، أيضًا ’الهجرة‘، ويُطلَق على مَن يقومون بها لقب: ”مهاجرون“. ولكن بما أن الهجرة لا تحصل دائمًا لأسباب دينية، فإن الهجرة والمهاجرة لا تتطابقان دائمًا. أما الهجرة لأسباب اقتصادية فتُعرَف بـ”الهجرة العمالية“ أو ”هجرة اليد العاملة“، وأمّا الهجرة لأسباب تعليمية فتُعرَف بـ”هجرة الأدمغة“، ويُصنَّف الطلاب الدوليون ضمن هذا النوع من الهجرة. من ناحية أخرى، قد لا تكون الدراسة هي السبب الوحيد لهجرة الشخص. على سبيل المثال، يمكن لشخص هاجر لأسباب دينية أو اقتصادية أن يصبح طالبًا دوليًّا من خلال تلقي التعليم في البلد الذي هاجر إليه.

من الناحية القانونية، تنقسم حركات الهجرة إلى ”قانونية“ و”غير قانونية“. تشمل الهجرة القانونية أوضاعًا، مثل اللاجئ والطالب؛ للجوء والحماية المؤقتة. في تركيا، وبسبب التحفظ الجغرافي في اتفاقية جنيف عام 1951، يُعَدّ الأشخاص القادمون من أوروبا فقط ”لاجئين“، بينما يتمتع الآخرون بحماية بموجب أوضاع مثل ”الحماية المؤقتة“. لكل من هذه الأوضاع حقوق وقيود معينة. والنقطة التي يجب الانتباه إليها هنا هي أنه يمكن تطبيق الحماية المؤقتة على أولئك الذين لا يستفيدون من وضع اللجوء أو اللاجئ، وأن الحماية ممكنة لـ”فترة مؤقتة“ كما يوحي اسمها. ولهذا السبب، فإن وضع الحماية المؤقتة هو إجراء استثنائي.

تشمل الهجرة غير القانونية أو غير النظامية حالات الدخول غير الشرعي إلى البلد، أو الدخول بوثائق مزورة، أو تجاوز مدة الإقامة بعد الدخول القانوني. وفي هذا السياق، ترتبط الجرائم الخطيرة، مثل تهريب البشر، والاتجار بالبشر- بالهجرة غير النظامية، وتحدث عادة في ظروف صعبة.

من منظور الجودة، وبمنطق مشابه لتصنيف الهجرة، يمكن أن يكون بعض المهاجرين لأسباب دينية واقتصادية، إلى جانب المهاجرين لأسباب تعليمية فقط، طلابًا دوليين. يمكن للمهاجرين لأسباب تعليمية أن يصبحوا طلابًا دوليين من خلال ”تصريح إقامة الطالب“. يمكن أيضًا لمن يُعدّون مهاجرين بموجب ”وضع الحماية المؤقتة“ (مثل السوريين في تركيا) الذين يرغبون في الدراسة في الجامعات أن يصبحوا طلابًا دوليين من خلال ”تصريح إقامة الطالب“. بمعنى آخر، يمكن للمهاجرين الاستفادة من حق التعليم حتى لو كانوا يخضعون لوضع قانوني مختلف. بينما يصبح الأشخاص الذين يأتون لأغراض التعليم طلابًا دوليين مباشرةً من خلال ”تصريح إقامة الطالب“، ويمكن للأشخاص الخاضعين للحماية المؤقتة أيضًا الحصول على تعليم جامعي.

في مثل هذه الحالة، الطالب الدولي، وفقًا لليونسكو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، هو الشخص الذي يذهب من بلده إلى بلد آخر لأغراض التعليم، ويسجّل في مؤسسة تعليمية هناك. يحصل هؤلاء الأشخاص على التعليم بتأشيرة قانونية أو تصاريح خاصة، ويحملون هوية المهاجر والطالب في آن واحد. ومن ثَمّ، فإن الطلاب الدوليين هم فرع من مفهوم الهجرة من الناحيتين النوعية والقانونية، وهم أحد أهم ركائز الدبلوماسية التعليمية.

في هذه الحالة، يصبح السؤال المهم هو: ما الإسهامات التي يقدمها الطلاب الدوليون للبلد المضيف؟ يجب دراسة إسهامات الطلاب الدوليين في اقتصاد البلد، وإسهامهم في الدبلوماسية العامة من خلال قيامهم بدور ”الجسر“ بعد تخرجهم، وإسهامهم في الأعمال الأكاديمية، وتدويل الجامعات، والتنوع الثقافي، والتفاعل العلمي، وإسهامهم في التفاعل الثقافي، والتنوع الثقافي.

وهذا هو بالضبط ما تهدف إليه هذه الدراسة فيما يتعلق بـ”الطلاب السوريين“. ولتحقيق ذلك، جرى الاعتماد بشكل كبير على منهج البيانات الإحصائية. وقد جرى استخدام بيانات مجلس التعليم العالي التركي (YÖK) بكثافة في هذا القسم. ولكن نظرًا لعدم توفر بيانات جاهزة عن انعكاسات إسهامات الطلاب الدوليين على تركيا بشكل مباشر، فقد جرى تجميعها من خلال البيانات الميدانية، والمعلومات المستقاة من مصادر مختلفة.

وبناءً على ذلك، سيجري أولًا عرض أعداد الطلاب الدوليين في العالم وتركيا، ثم سيجري رسم إطار عام لتوزيع الطلاب الدوليين في تركيا، وأخيرًا ستجري دراسة إسهامات الطلاب الدوليين في البلدان المضيفة من منظور عالمي إلى منظور خاص بتركيا، وسيجري تحليل مكانة وأهمية الطلاب السوريين و إسهاماتهم في مجال الدبلوماسية التعليمية.

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...