قدّم فواز جرجس، الباحث البارز في مجال دراسات الشرق الأوسط، وجهة نظر جديدة حول الانتفاضات العربية في مقدمة كتابه المحرّر عام 2014 بعنوان “الشرق الأوسط: الاحتجاج والثورة في العالم العربي”. وفي إشارة إلى الانتفاضات، يقول جرجس: “حدث تمزّق نفسي ومعرفي في الشرق الأوسط العربي هزّ النظام الاستبدادي من أساسه، وأدخل لغة جديدة وعصرًا جديدًا من السياسات والثورات المثيرة للجدل”. تزامن عام 2014 مع خمود الثورات الشعبية في العالم العربي، باستثناء تونس، وعودة الوضع الاستبدادي الراهن في مصر، وانزلاق ليبيا واليمن في أزمات كبيرة. وعلى الرغم من هذه المؤشرات السلبية، فإن تصوير العملية على أنها “تمزّق نفسي ومعرفي” ارتبط بشكل مباشر بالدافع التحرري للثورة الذي سيبقى إرثًًا للسنوات المقبلة.
ولن يكون من المبالغة القول: إن عملية طوفان الأقصى كان لها تأثير مماثل في العالم العربي فيما يتعلق بالسياسة الإقليمية والعالمية. ويشكل تسلّل عناصر المقاومة الخاضعة للحصار في منطقة طويلة منذ سنوات، برًّا وبحرًا وجوًّا إلى الأراضي التي تحتلها "إسرائيل"، علامة فارقة في مسيرة النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني. وهكذا تشكل العملية التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، صباح 7 أكتوبر، نقلة نوعية في المقاومة الفلسطينية وعهدًا جديدًا. ومن ناحية أخرى فإن الانكسار الأخير في تاريخ الشرق الأوسط الحديث نتيجة عملية طوفان الأقصى يبين بوضوح أن هذه العملية من شأنها أن تغيّر التوازن السياسي في المنطقة. وفي هذا السياق تحاول الدراسة تأطير العملية، وتحليل أبعاد الانكسارات التي نجمت عنها. كما أنها توضح التأثيرات المحتملة للعملية في السياسة الإقليمية والعالمية.