رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها في سوريا الأطراف والمواقف

يتناول هذا التحليل مناقشة التطور التاريخي للنقاش حول المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها في سوريا، ونطاقها المحتمل، والفروق بين المفاهيم المشابهة، مثل المنطقة الآمنة، والمنطقة العازلة، ومنطقة حظر الطيران. وستُقيَّم مواقف الجهات الدولية بالترتيب، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، ثم الأطراف الإقليمية، مثل إيران و(إسرائيل) والمملكة العربية السعودية وتركيا- حول موضوع المنطقة الآمنة المخطط إنشاؤها. وحين تُقيَّم مواقف وتصرفات الأطراف المختلفة في تحليلنا، يبرز دور تركيا الأساسيّ في إنشاء المنطقة الآمنة ومراقبتها، بوصف ذلك السيناريو الأكثر احتمالًا في متناول اليد، وسيأتي تلخيص ذلك في القسم الأخير.

المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها في سوريا الأطراف والمواقف

المنطقة الآمنة: التعريف والنماذج

في تغريدة له بتاريخ 19 كانون الأول عام 2018، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن عزم الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من سوريا، وفي مشاركة أخرى له في تاريخ 13 كانون الثاني (14 كانون الثاني بالتوقيت المحلي في تركيا) بيّن أنها ستقيم منطقة آمنة في سوريا عقب الانسحاب منها، يبلغ عمقها 20 ميلًا (32 كم). ومنذ تاريخ الإعلان وحتى اليوم لم يرد أي توضيح عن الجدول الزمني للانسحاب، ولا عن الأطراف التي ستتبنى مهمّة الأمن في المنطقة الآمنة. ورغم أن تصريحات ترامب أشعلت النقاش حول المنطقة الآمنة التي لم تكن مندرجة في جدول الأعمال منذ كانون الأول، فإن مسألة المنطقة الآمنة في سوريا قد أُثيرَت من قبل أطراف مختلفة قبل هذه البيانات.

 المنطقة الآمنة: هي المنطقة التي تُنشَأ من أجل حماية سكانٍ معينين، وتجري المحافظة على أمنها بفاعلية من قبل القوات العسكرية الحامية والرادعة. وهذه المناطق في الأساس تُنشَأ لحماية المدنيين المهددين بالخطر والمشردين من ديارهم بسبب الحرب. وقد يشمل نطاق المناطق الآمنة قصباتٍ ومدنًا كما حدث في البوسنة سابقًا، أو مستوطنات أكبر كما حدث في العراق ورواندا، ولا يشترط في إنشائها موافقة جميع الأطراف المتناحرة فيما بينها (ماكوين، 2005، ص1).

وعندما تُذكَر المناطق الآمنة يخطر بالبال نماذج البوسنة والعراق ورواندا. وليس من قبيل الصدفة إنشاء هذه المناطق الثلاث في تسعينيات القرن الماضي. فعلى الرغم من أن التعريفات القانونية للمناطق الآمنة تستند إلى المادة 23 من اتفاقية جنيف عام 1949، إلا أن التطبيق الشامل لهذه المناطق أصبح ممكنًا بفضل الفرص التي حققتها السياسة الواقعية بعد الحرب الباردة. إذ تسبّبت حالة الغموض الناجمة عن عملية الانتقال عالميًّا إلى عصر جديد عقب انتهاء سنوات الحرب الباردة- في خلق عدد كبير من الصراعات، وقام النظام الجديد الذي جرى السعي لإنشائه بريادة الولايات المتحدة الأمريكية بتطوير صيغة المنطقة الآمنة الشاملة من أجل تجميد هذه الصراعات وحلّها.

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...