رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى تركيا خلال الزلزال

للقارئ الكريم أن يتخيل أن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن لتركيا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا هي الزيارة الأولى لوزير الخارجية الأميركي بعد سنتين من وصوله لموقع وزير الخارجية، علما أن أسلافه في وزارة الخارجية التركية زاروا أنقرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من وصولهم للموقع.

زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى تركيا خلال الزلزال

للقارئ الكريم أن يتخيل أن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن لتركيا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا هي الزيارة الأولى لوزير الخارجية الأميركي بعد سنتين من وصوله لموقع وزير الخارجية، علما أن أسلافه في وزارة الخارجية التركية زاروا أنقرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من وصولهم للموقع.

كما أن الزيارة لم تكن مباشرة لتركيا إنما كانت ضمن جولة أوروبية لبلينكن سيختتمها في اليونان، وهذا بحد ذاته مؤشر على برودة العلاقة بين الطرفين، وقد ذكر بعض الصحفيين الأتراك أنه ربما لو لم يحدث الزلزال لتأخرت زيارة بلينكن أكثر.

ناقش الطرفان ملف صفقة مقاتلات إف16، بقيمة 20 مليار دولار التي تعد تركيا بأمس الحاجة إليها وما زالت الإدارة الأميركية تتلكأ في تنفيذها وتعزو ذلك إلى الكونغرس

على الجانب الآخر لم يستح بلينكن بعد زيارته للمناطق المدمرة أن يقول إن الولايات المتحدة وتركيا لا تتفقان في كل شيء، وعلى الجانب الآخر لم يفوت وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو فرصة الرد حيث قال إن تعاون واشنطن مع المنظمات الإرهابية أمر غير صائب.

ولو نظرنا إلى القضايا التي تناولها الطرفان عدا موضوع الزلزال خلال الزيارة سنجد أنها كانت ملفات خلافية.

فقد ناقش الطرفان ملف صفقة مقاتلات إف16، بقيمة 20 مليار دولار التي تعد تركيا بأمس الحاجة إليها وما زالت الإدارة الأميركية تتلكأ في تنفيذها وتعزو ذلك إلى الكونغرس، ولكن مع أن بلينكن قال إن من مصلحة الولايات المتحدة عقد صفقة إف 16 مع تركيا إلا أن الأتراك مقتنعون أن الإدارة لا تريد أن تضغط على الكونغرس في حين بيدها أن تفعل ذلك.

أما الملف الخلافي الآخر فهو ملف انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، والتي لا تزال تركيا تشرطه بتعاون هذه الدول مع تركيا في مكافحة الإرهاب، وترى أن الدولتين لم تقوما بعد بتطبيق ما تعهدتا به. وبالطبع تريد الإدارة الأميركية انضمام السويد وفنلندا بأسرع وقت ممكن للناتو.

وكما ذكرنا أعلاه فإن أحد الملفات الخلافية المزمنة في العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة هي علاقة واشنطن الداعمة للوحدات الكردية التي تعتبرها تركيا تنظيمات إرهابية.

وحتى الملف الذي يبدو فيه نوع من التفاهم وهو دور تركيا في الحرب الروسية في أوكرانيا فإن تركيا لا تزال تنأى بنفسها عن الاصطفاف التام في الحلف الغربي، ومع العقوبات الغربية على روسيا ولا تزال تحافظ على دور الوسيط، وهي تقدم في هذا الصدد إنجازات جيدة على صعيد التوصل لتفاهمات مثل اتفاقية ممر الحبوب على سبيل المثال.

باختصار حتى على مستوى الشكل والخطاب الدبلوماسي لم تعبر واشنطن عن تضامن واضح مع تركيا خلال الزلزال، كما أن تقديمها مبلغا بقيمة 85 مليون دولار بحجم دولة كالولايات المتحدة يعتبر ضئيلا إذا ما قلنا إن رجل أعمال باكستاني قدم لضحايا الزلزال ومتضرريه 33 مليون دولار.

لا تغيير في المواضيع الجيوسياسية التي كانت قبل الزلزال وكل ما يدور من حديث حول دبلوماسية الزلزال لا يحمل كثيرا من التغيير سوى بعض الهدوء في المواقف

وعلى مستوى الصورة يقارن الأتراك بين صورة بلينكن الذي قام بجولة من الجو للاطلاع على آثار الزلزال وصورة الرئيس الأميركي بيل كلينتون في تركيا في عام 1999 بعد زلزال إزميت حيث توجه كلينتون إلى المدينة وظهر الرئيس الأميركي يحمل طفلا تركيا ناجيا بيديه وكانت صورة باقية في ذاكرة الأتراك الذين عاشوا تلك الفترة.

ولو زار جو بايدن تركيا بعد الزلزال في سياق زيارته لأوكرانيا والتقى بالرئيس أردوغان أو زار أحد الأماكن المنكوبة، لربما كان هناك أثر للزيارة أو مجال للمحللين لتوقع حدوث تغيير ولو بسيط، ولكن يبدو أنه لا تغيير في المواضيع الجيوسياسية التي كانت قبل الزلزال وكل ما يدور من حديث حول دبلوماسية الزلزال لا يحمل كثيرا من التغيير سوى بعض الهدوء في المواقف والذي يمكن أن يكون مؤقتا.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...