رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

إيران وجماعة الحوثي: علاقة محفوفة بالمخاطر

تركّز هذه الدراسة على تفسير العلاقة بين إيران وجماعة الحوثي من حيث المنطلقات والأبعاد، من خلال تعرّف إستراتيجيتها وأدواتها وأهدافها، والسياق العام الذي برزت في إطاره، وكذلك تعيين أهم محددات السياسة الإيرانية في اليمن. تستمد هذه الدراسة أهميتها من الدور المهمّ الذي باتت تمارسه جماعة الحوثي في البحر الأحمر بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، وارتباط ذلك بالصراع الحاد الذي تشهده المنطقة.

إيران وجماعة الحوثي: علاقة محفوفة بالمخاطر

تصطحب إيران في علاقتها الخارجية عددًا من المقومات الأساسية، على رأسها نظرية "ولاية الفقيه" التي تُعَدّ فكرة عابرة للحدود الإيرانية، وترتبط بالجغرافيا الشيعية أينما كانت، وتحاول استمالة الأقليات الشيعية في الدول الأخرى؛ للارتباط بمركزية ولاية الفقيه، بالإضافة إلى موقعها الإستراتيجي الذي يمكّنها من أداء أدوار متعددة. إضافة إلى ذلك يأتي الموروث التاريخي وطموح الهيمنة، كأحد أهم الدوافع الإيرانية، ويظهر ذلك بشكل متكرر في تصريحات بعض القادة والمسؤولين الإيرانيين حول التذكير بالتاريخ الإمبراطوري القديم لبلادهم في معرض المفاخرة بامتداد نفوذ بلاده في المنطقة.

كما يأتي البعد الجيوسياسي ليوضح أهمية إيران في المنطقة، فإيران تقع بين دول القوقاز وبحر الخزر وآسيا الوسطى من الشمال، ودول الخليج من الجنوب، وتربط بين آسيا وأوروبا، كما أنها تربط كذلك المحيط الأطلسي بالهندي، وتطل على عدد من المسطحات المائية، وهذا الموقع أتاح لها التأثير في صادرات النفط، وبناء القواعد البحرية، وحفزها على التمدد الخارجي والاضطلاع بأدوار إقليمية كبيرة.

بناء على ذلك، برزت عدد من النظريات الجيوبوليتيكية التي تؤسس للمركزية الإيرانية في المنطقة، وبعضها قريبة من الصيغة التي طرحها المفكر الإستراتيجي "هالفورد جون ماكيندر" عندما صاغ نظرية قلب الأرض، التي تتكون من نقطة مركزية هي أوراسيا، وتحيط بها مجالات حيوية أخرى مرتبطة بها، ومن أقرب النظريات الإيرانية القريبة من هذا الطرح، نظرية "دولة أم القرى" التي طرحها محمد جواد لاريجاني، ويرى فيها أنَّ إيران تشكل الركيزة الأساسية للعالم الشيعي، ويشكل هذا التوجه هدفًا إستراتيجيًّا تسعى إيران لتحقيقه، فحتى فكرة ولاية الفقيه هنا تأتي ضمن سياق إستراتيجي يهدف إلى إيجاد حالة ربط بين فكرة المركزية الشيعية العالمية-إيران، ومركزية صنع القرار- ولاية الفقيه، الذي يمثل مركز الشرعية السياسية في العالم الإسلامي الشيعي، مستندة في ذلك إلى الظروف التاريخية والسياسية التي مرت بها أيديولوجيا الإسلام السياسي الشيعي في إيران.

لأجل ذلك تحاول إيران امتلاك أكبر عدد من الأوراق والأدوات بوصفها وسائل ضغط إقليمية ودولية، وتنطلق في علاقتها بالأطراف الإقليمية من هذه الدوافع الإستراتيجية، ففي اليمن يشكل الموقع الجغرافي الإستراتيجي لليمن المطل على مضيق باب المندب، أهمية كبيرة للملاحة الدولية، وهذا يدفع إيران إلى تعزيز علاقتها بجماعة الحوثي. في المقابل فإن جماعة الحوثي تبحث عن الدعم السياسي والعسكري واللوجستي؛ لتحقيق طموحها في الوصول إلى الحكم، وقد ساعدت علاقتها بإيران في تأمين جزء كبير من هذا الدعم.

لهذا تأتي هذه الدراسة لتركز على تفسير منطلقات العلاقة بين إيران وجماعة الحوثي أبعادها، من خلال تعرّف إستراتيجيتها وأدواتها وأهدافها، والسياق العام الذي ظهرت في إطاره، وكذلك تحديد أهم محددات السياسة الإيرانية في اليمن. وتستمد هذه الدراسة قيمتها من أهمية الدور الذي باتت تمارسه جماعة الحوثي في البحر الأحمر بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، وارتباط ذلك بالصراع الحاد الذي تشهده المنطقة.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...