رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

العلاقات التركية الليبية: مجالات الأزمة وإمكانات التعاون

تتناول هذه المقالة تقييمًا لمجالات الأزمات التي تواجه العلاقات التركية الليبية بعيد ثورة شباط، والسياسات المتعلقة بإدارة الأزمات، وإمكانات التعاون المحتملة في إدارة الأزمات.

العلاقات التركية الليبية:  مجالات الأزمة وإمكانات التعاون

ملخص تتناول هذه المقالة تقييمًا لمجالات الأزمات التي تواجه العلاقات التركية الليبية بعيد ثورة شباط، والسياسات المتعلقة بإدارة الأزمات، وإمكانات التعاون المحتملة في إدارة الأزمات. وتتناول المقالة كذلك الأزمة السياسية التي اندلعت في أعقاب ثورة شباط ومزاعم التنافس على الشرعية، وتداخل مجموعات المصالح مع اللاعبين المسلحين وتدخلها في السياسة، وسياسات اللاعبين الإقليميين والدوليين، والانقسامات في مؤسسات الدولة ومجالات الأزمات القائمة على مشكلة الحوار، وانعكاس ذلك كله على العلاقات بين البلدين. كما تتطرق إلى إمكانات التعاون المحتمل بين البلدين في المجالات المتعلقة بعمليات بناء الدولة، وإعادة هيكلة القطاع الأمني، وخدمات البنيتين التحتية والفوقية وانتعاش السوق الحرة إثر حل هذه الأزمات. وقد استندت هذه المقالة عند كتابتها على اللقاءات الّتي أجريت مع أطراف الحوار بشكلٍ مباشر، وحيثيات التطورات والمستجدات التي تسربت إلى الإعلام، والتحليلات المتعلقة بالموضوع.

المدخل:

أكّدت الاجتماعات التي عُقِدت بين المسؤولين الأتراك والليبيين ولاتزال تؤكد الأواصر التاريخية التي تجمع بين البلدين، سواء قبل الثورة أم بعدها. ويمكن القول إن هذا التأكيد كان صائبًا جدًّا إذا ما أخذنا بالحسبان أن العلاقات التركية الليبية بدأت سنة 1552 بناءً على طلب العون الذي تقدّم به الليبيون إلى تركيا. وتتضح مدى عمق العلاقات بين البلدين إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن رئيس وزراء حكومة المنطقة الشرقية التي تشكلت في أعقاب الاحتلال الإيطالي، ووزير الخارجية، ورئيس هيئة الأركان العامّة قد وصلوا إلى ليبيا قادمين من تركيا[1].

في عهد الرئيس المخلوع معمر القذّافي الذي حكم ليبيا بين عامي 1969-2011، سارت العلاقات التركية الليبية على صعيد العلاقات الاقتصادية بمعدل كبير، ولكن المواقف الذي تبنّتها تركيا في ليبيا سواء قبل الثورة أم بعدها أشارت إلى تودّدها من الشعب الليبي. وقد أولت تركيا بالدرجة الأولى أهميةً بالخطة التي تطيح بنظام القذّافي وتنهي الصراعات وتجري الإصلاحات، آخذةً بعين الاعتبار صعوبة رحيل القذّافي ومغادرته ليبيا في المراحل الأولى من انطلاقة الثورة الليبية، وصعوبة محو آثار النظام القائم حاليًّا بشكلٍ كامل، والنتائج السلبية التي ستتمخّض عن ذلك. ولكن عندما أخذت الأحداث في ليبيا تدخل طورًا جديدًا بالتزامن مع بدء التدخّل العسكري بموجب القرار رقم 1970 الصادر عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة والهجوم الذي شنّته إدارة القذّافي بكلّ ما أوتيت من قوّة، ثبَّتتْ تركيا بعيد هذه المرحلة سياستها حول عدم تحول التدخّل العسكري إلى احتلال، وحماية المدنيين، والبقاء عند قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة رقم 1973. بتعبير آخر، عندما أيقنت تركيا أن الحل مع نظام القذّافي محالٌ اعتبارًا من شهر حزيران سنة 2011، ألغت جميع الخيارات التي تتضمن القذافي ووضعتها على الرف، واعترفت بالمجلس الانتقالي الوطني ممثّلًا شرعيًّا لليبيا.

حدّدت تركيا الخطوط الأساسية في سياستها التي تتبعها في ليبيا من خلال تأكيد وحدة الأراضي الليبية وضرورة التغيير السياسي في إطار مطالب الشعب المُحِقّة[2]. ففي 16 أيلول 2011 عقب الثورة الليبية زار  رئيس وزراء تركيا آنذاك رجب طيب أردوغان طرابلس وبنغازي في ليبيا برفقة وفدٍ يضم العديد من الوزراء والبيروقراطيين، وأجرى لقاءات مع قادة المجلس الانتقالي الوطني وعلى رأسهم مصطفى عبد الجليل ومحمود جبريل، فكانت هذه اللقاءات مؤشرًا على دعم تركيا للثورة الليبية واهتمامها البالغ بها. وغدا عاما 2012 و2013 عقب الثورة فترةً تصاعدت فيها التوقعات والآمال السياسية في ليبيا، وحظي المؤتمر الوطني العام الذي جاء على رأس عمله إثر الانتخابات التي أجريت عام 2012 بالقبول لدى شرائح المجتمع كافّة. وكان التوجّه العام للجمهورية التركية في هذه الحقبة يتمثّل في دعم ليبيا في عملية إعادة الهيكلة، والاستجابة للطلبات الواردة منها. ولكن السياسة الليبية دخلت فترةً مختلفةً، استُعمِل فيها العنف وسيلةً للحكم جراء محاولة الانقلاب التي قام بها حفتر في شهرَي شباط وآذار سنة 2014، وأدى ذلك إلى خلق أجواء أزماتيةٍ أدارت خلالها القوى المسلحة الخاضعة لإدارة حفتر شرقَ ليبيا، وأصبحت الجماعات المسلحة المستقلة في غرب ليبيا وجنوبها عاملًا محدِّدًا في القطاع الأمني، وانتشرت مزاعم شرعية البرلمانات والحكومات الثلاث المختلفة. وسط هذه الأجواء تجنّبت تركيا أن تكون طرفًا في الصراعات رغم كل التهم الموجّهة إليها، وناشدت بضرورة تفعيل العملية السياسية من خلال إنهاء الصراعات الداخلية على أساس التوافق الوطني. ولكن الأزمات التي حصلت في المجال السياسي والاقتصادي والأمني جراء التطورات التي جرت عقب الثورة؛ أدت بموجب طبيعتها إلى أزمةٍ تستوجب إدارةً بين البلدين.

الأزمات التي تقف عائقًا أمام العلاقات التركية الليبية:

الأزمة السياسية والتنافس على الشرعية

تزعم الأجهزة التشريعية والتنفيذية المختلفة القائمة حاليًّا في ليبيا الشرعيةَ من خلال تقديم تفسيرات مختلفة للثغرات القانونية التي ظهرت في لحظة الانعطاف السياسي الذي شهدته ليبيا بُعَيد الثورة. فأعلن المؤتمر الوطني العام الذي جاء على رأس عمله إثر انتخابات 2012 أن مجلس النواب فاقد للشرعية، بدعوى أن الانتخابات التي جرت في تموز 2014 انتخابات غير شرعية، كما وافق على عدم نفاذية الاتفاق السياسي الليبي، معلنًا المجلس الرئاسي مجلسًا فاقدًا للشرعية. ولكن المجلس الوطني العام وحكومة الاستقلال الوطني التابعة له فقدا تأثيرهما إلى حد كبير في طرابلس؛ نتيجة تمكين المجلس الرئاسي الذي يحظى بدعم دولي في طرابلس منذ أواسط عام 2015 (عند كتابة هذه المقالة). إلى جانب ذلك يوجد في طرابلس مجلس الدولة العالي الذي أسسه النوّاب المنشقون عن المؤتمر الوطني العام استنادًا إلى الاتفاق السياسي الليبي[3]. وقد تحوّل مجلس الدولة العالي الذي يُنظَر إليه باعتباره مؤسسة شرعية في إطار الاتفاق السياسي الليبي- إلى لاعبٍ محدِّدٍ نتيجة الاعتراف الدولي الذي حظي به الاتفاق السياسي الليبي. ومجلس النواب من جهته يزعم أنه السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد بعد الانتخابات التي أجريت في تمّوز 2014، ولا يعترف بشرعية المجلس الرئاسي ويرفض المصادقة على الاتفاق السياسي الليبي.

وثمّة نقطة أخرى مهمّة تجب مراعاتها لفهم عمق الأزمة، وهي حقيقة مفادها أن قسمًا كبيرًا من المزاعم المذكورة ترددت على ألسنة مديري هذه المجالس وكوادر محدودة حولهم، والمعنى أن أعداد المنخرطين في هذه النقاشات داخل المجلس الوطني العام ومجلس النواب ومجلس الدولة العالي تتراوح بين 20-50 شخصًا، وأن قسمًا كبيرًا من أعضاء هذه المجالس غير معنيين في الحوار والخطاب، أو أنّهم يحبّذون البقاء صامتين. ومن المؤكّد أن النقاشات التي جرت داخل هذه المجالس وفيما بينها قد تأصّلت وتجذّرت بين صفوف قطاع الأمن والبيروقراطية والجماعات والمؤسسات الدينية وممثلّين مشابهين. فكما أن هذه النقاشات أظهرت المفارقات الموجودة بين اللاعبين كافة في ليبيا، كذلك تشير إلى أنّ من حافظوا على صمتهم وتم الحفاظ عليهم خارج الحوار أو فضّلوا البقاء خارج الحوار شريحةٌ كبيرةٌ من الفاعلين. وتمارس الحكومة المؤقتة المخوّلة من قبل مجلس النواب في مدينة البيضاء ورئيس وزرائها عبد الله الثني، وحكومة الوفاق الوطني المخولة من قبل الأمم المتحدة ورئيس وزرائها فايز السراج؛ فعالياتهما كلٌّ داخل مجال نفوذها الخاص بها بدعوى أنها صاحبة الصلاحية. وهكذا أصيبت مؤسسات الدولة بالشلل كما سيأتي بيانه، من خلال بقائها منحصرة بين اللاعبين الذين يتنافسون على الشرعية.

وهذه الأزمة السياسية ومزاعم الشرعية التي يطلقها كل ممثل تقيّد حركة تركيا في ليبيا. ومن هنا تصب أنقرة جل مساعيها في حلّ هذه الأزمة السياسية، وتدعم مبادرة الأمم المتحدة للمجلس الرئاسي الذي أُسِّس من أجل وضع حدّ نهائي للبنية المتفتّتة في البلاد من خلال احتواء جميع الأطراف في ليبيا[4]. بيد أن الدعم الإقليمي والدولي الموجّه إلى المجلس الرئاسي لم يبلغ حتى الآن المستوى الذي يتمكن من خلاله تخطّي مشكلاته. وإلى جانب هذا يتحوّل المجلس الرئاسي مع تقدم الأيام ليصبح أحد جوانب المعضلة في ليبيا، ويشطح بعيدًا عن هدفه المتمثل في تنفيذ المهمّة الموكلة إليه[5]. وإعلان رئيس المجلس الرئاسي سراج (وقف إطلاق النار) بعد لقائه مع خليفة حفتر في باريس يشير إلى أنه طرفٌ في المشكلات التي تحصل في ليبيا، الأمر الذي جعل من المهمّة الملقاة على عاتقه مثيرة لمزيد من الجدل. وهناك عائق آخر يحول دون أداء المجلس الرئاسي دوره في القيام بالمهام الملقاة على عاتقه ألا وهو امتناع إدارة مجلس النواب الخاضع لتأثير حفتر عن المصادقة على المجلس الرئاسي، وردوده السلبية على الجهود المقنعة التي يبذلها المبعوث الأممي إلى ليبيا[6]. في هذه النقطة لا تتخذ القوى العالمية موقفًا واضحًا تجاه هذه السياسات التي يتبعها مجلس النواب؛ وهذا يجعل واقعية خطاب الاعتراف الدولي بالمجلس الرئاسي أمرًا خلافيًّا مفتوحًا على الجدل.

ويتحول إخفاق المجلس الرئاسي إلى ذريعة بيد سائر الفاعلين المحليين، ويمنح خطاباتهم ومزاعمهم بالشرعية المنافسة نصيبًا من الحق. وبذلك يصبح اللاعبون من غير أعضاء المجلس الرئاسي مرشحين للاعتراف بهم إقليميًّا ودوليًّا، وتنال تركيا أيضًا نصيبها من المطالب التي تصب في هذا المنحى. وبذلك نجد أن دول المنطقة من أمثال مصر والإمارات العربية المتحدة والأردن إلى جانب اللاعبين الدوليين أمثال روسيا؛ تقدم دعمًا فعليًّا للاعبين الفاعلين من خارج المجلس الرئاسي، وتعمل على قلب عراك الشرعية هذه لمصلحتها[7]. بالمقابل تدعم تركيا المجلس الرئاسي، وتقف في نفس الصف الذي يقف فيه وفد الأمم المتحدة إلى ليبيا، وبذلك يتحول ضعف سلطة المجلس الرئاسي الواهية والمثيرة للجدل داخل البلاد إلى سلبيةٍ من حيث المصالح التركية. وهذا يعني أن الحل السياسي الذي تركّز عليه تركيا ظلّ عقيمًا بسبب عجز المجلس الرئاسي عن حلّ مشكلات السياسة المتمزقة في ليبيا، وازدياد سلطة اللاعبين المحليين خارج المجلس الرئاسي بالدعم الإقليمي الذين يتلقونه، ويتحوّل عدم تمكين المجلس الرئاسي واللاعبين الآخرين الذين تدعمهم تركيا ليكونوا فاعلين في حلّ المشكلة السياسية إلى عقبة أمام المصالح التركية في الساحة.

الفاعلون المسلحون خارج السيطرة/ المسيطرون:

إن أحد جوانب الأزمة السياسية في ليبيا هو أزمة القطاع الأمني، أو إن أحد جوانب أزمة القطاع الأمني الأزمةُ السياسية. وفي قلب أزمة القطاع الأمني يوجد خليفة حفتر الذي أسس حكمًا عسكريًّا في شرق ليبيا ماضيًا بذلك على هدي الحكم العسكري الموجود في مصر. وفي الحقيقة، أعلن خليفة حفتر نفسه في آذار 2011 قائدًا لجيوش الثورة فور عودته من الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يكد عمر الثورة المنطلقة في شهر شباط يتم شهره الأول بعد. لكن المجلس الوطني الانتقالي الليبي ورئيس وزرائه مصطفى عبد الجليل لم يمنح خليفة حفتر أي منصب أو سلطة، وقام بإقصائه وتحييده عن اتحادات الثورة. فبدأ حفتر يوجه انتقادات إلى الإدارة السياسية منذ أيامه الأولى، وأخذ يزعم أن المجلس الانتقالي الوطني والمجلس الوطني العام في المرحلة التي تلته يعانيان قصورًا في الأداء والكفاءة، وأنه سيتمكّن من حلّ الأزمة الأمنية في ليبيا عن طريق تشكيل جيشٍ خاصٍّ[8]. وخلال عامي 2012 و2013 نجح خليفة حفتر الذي كان قد أخفق سابقًا في أن يكون لاعبًا فاعلًا وعاملًا محدِّدًا في السياسية الليبية، ونجح معه السياسيون الذين لم يتمكنوا من العثور على ضالّتهم في سياسة البلد في أثناء سير العملية، وذلك بكسب دعم كلّ من: الضباط المسرَّحين الذين بقوا خارج النظام، والبيروقراطيين في نظام القذّافي، والقبائل الشرقية، والمواطنين الذين كانوا يعانون صعوبة في استدامة حياتهم اليومية جرّاء المشكلات الأمنية، والقوى الإقليمية، مثل مصر والإمارات العربية المتحدة والأردن، والقوى الدولية، مثل فرنسا وروسيا. استطاع خليفة حفتر أن يجمع حوله حلفًا واسع المشاركة حتى بات يتمتّع بدور جادّ ومحدِّدٍ في مجلس النواب الذي احتشد في شرقي البلاد. وأصبح مجلس النواب فاعلًا مؤثرًّا بسبب رفضه المصادقةَ على الاتفاق السياسي الليبيّ، كما رفض طلب المبعوث الأممي إلى ليبيا آنذاك لعقد لقاء بينهما[9]. وهكذا أعلن حفتر الذي ظهر في الساحة المحلية والرأي العالمي عبر قيامه بمحاولة الانقلاب العسكري عن إدارته البلاد بشكل رسمي، وبحكم عسكري من خلال تعيينه ولاةً مكان رؤساء البلديات المُنتَخبين في شرقي البلاد، ويظهر تربّع حفتر على قمة السلطة في شرقي البلاد بصورة واضحة بمكانه الذي حدده لنفسه أمام رئيس البرلمان النيابي ورئيس الوزراء في البروتوكول[10].كما أنّ عناد حفتر وإصراره على الأساليب العسكرية يولّد صمودًا ومقاومة من قبل الجماعات الثورية المسلحة في المنطقة الشرقية، وتغدو فيه بنغازي مسرحًا للاشتباكات المسلحة الثقيلة بشكلٍ يوميّ. وإلى جانب ذلك بدأت الجماعات المسلحة في غربي البلاد هي الأخرى تتحول لتصبح من اللاعبين الفاعلين الذين يملكون الدور الحاسم سياسيًّا، وتبرز على الساحة السياسية الّتي أصبح تهيمن عليها الأساليب العسكرية. فالجماعات المسلحة المنظمة في الأصل تحت أسماء شتى في المدن الغربية، مثل طرابلس ومصراتة وزنتان، بينما كانت تجد مكانًا لها داخل هرم الرتب العسكرية الذي يستمدّ شرعيته من إدارة الحكم الموجودة في طرابلس من جانبٍ، بدأت تتداخل مع النخب السياسية والبيروقراطية وتصبح جزءًا من السياسة من جانبٍ آخر. ولهذا السبب تشكّل في ليبيا، قطاع أمني خارج التوصيفات الهرمية العسكرية، وبعيدٌ كلّ البعد عن المؤسساتية ومراقبة السلطتين التشريعية والتنفيذية[11].

وقد أدلى خليفة حفتر والتحالف الذي يقوده بتصريحاتٍ تناهض تركيا أو تهددها، فردت أنقرة عليها حتى هذه اللحظة على شكل تصريحاتٍ قصيرةٍ ضمن حدود الآداب الدبلوماسية[12]. فحفتر يريد من جهةٍ سُبُل النجاح أمام المجلس الرئاسي الذي تدعمه تركيا، ويريد أن يطعن بالمواقف البنّاءة التي تتخذها تركيا في ليبيا من جهةٍ أخرى.

وأزمة القطاع الأمني واحدة من الأزمات العميقة التي تمرّ بها ليبيا؛ لأنّه لابدّ لأي حلّ سياسي أن يعالج أيضًا مشكلة الشرعية في القطاع الأمني. لكن مدى شرعية الفاعلين المسلحين من غير الجماعات المسلحة التابعة للمجلس الرئاسي حاليًّا لا يزال غامضًا على حدّ تعبير القوى الدولية والأمم المتحدة. فبينما يتمّ من جهةٍ فرض حظر الأسلحة على القوى المسلحة التابعة للمجلس الرئاسي والجماعات المسلحة المناهضة لحفتر إثر حظر الأسلحة المطبق على ليبيا، تتدفق إمدادات السلاح التي تصل إلى خليفة حفتر من القوى الإقليمية من دون عائق. ويتمّ اقتراح الحل السياسي بواسطة المجلس الرئاسي، ولكن لا يتمّ في الوقت نفسه اتّخاذ الخطوات اللازمة لتشكيل الهرم العسكري بالصورة التي ينص عليها الاتفاق السياسي الليبي الذي يقوم عليه المجلس الرئاسي. وتقوم الأزمة الحاصلة في القطاع الأمني كذلك بتغذية الأزمة السياسية. في هذه الحال تبقى تركيا وجهًا لوجهٍ مع اتهامات باطلة يطلقها لاعبون عسكريون من خارج التسلسل الهرمي السياسي والعسكري، في إطار مواقف واضحةٍ لحماية مصالح بعض دول المنطقة في ليبيا. بالمقابل تراعي تركيا حدود الشرعية المرسومة في إطار مبادرة الأمم المتحدة والتوافقات الدولية لكي تتحاشى أن تكون طرفًا في الأزمة الأمنية الراهنة، وتحاول أن يكون لها موقع على الساحة التي تتمتع فيها الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية بدورٍ حاسمٍ من دون أن تبدي الحساسية اللازمة بشأن مراعاة هذه الحدود. ستبقى هذه المشكلات قائمةً في ظل غياب حلٍّ شاملٍ يستأصل مشكلة الشرعية في القطاع الأمني من جذورها، ويقف حائلًا دون رسم الجهات الفاعلة المسلحة الحدود السياسية بمعزلٍ عن الدولة. وغياب الحل هذا يؤخر عملية إعادة الإعمار في ليبيا، ويدفع الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية لتطوير تكتيكات حربية بدلًا من إستراتيجيات الحلول. وتنال العلاقات التركية الليبية نصيبها من هذه الأزمة، وتضيق إمكانات التعاون في القطاع الأمني.

تخبّط النظام الدولي والتدخّلات الخارجية:

لقي المجلس الرئاسي والاتفاق السياسي الليبي المنبثق بمبادرة الأمم المتحدة دعمًا على الأصعدة كافّة: المحلية والإقليمية والدولية لحلّ الأزمات المذكورة أعلاه. ويتمثّل هذا الحل في التخلص من عجز الإدارة عبر اجتماع أطراف النزاع تحت سقفٍ واحدٍ، وإعادة هيكلة ليبيا في الحقول السياسية والقانونية والأمنية. وحظي الاتفاق السياسي الليبي بدعم دوليّ في الاجتماعات الدولية التي عُقِدت في كانون الأول 2015 في مدينة روما بمشاركة رجالات الدولة رفيعي المستوى أمثال وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو ووزير الخارجية الأمريكي ووزير الخارجية الإيطالي[13]. علاوةً على ذلك، أعربت الدول الأعضاء في الجامعة العربية مرارًا وتكرارًا في اجتماعاتها المختلفة عن دعمها وتأييدها للاتفاق السياسي الليبي والمجلس الرئاسي. كما حظيا بدعم منظمات أخرى كالاتحاد الإفريقي ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي. في حين تُعدّ الأمم المتحدة الجهة الفاعلة الأساسية التي هيّأت الأرضية التي ساعدت على ظهور الاتفاق السياسي الليبي والمجلس الرئاسي بشكلٍ فعلي. ولكن المجلس الرئاسي عجز عن أداء المهمة المتوقّع منه أداؤها رغم الدعم الدولي، وغدا مع مرور الأيام جزءًا من الأزمة في ليبيا. ورغم أن المجتمع الدولي يُعِدّ المجلس الرئاسي الذي يترأسه السلطة الشرعية في البلاد؛ فإن السراج الذي لم يعترف بسلطة خليفة حفتر في شرقي البلاد أعلن بوضوحٍ امتناعه عن اتّخاذ موقفٍ واضحٍ ضدّ حفتر حتى الآن، بقوله: "أنا لست جزءًا من المشكلة في ليبيا". ومع ذلك أقرّ بأنّه طرفٌ في النزاع الحاصل في ليبيا من خلال اجتماعه مع حفتر في باريس برعاية رئيس الدولة الفرنسية ماكرون، وإعلانهما معًا وقفًا متبادلًا لإطلاق النار.

يستمد المجلس الرئاسي كامل شرعيته من الاتفاق السياسي الليبي الذي أوشك على التغير عبر اللقاءات المتواصلة بزعامة غسان سلامة. ويبقى الجدل في المرحلة اللاحقة في ظل هذا الوضع حول موقع السراج قائمًا. بالمقابل قيام الرئيس الفرنسي ماكرون بالجمع بين حفتر والسراج في باريس يعني موافقته على أن تكون الشخصية المثيرة للجدل حسب الاتفاق السياسي الليبي طرفًا ومحل خطابٍ في الحوار. ويمكن التعليق على مبادرة باريس هذه على أنها مبادرة أسهمت في تحويل حفتر الذي كان على علاقةٍ وثيقةٍ بها منذ فترةٍ طويلة إلى شخصية سياسية. ففرنسا بدأت تدعم الوحدات التابعة لخليفة حفتر الذي يدور الجل حول شرعيته حسب الاتفاق السياسي الليبي؛ منذ مقتل ثلاثة جنود فرنسيين في بنغازي إثر سقوط طائرتهم المروحية[14]. إضافة إلى ذلك، التقى حفتر خلال زيارته الأخيرة إلى روسيا مع وزير الدفاع الروسي ومسؤولين مهمّين من البيروقراطية الأمنية الروسية[15]. وفي سياق متّصل، يتبين من قول حفتر: "أنا مع مصر لو قررت شيئًا ضد مصلحة ليبيا" أن مصر تعزز وجودها في شرقي ليبيا[16]. كما استضافت الإمارات العربية المتحدة خليفة حفتر مرّاتٍ عديدة ضمن مراسم رفيعة المستوى، وتسربت إلى الإعلام معلومات تفيد بتشكيلها قاعدةً عسكرية شرقيّ ليبيا. أضف إلى ذلك كلّه أنّ اعتراف الملك الأردني بخليفة حفتر[17] كشف الغطاء عن دعمه وتأييده لحفتر، وهو الشخص الذي تتعقّد بسببه المعضلة الليبية. وهذا كله يعني بأنّ السراج الذي قال: "لن أكون جزءًا من الصراع في ليبيا" بات طرفًا فاشلًا في الصراع. ويؤدي التزامه الصمت أمام انتهاك حدود الشرعية التي رسمها بنفسه إلى إضعاف مبادرة الأمم المتحدة. وهذا الأمر يتسبب في زرع الشك والريبة في نفوس الجهات الفاعلة المحلية التي تريد أن تتّخذ من شرعية المبادرة الأممية أساسًا لها. وتركيا التي تسعى للبقاء ضمن حدود الشرعية التي تشكّلت مع المبادرة الأممية بشأن حل الأزمة في ليبيا؛ تحاول أن تتخذ مواقفها في أوساط اهترأت فيها المبادرة الأممية لهذه الدرجة. وبعبارة أخرى يمكن القول إنّ مجالات عمل تركيا في ليبيا تضيق نتيجة تعطيل مهمّة الاتفاق السياسي الليبي والمجلس الرئاسي من قبل اللاعبين الإقليميين والدوليين، وعدم تبنّي الأمم المتحدة موقفًا واضحًا في هذا الشأن.

الانقسام في مؤسسات الدولة ومشكلة المحاورين:

كانت المشكلات المذكورة سببًا في استنساخ بعض مؤسسات الدولة في ليبيا وشلل بعضها الآخر. ويتسبّب هذا الوضع كذلك بمشكلة طرف الحوار الليبي في العلاقات التركية الليبية. فرغم اعتراف تركيا بالمجلس الرئاسي سلطة شرعية لليبيا؛ فإن شرق البلاد بأكمله خارج سيطرة المجلس الرئاسي، وكذلك بعض المؤسسات في الغرب لا تعترف بسلطة المجلس الرئاسي. بالمقابل أصيبت المؤسسات التي تعترف بسلطة المجلس الرئاسي بالشلل جرّاء الانقسام السياسي وغياب الرقابة والمشكلات المالية وأسباب أخرى مشابهة. وكان وزير داخلية المجلس الرئاسي قد قال في وقت سابق: إنّ وزارة الداخلية "عاجزةٌ حتى عن تغطية نفقات قرطاسيتها"[18]. والعجز عن التواصل مع الجهات الفاعلة الضرورية من أجل التعاون والتنسيق في هذا الشأن، وفرض تأشيرة الدخول (الفيزا)، وعودة الشركات التركيّة إلى ليبيا؛ يخلق مشكلةً فيما يتعلّق بالتعاون التجاري والحوالات المالية وانتقال الأموال بين تركيا وليبيا. بيد أنّه من الضروري التشديد على أن مشكلة الطرف الليبي في الحوار هذه لم تكن تعني تركيا وحدها، بل كذلك جميع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية هي الأخرى تواجه هذه المشكلة، وتختلف تركيا عن غيرها من القوى الدولية وبعض بلدان المنطقة التي تسعى لتكون عنصرًا فاعلًا في ليبيا في أنها تراعي حدود الشرعية التي رسمتها الأمم المتحدة حسبما آنفًا.

وأفضل مثال على الأزمة التي سببتها مشكلة طرف الحوار هذا هو عجز قسمٍ كبيرٍ من المشروعات التي تبنّتها الشركات التركية في ليبيا عن إحراز أيّ تقدّمٍ منذ ثورة شباط. ذلك أنّ تنفيذ هذه المشروعات تتطلب مراجعة تكاليفها وإعادة هيكلتها من قبل التكنوقراط الليبيين، وتعويض الأضرار الّتي تعرضت لها الشركات في العديد من عناصرها وموادها في المراحل المختلفة، والتوصّل إلى تفاهم يخصّ موضوع الدفعات، وضمانة أمن لشركات في حال مباشرتها العمل. ولكنّ الضبابية في المواقع الهرمية لمؤسسات الدولة بين صفوف الشرعيات المتنافسة، وإثارة الجدل حول صلاحية التوقيعات الّتي سيتمّ توقيعها تشكّل عائقًا أمام مراجعة المشروعات وإعادة هيكلتها. وتبقى إشارات الاستفهام تدور حول نفاذية التوقيعات حتّى لو تمّت إعادة هيكلة المشروعات من قِبل مؤسسات الدولة بشكلٍ من الأشكال، لأن السؤال عن السلطة السياسية المسؤولة عن المصادقة على موضوع الدفعات لا يزال قائمًا.

وكيفية توفير الأمن والأمان للشركات إذا ما شرعت بعملها تظهر أمامنا على شكل إشارة استفهامٍ أكبر حتّى لو تمّ تجاوز هذه المشكلات كافّة. وإلى جانب ذلك، تظهر مشكلة أخرى تتمثل في كيفية إجراء الحوالات المالية وتناقل الأموال بين البلدين في حال جرى إتمام فعاليات الشركات التركية في ليبيا بنجاح من خلال تخطّي كامل المشكلات المذكورة. فالحوالات المالية بين البلدين تعدّ أزمة كبيرة بسبب عدم رفع الحظر المطبّق على المصارف في ليبيا بُعَيد الثورة حتى الآن، واختلاف سعر الصرف بين المصرف المركزي والسوق الحرة بمقدار أربعة أضعاف. ومن جانب آخر، كشفت مشكلة المحاورين عن نفسها مع شروع تركيا بفرض الفيزا على ليبيا اعتبارًا من يوم 25 أيلول سنة 2015 لدواعٍ أمنية[19]. فأنقرة الّتي رجّحت سياسة التصرف بصرامة أكبر في موضوع الرحلات من ليبيا إلى تركيا لدواعٍ أمنية؛ عاشت مشكلة في إيجاد من تحاورهم بخصوص تبادل المعلومات والاستخبارات بسبب بقاء البيروقراطية الأمنية في البلد معرّضةً للانقسام المذكور. ولهذا السبب اضطرت أنقرة لاتّخاذ قرار فرض الفيزا على ليبيا. فكان فرض الفيزا هذا ضربةً كبيرةً وموجعةً على التجارة بين البلدين التي اقتصرت على تجارة حقائب السفر منذ نهاية عام 2014. وأصيبت هذه الفعاليات التجارية الّتي يسيرها الليبيون عائليًّا أو في مستوى إدارة الأعمال الصغيرة بالفشل والإخفاق بسبب إجراءات الفيزا الّتي قد تمتدّ إلى شهرين. والليبيون الذين كانوا يفضلون تركيا من أجل المعالجة خارج الوطن إثر انهيار القطاع الصحي باتوا يتوجهون إلى بلدن أخرى بسبب فرض الفيزا.

 فرص التعاون في إعادة إعمار ليبيا

إن تحوّل العلاقات التركية الليبية إلى تعاونٍ متبادلٍ يكون ممكنًا بحلّ مجالات الأزمات المذكورة آنفًا، وكل خطوة تُتَّخَذ من أجل القضاء على الأزمات المذكورة تُسهم في تطوير العلاقات التركية الليبية. وهذا يعني أنه يجب اتخاذ الخطوات الواردة أدناه حول إمكانات التعاون لحلّ المشكلات بدلًا من انتظار حلها بغية تطوير العلاقات التركية الليبية. ومن أجل اتخاذ هذه الخطوات في سبيل تخطي الأزمات وبناء علاقات سليمة ينبغي على تركيا أن تعير ليبيا مزيدًا من الاهتمام، وأن تنوع مصادرها من المعلومات المتعلقة بالساحة، وتطور علاقات أقوى مع القوى الإقليمية والعالمية الفاعلة في ليبيا، وتتبع بين الفينة والأخرى سياسةً خارجيةً استباقيةً عبر إستراتيجيات وحلول تعمل على تطويرها. وفي هذه النقطة ستتولد فرص تعاون مهمّة بين تركيا وليبيا أثناء عملية إعادة إعمار ليبيا التي باتت أمرًا لا مفر منه بعد ثورة شباط إذا ما تمت إزالة الأزمات المذكورة بإسهام تركي.

عمليات بناء الدولة[20]:

تعاني دولة ليبيا -كما هو واضحٌ من مجالات الأزمات المذكورة آنفًا- عجزًا عميقًا في المجال السياسي والاقتصادي والأمني. فجميع الأطراف في ليبيا متفقةٌ على أنه لا توجد فيها دولةٌ تجمع كل أدوات السلطة في يدها، وتفرض الرقابة على المؤسسات البيروقراطية وقطاع الأمن والاقتصاد. ولا توجد فيها وحداتٌ أمنيةٌ تستعمل السلاح المنضبط الخاضع لقيادةٍ موحدةٍ، ولا مرجعياتٌ سياسيةٌ قادرةٌ على اتخاذ قراراتٍ تُلزِم الجميع، ولا وحداتٌ إداريةٌ عامةٌ تقدم خدماتٍ عامةً تلبّي مطالب شرائح المجتمع، ولا سلطةٌ قادرةٌ على تطبيق القرارات المتخذة على الصعيد العالمي في بلدها. فقد انحسر اتفاق شرائح المجتمع حول المسائل السياسية نتيجة الأزمات السياسية العميقة، وتزعزعت الثقة بمؤسسات الدولة جراء تقاعس الجهات البيروقراطية عن أداء خدماتٍ فعالةٍ، وصارت قرارات المؤسسات القضائية محل النقاش والجدل، وغدت المجموعات العسكرية التي هي خارج السيطرة صاحبة الكلمة نتيجة تدخل الجيش في السياسة، وبدأ اللاعبون التقليديون يملؤون فراغ السلطة في الدولة على الصعيد المحلي. وهذا العجز والشلل الحاصلان في الدولة جعلا/ يجعلان البلد وسطًا ملائمًا لانتشار المخدرات وتهريب البشر والتنظيمات الإرهابية الإقليمية والعمليات الإرهابية خارج الحدود. فالسياسة في ليبيا تحتاج إلى عمليات إعادة إعمار المؤسسات العامة وقطاع الأمن والاقتصاد.

تتحدث العناوين أدناه عن آراء مفصلة حول إمكانات التعاون في موضوعات تتعلق بقطاع الأمن وقطاع البنية التحتية والفوقية والقطاع الخاص والتي تندرج تحت مجالات عجز الدولة في ليبيا. لكن الأمر الذي نريد أن نؤكده هنا هو إمكانات التعاون المحتملة بين تركيا وليبيا في عمليات إعادة الهيكلة التي تحتاج إليها ليبيا في مجال السياسة والمؤسسات العامة. فما من شكٍّ أن المجلس الرئاسي الذي تشكّل بمبادرة الأمم المتحدة يمكن اعتباره خطوةً باتجاه بناء الدولة. لكنه عند التفكير بأن هذه الخطوة التي تدعمها تركيا أيضًا لم تحقق النتيجة المرغوبة- سيبقى تعزيز مؤسسات الدولة القائمة حاليًّا ضامنًا للاستقرار في البلاد حتى يحصل توافق سياسي/مجتمعي ذو مشاركة واسعة. والمواقف البناءة الاستباقية التي ستتبناها تركيا من أجل تعزيز مؤسسات الدولة ستقدم إمكانات التعاون المتبادل بين البلدين. والشروع في أعمال تعزيز مؤسسات الدولة في ليبيا وعلى رأسها تلك التي تقدم الخدمات العامة سيلقى أصداء إيجابية في ليبيا، وبهذا الشكل ستتولد من أيام الأزمة الحالية إمكانات التعاون مستقبلًا بين تركيا والمؤسسات التي تعمل على تأمين الاستقرار في ليبيا.

إعادة هيكلة قطاع الأمن:

بقي الجيش والشرطة ضعيفينِ جدًّا في ليبيا بسبب سياسات الأمن التي كان يتبعها معمر القذافي. وباتت المجموعات المسلحة التي قامت بالثورة تنظر إلى الضباط بعين الشبهة؛ لأن قسمًا كبيرًا من أفراد الجيش لم يشترك في الثورة، أما بعد الثورة فشهدت العمليات تنافسًا بين أفراد الجيش والمجموعات الثورية في مجال الأمن[21]. وشكل المجلس الانتقالي الوطني الذي استلم الحكم بعد الثورة وحكومة عبد الرحيم الكيب الوحدات المدرعة الليبية التابعة لرئاسة هيئة الأركان العامة، ومجلس الأمن العالي التابع لوزارة الشؤون الداخلية وذلك لإزالة حالة الانحسار الأمني التي ظهرت بعد الثورة. وضُمَّت الوحدات الثورية إلى التسلسل الهرمي في الدولة بواسطة الوحدات المدرعة الليبية ومجلس الأمن العالي لتكون جزءًا من الدولة. وفي هذا الإطار شُكِّلت مجالس رفيعة المستوى وطُوِّرت مشروعات من أجل إدماج أعضاء الجماعات المسلحة في الدولة[22]. ولكن عندما دخلت السياسة الليبية في فترة استعمال السلاح أداةً للحكم جراء محاولة الانقلاب التي نفذها اللواء حفتر صارت الجماعات المسلحة التي كانت موجودة أساسًا جزءًا من الجماعات التي تهمها مصالحها.

وُضِعَت الخطط والمشروعات التي تتعلق بإعادة هيكلة قطاع الأمن في ليبيا. فعملية إعادة الهيكلة هذه ذات صلةٍ مباشرةٍ بحل الأزمة التي برزت في العديد من المجالات المختلفة. وتسيير أعمالٍ تتعلق بإعادة هيكلة الجيش والشرطة وانخراط الجماعات المسلحة في الدولة والحياة المدنية سيُسهمان أيضًا في حل الأزمة الليبية[23].  وسيفتح هذا النوع من الأعمال الأبواب أمام إمكانات التعاون المتبادل بين البلدين في مجال الأمن والدفاع في الأيام القادمة. في هذه النقطة توجد حاليًّا إمكانات التعاون المتعلقة بإعادة هيكلة القطاع الأمني والبيروقراطيات الأمنية التي تقوم بعملها حاليًّا في طرابلس. إضافة إلى ذلك، فالمبادرات التي سيتم إطلاقها منذ هذه اللحظة لتأمين المستلزمات والأدوات التكنولوجية التي تحتاج إليها البيروقراطية الأمنية في مجال الصناعة الدفاعية؛ يمكن أن تستمر بشكل أقوى في المستقبل.

عملية تأسيس البنى التحتية والفوقية:

إن استثمارات البنى التحتية والفوقية المتأخرة التي شُرِعَ فيها خلال الأيام الأخيرة من عهد القذافي تحت إشراف ابنه سيف الإسلام لم تكتمل جراء ثورة شباط. وبما أن هذه الاستثمارات لم تلبِّ سوى جزءٍ بسيطٍ من احتياجات البلاد من البنى التحتية ظلت ليبيا بحاجةٍ إلى مشروعات جديدة في البنى التحتية والفوقية. ومعلوم أن قيمة اتفاقية المشروعات التي رست مناقصتها على شركات تركية قبل الحرب الأهلية والتي ظلت ناقصة لم تكتمل ولاسيما في مجال التعمير والبناء- تقدر بحوالي 18,5 مليار دولار. وبينما تقدر الأعمال التي وصلت مرحلة التسليم قبل الحرب الأهلية بـ 3-4 مليارات دولار تقريبًا، وبلغت المستحقات في هذه القيمة حوالي 1,5 مليار دولار. أما قيمة الماكينات والآلات المتروكة في ليبيا فيُعتقد أنها قرابة 1 مليار دولار.

نذكر من بين المشروعات التي ينفذها العديد من الشركات التركية الكبيرة؛ بناء المطار وخطوط نقل الطاقة والمشروعات الكهربائية والإلكترونية الميكانيكية وقنوات الطاقة والمياه والفنادق والحرم الجامعي ومراكز التسوق والمساكن الفخمة والطرق ومشروعات البنى التحتية[24]. وقد أُخْلِيَت ليبيا خلال الثورة من الشركات التركية التي تنفذ هذه المشروعات، لكنها بدأت تعود شيئًا فشيئًا إليها اعتبارًا من انتخابات 2012، وتتفاوض من أجل البدء مجددًا في تنفيذ المشروعات الناقصة. ولكنه لم تُتَّخذ خطوات من أجل الاستمرار في تنفيذ قسم كبير من المشروعات من حيث توقفت باستثناء مشروعٍ أو مشروعين بدءًا من عام 2012 حيث عادت الشركات التركية إلى ليبيا وصولًا إلى عام 2014 حيث تمت محاولة الانقلاب بقيادة خليفة حفتر، وذلك بسبب مشكلات بنيوية جئنا على ذكرها آنفًا، أو بسبب مشكلات تقنية. فأدت محاولة الانقلاب التي نفذها حفتر عام 2014 إلى أن تترك الشركات التركية ليبيا مرة ثانية. كما كانت التهديدات الموجهة إلى الشركات التركية من قبل حكومة عبد الله الثني التي هي تحت تأثير خليفة حفتر في شباط 2015 سببًا في توتر الشركات التركية[25].

لا شكّ أن تركيا التي تعد واحدةً من البلدان التي برزت باستثماراتها في البنى التحتية والفوقية في المنطقة خلال الأعوام الخمسة عشر الأخيرة؛ ستؤدّي دورًا مهمًّا في إنشاء البنية التحتية والفوقية في ليبيا. في هذه النقطة ينبغي على تركيا أن تبادر فورًا من أجل العمل على تنفيذ المشروعات التي لم تكتمل في ليبيا وتطوير مشروعات مستقبلية بدلًا من انتظار حل الأزمات الموجودة في ليبيا. فاتباع تركيا سياسةً استباقيةً مع الأخذ بالحسبان مجالات الأزمات المذكورة أعلاه لن يزعج صناع القرار في ليبيا، كما أنه سيقدّم إسهامًا كبيرًا في حل الأزمات. فهناك حاجةٌ إلى تشييد الطرق بين المدن والسكك الحديدية بين المدن القريبة في شرق البلاد وغربها وجنوبها، وإن لم تكن في جميع أنحائها، والمطارات والموانئ والوحدات السكنية والأبنية العامة، وتنفيذ العديد من المشروعات الكبيرة المشابهة. كما أن البدء في تنفيذ مشروعات البنية التحتية والفوقية التي لم تكتمل في هذه المجالات سيسهم في عملية إعادة إعمار ليبيا، سيُعَدّ أيضًا أرضية انتعاش الاستثمار في قطاع الإنشاءات على نطاق صغير ومتوسط. ومن جانب آخر سوف يقدّم إمكانية لتطوير مشروعات مشتركة مستقبلية في هذه المجالات. فينتعش السوق في ليبيا من ناحيةٍ، وتنشط علاقات الاستيراد والتصدير بين تركيا وليبيا من جهةٍ أخرى.

انتعاش السوق الحرّ:

كانت ليبيا واحدةً من أفقر بلدان العالم قبل اكتشاف البترول فيها، وكانت الصناعة فيها معدومة على وجه التقريب، ولم تكن فيها شريحة من المبادرين، وكان النظام المصرفي متخلفًا جدًّا. يقول الخبير الاقتصادي بنيامين هيغينز الذي كلفته الأمم المتحدة بإعداد خطة تنموية في ليبيا بعد الاستقلال: "إن ليبيا دولةٌ يجتمع فيها جميع العناصر التي تعرقل التطور ضمن حدودها. وإذا حدث أنها حققت نموًّا مستدامًا بشكلٍ من الأشكال فذلك يعني بوجود أملٍ من أجل دول العالم". ولكن البترول الذي حوّل ليبيا من أن يكون موضوعًا لهذا الكلام إلى أهم اقتصادات البترول في العالم؛ بدأ يُذكَر في الأجندات من قبل الإيطاليين عام 1940. وحُدِّدت شروط التنقيب عن حقول النفط واستخراجه عن طريق سنّ التنظيمات القانونية اللازمة بفضل (قانون البترول) الذي أُصدِر عام 1955 في ليبيا التي نالت استقلالها عام 1951. ومع القرارات التي اتُّخِذت عام 1960 سيطرت الدولة على كامل حقول البترول في البلد. ولما وصل القذافي إلى سدّة الحكم مع ثورة 1969 شدد رقابة الدولة على البترول[26]. فتطور الاقتصاد في ليبيا بصورة يرتكز على القطاع العام وفق نموذج الدولة العلمانية الثالثة التي سمّاها (الجماهيرية)، والتي هي تقييم خاص به يجمع بين الاشتراكية والقومية والإسلاموية، ولم يتطور القطاع الخاص. تطور القطاع الخاص نسبيًّا في إطار مشروع (ليبيا الغد) الذي أطلقه سيف الإسلام منذ مطلع الألفينيات، لكن النشاط الكبير الحقيقي للقطاع الخاص حصل بعد الثورة خلال عامي 2012-2013. لكن هذا النشاط والانتعاش ظل بدوره عقيمًا جراء استجرار البلاد مرة أخرى إلى حروب أهلية منذ أواسط 2014.

من المؤكد أن الشركات الصغيرة والمتوسطة سوف تشهد تطورًا بالتناسب مع حل الأزمات في ليبيا عندما يُدار القطاع الخاص بمبادة الأشخاص أو الجماعات على خلاف القطاع العام. والعلاقات المتبادلة التي سيتم بناؤها الآن بين ليبيا التي دخل فيها القطاع الخاص مرحلة التشكل وبين تركيا التي تملك قطاعًا خاصًّا قويًّا- سوف تمهد الطريق أمام تعاونٍ واسعٍ في المستقبل. وعندما تأخذ الشركات الليبية مكانها في التكنوباركات المتأسّسة في بنية الجامعات التركية ستكون الفرصة أمامها متاحةً لأن تتعرف عن قرب على السوق في تركيا، وتراقب عن كثب كيف يتم تبادل الخبرات بين الجامعات والشركات الخاصة، وكيف تدعم الدولة الشركات الصغيرة والمتوسطة. وهكذا ستُؤَمَّن بيئة مناسبة من أجل دراسة ماهية النظام الإيكولوجي للعمل في القطاع الخاص في تركيا، وإمكانات الاستثمار المتبادل. أضف إلى ذلك أن تشجيع المستثمرين الليبيين على الاستثمار في تركيا بعد انحسار فرص استثمارهم في ليبيا بسبب الحروب، وذلك من خلال تقديم التسهيلات في موضوع الفيزا والإقامة- سوف يخلق فرص التعاون بين تركيا وليبيا في الأعوام المقبلة. ويمكن أن نقول: إن تجارة حقائب السفر والسياحة الصحية التي كادت أن تتوقف بسبب فرض الفيزا سوف تشهد مزيدًا من الانتعاش عندما تغدو تسهيلات الفيزا حقيقة.

المجال الثقافي والمجتمع المدني:

إن الأواصر التاريخية التي تربط بين البلدين ربما هي أهم ما يميز العلاقات التركية الليبية عن العلاقات الليبية مع الدول الأخرى. ولهذا السبب يجب تأكيد هذه الأواصر التاريخية من أجل التعاون بين البلدين. وعند الأخذ بالحسبان أن المراجع الرئيسة التي تخص 500 عام الأخيرة من تاريخ ليبيا موجودة في الأرشيف العثماني، وأن قسمًا كبيرًا من الأرشيف في ليبيا باللغة العثمانية- تتولد الحاجة الماسة لدراسات الأرشيف. فالقيام بدراسات الأرشيف وإجراء الأبحاث الأكاديمية المتعلقة بتاريخ ليبيا بشكل ممنهج على المدى الطويل سوف يؤدي إلى نتائج مهمّة. ويبقى توجه مؤسسة التاريخ التركي وكليات التاريخ في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية المشابهة نحو كتابة تاريخ ليبيا في هذا المجال مهمًّا جدًّا من منظور كتابة التاريخ الليبي والرؤية التركية الخاصة بليبيا على حد سواء. ثم إن الأدبيات الثقافية التركية كما هو معلومٌ لم تُنقَل بما فيه الكفاية إلى العالم العربي عامةً وليبيا خاصة. فالقيام بأعمال تعريفية متبادلة لإزالة الهوة الكبيرة بين البلدين في مجال التاريخ والسينما والأدب والإعلام والفلسفة والأمور الثقافية المشابهة- سيأخذ العلاقات بين البلدين إلى أبعد من الصِّلات التاريخية والمصالح الاقتصادية. ومن هنا فإن خطواتٍ مثل تنظيم المعارض في ليبيا للتعريف بالكتب المترجمة من التركية إلى العربية، وإقامة المهرجانات السينمائية، وزيادة عدد الجرائد والمجلات التي تتحدث عن تركية، وترجمة الكتب والمجلات التي تتحدث عن ليبيا إلى اللغة التركية- سوف تؤدي إلى تفاعلية متبادلة في النظام الإيكولوجي الثقافي الليبي الذي دخل طورًا جديدًا.

الخاتمة:

تشهد ليبيا أزمة سياسية وعسكرية ومجتمعية واقتصادية عميقة منذ أواسط 2014. فالفاعلون العسكريون والسياسيون والمجتمعيون الذين ظهروا في هذه الفترة يشكلون تحالفات فيما بينهم، ويزعمون الشرعية مستفيدين من الثغرات القانونية التي هي سبب الأزمة. وفي أوساط بات فيها السلاح أداة السياسة باءت محاولات الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية بالفشل. ويقف خليفة حفتر عائقًا أمام حكومة الوفاق الوطني والمجلس الرئاسي الذي اعترفت به الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية سلطةً شرعيةً في ليبيا؛ لتنفيذ أعمالها في شرق البلاد، ويعرقل الحل السياسي برعاية الأمم المتحدة. والعجز الحاصل في تطبيق حظر الأسلحة المفروض على ليبيا على الحدود الليبية المصرية ينخر مساعي الحل ويجعلها تذهب سدى. والمؤسسات المهترئة في الأصل في دولة ليبيا صارت مشلولةً بين مزاعم التنافس على الشرعية.

وقد تفادت تركيا أن تكون طرفًا في الأزمة منذ اندلاعها، ودعمت المساعي الرامية لحل المشكلة سياسيًّا. وبما أن إخفاق مبادرة الحلّ التي أطلقتها الأمم المتحدة والتي لاتزال مستمرة منذ عامين بسبب العراقيل التي وضعتها بعض دول المنطقة وبعض الفاعلين المحليين أدت إلى مشكلة السلطة في ليبيا- فإن حركة بلدان قوية يسودها الاستقرار مثل تركيا تقيدت، وفي ظل هذا الوضع فضلت تركيا أن تحل المشكلة دبلوماسيًّا لتحقيق الاستقرار على أن تكون طرفًا في الحرب بالوكالة التي تُشَنّ على أيدي جماعات نفعية تنتهز الأزمة الليبية. فالعلاقات التركية الليبية ستكتسب تسارعًا كبيرًا عندما يتم حل الأزمة بالوسائل الدبلوماسية وإن بدت معرقلةً في ظروف الأزمات الحالية، وستزداد إمكانات التعاون في مجال إعادة بناء الدولة الليبية وإعادة هيكلة قطاع الأمن وتشييد البنى التحتية والفوقية وانتعاش السوق الحر والمجال الثقافي والمدني. ولكن الخطوات التي سيتم اتخاذها بخصوص تعزيز القطاعات المبينة تعني في جانبها الأساسي تعزيز العلاقات بين البلدين.

الهوامش والمصادر:

 

[1] أورهان كولو أوغلو، 500 عام على العلاقات التركية الليبية، (مركز الدراسات الإستراتيجية، أنقرة، 2007).

[2] من أجل تقييم مفصّل حول الموضوع انظر: سليم م. بولمة، وأفق أولوطاش، وطه أوزهان، وموغه كوجوك كلش، ليبيا بين شعبتَي مقصّ الغرب والقذافي، (تقرير ستا، إسطنبول، 2011).

[3] من أجل مزاعم التنافس على الشرعية في ليبيا في السياسة الليبية؛ انظر: أمر الله ككيلّي، "السياسة الليبية من محاولة حفتر الانقلابية إلى مسودة حلول الأمم المتحدة"، تحليلات ستا، عدد 142، (شباط 2016).

[4] "زيارة وزير الخارجية جاويش أوغلو إلى ليبيا"، وزارة الشؤون الخارجية، 30 أيار 2016.

[5] من أجل مثال عن الانتقادات الموجهة لـحكومة الوفاق الوطني انظر: "حكومة الوفاق تواجه مخاطر التهويد الإجباري للعملة"، ليبيا المستقبل، 21 تشرين الثاني 2016.

[6] "كوبلر يحاول إقناع مجلس النواب بتأييد اتفاق الصخيرات"، الموقع الإلكتروني الإخباري 24، في 24 كانون الثاني 2016. من أجل مثال عن عدم مصادقة مجلس النواب على حكومة الوفاق الوطني انظر: "رفض البرلمان حكومة الوفاق يكرس سياسة الانقسام"، تي ري تي العربية، 24 أغسطس 2016.

[7] كل بلدٍ يبدي دعمه لحفتر بأشكال مختلفة. من أجل الإمارات العربية المتحدة انظر: "هل للإمارات العربية المتحدة قاعدة عسكرية في شرق ليبيا؟"، مراقب الشرق الأوسط، 6 تشرين الثاني 2016، https://www.middleeastobserver.org/2016/11/06/does-the-uae-have-a-military-base-in-eastern-libya، (تاريخ الزيارة: 10 شباط 2017).

[8]  من أجل معلومات مفصلة حول خليفة حفتر انظر: باراك بارفي، "Khalife Haftar: Rebuilding Libya from 37 the Top Down"، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، عدد 22، (آب 2014).

[9] "حفتر يرفض لقاء كوبلر لتهميشه دور الجيش"، العربية، 8 أيار 2016. 

[10] نسخة من الصوة التي وصلت إلى الكاتب وكان فيها حفتر يجلس أمام رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الوزراء الذي عيّنه عبد الله الثني في البروتوكول.

[11]  من أجل معلومات أوفى عن عمليات تشكل قطاع الأمن في ليبيا بعد الثورة انظر: وول فارم لاجر وبيتر كول، "السياسة في لغة مختلفة: المصالح المتصارعة في القطاع الأمني بليبيا"، الترجمة: أمر الله ككيلّي وعلي مراد قورشون، SAS و ORDAF، عدد 11، (2015).

[12] من أجل مثال عن الموضوع انظر: "إجابة المتحدث باسم وزارة الخارجية طانجو بيلغيج عن سؤال حول تصريحات رئيس وزراء الحكومة الانتقالية الليبية عبد الله الثني ضد بلدنا"، وزارة الشؤون الخارجية، 19 شباط 2015، http://www.mfa.gov.tr/sc-4_-19-subat-2015_-disisleri-bakanligi-sozcusu-tanju-bilgic_in-libya-gecici-hukumeti-basbakani-abdullah-el-seni_nin-ulkemizin.tr.mfa، (تاريخ الزيارة: 10 شباط 2017).

[13] "وزير الخارجية جاويش أوغلو يشارك في اجتماع وزراء الخارجية للحديث عن ليبيا في روما"، الموقع الرسمي الخاص بوزارة الخارجية، 13 كانون الأول 2015، http://www.mfa.gov.tr/disisleri-bakani-cavusoglu-roma_da-libya-konulu-disisleri-bakanlari-toplantisina-katildi.tr.mfa، (تاريخ الزيارة: 10 شباط 2017).

[14] "هجمات ليبيا: جنود فرنسيون يلقون حتفهم إثر سقوط طائرة مروحية"، بي بي سي نيوز، 20 تموز 2016.

[15] "هجمات ليبيا: جنود فرنسيون يلقون حتفهم إثر سقوط طائرة مروحية"، بي بي سي نيوز، 20 تموز 2016.

[16] "أنا مع مصر لو قررت شيئًا ضد مصلحة ليبيا"، يوتيوب، 3 أيار 2015.

[17] "حفتر ليبيا يسعى لتدريب قواته في الأردن "، ذي أرب ويكلي، 24 نيسان 2015.

[18] "أجندة ليبيا"، ليبيا 24 تي في، يوتيوب، 29 تشرين الثاني 2016.

[19] "تركيا تفرض الفيزا على ليبيا"، حرِّييّت، 26 آب 2015.

[20] إن مفهوم "عمليات بناء الدولة" المستعمل هنا يأتي بالمعنى المتداول به في اللغة التركية اليومية ولا يدخل في إطار نقاشات (بناء الدولة) التي تجري في الأدبيات العالمية. وعلى الرغم من أن مفاهيم مثل (الدولة الفاشلة) و( بناء الدولة) تخلق نقاشات بناءة جدًّا فإن كتابة تحليلاتٍ انطلاقًا من هذه المفاهيم تتطلب أسلوبًا مختلفًا لم نرجح استعماله في هذه الدراسة التحليلية.

[21] لقاء خاص مع نائب وزير الدفاع الليبي الأسبق خالد شرف (طرابلس، نيسان 2016).

[22] لقاء خاص مع المتحدث الأسبق باسم هئية الأركان العامة الليبية علي شيخ (طرابلس، نيسان 2016).

[23] لقاء خاص مع رئيس LPRD  مصطفى صقيزلي (إسطنبول، نيسان 2016).

[24] "ضوء أخضر على مشروعات الأتراك التي لم تكتمل والتي تقدر قيمتها بـــ18,5 مليار دولار"، حرّييَّت، 31 أيار 2016. من أجل المشروعات الاستثمارية للشركات التركية في ليبيا انظر: "أي المشروعات ظلت ناقصة في ليبيا؟"، Myfikirler، 13 تشرين الثاني 2011، http://www.myfikirler.org/libyada-hangi-projeler-yarim-kaldi.html، (تاريخ الزيارة: 10 شباط 2016). من أجل معلومات مفصلة حول المشروعات الاستشارية التركية في ليبيا انظر: مؤنس أوزر، "الخدمات التامة والمستمرّة للمعماريين والمهندسين الاستشاريين الأتراك في ليببا"، رابطة المعمارين والمهندسين الاستشاريين التركية، مؤتمر ليبيا، (نيسان 2013).

[25] "قنبلة ليبيا على الشركات التركية"، حرّييَّت، 23 شباط 2015.

[26] من أجل معلومات أوفى عن الموضوع انظر: ديرك وانديوول، تاريخ ليبيا الحديثة، (منشورات جامعة كامبردج، نيوريورك، 2012).


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...