في السنوات الأخيرة، ومع موجات الهجرة العالمية المتلاحقة، اتّخذت سوريا موقعًا متقدّمًا بين أكثر الدول المصدّرة للاجئين، حيث خلّفت تداعيات الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من عقد تغييرات دائمة في ديناميكيات الهجرة الإقليمية. ومنذ سقوط النظام في سوريا، احتدت النقاشات على المستويين الوطني والدولي بشأن العودة الطوعية والآمنة والكريمة للسوريين. وتتمثل العوامل الأساسية المؤثرة في قرارات عودة السوريين في أوضاع الأمن داخل سوريا، وضمان الاستمرارية الاقتصادية، وآليات الاندماج الاجتماعي بعد العودة، والإطار القانوني الناظم للعملية. وإلى جانب ذلك، تُعَدّ التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تشهدها تركيا، بوصفها الدولة المضيفة لملايين اللاجئين السوريين، من بين العوامل الحاسمة في تحديد مسار هذه العملية.
تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الفجوة بين المقاربات المثالية لعودة السوريين والواقع القائم على الأرض. وفي هذا السياق، ستتناول الدراسة استمرارية عملية العودة الطوعية في ضوء المعايير الدولية الموجهة لسياسات العودة، والسياسات الحالية لتركيا، والظروف التي توفرها سوريا لعودة اللاجئين، وستناقش السياسات الجديدة التي تنتهجها تركيا بدءًا من عام 2024، وإستراتيجيات الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية في هذا المجال، بالإضافة إلى العراقيل الهيكلية التي يواجهها السوريون خلال هذه العملية. وانطلاقًا من ذلك، ستقدّم الدراسة تحليلًا لعملية العودة استنادًا إلى البيانات المستقاة من المصادر الثانوية والإحصاءات الحديثة.