على الرغم من أن تركيا ومصر شهدتا صعودًا وهبوطًا بوصفهما قوتين إقليميتين رئيستين في جغرافيا صعبة مثل الشرق الأوسط، إلا أنهما دولتان تعطيان دائمًا أهمية للعلاقات المتبادلة. وفي نهاية المطاف فإن الذي يجعل العلاقات بين مصر وتركيا حتمية هو التاريخ والثقافة/الحضارة المشتركة والقرب الجغرافي. إن المصالح الاقتصادية والجيوسياسية للبلدين، عند النظر إليها مع الدوافع المذكورة آنفًا- تؤدي إلى العمل الوثيق في العديد من القضايا، وبخاصة السياسة الخارجية. ومن منظور آخر، تُعَدّ العلاقات التركية المصرية من أهم العوامل المؤثّرة في التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. لأن البلدين من الدول التي تمتلك الإمكانات التي لا يمكن تجاهلها في قيادة المنطقة. ومع ذلك، شهد العقد الماضي مواجهة خطيرة بين البلدين. وبعد رد فعل تركيا القاسي على التدخل العسكري في مصر، جرى تجميد العلاقات واصطدم الطرفان وجهًا لوجه بشأن القضايا الجيوسياسية الحاسمة مثل شرق البحر الأبيض المتوسط وليبيا.
منذ عام 2021، شهدت العلاقات الثنائية محاولة للتقارب، ومن أجل تطبيع العلاقات شُكِّلت وفود فنية وبدأت المفاوضات. وبعد المصافحة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حفل افتتاح بطولة العالم التي أُقِيمت في قطر في نوفمبر 2022، ظهرت الإرادة للتطبيع أولًا ثم الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى المستوى التالي بشكل واضح. وقد مثلت زيارة الرئيس أردوغان إلى القاهرة في 14 فبراير 2024 نقطة تحول جديدة في العلاقات.
ومع تهديد التحديات الإقليمية لكلا البلدين وبدء المصالح المشتركة في الظهور مرة أخرى، يميل الطرفان إلى وضع الماضي جانبًا وفتح صفحة جديدة في العلاقات. ومن أجل تحقيق التقارب، قام الطرفان مؤخّرًا بتقسيم مناطق الخلاف إلى أجزاء وترك الحلول تدريجيًّا للوقت. إن التعاون في الملفات التي يمكن التوصل إلى اتفاق فيها وترك الملفات التي من شأنها أن تسبب الخلاف إلى الخطوة التالية، أصبح أسلوبًا مهمًّا لإعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح. ومع زيارة أردوغان إلى القاهرة، من المتوقع إحراز تقدم جدي في المجالات الإشكالية.