رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

قمة أنقرة والمرحلة الحساسة

قبل كل شيء، توقيت قمة أنقرة يعتبر حساساً جداً. إذ أن التوتر في إدلب كان قد تصاعد عقب توصل تركيا والولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق المنطقة الآمنة شرقي نهر الفرات شمالي سوريا. وكانت أنقرة قد هددت دمشق بالرد بالمثل على اعتداءاتها الاستفزازية على نقاط المراقبة التركية في إدلب.

قمة أنقرة والمرحلة الحساسة

احتضن قصر "تشانقايا" الرئاسي بالعاصمة أنقرة، القمة الثلاثية الخامسة حول سوريا، والتي شارك فيها رؤساء تركيا رجب طيب أردوغان، وروسيا فلاديمير بوتين، وإيران حسن روحاني. 
أبرز القضايا المطروحة على الطاولة، كانت ملفات إدلب، واللاجئين، وشرقي نهر الفرات شمالي سوريا وتشكيل اللجنة الدستورية. 
في بداية القمة، أفاد الرئيس التركي أردوغان بأن مباحثات أستانة هي الطريق الوحيد الذي يشهد اتخاذ خطوات ملموسة في سوريا.
بدوره تطرق الرئيس الإيراني روحاني إلى "اتفاق أضنة"، واصفاً القوات الأمريكية في سوريا بالاحتلال ومشيراً إلى الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.
من جهته، أشار بوتين في كلمته إلى مكافحة المجموعات المتطرفة، رافضاً تقسيم الأراضي السورية إلى مناطق نفوذ.
أي أن وحدة الأراضي السورية ووحدتها الوطنية، كانت نقطة إجماع القادة الثلاثة.
كما راجع القادة المشاركون في القمة مستجدات مباحثات سوتشي أيضاً. 
وبحث أردوغان وبوتين، كيفية تطبيق النقاط التي اتفقوا عليها في لقائهما الثنائي يوم 28 أغسطس/آب الماضي.
وأتوقع أن من بين الملفات التي ناقشها المشاركون في القمة، وضع طرق "M4" و"M5" السورية، ومصير هيئة تحرير الشام، والاعتداءات على نقاط المراقبة التركية في إدلب، وكيفية تأمين استمرار وقف إطلاق النار على أرضيات مختلفة.
*
قبل كل شيء، توقيت قمة أنقرة يعتبر حساساً جداً. 
إذ أن التوتر في إدلب كان قد تصاعد عقب توصل تركيا والولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق المنطقة الآمنة شرقي نهر الفرات شمالي سوريا. 
وكانت أنقرة قد هددت دمشق بالرد بالمثل على اعتداءاتها الاستفزازية على نقاط المراقبة التركية في إدلب.
تزامناً مع ذلك، كان حوالي 700 ألف مدني في إدلب على وشك أن يضطروا للجوء مرة أخرى، وسط استنفار العواصم الأوروبية.
لاحقاً، تمت السيطرة على التوتر هذا بتوافق بين أردوغان وبوتين. 
قبيل يوم واحد من قمة أنقرة، وجه النظام السوري رسالة شكوى إلى الأمم المتحدة يصف فيها قوات سوريا الديمقراطية بـ "المنظمة الإرهابية الانفصالية."
في سياق آخر، تسبب اعتداء ميليشيات الحوثي المدعومة إيرانياً، على منشآت "أرامكو" النفطية في السعودية، في تصاعد التوتر في منطقة الخليج العربي، الأمر الذي وضع نفط الخليج في الخطر. 
*
عقب هجوم "أرامكو" أشار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إلى أن إيران هي التي تقف وراء هذه الهجمات، فيما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتزامهم توجيه ضربة لإيران في حال تأكدوا من وقوفها خلف هجوم أرامكو. 
طهران التي ترضخ تحت العقوبات الأمريكية، قالت إنها لن تستسلم لهذه التهديدات، مؤكدة أنها عنصر هام في المنطقة. 
كما أثبتت إيران أن بإمكانها إلحاق الضرر عبر وكلائها، بالسعودية حليفة واشنطن في المنطقة.
أما ترامب الذي طرد قبل أيام مستشاره للأمن القومي، جون بولتون، فيبدو أنه مضطر لمناقشة الخيار العسكري تجاه إيران، في خطوة لا يرغب بها أبداً قبيل الانتخابات. لا سيما وأن طهران ترد على أقصى الضغوطات الأمريكية، باستهداف حلفاء الأخيرة في المنطقة.
*
في هذه الأوساط وبالتزامن مع هذه التطورات انعقدت قمة أنقرة حول سوريا، وأظهرت نجاحها في جمع ثلاث أطراف ذات مصالح مختلفة. 
وشهدت القمة الاتفاق حول أسماء الشخصيات المتعلقة بلجنة صياغة الدستور. 
ونتج عن القمة أيضاً، الاتفاق على اتخاذ خطوات إضافية لتعزيز وقف إطلاق النار في  إدلب.
إلا أنه وكما صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فإنه لا زال من المبكر الحديث عن انتهاء الحرب في سوريا وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها. 
القمم الثلاثية تتواصل من خلال المباحثات الصعبة وعكس القوة التي على أرض الواقع على طاولة المباحثات.
لذا من غير الممكن انتهاء أزمة إدلب بدون تحديد مصير هيئة تحرير الشام ومستقبل اللاجئين هناك.
لكن وكما يتضح من وصف نظام الأسد قوات سوريا الديمقراطية بـ "المنظمة الإرهابية الانفصالية"، فإنه من المتوقع أن تزيد دمشق من ضغوطاتها على "ي ب ك". 
لقد أظهرت قمة أنقرة أن مباحثات أستانة ستخلق صعوبات بالنسبة لـ "ي ب ك".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...