تواجه الرباعية المصرية-الخليجية، التي تضم مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، التي أدّت دورًا مهمًّا في التطورات الحاسمة في الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي، تحديات كبيرة اليوم. في أبريل 2025، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بجولة ”خليجية“ شملت قطر والكويت، لكنها لم تشمل السعودية والإمارات العربية المتحدة. وهذا يشير إلى خلاف مزعوم بين الإدارات في القاهرة والرياض وأبو ظبي. في الواقع، بدأت العلاقات بين مصر ودول الخليج، التي تُعَدّ من أكثر العلاقات إستراتيجية في العالم العربي والشرق الأوسط، عندما انفصلت القاهرة عن الكتلة الشرقية بعد توقيع اتفاقية سلام مع تل أبيب خلال الحرب الباردة. بعد ذلك، تعززت هذه العلاقات بشكل كبير بفضل موقف مصر الداعم للكويت خلال حرب الخليج الثانية.
تنظر دول الخليج إلى مصر على أنها مركز الثقل والعمق الإستراتيجي للعرب. في الواقع، تعكس مصر، التي تضم ربع سكان العالم العربي، التراث الثقافي والسياسي للمنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تُعَدّ مصر مصدرًا للعمالة الماهرة والمنضبطة في مختلف المجالات التي تحتاج إليها دول الخليج. في الواقع، منذ ستينيات القرن الماضي، زوّدت مصر دول الخليج بالعمالة المتعلمة والمؤهلة، منهم: الأطباء والمهندسون والقضاة والأكاديميون والمعلمون والعمال والحرفيون علاوة على ذلك، تنظر دول الخليج إلى الجيش المصري، الذي يُعَدّ الأكبر في العالم العربي، على أنه صمام أمان للمنطقة العربية. وقد أكد هذا الافتراض خطاب السيسي في عام 2014. قبل أحد عشر عامًا، في مقابلة تلفزيونية مع الصحفية زينة يازجي، أجاب السيسي عن سؤالها: ”ماذا ستفعل مصر إذا تعرضت أي دولة عربية للتهديد؟“ بقوله الآتي: "الجيش المصري قوي؛ فهو يمتلك قوة عقلانية دفاعية وليست هجومية. عندما يُطلَب منا، نكون حاضرين... طالما نحن هنا، لا يمكن لأحد أن يتعرض للتهديد".
بهذا الرد، عزّز السيسي ثقة دول الخليج. بالنسبة لمصر، كانت دول الخليج مصدرًا مهمًّا لاحتياطيات النقد الأجنبي. منذ سبعينيات القرن الماضي، شكلت التحويلات المالية التي يرسلها المصريون العاملون في الخليج العمود الفقري للاقتصاد المصري. علاوة على ذلك، تشكل استثمارات دول الخليج في مصر، التي تبلغ قيمتها حوالي 80 مليار دولار، أهم مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد. على سبيل المثال، أسهمت دول الخليج في حل أزمة الديون مصر الخارجية بعد عام 1990 وساعدت في إنعاش الاقتصاد المصري خلال الأزمة المالية الصعبة في التسعينيات. بعد عام 2011، تحولت عملية الربيع العربي إلى كابوس لدول الخليج، خاصة مع الإطاحة بحسني مبارك، أحد أهم حلفاء الخليج. ومع ذلك، فإن استمرار دعم دول الخليج للاقتصاد المصري خلال الفترة الانتقالية لحكومة المجلس العسكري التي وصلت إلى السلطة بعد الثورة في مصر أكدت الشراكة الإستراتيجية بين دول الخليج والجيش المصري.
خلال هذه الفترة، عدّت دول الخليج صعود الحركات الإسلامية إلى السلطة في العديد من الدول العربية تهديدًا لها؛ وهذا مهد الطريق لدول الخليج، باستثناء قطر، لدعم التدخل العسكري وتغيير النظام في مصر عام 2013. وفي هذا الإطار، أسهمت دول الخليج في اعتراف المجتمع الدولي بالنظام العسكري في مصر بعد عام 2013. على سبيل المثال، أرسلت المملكة العربية السعودية وزير خارجيتها المخضرم سعود الفيصل إلى العواصم الغربية لحشد الدعم لنظام السيسي. بناءً على هذه التطورات، يمكن القول: إن عام 2014 شهد بداية التحالف الإستراتيجي الرباعي بين مصر ودول الخليج.
