تحاول هذه الدراسة الوقوف على علاقة بعض فصائل الحشد الشعبي بإيران، من خلال منطلقات تاريخية، ومنطلقات منطقية تؤكّد أن بناء الدول لا يمكن أن يكون إلا بحكومة عادلة قوية، وهذه الحكومة العادلة القوية يمكنها أن ترتب مهام المؤسسات التابعة، كل مؤسسة بحسب اختصاصها، وبناء على هذا نجد أنّ التداخل في العمل العسكري والسياسي في الحالة العراقية أدى إلى هشاشة واضحة في إدارة الدولة، ويمكن، عبر حكومة قوية جادة، أن ننجح في بناء دولة خالية من القتلة والمجرمين.
لا يُذكَر العراق اليوم إلا وتُذكَر إيران معه بوصفها دولة فاعلة بقوة في الميادين العراقية المتنوعة، ولاسيّما في الميادين العسكرية والسياسية. وإيران، كما هو معلوم، دولة إقليمية قوية تبحث عن مصالحها الإقليمية والدولية؛ وبدون الدخول في دهاليز الماضي القريب، تجدر الإشارة على عجالة إلى إعلان بعض المسؤولين الإيرانيين بأنه لولا إيران لما استطاعت واشنطن احتلال كابل وبغداد، وأن إيران تسيطر على أربع مدن عربية، وهي بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء، وغير ذلك من الأدلة الصريحة التي تؤكد أن إيران تمتلك مخططات دقيقة لتنفيذ سياسات مدروسة في الإقليم؛ لتحقيق مصالحها: مرّة بالتهديدات بضرب "إسرائيل" والمصالح الأمريكية عبر الأراضي العراقية، ومرّة بالدبلوماسية الناعمة التي تحاول من خلالها تحقيق مصالحها على حساب الدول التي تمتلك فيها بعض الأذرع المسلحة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهي في كل الأحوال والأوقات تحافظ على مصالحها الداخلية والخارجية فقط، ولا يهمّها أي مصلحة لأي بلد آخر. ستركز دراستنا على بعض الفصائل (الميليشيات) العراقية المسلحة التي تمتلك قدرات عسكرية وسياسية كبيرة في الداخل العراقي، ومرتبطة صراحة بإيران.