رؤية تركية
دورية محكّمة في
الشؤون التركية والدولية
ISSN 2458-8458
E-ISSN 2458-8466

| المقالات والدراسات < رؤية تركية

الحرب الأمريكية في أفغانستان: تطوّر طبيعة الحرب ونسق القوة

تتناول هذه الدراسة ميزان القوّة بين الجيش الأمريكي ومقاتلي طالبان بعد عشرين عامًا من الحرب في أفغانستان، باعتبار أنّها كانت صراعًا مركّبًا انطوى على تغيّرٍ مهم في طبيعة الحرب، وتحوّلٍ في ديناميات ميزان القوّة بين قوى عظمى (الولايات المتحدة وحلفائها)، وحركة اجتماعية ذات مرجعية دينية (طالبان)، وذلك على مستويين: أولًا، المواجهة المسلحة غير المتماثلة بين قوّات الطرفين، ثانيًا، التنافس الثقافي والفكري بين الجانبين خلال عشرين عامًا من أوج مكافحة الإرهاب وفق التّصوّر الأمريكي، وذروة الجهاد في أبعاده الدينية والوطنية والثقافية وفق المعتقد الطالباني، وتخلص الورقة إلى مجموعة استشرافات عن طبيعة القوّة الحاسمة في الحرب المعاصرة.

الحرب الأمريكية في أفغانستان: تطوّر طبيعة الحرب ونسق القوة

الحرب في تطورها الراهن إلى حرب غير متماثلة، حرب تجري بين متحاربَينِ تختلف قوتهما العسكرية والإستراتيجية بشكل كبير، وهذا يحدث عندما يقابل جيش نظامي محترف حركةَ تمرد أو حركةَ مقاومة أو فواعل من غير الدول، ومثل هذه الحرب تقوم بشكل أساسي على إستراتيجيات غير تقليدية، بحيث يقوم الطرف الأضعف بمحاولة استخدام إستراتيجيات معينة لموازنة أوجه الضعف الكمية والنوعية الموجودة

عنده، وهذا يمنحه إمكانيات التصدي لجيوش نظامية، وفي ذلك ما يعني فقد أو إضعاف القوة الصلبة تأثيرها في الحرب غير المتماثلة.

خالفت تطوّرات الواقع الأفغاني في العقدين الأخيرين كلّ الفرضيات التي تقوم عليها النظريات والمفاهيم التي تتبنى المفهوم التقليدي للقوّة؛ بدءًا من كاليكلس (Callicles) وثيوسيديدس (Thucydides) ومناصريهما في العصور القديمة، وصولًا إلى مورغنثاو  (Morgenthau)وميرشايمر  (Mearsheimer) ومؤيديهما في العصر الحالي، حيث يسود الاعتقاد أنّ الغلبة في أيّ حرب تكون للجيش الأقوى؛ الذي يمتلك التفوّق في القوّة والقدرات، والسيطرة على الأرض والجو، لكن المواجهات الميدانية بين الجيش الأمريكي ومسلحي حركة طالبان حادت عن هذا النسق الذي يعتدّ بالتفوق في مستوى القوّة بين طرفي الصراع، وأبدت طالبان بمجموعات غير نظامية، وبسلاح تقليدي، الصمود والانتصار ضد أكبر تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في حربٍ دامت عقدين من الزمان، ولم تتحقق الغايات الأمريكية منها في القضاء على الحركة، كما لم تستطع إنهاءها بخروج مشرّف، رغمًا عن امتلاكها ترسانة من الأسلحة الحديثة فائقة التكنولوجيا.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...