الصهيونية المسيحية هي أيديولوجيا استعمارية لاهوتية-سياسية، تقول: إن اليهود جزء مهم في خطّة الرب، وإن مؤازرة دولة "إسرائيل" الحديثة تُعَدّ فرضًا دينيًّا. يؤمن الصهيوني المسيحي بأنّ الربّ وهب أرض فلسطين الشعب اليهودي؛ التزامًا بعهده مع إبراهيم عليه السلام، وأن اليهود هم العِرق المختار. وفقًا لأتباع هذه الأيديولوجيا، يُعَدّ الدعم غير المشروط لـ"إسرائيل" دينيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا- أمرًا إلهيًّا. وقد نجحت هذه العقيدة المنتشرة بين الأصوليين من البروتستانت الأمريكيين في جذب تأييد العديد من الساسة الأمريكيين، وبذلك نجحت الصهيونية المسيحية في النفوذ في دوائر السياسة الداخلية والخارجية في الولايات المتحدة، وهذا أثار أحيانًا العديد من علامات الاستفهام حول العلمانية الأمريكية. وبسبب الأولوية التي يتمتع بها اليهود و"إسرائيل" في السياسة الأمريكية، جادل بعض الكتاب بأن الصهيونية المسيحية قد تحولت إلى ثيوقراطية أمريكية.
ظهرت حركة الصهيونية الأمريكية في القرن التاسع عشر ببريطانيا، وانتقلت إلى الولايات المتحدة في منتصف القرن نفسه، وكان تأثيرها الأكبر في المجتمع الأمريكي والسياسة الأمريكية. يشكل المنتسبون إلى هذه الحركة أكبر مجموعة لديها عقيدة مبنية على أساس نبوءات نهاية الزمان، تتمتع بنفوذ في المجتمع الأمريكي. انتشر مصطلح الصهيونية المسيحية في تسعينيات العقد المنصرم، ويُستخدَم أحيانًا على نطاق واسع لتعريف جميع المسيحيين الداعمين لـ"إسرائيل" لأي سبب من الأسباب. وأحيانًا أخرى يُستخدَم على نطاق ضيق لتعريف البروتستانت الأصوليين الذين يعطون أولوية لـ"إسرائيل"، ويؤمنون بأحقيتها في الحصول على الدعم السياسي والمالي والديني؛ بسبب مكانتها في تحقيق النبوءات الإنجيلية. أغلب البروتستانت الإنجيليين وجزء من المسيحيين غير الإنجيليين يدعمون "إسرائيل" على الرغم من أنهم غير أصوليين. وعليه، يمكن تعريف الصهيوني المسيحي باختصار على أنه الشخص الذي يؤازر دولة "إسرائيل" الحديثة التي يعدّها وطنًا يهوديًّا انطلاقًا من اعتقاداته ومشاعره.
يشكل الصهاينة المسيحيون -وهم أقلية قوية ذات أفكار راديكالية- 20% من الناخبين الأمريكيين. حيث يصوّتون عادة للحزب الجمهوري، ويحظون بعلاقات متينة مع المحافظين الجدد. تشير نتائج البحوث الصادرة عن مركز "بيو" للدراسات أن 64% من البروتستانت و82% من البروتستانت الإنجيليين البيض في الولايات المتحدة يؤمنون بأن الربّ قد وعد اليهود بأرض فلسطين، بينما لا تتجاوز هذه النسبة عند اليهود أنفسهم حاجز 40%. أما عن نسبة من يؤمنون بذلك من الأمريكيين بشكل عام فهي 44%. ويمكن القول: إن هذه النسبة لم تتغير كثيرًا في الأعوام الأخيرة، وإن دعم "إسرائيل" بين الأمريكيين البروتستانت الإنجيليين ما يزال في مستويات عالية.