رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

نظام الحكم الجمهوري الرئاسي والتحول الديمقراطي في تركيا

وإنّ النظام الرئاسي الجمهوري الذي تمّت الموافقة عليه في استفتاء 16 نيسان 2017 يقدّم جملة من الفرص لتحويل هذه البيروقراطية الوصائية. وفي هذا السياق يتناول هذا المقال تحليل الإمكانات التي يمكن لها أن تُسهم في التحوّل البيروقراطي في تركيا.

نظام الحكم الجمهوري الرئاسي  والتحول الديمقراطي في تركيا

 

ملخص إنّ مرحلة تطبيق المعلومات التقنية والخبرات والسياسات العامة باعتبارها عواملَ عامة مؤقتة أصبحت أحد مؤثِّرات عمليات اتخاذ القرار السياسي، أو تشكيل السياسة في كل بلد. وإلى جانب هذه العوامل العامة العابرة؛ يتبوَّأ تقليد الإدارة البيروقراطية في تركيا موقعًا متميزًا في عملية تشكيل السياسة، وهذا الوضع بدوره يفتح الطريق إلى وصاية النخب البيروقراطية على السياسة المدنية. وإنّ النظام الرئاسي الجمهوري الذي تمّت الموافقة عليه في استفتاء 16 نيسان 2017 يقدّم جملة من الفرص لتحويل هذه البيروقراطية الوصائية. وفي هذا السياق يتناول هذا المقال تحليل الإمكانات التي يمكن لها أن تُسهم في التحوّل البيروقراطي في تركيا.

 المدخل:

الديمقراطية النيابية نظامٌ يعتمد على تفويض الصلاحيات، ففي الأنظمة البرلمانية؛ يفوض الشعبُ صاحبُ السيادة الأصلية أعضاءَ البرلمان الذين ينتخبهم، ويفوض أعضاءُ البرلمان مجلسَ الوزراء الذي يمارس السلطة التنفيذية، وينقل الوزراء صلاحياتهم إلى البيروقراطيين، وهكذا يحدّد السياسيون أولويات الشعب وخياراته، ثم يحولونها إلى سياسة عامة، ويقدّم البيروقراطيون خدماتهم العامة في إطار هذه السياسة العامة. ولكي تكون هذه العملية عمليةً ديمقراطيةً؛ لابدّ من وجود عمليةٍ معاكسةٍ تشكل آليةَ المحاسبة. بتعبير آخر، ينبغي في الديمقراطية أن يُحاسِبَ الوزراءُ البيروقراطيين، والبرلمانُ الوزراءَ، وأن يُحاسِبَ الشعبُ البرلمان. وتقدّم هذه العملية رؤوس أقلامٍ قويةً لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين السياسيين والبيروقراطيين في الدول الديمقراطية.

من جانبٍ آخر؛ يشكّل التوفيق بين القيم الديمقراطية ومتطلبات البيروقراطية إحدى المشكلات الرئيسة في الدول المعاصرة. فمتطلبات الطبيعة البيروقراطية -بحسب العلوم السياسية الرئيسة السائدة- تسبّب إشكاليةً للديمقراطية. فالمطلوب في العلاقة بين السياسي والبيروقراطي تقليديًّا هو قيام السياسي بتحديد السياسات، وتطبيق البيروقراطي لهذه السياسات، وموجب التوفيق بين الديمقراطية والبيروقراطية يقتضي ممارسة رقابةٍ كثيفةٍ من قبل السياسيين على البيروقراطيين، وأن يكون البيروقراطي مسؤولًا أمام السياسي. لكن الممارسة السياسية والإدارية الواقعية ليست هكذا، إذ تؤدّي البيروقراطية دورًا مهمًّا في تشكيل السياسة العامة، بل ربما تؤدّي البيروقراطية في بعض الدول، مثل  تركيا دورًا أكثر هيمنةً من دور السياسيين في عمليات اتخاذ القرارات السياسية وتشكيل السياسات.

فمرحلة تطبيق المعلومات التقنية والخبرات والسياسات العامة باعتبارها عوامل عامة مؤقتة؛ أصبحت مؤثِّرًا من مؤثرات عمليات اتخاذ القرار السياسي، أو تشكيل السياسة في كل قطر. ومع ذلك، تتمتع البيروقراطية في تركيا بموقعٍ متميزٍ في تقليد الإدارة البيروقراطية في عملية تشكيل السياسة، حتى إنها تفتح الطريق أمام النخب البيروقراطية لتكون وصيَّةً على السياسة.

تدور التساؤلات حول البيروقراطية التي أدّت دورًا رئيسًا في عملية التحديث في تركيا، واكتسبت موقعًا متميزًا، اعتمادًا على هذا الدور. فعقلية حراس البيروقراطية التي تهيمن في تركيا؛ تحدّد ما كان (خيرًا) من أجل المجتمع نيابةً عنه، وتمارس ذلك الخير بحذافيره. وهكذا تبرز البيروقراطية في تركيا أمامنا عنصرًا يميل إلى سياسةٍ مُثْقَلَةٍ بالعديد من الوظائف المختلفة، في مقدمتها المحافظة على بقاء الدولة وحماية العلمانية. وفي هذا الإطار، توجد في تركيا نخبةٌ بيروقراطيَّةٌ تعَرَّتْ من أجل تحديد نهج الحياة السياسية التركية بدلًا من وظيفتها الأصلية التي تكمن في تطبيق النهج التي يتبناه السياسي، وبهذه الخاصية التي تمتلكها، تتحرك البيروقراطية من خلال أذرعها العسكرية والقضائية والمدنية بصفتها محورًا للوصاية على السياسة في تركيا.

إنّ مرحلة تغيير النظام السياسي التي شغلت الحياة السياسية اليومية في تركيا منذ السبعينيات وصلت إلى نهايتها، وأُقِرَّ التحول إلى نظام الحكم الرئاسي بـ(نعم) بنسبة 51.4% من أصوات الناخبين في استفتاء 16 نيسان، وكان تأمين التحول البيروقراطي يشكّل أحد الأهداف الرئيسة للانتقال إلى نظام الحكم الجمهوري الرئاسي. وإنّ الجدل حول التحول البيروقراطي في سياق تغيير النظام السياسي يتعلّق في الأساس بإعادة بناء العلاقة على نطاقٍ واسعٍ بين السياسة والبيروقراطية في  تركيا من جديدٍ، بتعبير آخر: لا يقتصر تغيير النظام السياسي في تركيا على تأسيس توازنٍ ورقابةٍ بين الهيئة التشريعية والتنفيذية فحسب، بل يهدف كذلك إلى إنشاء توازنٍ جديدٍ بين البيروقراطية والسياسة المدنية.

والغاية من هذه المقالة هي تحليل الإمكانات التي يمكن أن يقدمها الانتقال إلى نظام الحكم الجمهوري الرئاسي للإسهام في التحول البيروقراطي في تركيا. وفي هذا الإطار ستُقيَّم بدايةً العوامل العامة- والمؤقتة التي توفر للبيروقراطية إمكانية التدخل في تشكيل السياسة في دول العالم عامة، ثم يتناول البحث تقليد الإدارة البيروقراطية التي توفّر للبيروقراطية إمكانية الحصول على الموقع المتميّز في عملية اتخاذ القرار السياسي، وتشكيل السياسة في تركيا، وفي الختام ستُناقَش الفرص التي سيقدمها الانتقال إلى نظام الحكم الجمهوري الرئاسي من أجل التحويل البيروقراطي الذي يتحرك من موقع الوصاية على السياسة المدنية في تركيا.

 

دور البيروقراطية في عملية تشكيل السياسة: نظرةٌ عامَّة

يمكن الحديث عن عاملين أساسيين اثنين يجعلان البيروقراطية أحدَ العوامل المركزية في عملية اتخاذ القرار السياسي في الدول الديمقراطية، هذان العاملان هما: تحصيل الخبرة والمعلومات التقنية[1]، ومراحل تطبيق السياسات العامة. وهذان العاملان يشكلان في إطار العلاقة بين البيروقراطي والسياسي الورقة الرابحة المهمّة التي تمنح البيروقراطي القوة في ظهوره محورًا للسلطة مقابل السياسي.

فالمعتقد السائد عمومًا هو أن للسياسي دوره المهمّ في تشكيل السياسة، وما على البيروقراطي سوى تطبيق القرارات. ولا يمكننا أن نقول: إن الواقع يعكس حقيقة هذا الاعتقاد، فالمعلومات التقنية التي يحتاج إليها السياسيون -رغم القبول بصواب هذا الاعتقاد- لكي يتخذوا قرارًا ويشكلوا سياسةً في مجالٍ محددٍ ويمتلكوا الخبرة اللازمة من أجل فهم وشرح تلك المعلومات- موجودةٌ بيد البيروقراطيين، وسيطرة البيروقراطيين على المعلومات التقنية والخبرات تمنحهم الإمكانية الكبيرة للتأثير في السياسة العامة، وحاجة السياسيين ماسةٌ إلى المعلومات والتعليقات التي ستردهم من البيروقراطيين، حتى لو حاولوا كسر الاحتكار النسبي لموضوع خبرة البيروقراطيين ومعلوماتهم، (كالتعامل مع موظفين آخرين). علاوةً على ذلك، يمكن للبيروقراط أن ينقلوا تلك المعلومات المطلوبة إلى السياسيين بشكلٍ مغلوط عمدًا أو بلا قصدٍ، أو تغييرِها، أو نقل نقيضِها، أو يمارسوا الانتقائية في نقل هذه المعلومات بغية التأثير في اتخاذ قرارٍ محدَّدٍ من دون مراعاة تبعات النتائج التي ستصدر عنه. بتعبيرٍ آخر: يمكن للبيروقراطيين أن يستخدموا المعلومات التي تعّد أهم ورقةٍ رابحةٍ بين أيديهم للمساومة عليها في سبيل فرض نفوذهم على السياسات العامة[2]. وبذلك تسعى البيروقراطية الواعية بالورقة الرابحة المهمّة بين أيديها إلى إخفاء معلوماتها ونياتها، وتعزيز هيمنتها. وتميل الإدارة البيروقراطية دومًا إلى (إدارة الجلسات السرية)، وتحاول الاحتفاظ بمعلوماتها ونشاطاتها بعيدة عند الانتقاد. ومفهوم (السرية الرسمية) إجراءٌ مهمٌّ جدًّا طورته البيروقراطية في مواجهة الانتقادات التي تأتي من الخارج. وفي هذا الإطار تعارض البيروقراطية كل أنواع المبادرات التي يسعى فيها السياسيون وأعضاء البرلمان إلى الحصول على المعلومات، ويفضّل البيروقراطي بطبيعته أعضاء البرلمان والسياسيين الضعاف الجاهلين بالمعلومات المطلوبة، أو على الأقل أعضاءَ البرلمان والسياسيين المنسجمين مع مصالح البيروقراطية من قريب أو بعيد[3]، كما تجعلُ مرحلةُ تطبيقِ السياسةِ العامَّةِ من البيروقراطيَّةِ طرفًا فاعلًا في عملية السياسة العامة. يختلف الأشخاص الذين يتخذون القرارات في السياسة العامة عن الذين يطبقونها، وتطبيقُ سياسةٍ عامةٍ محددةٍ تدفع البيروقراطيةَ العامةَ التي تشكل آلية إدارة الخدمات في الدولة- إلى الواجهة اليومية. وفي هذا السياق، يعدُّ اتجاه البيروقراطية وموقفها من السياسة العامة أحد الموضوعات المهمّة من حيث تطبيق السياسة العامة. وهكذا يرى إدوارد الثالث أن تطبيق السياسة العامة بشكلٍ ناجحٍ يوجب امتلاك البيروقراطية الإرادة الفعلية للقيام بذلك، ناهيك عن معرفتها لما تريد أن تفعله، وامتلاكها القدرة على تنفيذ ما تريد[4]. وبشكل مشابهٍ؛ يذهب كلّ من ريبلي و فرانكلين إلى عدم حيادية البيروقراطية، وأن رغبات ومواقف البيروقراطيين الشخصية والتنظيمية حول أهداف سياسةٍ ما ومضمونَها- تشكِّلُ عاملًا في غاية التأثير في تطبيق تلك السياسة[5].

فغاية السياسة العامة التطبيق والإجراء، والسياسة العامة التي لا يجري تطبيقها في الواقع، وتبقى رسم البلاغات الرسمية لا تحمل أي معنىً سوى أنها تكشف نيات الحكومة بأنها حكومة كلامٍ لن تقدّم حلولًا لمشكلات المجتمع. وبهذا المعنى يؤكد بيتر[6] أن السياسة العامة الحقيقية التي تتبناها حكومةٌ ما في مجالٍ معينٍ ليست تلك التي تعلنها الهيئة التشريعية والتنفيذية؛ بل هي السياسة التي يُنتقَل بها إلى التطبيق. ومن قدر التطبيق أنه أسير البيروقراطية، إن شاءت تطبق السياسة العامة في توقيتها وعلى حالتها الأصلية من دون أن تمسها بتغيير، وإن شاءت تسوِّف تطبيقها، أو تعيد تأويلها من جديدٍ تبعًا لمعاييرها الخاصة، وتطبيقها بشكلٍ ينسجم مع مصالحها الخاصة بعيدًا كل البعد عن السياسة التي تبنتها الحكومة.

هذه الأسباب توفر الإمكانية للبيروقراطية أن تمارس دورًا في السياسة العامة في  تركيا، كما هو الحال في كل البلدان، لكن إلى جانب الأسباب العامة والمؤقتة المذكورة، يرتفع تقليد الإدارة البيروقراطية التي تتميز بها تركيا بالبيروقراطية إلى موقع أكثر قوةً في التأثير في السياسة وعملية السياسة العامة وتحديدها.

 

تقليد الإدارة البيروقراطية في تركيا:

بقيت البيروقراطية في تركيا مهتمّة دومًا بالسياسة، واعتمدت موقفًا بعيدًا عن التبعية للسلطة السياسية، وتحرّكت من موقع الوصاية على السياسة، فتاريخ الجمهورية مليء بالانعكاسات المختلفة للجهود المبذولة من قبل البيروقراطية التركية من خلال أذرعها المدنية والعسكرية والقضائية لتكون الجهة المهيمنة على عملية إدارة السياسة العامة ولتعمق علاقاتها من أجل التحكم السياسة[7]. ويمكن رصد آثار الآليات التي تفتح الطريق أمام البيروقراطية لتؤدّي دورًا أكثر تأثيرًا ونفوذًا من السياسيين في عملية السياسة العامة في  تركيا من خلال تقليد الإدارة البيروقراطية التي انتقلت من عهد الدولة العثمانية إلى الجمهورية التركية.

في سياق تقليد الإدارة البيروقراطية في تركيا، وخلافًا لطبيعة كونها وسيلةً يتخذها السياسيون لتنفيذ القرارات؛ فرضت البيروقراطية على نفسها وظيفةً مختلفةً تعزّز رغبتها في تولي دور الجهة الحاسمة في العملية السياسية. وقد عُرِّفتِ البيروقراطية في تركيا في إطار مفهوم المركزية والبيروقراطية القابعة في جهود الإصلاح التي أُسِّست جذورها في عهد التنظيمات، وأنها في الأساس "المؤسسة التي تصنع السياسة، لا أنّها المؤسسة التي تنفذ السياسة التي يضعها الآخرون"[8]. بتعبير أخر؛ يكمن وراء الدور المهيمن للبيروقراطية على عملية السياسة العامة في  تركيا عدم انتقالها من (العقلانية الخاصة) إلى (العقلانية الأداتية/ العلمية)[9]. هذا الوضع المتعلق بالبيروقراطية في تركيا (رجحان الجانب السياسي للبيروقراطية وتبنيها للأدوار السياسية) في الواقع- يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعدم ظهور التباين الهيكلي -الوظيفي للبيروقراطية في سياق دورها بالمعنى الدقيق في نهاية عملية التحديث، فالتباين والفصل بين الوظائف الاجتماعية الأساسية أو الفصل بين مجالات مؤسسات المجتمع الأساسية -بحسب آيزنشتات[10]- يعرِّف العلاقة بين المجتمعات المتخصصة، ويحدد أدوارها، وطرق انتظامها في سياق الأطر التنظيمية والرمزية المستقلة، والمستقلة ذاتيًّا بشكلٍ نسبيٍّ ضمن حدود النظام المؤسسي نفسه.

وفي هذا السياق، يعبّر التباين الهيكلي في المجتمع عن تباين الوظائف السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، وعلى صلةٍ بذلك، تصبح النماذج المختلفة للنخب في المجتمع بدل النموذج الواحد موضوع الحديث. والتباين الوظيفي يعني أن كل مؤسسةٍ تؤدّي وظيفة من الوظائف المتباينة، فالتباينُ الوظيفيُّ يتجلّى في التباين الأفقي والعمودي بين المؤسسات، فالتباين الوظيفي الأفقي يشير إلى توزيع العمل بين المؤسسات البيروقراطية في تسيير مختلف الوظائف الإدارية، والتباين الوظيفي العمودي يتجلّى في التباين بين دورَي العمل السياسي والبيروقراطي. في هذا الصدد، حتى تتمكن البيروقراطية من اتخاذ قرارٍ سياسيٍّ ينبغي عليها أن توفر المدخلات الضرورية لذلك، وتكون قادرةً على تنفيذ القرارات التي تتخذها. وفي الأحوال التي لا يبرز فيها التباين الوظيفي العمودي بمعناه الدقيق، يمتلك البيروقراطي صلاحية اتخاذ القرار السياسي، ويتحول إلى فريق نخبوي[11]. وعندما يظهر التباين الوظيفي العمودي بين العمل السياسي والبيروقراطي خلال عملية التحديث، أو بعبارةٍ أخرى عندما تتخلى البيروقراطية عن الوظيفة التي قررتها لنفسها؛ فإنها على الأرجح تتحول إلى جهة فاعلةٍ تتصدّر بمعلوماتها التقنية وخبراتها الواجهةَ في عمليةِ السياسة العامة. وعلى الرغم من المضي نحو المؤسساتية الهيكلية والوظيفية في الدولة العثمانية والجمهورية التركية بوصفها وارثة لها- لم يتم إعداد الأشخاص الذين سيعملون في هذه المؤسسات بحسب الأدوار والمواقف والتصرفات الملائمة؛ (بمعنى أنه لم تنتشر المعايير الثقافية الملائمة) للنمط المؤسساتي الجديد[12].

ولا يخفى أن الفضل في تبوُّؤِ البيروقراطية موقعًا أكثر تأثيرًا في عملية السياسة العامّة في تركيا يعود إلى أن تفاصيل الأدوار والمواقف التي تتمم التباين الوظيفي العمودي لم تتحقق وفقًا لمعانيها الدقيقة، أو أن البيروقراطية في تركيا لم تتحول من الحالة البيروقراطية إلى الحالة التكنوقراطية، ومعلومٌ أن البيروقراطية ذات نزعةٍ سياسيةٍ دومًا، وتتحرك في الواقع وفق هذه الميول. ولم يُسفر عن عملية التحديث في  تركيا إبرازُ البيروقراطية باعتبارها وسيلةً فعالةً لتنفيذ القرارات السياسية وحسب. فتبوّأت البيروقراطية في تركيا موقعًا مهمًّا في السياسة منذ عهد التنظيمات، وأصبحت الدولة العثمانية التركية تبدو في مظهر (إمبراطوريةٍ بيروقراطيةٍ تاريخية historical bureaucratic empire). والبيروقراطية في إطار نظام سياسي كهذا تكتسب ميزةً في غاية الأهمية، ويتورّط الإداريون ولاسيما في المستويات العليا في القضايا السياسية بكثافة، وتتطور على شكل بيروقراطيةِ طائفةٍ أو بيروقراطيةِ وصايةٍ، فتقدّم الخدمات لنفسها، أو تبدي مواقف أبويّةً تجاه الإداريين [الوصاية][13].

والبيروقراطية التي عدّت نفسها قوةً موجّهةً لعملية التحديث منذ عهد التنظيمات؛ تبوأت كذلك منذ السنوات الأولى في عهد الجمهورية موقعًا مهمًّا، وأصبحت واحدة من الأطراف الحاسمة في الحياة السياسية في تركيا على امتداد السنوات اللاحقة، وبرزت قوةً مركزيةً مهمَّةً في البنية الاجتماعية والسياسية، والتزمت بوظائف إنقاذ الدولة والتغريب [باعتبار الغرب قدوةً في النهضة]، وما شابه ذلك، وفرضت نفسها حارسةً للدولة. وقد تعززت قوة البيروقراطية في تركيا من خلال الدور الحاسم للبيروقراطية في الإصلاحات التي تحقّقت (في نمط التحرك من الأعلى إلى الأسفل) مع تأسيس الجمهورية. ييبين لا بالومبارا[14] أنّ البيروقراطية تتحمل أدوارًا مهمّة في محاولات عملية إنشاء الأمة والدولة. ويؤكد ما ذكره لا بالومبارا بلوغُ البيروقراطيةِ في تأثيرها في الحياة الاجتماعية والسياسية إلى الحد الأعلى في الفترات الأولى من عهد الجمهورية. لابدّ من إحداث كسر في تقليد الإدارة البيروقراطية حتى تتراجع البيروقراطية في تركيا إلى حدودها الطبيعية، وتعود إلى آلية تُقدّم للمجتمع خدماتها العامة التي يحتاج إليها، وبخلاف ذلك تتعزز لدى هذه النخب البيروقراطية التقليدية الرغبةُ في هيكلةِ السياسة والمجتمع باستمرار، ويمكن أن يشكل نظام الحكم الجمهوري الرئاسي أرضيَّةً قوية من أجل تحقيق هذا الكسر.

 

إسهامات نظام الحكم الجمهوري الرئاسي الممكنة في التحول البيروقراطي:

يمكننا أن نتناول إسهامات نظام الحكم الجمهوري الرئاسي في تعزيز التحول البيروقراطي تحت عدة عناوين، وفق الآتي:

  • إنهاء الوصاية البيروقراطية
  • تأسيس سلطةٍ تنفيذيةٍ أكثر إحساسًا بالمسؤولية
  • إنشاء فريقٍ من كبار الإداريين الخبراء
  • إنشاء بنية إدارية تتعاطف مع المطالب الاجتماعية
  • كسر الكودات الثقافية المهيمنة

إنهاء الوصاية البيروقراطية

إحدى خصائص السياسة والإدارة التركية أن البيروقراطية تتبوّأ موقعًا متميزًا فيها، وتتحرك بمنطق الوصاية على العملية السياسية. وكما ذُكِر آنفًا، تهيمن في  تركيا عقلية حراسةٍ بيروقراطيةٍ تحدّد (ما هو خيرٌ) للمجتمع نيابةً عنه، وتنفيذ ذلك الخير من الأعلى إلى الأدنى، وتتداخل مع العقلية [الدولانية أو الدولتية] لتبرز البيروقراطية أمامنا في تركيا عنصرًا يميل إلى سياسةٍ مثقلةٍ بالعديد من الوظائف المختلفة، في مقدمتها المحافظة على استمرارية دولة النخبة البيروقراطية، وحماية العلمانية، وغيرها. ومن أجل ذلك تسعى النخبة البيروقراطية في تركيا إلى أن تجعل السيطرة على الدولة في يدها بطرقٍ خارجةٍ عن الإرادة الشعبية.

تشكل البرلمانية الوصائية في تركيا إحدى أهم الآليات التي توفر هذه القوة لبيروقراطية النخبة. والنظام البرلماني في تركيا لم يعكس مع الأسف السمات الأساسية للبرلمانية الكلاسيكية، بل اعتمد منذ قيام الجمهورية التركية [نموذجَ] البرلمانية الوصائية التي تقوم على بيروقراطية النخبة، وتعمل على السيطرة على الدولة، وهذه النخبة غريبةٌ عن نظام قيم مجموعةٍ واسعةٍ من شرائح المجتمع، وتتسم بعقليةٍ نمطيةٍ ضيقةٍ إقصائيةٍ مفَتِّتَةٍ من حيث العلاقة بين المجتمع والدولة، وتقصي فئاتٍ اجتماعيَّةً محددةً[15]. هذه العقلية فتحت الطريق أمام التباعد والافتراق بين الدولة والمجتمع في تركيا. هذا النمط من العلاقة إلى جانب الحياة الحزبية التعددية كان في الواقع موضع تساؤلٍ باستمرارٍ، وكانت البرلمانية الوصائية هي جواب النخبة البيروقراطية في ردها على هذا التساؤل.

فعلى الرغم من فتح القنوات أمام مختلف فئات المجتمع للدخول في مجال السياسة والبرلمان بعد الانتقال إلى الحياة السياسية متعددة الأحزاب في تركيا؛ فإن النخبة البيروقراطية في الواقع صمّمت نظامًا برلمانيًّا يوفر لها الاحتفاظ بالسلطة من دون الفوز في الانتخابات، وفي مقدمتها الآليات الاجتماعية المختلفة التي أحدثها دستور عام 1961. ففتحت البرلمانية الوصائية الطريق في أغلب الأوقات أمام إدارة السلطة في تركيا بحكوماتٍ ائتلافيةٍ ضعيفةٍ، وعملت على إنتاج عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي المرتبط بضعف هذه الحكومات، وإقصاءِ شرائح معينةٍ من المجتمع خارج البرلمان، وإغلاقِ الأحزاب التي لا تتحرك ضمن الإطار الذي خطَّته النخبة البيروقراطية، والعمل على اعتبار موقع رئاسة الجمهورية صاحب السلطات المهمّة والخالي من المسؤولية بمثابة الفيتو المعرقل لمسيرة العمل، وعلى تحول البيروقراطية الإدارية إلى ممانعةٍ من خلال تأخير الأعمال وإبطائها، وأخيرًا دخول البيروقراطية العسكرية على الخط وقيامِها بالانقلاب العسكري[16].

فباستثناء الفترات الاستثنائية التي تسلّمت خلالها الفئات الاجتماعية المنظمة حول القيادات الكاريزمية السلطة في تركيا؛ فتحت الحكومات الائتلافية الضعيفة التي تشكلت في ظل النظام البرلماني الطريق أمام فراغ السلطة، وملأت النخب البيروقراطية -وفق التقليد المتّبع- بأذرعها المدنية والعسكرية والقضائية هذا الفراغ في السلطة. وتحول النظامُ البرلمانيُّ بذلك في تركيا إلى إدارةِ العملية السياسية تبعًا للعقلية الوصائية، متجاهلًا خيارات الشعب؛ لكن نظام الحكم الجمهوري الرئاسي الذي يمنح السلطة التنفيذية لشخصٍ صاحبِ شرعيةٍ سياسيةٍ قويَّةٍ منتخبٍ انتخابًا مباشرًا من قبل الشعب- كفيلٌ بإزالة الحكومات الائتلافية الضعيفة من الواقع في تركيا، وإحلال سلطةٍ تنفيذِيَّةٍ قويَّةٍ مكانها. وإنّ وجود طرفٍ فاعلٍ قويٍّ كهذا في مركز العملية السياسية في تركيا سيفتح المجال أمام الاستقرار الإداري من جهةٍ، وسيبطل تدخلات الأطراف غير السياسية التي لا تستمد قوتها من الشعب في العملية السياسة، ويحول دون سعيها للسيطرة على الدولة من جهةٍ أخرى، ويُسهم بذلك في القضاء على الوصاية البيروقراطية.

 

تأسيس هيئة تنفيذية أكثر إحساسًا بالمسؤولية:

من أهم ميزات الأنظمة الرئاسية أنها تقضي على التهرّب من المسؤولية، وتأتي بسلطة تنفيذية ذات مسؤولية أكبر أمام الشعب؛ لأن الشخص المنتخب مباشرةً في نظام الحكم الجمهوري الرئاسي المستوحى من النظام الرئاسي يمكن أن ينتج سلطةً أكثر مصداقيةً وتحملًا للمسؤولية؛ لأنه يستخدم سلطته التنفيذية. ففي النظام البرلماني؛ من الصعب جدًّا تحديد المسؤولية ومحاسبة السياسيين عن السياسات الفاشلة، ولاسيّما في ظل التحالفات في عهد الحكومات الائتلافية. بالمقابل سيُسهم نظام الحكم الجمهوري الرئاسي في تأسيس سلطةٍ تنفيذيَّةٍ أكثر نفوذًا، وشرعيَّتُها أكثر قوةً وتحمُّلًا للمسؤولية والمحاسبة، وستكون الهيكلية الإدارية المتولدة عنها أكثر تحملًا للمسؤولية والمحاسبة أمام الشعب. ومعلومٌ أن المشكلة السياسية الأهم التي يعانيها نظام الإدارة العامة في تركيا أن الشفافية والمحاسبة لم تُؤَسَّسا بمعناهما الدقيق حتى اليوم.

 

تشكيل فريق كبار الإداريين الخبراء:

يمنح نظام الحكم الجمهوري الرئاسي رئيس الجمهورية صلاحية تعيين نواب رئيس الجمهورية والوزراء وإقالتهم، إلى جانب فريق المراتب العليا في الإدارة العامة وإنهاء أعمالهم، لكن نواب رئيس الجمهورية والوزراء يجب تعيينهم من خارج البرلمان، وفي حال اختيارهم من أعضاء البرلمان تُلغَى عضويتهم في المجلس الوطني التركي الكبير.

تتولد الحكومة في النظام البرلماني من الوسط التشريعي، ولهذا السبب يتحرك عضو البرلمان دومًا، وهو يأمل في المنصب الوزاري، ويشكل علاقاته بناءً على ذلك من جهةٍ، وحين يختار رئيس الوزراء الوزير يضطر إلى أن يأخذ بعين الاعتبار النفوذ السياسي للمرشح إلى منصب الوزارة، والتوازنات الحزبية الداخلية، والتوازنات السياسية المناطقية في  تركيا من جهةٍ أخرى. وحين يُعيَّن نواب رئيس الوزراء والوزراء في النظام البرلماني تُؤخَذ بالحسبان الديناميكية السياسية بدل الخبرات. بخلاف تعيين نواب الرئيس والوزراء من خارج البرلمان في النظام الجمهوري الرئاسي؛ فإنه يعني منح الأولية للخبرة في شَغْلِ المناصب.

يملك رئيس الجمهورية في نظام الحكم الجمهوري الرئاسي صلاحية تعيين الإداريين في المراتب العليا وإنهاء أعمالهم بمراسيم جمهوريةٍ. بتعبير آخر: سيتمكن رئيس الجمهورية من التعيين السياسي، فالإداريون في المراتب العليا هم الأشخاص الذين يتولون المواقع الإستراتيجية المسؤولة عن تحديد السياسات في المؤسسات العامة وتنفيذها، وقيادة المراتب الأدنى من الموظفين، وسيتمكن رئيس الجمهورية في تركيا من تشكيل فريقٍ من الخبراء المنسجمين مع سياساته الخاصة. وهذا الإجراء سيكون حاسمًا للغاية في إضافة الديناميكية إلى البيروقراطية، والحفاظ على علاقات المؤسسات العامة، وتبني مفهوم الإدارة العامة التي ترتكز على المواطنة وتعزيزها، ومن ثَمّ سيمنح نظام الحكم الرئاسي الفرصة للهيئة التنفيذية في اتخاذ قراراتها وتنفيذها بشكلٍ أسرع وأكثر عقلانيةً.

 

إنشاء كيانٍ إداريٍّ يتعاطف مع المطالب الاجتماعية:

في نظام الحكم الجمهوري الرئاسي يُشكَّل مجلس الوزراء، ويُحلُّ، وتُحدَّدُ المهام والصلاحيات والهيكل التنظيمي، وتُشكَّل التنظيمات المركزية والفرعية بمراسيم جمهوريَّةٍ رئاسيَّةٍ. إلى جانب ذلك، يمنح النظام الجديد الفرصة لتأسيس الشخصيات الاعتبارية العامة بمراسيم جمهوريَّةٍ رئاسيَّةٍ. وهذه الترتيبات تكتسب أهمِّيَّةً كبيرةً من حيث إحداث كيانٍ إداريٍّ ينسجم بقوَّةٍ مع المطالب والحاجات الاجتماعية.

 

كسر الكودات الثقافية المهيمنة:

يَعُدّ البيروقراطي نفسه باقيًا والسياسيَّ عابرًا، ويشكّل ذلك أحد الكودات المهيمنة في المجال الإداري والسياسي في تركيا. بتعبيرٍ آخر: يَعُدّ البيروقراطي نفسه صاحبَ الخان، والسياسيَّ نزيلَ الخان. والنظام البرلماني الذي تنتُج عنه الحكوماتُ الائتلافيةُ الضعيفةُ في تركيا يُسهم في تكريس هذا المفهوم لدى البيروقراطية؛ بسبب تحديد مدةٍ قصيرةٍ لبقاء السياسي في السلطة. وقد أدّى تحلّي البيروقراطية بصفة الديمومة مقابل المدة القصيرة لأفق السياسي دورًا كبيرًا في مقاومة البيروقراطية لمحاولات الإصلاح وتأجيل التعديلات في تركيا. بالمقابل ستتشكل في نظام الحكم الرئاسي سلطةٌ تنفيذيةٌ قويةٌ تستخدم طاقتها التنفيذية خلال الفترة المقررة (خمس سنوات) بدون انقطاعٍ، وتنفّذ سياساتها بصورةٍ أكثرَ ثباتًا في أرض الواقع.

إن نظام الحكم الجمهوري الرئاسي بما يملكه رئيس الجمهورية من صلاحية تعيين الكادر الإداري من المراتب العليا- يوفّر احتمالية القضاء على البيروقراطية الوصائية، واحتمالية القضاء على مفهوم "البيروقراطي صاحب الخان، والسياسي نزيل الخان"، ويكسر بذلك الكود المُشْكِلَ في تركيا.

 

الخاتمة:

تشكّل البيروقراطية أحد عوامل عملية تشكيل السياسة العامّة؛ بسبب المعلومات التقنية والخبرة التي تحتاج إليها مرحلة تطبيقها، لكن علاقة البيروقراطية بالسياسة ونفوذها في عملية السياسة العامة تختلف من بلدٍ إلى آخر، ففي تركيا وبعض الدول يمكن للنخب البيروقراطية أن تؤدّي دورًا أكبر مقارنةً بالسياسيين في صنع القرار. ويرتبط الدور الطاغي للبيروقراطية في السياسة العامة في تركيا ارتباطًا وثيقًا بتقليد الإدارة البيروقراطية الخاص بتركيا إلى جانب الأسباب العامة المذكورة آنفًا.

ففي الإصلاحات التي أُجريِت خلال مرحلة التحول الديمقراطي في تركيا ولاسيّما في الفترة الأخيرة، وفي سياق تباينات المدير والمُدار والدولة والسوق وما شابه- كانت خيارات السوق في صالح المنتخَبين والأفراد، وقد أثّرت هذه الخيارات كذلك في العلاقات وتوازن القوى بين السياسي والبيروقراطي. وبتعبير آخر، يشكل القضاء على البيروقراطية الأوليغارشية وإعادة البيروقراطية إلى حدودها الطبيعية، كما هو الحال في كلِّ دولةٍ ديمقراطيَّةٍ- أحد الأهداف الأساسية للإصلاحات التي أُجرِيت في الفترة الأخيرة في تركيا، والهدف من نتيجة الإصلاحات المذكورة هو تحويل البيروقراطية من نخبة الموقع إلى نخبةٍ وظيفيَّةٍ ذات قيمةٍ أدائية، وتحديد دورها في عملية السياسة العامة، وحطِّهِ إلى مستوى الخبرة التقنيَّة.

تقف تركيا اليوم على عتبة مرحلةٍ من التطور السياسي والاقتصادي، فقد انتهت عملية التحول الديمقراطي في تركيا بالانتقال إلى نظام الحكم الجمهوري الرئاسي، وتغيير نظام الحكم في تركيا. وإنّ الانتقال إلى نظام الحكم الجمهوري الرئاسي يسهم في إنشاء أرضيةٍ قويَّةٍ للتحويل البيروقراطي، ويُسهم في التحويل المؤسساتي للخطوات التي تمّت من أجل التحويل البيروقراطي خلال الأعوام الخمسة عشر الأخيرة، وتعميقها.

الهوامش والمصادر:

 

 

[1] في إطار السلطة الشرعية التي تشكل نوعًا من أنواع السلطة التي حددها فيبر في سياق الاجتماع السياسي؛ تتبوّأ الخبرة المعلوماتية للبيروقراطيين مكانها بين مصادر الصراع بينهم وبين السياسيين. من أجل التفاصيل؛ انظر: Nicos P. Mouzelis، التنظيم والبيروقراطية (ترجمة: بهادر أقين). قونية، مكتبة Çizgi، 2003، ص 22-24.

[2] Guy Peters, Politics of Bureaucracy. London: Routledge, 2001, P. 228, 234.

[3] H. H. Geerth ve C. Wright Mills (Ed.), From Max Weber: Essays in Sociology. London: Routledge & Kegan Paul, 1977, P. 232-234.

[4] George C. Edwards III, Implementing Public Policy. Washington: Congressional Quarterly Press, 1980, P. 11.

[5] Randall B. Ripley ve Grace A. Franklin, Bureaucracy and Policy Implementation. Illinois: The Dorsey Press, 1982, P. 40.

[6] Peters, op. cit., P. 231.

[7] من أجل تفصيلات علاقة البيروقراطية التركية بالسياسة عمومًا وعملية السياسة العامة خصوصًا، وانعكاسات هذه العلاقة على الحياة السياسية طيلة تاريخ الجمهورية؛ انظر: متين خبر، تقليد الدولة في تركيا، إسطنبول: منشورات الشرق والغرب، 2006. محيي الدين تاتار أوغلو، "البيروقراطية منذ الجمهورية إلى يومنا"، بنية المجتمع التركي بين أمس واليوم، (تحرير محمد زنجير قيران). بورصة: منشورات دورا، 2011، ص219 – 245.

[8] خبر، تقليد الدولة في تركية، المرجع السابق، ص90 – 91.

[9] "العقلانية الخاصة" تتعلق بالأهداف، و"العقلانية الأداتية" تتعلق بطرق تحقيق الأهداف. بيروقراطية "العقلانية الخاصة" تنزع إلى مناقشة قرارات السلطة السياسية ومحاسبتها. انظر: متين خبر، "الدور السياسي لبيروقراطية الدولة التركية– العثمانية"، مجلة الإدارة العامة، 6 (2)،1973، ص29 – 40.

[10] S. N. Eisenstadt, “Social Change, Differentiation and Evolution”, American Sociological Review, 29(3), 1964, P. 376.

[11] متين خبر، العصرنة والبيروقراطية: مدخل للإدارة العامة المقارنة، أنقرة: منشورات مجلة العلوم الاجتماعية التركية، 1973، ص49 – 52.

[12] متين خبر، تقليد الإدارة البيروقراطية، أنقرة: منشورات جامعة الشرق الأوسط للعلوم التقنية، 1974، ص4.

[13] Metin Heper, “Political Modernization as Reflected in Bureaucratic Change: The Turkish Bureaucracy and a ‘Historical Bureaucratic Empire’ Tradition”. International Journal of Middle East Studies, 7(4), 1976, P. 508.

[14] Joseph LaPalombara, “An Overview of Bureaucracy and Political Development”, Bureaucracy and Political Development (Ed. Joseph LaPalombara), New Jersey: Princeton University Press, 1967, P. 22.

[15] علي أصلان، النظام الرئاسي من أجل تركيا: التحول الديموقراطي، الاستقرار، المؤسساتية، تحليل SETA، نيسان، 2015، ص23 – 24.

[16] محمد زاهد صوباجي، الجينات النخبوية لحزب الشعب الجمهوري والنظام الجمهوري الرئاسي، برنامج رؤية مفتوحة على قناة ستار، 08. 01. 2017.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...