تداخلت في الشَّأن اليمني، منذ عام 2011م، عدَّة أطراف إقليمية ودولية؛ نظرًا لما ترجمه المشهد العام مِن تزعزع للنِّظام الحاكم في حينه، الذي كان يمثِّل عامل ضبط لإيقاع الحراك السِّياسي اليمني أمام المجتمع الدّولي والقوى المتحكِّمة به. إذ كان لا بُدَّ مِن عدم إفلات زمام الأمور عن السَّيطرة، في بلد يمتلك موقعًا ذا أهمية إستراتيجية إقليميًّا ودوليًّا، وإمكانيَّات -بشرية ومادية- تتيح له النُّهوض والتَّحوُّل إلى قوَّة إقليمية مؤثِّرة.
ومع خروج الاتِّحاد السُّوفيتي مِن المسرح العالمي، وسقوط المنظومة الاشتراكية الأممية، بما فيها اليمن الجنوبي، أصبحت اليمن في قبضة القطب الغربي، بزعامة الولايات المتَّحدة الأمريكية وحليفتها بريطانيا؛ فالدَّولتان حاضرتان بقوَّة في المنطقة منذ عام 1990م، ولهما روابطهما التَّاريخية والعسكرية والسِّياسية والاقتصادية باليمن؛ وقد كانت بريطانيا دولة محتلَّة للجنوب حتَّى عام 1967م، فيما ظلَّت الولايات المتَّحدة سندًا لنظام الحكم في الشَّمال، عبر محطَّات متعدِّدة.
وفي حين كانت المملكة العربية السُّعودية الطَّرف الإقليمي الأبرز في التَّأثير في المشهد اليمني، منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وحتَّى الآن، تمكَّنت جمهورية إيران الإسلامية التي أُسِّست عام 1979م، وفق منظور الفكر السِّياسي الشِّيعي الخميني، مِن اختراق السَّاحة اليمنية، وتشكيل قوى موالية لها ومنخرطة في مشروعها الإقليمي. وقد تتوَّجت جهود إيران في اليمن بوصول جماعة الحوثي إلى السُّلطة، عبر الانقلاب المسلَّح الذي قادته الجماعة بالتَّحالف مع الرَّئيس اليمني الأسبق، علي عبد الله صالح، والقوى الموالية له، بعد خروجه مِن السُّلطة، وبدعم مِن بعض الدُّول الخليجية، في 21 سبتمبر 2014م.
بهذا أصبحت اليمن مسرحًا للصِّراع الإيراني الخليجي؛ خصوصًا عقب إعلان السُّعودية عن تشكيل "التَّحالف العربي"، وتدخُّلها عسكريًّا في اليمن، بإطلاق عملية "عاصفة الحزم".
هذه الأحداث، وما تبعها مِن تدخُّلات خارجية، قادت لتشكيل مشهد معقَّد مِن القوى المحلِّية اليمنية المتنوِّعة، المتنازعة سياسيًّا، والمتصارعة عسكريًّا، وهذا أطال أمد القتال الدَّائر على أكثر مِن جبهة، وأدى إلى حرب الوكالة التي انخرط فيها الجميع لزامًا، بحثًا عن سند خارجي للوقوف أمام الإخوة الخصوم!