رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

التقارب التركي مع دول أمريكا اللاتينية: الأبعاد والعقبات

تتناول هذه الدراسة التوجه التركي نحو تعزيز العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية، وذلك من خلال تحديد الدوافع التركية، والمحددات الداخلية والخارجية الحاكمة لتحركاتها في القارة اللاتينية، وأبعاد الانخراط التركي، وملامحه، وأدواته، مع التركيز على التحديات التي تواجه الجهود التركية المبذولة لتعزيز حضورها في أمريكا اللاتينية، ولاسيَما مع صعود تيار اليمين إلى سدة السلطة في العديد من تلك الدول، والأزمة السياسية الراهنة التي تواجه فنزويلا، التي تعد الشريك الرئيس لتركيا في أمريكا اللاتينية. وخلصت الدراسة إلى أنه على الرغم من التطور الحادث في العلاقات بين تركيا وأمريكا اللاتينية، فإنها لم ترق بعد إلى المستوى المطلوب، وهو ما يستلزم دعم البعد الثقافي، ومن ذلك التعاون في المجال الأكاديمي، وتعلم اللغات الأصلية، ودعم حركة التبادل الطلابي؛ من أجل تعزيز المعرفة والوعي المشترك بالأوضاع الداخلية، والتوجهات الخارجية الخاصة بكلا الطرفين.

التقارب التركي مع دول أمريكا اللاتينية: الأبعاد والعقبات

ملخّص

تتناول هذه الدراسة التوجّه التركي نحو تعزيز العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية، وذلك من خلال تحديد الدوافع التركية، والمحدّدات الداخلية والخارجية الحاكمة لتحركاتها في القارة اللاتينية، وأبعاد الانخراط التركي، وملامحه، وأدواته، مع التركيز على التحديات التي تواجه الجهود التركية المبذولة لتعزيز حضورها في أمريكا اللاتينية، ولاسيّما مع صعود تيار اليمين إلى سدة السلطة في العديد من تلك الدول، والأزمة السياسية الراهنة التي تواجه فنزويلا، التي تُعدّ الشريك الرئيس لتركيا في أمريكا اللاتينية. وخلُصت الدراسة إلى أنه على الرغم من التطور الحادث في العلاقات التركية اللاتينية، فإنها لم ترتقِ بعد إلى المستوى المطلوب، وهو ما يستلزم دعم البعد الثقافي، ومن ذلك التعاون في المجال الأكاديمي، وتعلّم اللغات الأصلية، ودعم حركة التبادل الطلابي؛ من أجل تعزيز المعرفة والوعي المشترك بالأوضاع الداخلية، والتوجّهات الخارجية الخاصة بكلا الطرفين.

سعت تركيا خلال العقود الأخيرة إلى توسيع نطاق علاقاتها الدولية، وتعزيز حضورها في العديد من الملفات الدولية، كما برز الدور المتنامي لتركيا في الجنوب العالمي، وبخاصة فيما يتعلق بتوسيع شبكاتها الدبلوماسية، وتقديم المساعدات الإنسانية، والتعاون على مستوى النظم الإقليمية الفرعية في العديد من أقاليم العالم ومناطقه، مع التحول الحادث في السياسة الخارجية التركية الذي سمح لأنقرة باتباع سياسة خارجية أكثر نشاطًا وانفتاحًا، بما في ذلك أمريكا اللاتينية، إلى جانب شركائها التقليديين، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، عملت تركيا على اتّباع سياسة خارجية فعّالة حيال منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي في إطار سياستها الخارجية متعددة الأبعاد، مستفيدة في ذلك من تراجع الاهتمام الأمريكي بدول أمريكا اللاتينية، وسعي تلك الدول إلى ترسيخ علاقات التعاون مع غيرها من القوى الصاعدة في العالم في إطار ما يُعرف بـ"إستراتيجية تعاون الجنوب- الجنوب" التي تبنتها أحزاب اليسار التي وصلت إلى السلطة في عدد كبير من دول أمريكا الجنوبية منذ مطلع عام 2000. وهو الأمر الذي جاء متوافقًا إلى حدّ كبير مع الإستراتيجية التركية القائمة على تنويع خريطة التحالفات والشراكات الدولية، مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا عام 2002.

أوّلًا: دوافع التقارب التركي مع أمريكا اللاتينية ومحدّداته

يمكن القول:  إنّ هناك عددًا من الدوافع والمحددات الحاكمة للمساعي التركية الرامية إلى تعزيز علاقات التعاون والتنسيق مع دول أمريكا اللاتينية، وذلك على النحو الآتي:

1- تعزيز مكانة تركيا بوصفها قوة عالمية صاعدة

شهدت السياسة الخارجية التركية خلال حقبة الحرب الباردة حالة من الانكفاء على الداخل، واتبعت تركيا سياسة خارجية أحادية البعد من خلال التركيز المطلق على العلاقات مع الغرب، وتجاهل غيرها، مثل آسيا الوسطى، والشرق الأوسط، والشرق الأقصى، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي- ضمن أولويات واهتمامات السياسة الخارجية التركية خلال تلك الحقبة.(1)

ومع انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء نظام الثنائية القطبية، وفي ظل نظام عالمي متعدد الأقطاب- عملت تركيا على تعزيز العلاقات مع القوى الفاعلة الرئيسة في مختلف مناطق العالم وأقاليمه، سعيًا منها إلى توسيع نطاق الاتصالات الدبلوماسية والعلاقات التجارية، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة، وذلك من خلال تجاوز المحاور الإقليمية، وعدم الارتباط بمنطقة أو إقليم جغرافي بعينه، أو الاقتصار على بُعد واحد من أبعاد سياستها الخارجية.

ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002، تبنّت حكوماته المتعاقبة سياسة خارجية جديدة، قوامها الأساسي تعزيز الاستقلال القومي، وتقليل الاعتماد على الغرب من ناحية، وتنويع قاعدة شركاء تركيا وتعزيز حضورها في العديد من أقاليم العالم ودوله من ناحية أخرى. وكان طموح حكومات حزب العدالة والتنمية لجعل تركيا قوة إقليمية ذات ثقل عالمي حافزًا مهمًّا لاتباعها دبلوماسية نشطة تجاه أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، التي أضحت واحدة من الأقاليم المحورية، ذات الثقل الاقتصادي والسياسي الكبير.

ووفقًا لتوجّهات السياسة الخارجية التركية الجديدة فإن أمريكا اللاتينية (جنبًا إلى جنب مع إفريقيا) تؤدّي دورًا مهمًّا في تحقيق تطلعات تركيا للتحوّل من كونها "قوة إقليمية" إلى "دولة لها تأثير عالمي". لذا فقد عملت على تعزيز حضورها في القارة اللاتينية لتأكيد دورها بوصفها قوة صاعدة لها نفوذ وقدرة على التأثير في العديد من مناطق ودول العالم، وذلك من خلال السياسة الخارجية متعددة المسارات التي تجمع بين الأبعاد السياسية، الاقتصادية، والثقافية.  ومن هنا، جاء حرص أنقرة على تطوير العلاقات الثنائية مع دول القارة اللاتينية في مختلف المجالات، وفي مقدمتها: السياحة، التجارة، الاقتصاد، التعليم، والثقافة، وغيرها. إضافة إلى الاهتمام بوضع الأطر القانونية والمؤسسية اللازمة للتعاون مع المنظمات الإقليمية اللاتينية، وكذلك توظيف مصادر قوتها الناعمة سواء من خلال المساعدات الإنمائية، أو من خلال الثقافة والمسلسلات التركية في ترسيخ نفوذها في أمريكا اللاتينية.(2)

2- الدفع نحو إقامة نظام دولي متعدد الأقطاب

تسعى السياسة الخارجية التركية إلى إقامة نظام دولي متعدد الأقطاب، تؤدّي فيه القوى الصاعدة دورًا محوريًّا، في مواجهة المحاولات الأمريكية لفرض هيمنتها على العالم، وترسيخ الأحادية القطبية، لذا فقد حرصت أنقرة على عقد التحالفات مع شركاء جدد من أجل توسيع هامش الحركة المتاح أمامها، وبخاصة مع التوتر المتزايد في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ومع تعاظم النفوذ السياسي والثقل البشري والاقتصادي لدول أمريكا اللاتينية في التجمعات والمنتديات الدولية متعددة الأطراف، ومع تمثله من كتلة تصويتية لا يُستهان بها داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة بحوالي (33) دولة، فقد أولت تركيا أهمية خاصة لتعزيز حضورها داخل القارة اللاتينية، وهو الأمر الذي انعكس بصورة إيجابية على بعض التحركات الدولية لتركيا؛ حيث أيدت غالبية دول أمريكا اللاتينية والكاريبي انتخاب تركيا بوصفها عضوًا غير دائم في مجلس الأمن الدولي للفترة (2009-2010).

وفي هذا السياق، كان الموقف التركي الرافض للتدخلات الأمريكية في الشؤون الداخلية لدول أمريكا اللاتينية، والمحاولات الأمريكية لنشر الفوضى وعدم الاستقرار داخل دول القارة، وتدبير الانقلابات ضد النظم المنتخبة هناك، وهو ما يعبّر عنه موقف تركيا الداعم لشرعية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في مواجهة الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ إعلان رئيس الجمعية الوطنية خوان غوايدو تنصيب نفسه رئيسًا مؤقتًا للبلاد في الثالث والعشرين من يناير 2019م، وهي الخطوة التي لاقت دعمًا أمريكيًّا وأوروبيًّا كبيرًا.

وانتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشدة موقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي اعترفت بزعيم المعارضة، وقال: "إن تصريح ترامب صدمني، كيف يمكن أن يصدر عنه موقف كهذا، وهو شخص يؤمن بالديمقراطية ويحترم نتائج الانتخابات؟". ولم يكتف الرئيس التركي بذلك بل طالب مادورو بالصمود والمقاومة، واصفًا ما يجري في فنزويلا بأنه "محاولة انقلاب ضد رئيس شرعي". ودعت تركيا إلى دعم فنزويلا في تجاوز أزمتها الاقتصادية التي تهدد الاستقرار في البلاد، مشددة على ضرورة احترام نتائج انتخابات الرئاسة الفنزويلية التي فاز فيها نيكولاس مادورو.

ويأتي موقف تركيا المساند للرئيس مادورو على خلفية العلاقات المتميزة التي بين تركيا وفنزويلا، حيث قام الرئيس مادورو خلال عامين بأربع زيارات إلى تركيا، بينما قام الرئيس التركي بآخر زيارة له إلى فنزويلا في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2018، وأدان أردوغان خلالها العقوبات الغربية المفروضة على فنزويلا، ووصف مادورو خلال الزيارة الرئيس التركي بأنه "الصديق والقائد للعالم الجديد المتعدد الأقطاب"، أما الرئيس التركي فقد صرح خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الفنزويلي: "نعدّ فنزويلا دولة مهمّة جدًّا في إطار سياسة انفتاحنا نحو قارة أمريكا اللاتينية"، وهذا يعكس عمق العلاقات التركية الفنزويلية. 

ويتفق الرئيسان على رفض العقوبات الغربية والحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة ضد بلديهما، كما تقدّم فنزويلا العديد من الفرص الاستثمارية في ظل ما تمتلكه البلاد من احتياطات ضخمة من الذهب والنفط، حيث أصبحت تركيا من أهم مستوردي خام الذهب من فنزويلا خلال الآونة الأخيرة، وبلغت قيمة وارداتها من الذهب نحو 900 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2018. هذا إضافة إلى المساعدات الإنسانية والوجبات الغذائية التي تقدمها تركيا بأسعار مخفّضة لملايين الفقراء في فنزويلا، والتي تنقلها الخطوط الجوية التركية جوًّا إلى كراكاس، إضافة إلى تنفيذ تركيا عدة مشروعات للبنية التحتية، إلى جانب توفير المعدات الطبية لفنزويلا.(3)

شهدت السياسة الخارجية التركية خلال حقبة الحرب الباردة حالة من الانكفاء على الداخل واتبعت تركيا سياسة خارجية أحادية البعد من خلال التركيز المطلق على العلاقات مع الغرب وتجاهل غيرها

 3- تنويع الشركاء التجاريين وتعزيز النمو الاقتصادي

خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، شهدت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي نموًّا اقتصاديًّا ثابتًا في أعقاب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي عانتها طوال ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته. وخلال السنوات الأولى من الألفية الجديدة، كان الأداء الاقتصادي المرتفع لعدة بلدان من أمريكا اللاتينية، وتحديدًا: تشيلي والبرازيل والمكسيك، مصدرًا مهمًّا لجذب تركيا إلى أمريكا اللاتينية، التي رأى فيها المسؤولون الأتراك الفضاء الجديد للشراكة الاقتصادية.

وبناء على ذلك، شكّلت أمريكا اللاتينية منطقة حيوية وإستراتيجية، ونظر إليها المسؤولون الأتراك على أنّها "أرض الفرص"، في ظل وجود فرص اقتصادية واسعة النطاق في مجالات التجارة والاستثمار. ويأتي ذلك في ضوء ضخامة القوة البشرية لأمريكا اللاتينية، التي بلغ عدد سكانها 644 مليون نسمة، وكذلك قوتها الاقتصادية الكبيرة، حيث بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا اللاتينية والكاريبي ما يقرب من 5.97 تريليون دولار، وفقًا لبيانات البنك الدولي لعام 2017(4)، إضافة إلى وفرة الموارد الطبيعية فيها، حيث تُعدّ أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في الوقت الحالي ثالث أكبر مورد للطاقة، وأكبر منتج للمواد الغذائية في العالم.(5)

وعلى الجانب الآخر، أوجدت بعض التطورات الاقتصادية الإقليمية والدولية الفرصة المواتية للمزيد من التعاون على مختلف المستويات، حيث تأكدت حاجة تركيا إلى تدعيم العلاقات الاقتصادية مع أمريكا اللاتينية، ولاسيّما بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، التي ضربت بشدة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وفي السياق ذاته، استهدفت الإستراتيجية التركية الجديدة للتقارب مع دول الجنوب ومن بينها أمريكا اللاتينية- مواجهة الضغوط الأوروبية والعقوبات الأمريكية التي تُفرَض عليها بين الحين والآخر، وكذلك تقليل التأثيرات السلبية للأوضاع غير المستقرة لجيرانها في الإقليم في الداخل التركي، حيث شكّلت حالة عدم الاستقرار التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، دافعًا قويًّا لتركيا لتنويع شركائها التجاريين بعيدًا عن أسواق التصدير التقليدية في المنطقة.(6)

وفي ظل سعي معظم دول القارة اللاتينية إلى تنويع علاقاتها التجارية مع مختلف دول العالم، ونظرًا لأن تركيا تُعدّ دولة إقليمية محورية في منطقة الشرق الأوسط، فقد وفّر ذلك فرصًا اقتصادية متنوعة لدول أمريكا اللاتينية. وقد أسهمت تلك التطورات كافة في تعزيز التقارب الاقتصادي بين الطرفين، حيث تجاوز عدد الاتفاقيات التي وقعتها تركيا مع دول أمريكا اللاتينية 200 اتفاقية، تغطي موضوعات ومجالات اقتصادية وتجارية متنوعة.

ثانيًا: مؤشرات الحضور التركي في أمريكا اللاتينية

يُعدّ الاهتمام التركي بالتقارب مع أمريكا اللاتينية مسألة حديثة، على الرغم من وجود علاقات تاريخية، تعود جذورها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مع حدوث موجات هجرة عديدة من الإمبراطورية العثمانية إلى أمريكا اللاتينية؛ ابتداءً من عام 1860 وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى. وقد أُطلِق على هؤلاء المهاجرين وبخاصة من سوريا ولبنان الذين كانوا في أغلبيتهم من العرب- "الأتراك"؛ بسبب حملهم جوازات سفر عثمانية. وأسهمت الزيارة التي قام بها إمبراطور البرازيل، بيدرو الثاني خلال عام 1877 إلى الإمبراطورية العثمانية (تحديدًا إلى لبنان وسوريا)، في تشجيع الرعايا العثمانيين على الهجرة إلى البرازيل التي كانت تحتاج إلى قوة بشرية للعمل في مزارعها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وأعقبت تلك الهجرات والاتصال البشري حدوث تواصل سياسي، حيث كانت أوضاع المهاجرين محورًا مهمًّا للنقاش بين الإمبراطورية العثمانية والدول المضيفة في أمريكا اللاتينية(7).

شكّلت أمريكا اللاتينية منطقة حيوية وإستراتيجية ونظر إليها المسؤولون الأتراك على أنّها "أرض الفرص"، في ظل وجود فرص اقتصادية واسعة النطاق في مجالات التجارة والاستثمار

وظلّت الاتصالات ضعيفة بين الطرفين خلال حقبة الحرب الباردة، حتى زادت منذ تسعينيات القرن الماضي، ففي عام 1998 أدرجت تركيا اهتمامها بترسيخ العلاقات مع دول المنطقة ضمن ما أسمته "خطة عمل أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي"، حيث دعت سفراء دول أمريكا اللاتينية والكاريبي المعتمدين لديها، وكذلك ممثلي القطاعين العام والخاص من الجانبين، لمناقشة سبل تطوير العلاقات التركية مع المنطقة. وكان من بين الأهداف الرئيسية للخطة استكمال الإطار القانوني اللازم لتطوير العلاقات الثنائية، وتشجيع الحوار السياسي على مستوى عالٍ، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية من خلال مشاركة القطاع الخاص... إلى جانب انضمام تركيا إلى عضوية المنظمات الإقليمية في أمريكا اللاتينية والكاريبي.

ومنذ مطلع الألفية الثالثة بدأ الاهتمام الحقيقي بتعزيز الحضور التركي في أمريكا اللاتينية إلى ما يتجاوز العلاقات الدبلوماسية الرسمية. واكتسبت العلاقات بين الطرفين زخمًا جديدًا مع إعلان تركيا عام 2006 "عام أمريكا اللاتينية والكاريبي" في محاولة لخلق المزيد من الروابط، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع دول المنطقة.

 

1- الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى

اكتسبت العلاقات التركية اللاتينية قوة دفع حقيقية مع زيارة الرئيس الأرجنتيني الأسبق كارلوس منعم تركيا في عام 1992، والتي كانت أول زيارة يقوم بها مسؤول بهذا المستوى الرفيع من أمريكا اللاتينية. كما شكّلت زيارة الرئيس الأسبق سليمان داميرال إلى الأرجنتين والبرازيل وتشيلي في عام 1995 -التي كانت الزيارة الأولى في التاريخ التي يقوم بها رئيس جمهورية تركي لأمريكا اللاتينية- نقطة تحول جوهرية في تاريخ العلاقات بين الجانبين، كما أفسحت المجال أمام مد جسور التعاون في مجالات وقضايا عدة من الدفاع إلى التجارة، بما في ذلك التعاون التعليمي والتكنولوجي والطاقة ومكافحة الاتِّجار بالمخدرات. ومن المهم الإشارة إلى إنه خلال تلك السنة فقط، تم التوقيع على ثماني اتفاقيات ثنائية.

وكانت الجولة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في عام 2015 إلى كلّ من المكسيك، وكولومبيا، وكوبا- هي الجولة الثانية التي يقوم بها رئيس جمهورية تركي للمنطقة بعد انقطاع أكثر من عشرين عامًا. كما قام الرئيس التركي بجولة أخرى للمنطقة خلال الفترة ما بين 31 يناير و4 فبراير 2016، شملت كلًّا من تشيلي وبيرو والإكوادور. وأعقب ذلك زيارة رسمية لوزير الخارجية التركي مطلع عام 2017 إلى كل من الأرجنتين وباراغواي وجمهورية الدومينيكان.​ علاوة على الجولة الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي في ديسمبر 2018 إلى كلّ من الأرجنتين وباراغواي ( أول زيارة للرئيس التركي لكلا البلدين)، وكذلك فنزويلا. وكان يرافق الرئيس أردوغان خلال الزيارات الثلاث التي قام بها، وفد كبير من الوزراء، وكبار المسؤولين الحكوميين، ورجال الأعمال.

وعلى مستوى الزيارات التي قام بها رؤساء دول أمريكا اللاتينية لتركيا، فقد استقبلت أنقرة في عام 2009 رئيس البرازيل وكوستاريكا، وفي 2011 زارها رؤساء كولومبيا، والبرازيل، والأرجنتين، وفي العام التالي زارها رؤساء تشيلي، والإكوادور، وكولومبيا، وفي عام 2013 زارها رئيس المكسيك، وفي عام 2015 زارها الرئيسان المكسيكي والبرازيلي من أجل المشاركة في اجتماع قمة قادة الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، وفي عامَي 2016 و2017 زارها رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو.(8)

2- الحضور الدبلوماسي والسياسي

كانت تشيلي الدولة الأولى في المنطقة التي اعترفت بالجمهورية التركية في عام 1926، وكانت الدولة الأولى التي تفتتح تركيا فيها سفارة لها في أمريكا اللاتينية عام 1930. وابتداء من أربعينيات القرن الماضي توالى افتتاح تركيا لسفاراتها في دول المنطقة. وخلال السنوات الأخيرة سعت أنقرة إلى توسيع شبكة التمثيل الدبلوماسي لدى دول أمريكا اللاتينية، وكانت باراغواي أحدث دولة في المنطقة، تعلن تركيا اعتزامها فتح سفارة لها لديها، وذلك في سبتمبر 2018، عقب قرار الأولى إعادة سفارتها لدى (إسرائيل) من القدس إلى تل أبيب. (9)

وارتباطًا بما سبق، رُفِع مستوى العلاقات بين تركيا من جهة والمكسيك والبرازيل من جهة أخرى إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، إضافة إلى تأسيس آلية للتشاور السياسي مع 17 دولة من دول المنطقة، وهي: الأرجنتين، وبوليفيا، والبرازيل، وجمهورية الدومينيكان، والإكوادور، والسلفادور، وغواتيمالا، وغويانا، وكولومبيا، وكوستاريكا، وكوبا، والمكسيك، وباراغواي، وبيرو، وتشيلي، وأوروغواي، وفنزويلا.

وفي السياق ذاته، حرصت تركيا على تطوير العلاقات مع برلمانات دول المنطقة، سواء من خلال السعي لاكتساب صفة عضو مراقب في برلمان أمريكا اللاتينية، أو من خلال إقامة اتصالات مع البرلمانات الإقليمية، مثل برلمان أمريكا الوسطى، والاتحاد البرلماني في الأمركيتين، وبرلمان السوق المشتركة للجنوب. وشكلت جمعيات الصداقة بين البرلمان التركي وبرلمانات دول أمريكا اللاتينية إطارًا آخر للتعاون والحوار، وهناك إحدى عشر جمعية للصداقة البرلمانية بين تركيا وكلّ من: الأرجنتين، والبرازيل، وفنزويلا، وتشيلي، والمكسيك، وكوبا، وكوستاريكا، وأوروغواي، وجامايكا، وكولومبيا، وبنما.(10)

3- عضوية التجمعات الإقليمية في أمريكا اللاتينية والكاريبي

لم تكتفِ تركيا بالتعاون مع حكومات دول أمريكا اللاتينية فرادى، ولكن سعت أيضًا إلى إيجاد آليات مؤسسية دائمة للتشاور والتنسيق مع أغلب المنظمات الإقليمية في القارة، وذلك من خلال اكتساب صفة عضو مراقب في كل من: منظمة الدول الأمريكية، واتحاد دول الكاريبي، والسوق المشتركة للجنوب (ميركوسور)، ومجموعة ريو، والجماعة الكاريبية، وتحالف المحيط الهادئ.

أوجدت بعض التطورات الاقتصادية الإقليمية والدولية الفرصة المواتية للمزيد من التعاون على مختلف المستويات حيث تأكدت حاجة تركيا إلى تدعيم العلاقات الاقتصادية مع أمريكا اللاتينية ولاسيّما بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008

وأقامت تركيا آلية للتشاور والتعاون السياسي مع تجمع ميركوسور في عام 2010، وكذلك تجمع دول الكاريبي الذي يضم 15 دولة كاريبية في عام 2011. وفي يوليو 2014 عُقد في إسطنبول الاجتماع الأول لآلية المشاورات والتعاون في تجمع دول الكاريبي على مستوى وزراء الخارجية، ليكون الاجتماع الأول من نوعه الذي يُعقَد على هذا المستوى الرفيع بين تركيا وتجمّع دول الكاريبي(11). وفيما يتعلق بتجمع ميركوسور، فإضافة إلى عضوية تركيا بصفة مراقب فيه، فقد وقعت في عام 2008 على "اتفاقية إطارية لإنشاء منطقة للتجارة الحرة بين الطرفين". وفي ديسمبر 2010، وُقِّع على مذكرة تفاهم لإقامة حوار سياسي بين الأحزاب السياسية في دول تجمع ميركوسور ونظيراتها في تركيا. وفي عام 2015 وقَّعت تركيا اتفاقًا مع منظمة التكامل لدول أمريكا الوسطى لتكون عضوًا مراقبًا في المنظمة التي تضمّ كلًّا من كوستاريكا، والسلفادور، وغواتيمالا، وهندوراس، ونيكاراغوا، وبنما، وبليز. إضافة إلى انضمام تركيا إلى عضوية لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية في أمريكا اللاتينية والكاريبي ومقرها تشيلي في يوليو 2017. علاوة على عقد اجتماعات دورية بين وزراء خارجية تركيا والمجموعة الرباعية في رابطة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي. وشكلت الجهود المذكورة كافةً ركائز قويّة للحوار والتنسيق السياسي بين تركيا ودول أمريكا اللاتينية والكاريبي.(12)

4- التنسيق على مستوى المنظمات والتجمعات الدولية

إلى جانب الاتصالات رفيعة المستوى بين تركيا وأمريكا اللاتينية ودول الكاريبي على المستوى الثنائي- فقد برز التنسيق بين الطرفين في إطار تعاون الجنوب– الجنوب، ومن خلال العضوية المشتركة في بعض المنظمات الدولية. وشكلت عضوية ودور تركيا في مجموعة العشرين (G20)  التي تضم أيضًا ثلاثة بلدان من أمريكا اللاتينية – هي: الأرجنتين والبرازيل والمكسيك – فرصة مهمّة لتعزيز التحالفات الإستراتيجية لتركيا خارج نطاق التكتل الأطلسي من ناحية، وتنسيق المواقف والرؤى مع دول القارة اللاتينية الأعضاء في المجموعة من ناحية أخرى. وتُمثل مجموعة العشرين أهمية خاصة بالنظر إلى ما تعكسه من تغيّر في ميزان القوة الاقتصادية الدولية لمصلحة القوى الصاعدة، التي كانت المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي العالمي خلال العقد الماضي.

وعلى الرغم من البُعد الجغرافي بين تركيا وأمريكا اللاتينية كان هناك شعور بالتضامن بين الطرفين في إطار المنظمات والهيئات الدولية، للمطالبة بالتمثيل العادل للدول النامية، والدفاع عن مصالحها. وفي هذا الإطار اشترك الطرفان في عضوية مجموعة الثلاثة والثلاثين G33، التي تستهدف الدفاع عن مصالح وحقوق الدول النامية داخل منظمة التجارة العالمية، وبخاصة فيما يتعلق بقطاع الزراعة، وتطالب بحصول تلك الدول على استثناءات خاصة فيما يتعلق بفتح أسواقها، وكذلك إعفاءات جمركية على بعض منتجاتها الزراعية. وبالمثل، فتركيا جزء من مجموعة "أصدقاء مفاوضات مكافحة الإغراق"، مع البرازيل، وتشيلي، وكولومبيا، وكوستاريكا والمكسيك، التي تعمل على تحسين استخدام إجراءات مكافحة الإغراق التجاري داخل منظمة التجارة العالمية.

هذا إضافة إلى عضوية تركيا وكذلك المكسيك، إلى جانب إندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وأستراليا في مجموعة MIKTA- التي تشكّلت عام 2013، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك بهدف دعم الحكم العالمي الفعّال والرشيد، وإيجاد حلول مشتركة للمشكلات العالمية، عن طريق الحوار والتعاون وبنظرة تتجاوز الاختلافات الإقليمية، إلى جانب تعاون تركيا مع بعض دول القارة اللاتينية في إطار ما يُعرف بمبادرة "تحالف الحضارات".(13)

علاوة على ذلك عملت تركيا على تنسيق مواقفها مع بعض القوى الصاعدة في أمريكا اللاتينية، وفي مقدمتها البرازيل، خلال فترة حكم حزب العمال للبلاد (2002-2016)، في ظلّ سعي البلدين إلى اتباع سياسة خارجية مستقلة عن القوى الغربية الكبرى. واتضحت الشراكة بين البلدين على المستوى الدولي مع قيامهما بتوقيع اتفاق مع إيران في 17 مايو 2010 بخصوص تبادل الوقود النووي بين إيران والغرب، حيث حدّد الاتفاق ضوابط هذا التبادل. وبالرغم من عدم تنفيذ هذا الاتفاق نتيجة المعارضة الأمريكية، فإنه قد قدّم مثالًا مهمًّا لكيفية إمكان القوى الناشئة غير الغربية أن تُقدّم حلولًا بديلة للتعامل مع قضايا الأمن العالمي، كما عبّر الاتفاق عن بروز مجموعة من القوى الصاعدة، الراغبة في تولّي مسؤوليات القيادة الدولية، والساعية إلى بناء نظام دولي جديد من منظور مغاير للقوى المهيمنة على العالم(14). وفي السياق ذاته دعمت تركيا التطلعات الدولية لبعض دول القارة اللاتينية حيث ساندت الطلب الذي تقدّمت به كولومبيا في مايو 2018، للانضمام إلى عضوية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)(15).

5- الحضور الاقتصادي والتجاري

خلال السنوات الأخيرة برزت أهمية الأسواق التركية واللاتينية لصادرات كلّ منهما،ووأمريكااللاتينية<؛؛؛؛؛؛؛؛ لذلك فقد جاءت الطفرة في مستوى الاتصالات المتبادلة والبعثات التجارية، متزامنة مع الزيادة في حجم التبادل التجاري بين الطرفين من 600 مليون دولار عام 1995 إلى 2.2 مليار دولار في عام 2005، ثم تجاوز الضعف في عام 2017 فبلغ أكثر من 9.2 مليار دولار(16). ومعظم الواردات من أمريكا اللاتينية -باستثناء الواردات القادمة من الأرجنتين والبرازيل- سلع أولية ومنتجات زراعية، تشمل النحاس والوقود، والمعادن والنفط، إلى جانب الآلات والمعدات الكهربائية، بينما معظم صادرات تركيا إلى دول المنطقة عبارة عن سلع مصنّعة، ومنها قِطَع غيار السيارات والمحركات والحديد والصلب والمواد اللازمة للمفاعلات النووية، المنسوجات والألياف الصناعية والزيوت النباتية والحيوانية، علاوة على النجاحات التي حققتها في مجال الصادرات الثقافية إلى أمريكا اللاتينية.(17)

وتماشيًا مع هدف تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية، وقّعت تركيا اتفاقيات للتعاون الاقتصادي والتجاري مع 18 دولة في أمريكا اللاتينية والكاريبي، ففي عام 2009، وقّعت أول اتفاقية للتجارة الحرة مع تشيلي، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2011. وبدأت المفاوضات للتوقيع على اتفاقيات للتجارة الحرة مع المكسيك، والإكوادور، وبيرو، وكولومبيا، وفي ذات الوقت، عقدت تركيا اتفاقات لإقامة منطقة للتجارة الحرة مع تجمع دول الكاريبي، وميركوسور، وتحالف المحيط الهادئ، وتهدف تلك الجهود كافة إلى زيادة حجم التبادل التجاري مع أمريكا اللاتينية ليصل إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2023، تزامنًا مع الاحتفال بالذكرى المئوية للجمهورية.(18)

ومن الخطوات الأخرى التي اتخذتها تركيا لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع أمريكا اللاتينية، افتتاح مستشاريات تجارية في كل من الأرجنتين، والإكوادور، وكولومبيا، وكوبا، والمكسيك، وبيرو، وتشيلي، وفنزويلا، إلى جانب ملحقية تجارية في البرازيل. إضافة إلى قيامها بإنشاء المجالس الاقتصادية المشتركة، ومنتديات رجال الأعمال، والمشاركة في المعارض التجارية في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. ولتشجيع حركة التبادل التجاري والاتصال البشري والإنساني، عملت تركيا على تسيير رحلات جوية يومية من إسطنبول عبر الخطوط الجوية التركية إلى بعض عواصم ومدن أمريكا اللاتينية، ومنها بوينس آيرس، وسان باولو وبوغوتا وبنما وهافانا وكاراكاس. إضافة إلى ذلك، من المخطط أن يشهد عام 2019، تدشين خط طيران مباشر بين إسطنبول ومكسيكو سيتي.(19) 

اكتسبت العلاقات التركية اللاتينية قوة دفع حقيقية مع زيارة الرئيس الأرجنتيني الأسبق كارلوس منعم تركيا في عام 1992 والتي كانت أول زيارة يقوم بها مسؤول بهذا المستوى الرفيع من أمريكا اللاتينية

وكان من بين العوامل الأخرى التي أسهمت في إنعاش حركة التجارة بين الطرفين، تبني تركيا إستراتيجية "تنمية العلاقات التجارية مع الأمريكتين"، لعام 2006، والتي ركزت على اتخاذ مجموعة من التدابير لتنمية العلاقات التجارية، مثل توقيع اتفاقات لتشجيع وحماية الاستثمارات، واتفاقات ضريبية، إلى جانب توقيع اتفاقات للتعاون في قطاعات الزراعة، والملاحة والنقل الجوي، والسياحة، والجمارك، والصحة. وكذلك المشاركة في المعارض، وإنشاء مجالس الأعمال، وتنظيم البعثات التجارية إلى المنطقة. وحدّدت الإستراتيجيةُ كلًّا من الأرجنتين والبرازيل وتشيلي وكوبا والمكسيك وفنزويلا شركاء تجاريين رئيسين لتركيا في المنطقة؛ نظرًا لأن تلك الأسواق تُمثّل الأسواق الكبرى في القارة اللاتينية، وهذا ما يُمثّل فرصة لتركيا لإيجاد بدائل اقتصادية مهمة.(20)

6- المساعدات الإنسانية

تُعَدّ المساعدات الخارجية والدبلوماسية الإنسانية أدوات أساسية في أجندة السياسة الخارجية التركية، ويظهر الموقف الأكثر رسوخًا للبعد الجنوبي لتركيا في أمريكا اللاتينية في علاقاتها مع بلدان الكاريبي التي قدمت لها أنقرة المساعدات الإنسانية والإنمائية ليس فقط لزيادة نفوذها الإقليمي ولكن أيضًا لتكتسب وزنًا أكبر في النظام العالمي، ليمثل بذلك صعودًا للدبلوماسية التركية ذات التوجه الإنساني، والتي تقوم على تحقيق التضامن مع دول المنطقة.

واعتمدت أنقرة على الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) لتقديم المساعدات الإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ والتنموية والتقنية لأمريكا اللاتينية، حيث افتتحت أول مكتب لها في المنطقة في المكسيك في عام 2015، وافتتحت مكتبها الثاني في بوغوتا في عام 2016. وأدّت الوكالة دورًا محوريًّا في انفتاح تركيا تجاه المنطقة، كما أسهمت بشكل كبير في تنفيذ السياسات الرسمية التركية في القارة اللاتينية، وذلك بفضل العديد من الأنشطة ومشروعات المساعدات المقدمة لتطوير بعض المجالات الحيوية، ومن بينها: الزراعة، وتربية الحيوانات، والصحة والتعليم، والصحة والمياه، وعلوم الرعاية الصحية، والمساعدات الطارئة والإنسانية، وتطوير الوحدات الإدارية- ليبلغ عدد المشروعات الإنمائية التي نفذتها الوكالة حوالي 172 مشروعًا في أمريكا اللاتينية خلال الفترة ما بين 2008 و2018(21)، وأنجزت خلال خمس سنوات فقط (ما بين 2012-2017)، ما يقرُب من 127 مشروعًا بقيمة 11 مليون دولار أمريكي تقريبًا(22). إضافة إلى ذلك أسهمت تركيا بمبلغ ثمانية ملايين دولار في صندوق "تنمية تجمع دول الكاريبي" عام 2014.(23)

وخُصِّص جانب كبير من المساعدات الإنسانية التركية لبلدان أمريكا الوسطى والكاريبي التي ضربتها الأعاصير والزلازل، منها هايتي وتشيلي. فإضافة إلى المساعدات العينية، أسهمت أنقرة بمبلغ مليون دولار لهايتي، كما تعهدت بتقديم مليون دولار إضافي في مؤتمر المانحين لهايتي في 2010. كما تبرعت الحكومة التركية بمبلغ 500 ألف دولار لتشيلي بعد أن ضربها زلزال مدمّر، إضافة إلى مبلغ  مليونَي دولار تبرّعت به في وقت سابق. وأسهم العديد من منظمات المجتمع المدني التركية في جهود الإغاثة. كما قامت الحكومة التركية بتقديم بعض الأجهزة الطبية اللازمة لبعض المستشفيات في كل من: كولومبيا وبيرو والبرازيل، وتبرعت لبناء بعض المدارس وتجديدها في الأرجنتين والمكسيك. كما قدمت وكالة المعونة مواد طبية للمعوّقين في مركز لإعادة التأهيل في إحدى البلديات بكولومبيا، إضافة إلى تقديم ثلاث سيارات إسعاف إلى سورينام وبوليفيا وغويانا.(24)

وفي السياق ذاته، فإن تركيا تقدّم دعمًا ماديًّا وتقنيًّا لعملية السلام القائمة فيما بين الحكومة الكولومبية والقوى الثورية الكولومبية المسلحة، ولجهود حلّ مشكلة الحدود فيما بين بليز وغواتيمالا، وتقدم دعمًا بشريًا لبعثة عملية السلام في بوغوتا. ويواصل عناصر الأمن الأتراك منذ عام 2004 مهامهم في بعثة الأمم المتحدة لإرساء الاستقرار في هايتي التي شُكِّلت بهدف الحفاظ على النظام العام والاستقرار في هايتي، كما استمرت في المشاركة في بعثة الأمم المتحدة لدعم العدالة في هايتي التي حلّت محّل بعثة الأمم المتحدة لإرساء الاستقرار في هايتي، اعتبارًا من 15 أكتوبر 2017.(25)

7- الحضور الثقافي والعلمي

شهدت الأبعاد الثقافية والأكاديمية للعلاقات التركية اللاتينية تطورًا ملحوظًا على مدار العقد الماضي، ففي عام 2009 افتُتِح "مركز دراسات وتطبيقات أمريكا اللاتينية" بجامعة أنقرة؛ بهدف تعريف المتخصصين ودعم البحوث الأكاديمية حول أمريكا اللاتينية، ومنذ عام 2011 يُصدر المركز بالتعاون مع جامعة هافانا بكوبا مجلة أكاديمية مفهرسة بعنوانCuadernos Turquinos لزيادة الوعي بالثقافة التركية بين الكوبيين.(26)

ووقّعت تركيا اتفاقات للتعاون في المجال العلمي والأكاديمي مع العديد من دول أمريكا اللاتينية، وافتتحت المراكز الثقافية في كل من البرازيل، والمكسيك، وفنزويلا، إلى جانب افتتاح بعض المراكز والبرامج والأقسام المتخصصة في تعليم التاريخ، واللغة، والثقافة التركية في بعض الجامعات اللاتينية، ومنها: جامعة هافانا، وكيتو، وبوغوتا. إضافة إلى برامج المنح التعليمية التي استفاد منها أكثر من ثلاث مئة طالب من دول أمريكا اللاتينية والكاريبي. كما افتتحت وكالة الأناضول للأنباء مكتبها الإقليمي في أمريكا اللاتينية والكاريبي، في أكتوبر 2017 في بوغوتا بكولومبيا، وبدأت مزاولة نشاطاتها باللغة الإسبانية.(27)

واكتسبت المسلسلات والبرامج التلفزيونية التركية شهرة واسعة في معظم دول أمريكا اللاتينية،  وأسهمت في تعزيز الصورة الذهنية لتركيا لدى شعوب دول القارة، كما أدى انتشار المسلسلات والأفلام إلى تنامي الاهتمام بالثقافة التركية، وزيادة تدفق السائحين من أمريكا اللاتينية إليها، وذلك في إطار إستراتيجية القوة الناعمة التركية. وفي الأشهر الثمانية الأولى من عام 2018 زار تركيا أكثر من 165 ألف سائح من أمريكا اللاتينية، بزيادة سنوية تقدر بحوالي 70 في المائة، معظمهم من الأرجنتين والبرازيل(28). علاوة على التعاون بين تركيا والأرجنتين في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، حيث وقع البلدان عام 1988 اتفاقية للتعاون لنقل الخبرات الفنية الأرجنتينية في مجال البحوث والتطوير في مجال الطاقة النووية، إلى جانب الاتفاق على إنشاء شركة تركية أرجنتينية هندسية مشتركة عام 1990.

8- الدبلوماسية الدينية

عملت تركيا على اتباع ما يعرف بـ"الدبلوماسية الدينية" من خلال استضافتها المنتدى الأول لزعماء رجال الدين الإسلامي في أمريكا اللاتينية بالعاصمة إسطنبول خلال الفترة ما بين 12 و16 نوفمبر 2014، وذلك بمشاركة 76 مندوبًا من 40 دولة لاتينية. وكانت من بين الأهداف الرئيسة للمنتدى إقامة الروابط وتبادل الخبرات بين رجال الدين الإسلامي الأتراك ونظرائهم في القارة اللاتينية، إلى جانب مناقشة المشكلات التي يواجهها المسلمون هناك(29). وعبّر الرئيس التركي خلال زيارته لكوبا في فبراير 2015 عن رغبة بلاده في السماح لها ببناء مسجد في هافانا، كما قامت تركيا بالفعل ببناء مسجد في هايتي، وقامت وكالة "تيكا" بدعم أعمال تجديد مسجد السلام في سانتياغو، وتطوير الديكور الداخلي لمسجد أبي بكر الصديق في بوغوتا.

وقام الرئيس التركي خلال لقائه بالجاليات المسلمة في أثناء زيارته إلى كولومبيا في عام 2011، بإلقاء خطابات مليئة بالشعارات الإسلامية الداعية إلى التوحد والاتحاد، وأكّد أن الأمم المتحدة لم تعد تخدم القضايا الإسلامية لوقوعها تحت أسر بعض الدول التي تُراعي مصالحها فقط، وهذا ما يُعرّض المسلمين للمزيد من عمليات التمييز والقهر والتعذيب، وشدّد على ضرورة تفعيل دور منظّمة المؤتمر الإسلامي للقضاء على الاضطهاد الذي يواجه المسلمون. ويُسهم استخدام تركيا للدبلوماسية الدينية وقيام رئاسة الجمهورية بدعم نشاطات وكالة التعاون التركية "تيكا" الخاصة ببناء المساجد الجديدة وترميم المساجد العثمانية القديمة- في دعم النفوذ التركي، ويجعل الشعوب المسلمة في أمريكا اللاتينية تنجذب دينيًّا وعاطفيًا إليها.(30)

ثالثًا: معوقات التقارب التركي مع أمريكا اللاتينية والكاريبي

عملت تركيا خلال السنوات الماضية على إضفاء الطابع المؤسّسي على العلاقات مع دول القارة اللاتينية. ومع ذلك تبقى المكاسب في العلاقات محدودة، ولا يبدو أنها كافية لتزويد تركيا ببديل لشراكاتها التقليدية على المدى القصير والمتوسط. هذا إضافة إلى أنّ الوضع الحالي للعلاقات لم يتطور بعد إلى المستوى المأمول، فعلى الصعيد الاقتصادي، يتضح أنه على الرغم من زيادة نصيب أمريكا اللاتينية من إجمالي تجارة تركيا مع العالم من أقل من 1 بالمائة عام 2000 إلى 2 بالمائة عام 2010- فلا تزال هذه النسبة منخفضة للغاية، حيث بلغت 8 مليارات دولار عام 2018، مقارنة بتجارة تركيا مع الدول الإفريقية، والتي بلغت 20.8 مليار دولار بين عامي 2003 و2018، وهذا يتطلب المضي قدمًا في اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز التبادل التجاري بين الجانبين.(31)

وهناك بعض التحديات التي تواجه الجهود التركية لتعزيز حضورها في أمريكا اللاتينية، ومن بينها: البعد الجغرافي، والاختلافات الثقافية، إلى جانب عدم وجود خطوط نقل مباشرة بالقدر الكافي، كما أن الأزمات الاقتصادية التي تواجهها دول أمريكا اللاتينية من العوامل التي تدفعها إلى تبنّي سياسات تجارية حمائية، وهذا يعرقل توطيد العلاقات التجارية مع تركيا، إضافة إلى عدم وجود عدد كافٍ من السفارات التركية في الإقليم، وجميعها عوامل تحول دون تطوير العلاقات والارتقاء بها إلى المستوى المأمول.(32)

إلى جانب التنافس الإقليمي والدولي الكبير في أمريكا اللاتينية، في ظل الاهتمام المتنامي لدى بعض القوى الكبرى (الولايات المتحدة، الصين، وروسيا)، وكذلك القوى الصاعدة في آسيا، ومنها: كوريا الجنوبية وإندونيسيا، بإيجاد قنوات لتعزيز التبادل التجاري والاستثمارات مع دول المنطقة، في مقابل الحضور الحديث لتركيا في أمريكا اللاتينية. ومن العوامل الأخرى، عدم وجود المعرفة الكافية بين صنّاع السياسة في تركيا والقطاع الخاص حول المنطقة، وقد يكون ذلك نتيجة طبيعية لكون تركيا لاعبًا جديدًا هناك. ويمكن أن تُسهم الإستراتيجية التركية لمد جسور التواصل في مجالات اللغة والفن أو التاريخ في زيادة التقارب بين الطرفين.

إضافة إلى التغيرات السياسية التي شهدتها دول أمريكا اللاتينية خلال العامين الأخيرين، التي أسفرت عن فوز تيّار اليمين في الانتخابات الرئاسية التي جرت في العديد من دول القارة اللاتينية، وهذا يُثير العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقات بين الطرفين، وهذه العلاقات التي شهدت طفرة حقيقية خلال فترة حكم اليسار لدول القارة اللاتينية منذ مطلع الألفية الثالثة، وبخاصة أن التغيرات السياسية في القارة اللاتينية سيعقبها بالطبع تغيرات جوهرية في خريطة العلاقات الدولية لتلك الدول. علاوة على الأزمة السياسية الخطيرة التي تواجه فنزويلا التي تُعدّ شريكًا تجاريًّا رئيسًا لتركيا في أمريكا اللاتينية، وفي حال تطور الأحداث إلى درجة الإطاحة بالرئيس مادورو، فإن أنقرة ستفقد حليفًا مهمًّا لها في المنطقة.

 

خاتمة

في السنوات القليلة الماضية، كان تعميق العلاقات بين منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي نتيجة عدة عوامل، منها: تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، وهذا أفسح المجال لتزايد حضور ونفوذ بعض القوى الصاعدة، ومن بينها تركيا. ومن ناحية أخرى، مرت تركيا خلال العقدين الأخيرين بتحولات كبرى في ظل سعيها إلى تعزيز حضورها في الساحة الدولية من خلال حزمة من الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية والمساعدات الإنمائية. وفي ذات السياق، كان البحث عن أسواق متنوعة للصادرات التركية عاملًا مهمًّا للتقارب مع دول أمريكا اللاتينية.

وعلى الرغم من وجود فرص واعدة لتعزيز التقارب بين الطرفين، فإن الوضع الراهن للعلاقات لم يصل بعد إلى المستوى المرجو. وهناك مجموعة من القضايا التي لا تزال تتطلب درجة عالية من  الاهتمام، مثل تعزيز التعاون في المجال الثقافي والأكاديمي والهجرة، وكذلك زيادة الحضور الدبلوماسي، بافتتاح عدد أكبر من السفارات التركية في أمريكا اللاتينية، وتسيير المزيد من خطوط النقل الجوي المباشرة إلى العواصم الكبرى في أمريكا اللاتينية، مع ضرورة إيلاء أهمية خاصة لتعزيز التعاون بين المنظمات غير الحكومية من الجانبين.

وبرغم التحديات التي تواجه الحضور التركي في أمريكا اللاتينية، فمن الواضح أن اهتمام تركيا بالقارة، طويل الأجل ومستدام ومتزايد، نظرًا لما تملكه القارة اللاتينية من فرص اقتصادية وثقل سياسي كبير.

 

الهوامش والمصادر

 (1) Daily Sabah, "Turkey seeks to further boost Latin America ties with Erdoğan's upcoming visit", November 27, 2018, https://www.dailysabah.com/diplomacy/2018/11/27/turkey-seeks-to-further-boost-latin-america-ties-with-erdogans-upcoming-visit

(2) Ariel Gonzalez Levaggi, "Turkey and Latin America: A New Horizon for a Strategic Relationship", PERCEPTIONS, winter 2013, Volume XVIII, Number 4, pp. 99-116; ERMAN AKILLI and FEDERICO DONELLI, " Reinvention of Turkish Foreign Policy in Latin America: The Cuba Case", Insight Turkey, Vol. 18 / No. 2 / 2016, pp.156-167.

 (3) مادورو وأردوغان "يجمعهما أكثر من الإعجاب بقيامة أرطغرل"، 5 فبراير 2019، http://www.bbc.com/arabic/middleeast-47123998

(4) البنك الدولي، "أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي"،

https://data.albankaldawli.org/region/latin-america-and-caribbean

(5) Daily Sabah, "Turkey’s emerging power politics in Latin America", February 14, 2015, https://www.dailysabah.com/columns/sadik_unay/2015/02/14/turkeys-emerging-power-politics-in-latin-america

 (6) Ariel Gonzalez, Huseyin Zengin, "A decade of opening: Turkey's new international role in Sub-Saharan Africa and Latin America", Inici , Vol. 3, No 2 (2016), pp.270-271.

(7) Murat Önsoy, Latin America-Turkey Relations: Reaching Out to Distant Shores of the Western, Hemisphere", In: Pınar Gözen Ercan (Editor), "Turkish Foreign Policy: International Relations, Legality and Global Reach", Palgrave Macmillan, 2017, PP.238-239

(8) الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، "السياسة التركية حيال أمريكا اللاتينية والكاريبي وعلاقاتها مع دول المنطقة"، https://bit.ly/2MTMBaQ

(9) "تركيا تفتح سفارة لدى باراغواي"، 6 سبتمبر 2018، https://bit.ly/2HY8uqw

(10) الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، "السياسة التركية حيال أمريكا اللاتينية والكاريبي وعلاقاتها مع دول المنطقة"، مرجع سبق ذكره.

(11) الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، "انعقاد الاجتماع الأول لآلية التشاور والتعاون لوزراء خارجية تركيا وتجمّع دول الكاريبي  CARICOM  في إسطنبول"،

http://www.mfa.gov.tr/the-first-meeting-of-the-ministers-of-foreign-affairs-of-the-turkey_caricom-consultation-and-cooperation-mechanism-begins_ar.ar.mfa

(12) الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، "السياسة التركية حيال أمريكا اللاتينية والكاريبي وعلاقاتها مع دول المنطقة"، مرجع سبق ذكره.

(13) Ariel Gonzalez, Huseyin Zengin, "A decade of opening: Turkey's new international role in Sub-Saharan Africa and Latin America, Op.Cit, p.278. 

(14) Ibid, p.268

(15) ديلي صباح، "وزيرة كولومبية: العلاقات الثنائية مع تركيا ستشهد قريبًا تطورًا كبيرًا وعلى مختلف الصعد"، 1 يونيو 2018،

https://bit.ly/2SD62tN

(16) Daily Sabah, "Turkey seeks to further boost Latin America ties with Erdoğan's upcoming visit", Op.Cit.

(17) Ariel Gonzalez Levaggi, "Turkey and Latin America: A New Horizon for a Strategic Relationship", Op.Cit, PP.111-112.

(18) Hürriyet Daily News, "Turkey looks to more than double trade with Latin America, Iran",February 2, 2016, http://www.hurriyetdailynews.com/turkey-looks-to-more-than-double-trade-with-latin-america-iran-94640

(19) "الخطوط الجوية التركية تطلق أولى رحلاتها إلى المكسيك"، https://bit.ly/2DmRwg0

(20) عبد السلام ياسين السعدي، "تركيا والتوجه نحو قارة أمريكا الجنوبية"، تركيا بوست، 8 ديسمبر 2018،

https://www.turkey-post.net/p-278290/

(21) The Turkish Cooperation and Coordination Agency, "TİKA carried out 172 projects and activities in 10 years in Latin America",

https://www.tika.gov.tr/en/news/tika_carried_out_172_projects_and_activities_in_10_years_in_latin_america-49205

(22) الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، "السياسة التركية حيال أمريكا اللاتينية والكاريبي وعلاقاتها مع دول المنطقة"، مرجع سبق ذكره.

(23) تركيا بوست، "داود أوغلو": مساهمة تركيا في صندوق تنمية "الكاريبي" 8 ملايين دولار"، 18 يوليو 2014، https://www.turkey-post.net/p-283569/

(24) Daily Sabah, "Turkey’s ever expanding ‘helping hand’ over Latin America", January 6, 2015, https://www.dailysabah.com/opinion/2015/01/06/turkeys-ever-expanding-helping-hand-over-latin-america

(25) الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، "السياسة التركية حيال أمريكا اللاتينية والكاريبي وعلاقاتها مع دول المنطقة"، مرجع سبق ذكره.

(26) ترك برس، "تركيا تظهر في الصورة في أمريكا اللاتينية"، 01 ديسمبر 2018، https://www.turkpress.co/node/55334

(27) الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، "السياسة التركية حيال أمريكا اللاتينية والكاريبي وعلاقاتها مع دول المنطقة"، مرجع سبق ذكره.

 (28) Hürriyet Daily News, "Popularity of Turkish soap operas leads Latin American tourists to flock to Turkey: Association" October 22 2018, http://www.hurriyetdailynews.com/popularity-of-turkish-soap-operas-leads-latin-american-tourists-to-flock-to-turkey-association-138141

 (29) Daily Sabah, "Turkey’s religious diplomacy toward Latin America, "November 14, 2014, https://www.dailysabah.com/opinion/2014/11/14/turkeys-religious-diplomacy-toward-latin-america

(30) ترك برس، "الدبلوماسية الدينية لتركيا"، 15 سبتمبر 2015، http://www.turkpress.co/node/12628

(31) Federico Donelli and Ariel Gonzalez Levaggi, "Becoming Global Actor: The Turkish Agenda for the Global South", December 2016, https://bit.ly/2t8ad2u, PP.107-109

(32) Ariel Gonzalez, Huseyin Zengin, "A decade of opening: Turkey's new international role in Sub-Saharan Africa and Latin America", Op.Cit, pp.277-278. 


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...