رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


حروب المصادر الطبيعية في سوريا

تسلك هذه الدراسة سبيل البحث النوعي والكمي، انطلاقًا من السؤال عن الأهمية الجيوسياسية للموارد الطبيعية التي يسيطر عليها تنظيم YPG الإرهابي في سوريا، ومدى تأثيرها في التوازنات في المنطقة، وتتناول النشاطات التجارية التي تقوم على هامش هذه المصادر. وفي هذا الإطار، جرى تقييم مصادر الطاقة في سوريا بصورة شاملة في البداية، ثم بحث الروابط التجارية القذرة التي أقامها تنظيم YPG الإرهابي مع النظام، وتجارة الطاقة القائمة في نطاق المحور الإيراني العراقي الإسرائيلي. وفي الختام تناول عرّج البحث على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على نظام الأسد.

حروب المصادر الطبيعية في سوريا

المدخل:

تشكل السيطرة على مصادر الطاقة الطبيعية أحد العناصر الحاسمة لصراع القوة بين الأطراف الفاعلة في الساحة السورية. فعلى الرغم من نجاح نظام الأسد على هزيمة المعارضة عسكريًّا ومحاصرتها في إدلب وضواحيها بمساعدة روسيا وإيران؛ فإن حوالي ثلاثة أرباع مصادر البلاد الطبيعية تحت سيطرة وحدات حماية الشعب YPG وقوات سوريا الديمقراطية SDG، وهما تنظيمان من تشكيلات حزب العمال الكردستاني الإرهابي PKK، ومدعومان من الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا. يسيطر YPG/SDG في الوقت الحالي على 50 ألف كم2 أي ما يعادل 30% من مساحة سوريا، وتضمّ المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم YPG الإرهابي على 50% من مساحة الأراضي السورية القابلة للري و70% من مصادر الطاقة و95% من الطاقة المائية في سوريا. في مثل هذه الأوضاع، لا يتمكن المواطنون السوريون من الحصول على الكفاية من حاجاتهم الأساسية من المياه العذبة والغذاء والطاقة والمنتجات الأخرى المتصلة بها، ويبقى نظام الأسد عاجزًا عن التحكم بإمدادات الطاقة والمياه والغذاء، ويحتاج في ذلك إلى دعم خارجي؛ لأنه غير قادر على السيطرة على مصادر الطاقة الطبيعة في البلاد. وقد زادت العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران ونظام الأسد من تهديدات أمن الطاقة، ويعاني نظام الأسد بسبب ذلك أزمة في إمدادات الطاقة، فيلجأ إلى التعامل مع تنظيم YPG الإرهابي الذي يشكل أكبر تهديد لوحدة البلاد، من أجل الحصول على احتياجاتها من النفط. ولا يكتفي تنظيم YPG الإرهابي بروابطه التجارية مع النظام، بل يقيم روابط مماثلة مع العديد من القوى الإقليمية والدولية المختلفة.

 امتد تأثير موجة الظروف والأحوال الاجتماعية التي شكلتها ثورة الشعوب العربية إلى سوريا أيضًا بدءًا من سنة 2011، وتحولت العملية إلى حرب داخلية بسبب الآليات المحلية إلى جانب صراعات القوى الإقليمية والدولية، ورافقها تدميرٌ كبيرٌ للبلاد. وتحولت هذه العملية التي بدأت بصراع الشعب السوري من أجل الحرية إلى حروب بالوكالة بسبب التدخلات الخارجية. وكانت السيطرة على المصادر الطبيعية من أكثر العناصر الحاسمة في صراع القوة بين الأطراف في الساحة السورية التي شهدت ارتفاع شأن كيان داعش الإرهابي ثم انحساره وتردِّيه. وعلى الرغم من نجاح نظام الأسد في هزيمة المعارضة عسكريًّا ومحاصرتها في إدلب وضواحيها بمساعدة روسيا وإيران- فإنه لم يتمكن من منع انتقال الجزء الأكبر من مصادر البلاد الطبيعية إلى سيطرة تنظيمي YPG وSDG الإرهابيين المدعومين من الولايات المتحدة الأمريكية.

  


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...