رؤية تركية
دورية محكّمة في
الشؤون التركية والدولية
ISSN 2458-8458
E-ISSN 2458-8466

| المقالات والدراسات < رؤية تركية

زيارة الرئيس أردوغان إلى العراق: تحوّل إستراتيجي نحو تعزيز العلاقات

تتناول هذه الدراسة أبعاد زيارة الرئيس أردوغان إلى بغداد، وتداعياتها، وتأثيرها في الديناميكيات المحلية والإقليمية. وكيف أنها أصبحت علامة فارقة في مسار العلاقات التركية العراقية، وتحوّلًا إستراتيجيًّا لمعاجلة القضايا العالقة، للتوصل إلى تفاهمات وحلول مستدامة. بالإضافة إلى الأهمية الرمزية لزيارة الرئيس أردوغان إلى إقليم كردستان، التي عززت العلاقة بين أنقرة وأربيل. وعرضت الدراسة كذلك الاتفاقيات المهمّة التي وقّعها الجانبان في مختلف المجالات، وسلطت الضوء على مشروع طريق التنمية الذي أصبح دوره محوريًّا في إعادة تشكيل إطار التعاون بين تركيا والعراق، وعلى أبرز التحديات التي تواجه تنفيذ المشروع وتحقيق أهدافه، في خضم التوترات المتصاعدة في المنطقة.

زيارة الرئيس أردوغان إلى العراق: تحوّل إستراتيجي نحو تعزيز العلاقات

ظلّت السياسة التركية تجاه العراق واضحة في مسارها ثابتة في جوهرها، تركز على احترام سيادة العراق ووحدة أراضيه، وأمنه الذي تراه مهمًّا لأمنها القومي، وحرصت أن يكون هناك تفاهم مستمر بينها وبين حكومات بغداد، في مختلف المراحل التي شهدها العراق بعد عام 2003. وأصبحت العلاقات بين أنقرة وأربيل وثيقة بشكل متزايد، بعد أزمة استفتاء استقلال حكومة إقليم كردستان في عام 2017، حيث دخلت تدريجيًّا في مرحلة التعافي من الأزمة، ثم عملية تطبيع العلاقات بعد الزيارات الرسمية الرفيعة المستوى التي قامت بها أربيل إلى أنقرة.

دأبت تركيا على الالتزام بسياسة التوازن والشفافية في العلاقة بين بغداد وأربيل، وحرصت على عدم اتخاذ خطوات أحادية، وإنما إتباع سياسة منسقة بين حكومتي بغداد وأربيل.
بالرغم من ذلك، شهدت العلاقات التركية العراقية مسارات غير متسقة، وتباينت بين التعاون والتوتر، وربما أعطى ذلك انطباعًا بعدم استقرار العلاقات بين البلدين، أو أن علاقاتهما تشوبها حالة من عدم اليقين أو التعقيد، لكنها طالما كانت مفتوحة أمام فرص واعدة للتعاون بين البلدين.

منذ أن تولّى السيد هاكان فيدان حقيبة وزارة الخارجية؛ صمّم تقاربًا إستراتيجيًّا واسع النطاق بين تركيا والعراق، وجرى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين أنقرة وبغداد، وأصبح هناك تغيير إيجابي في نهج العراق تجاه تركيا، وبخاصة في سياق السياسة الأمنية والحرب ضد الإرهاب. حيث تتبنى الحكومة التركية مفهومًا جديدًا للسياسة الخارجية، من خلال السعي إلى التعاون الإقليمي مع التركيز على العلاقات الثنائية، وهو مفهوم يقوم على ركيزتين، هما سياسة خارجية موجهة نحو الاقتصاد، والتعاون مع دول المنطقة من خلال المنافع المتبادلة.

وقد أدّت الزيارات السابقة لوزير الدفاع الوطني يشار غولر، ورئيس جهاز المخابرات إبراهيم كالين، ونائب وزير الداخلية منير قرال أوغلو- إلى عقد اجتماعات موسعة مع الجانب العراقي ضمّت وزيري الخارجية والدفاع، ووكيل وزارة الأمن الوطني، ورئيس هيئة الحشد الشعبي، ونائب مدير وكالة المخابرات، ووزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان، من خلال "اجتماعات الآلية الأمنية" في بغداد؛ تمخضت عن إنشاء لجان دائمة مشتركة تعمل في مجالات مكافحة الإرهاب والتجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل.

نتيجة لذلك، تشجّع البلدان على التقارب وتعميق العلاقات؛ بسبب المصالح المشتركة الواضحة، وبدأت حقبة جديدة في العلاقات بين أنقرة وبغداد، ويمكن عدّ زيارة الرئيس أردوغان إلى العراق مؤشرًا واضحًا على أن تركيا تمارس دبلوماسية نشطة وفعالة في المنطقة، وعازمة على زيادة تفاعلها الإستراتيجي.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...