رؤية تركية
دورية محكّمة في
الشؤون التركية والدولية
ISSN 2458-8458
E-ISSN 2458-8466

| المقالات والدراسات < رؤية تركية

الكارثة المزدوجة: وضع السوريين في تركيا بعد الزلزال

يتناول هذا البحث وضع السوريين المقيمين في تركيا عقب زلزال شباط 2023، والمؤشرات الأساسية لحياتهم في منطقة الزلزال، وتقييمًا لعملية هجرة السوريين داخل تركيا بعد الزلزال، ثم يستعرض البحث الفرص والخدمات المقدمة للناجين السوريين من الزلزال الذي ضرب عدة مدن تركية، ويركز في تقييمه على السوريين بعد الزلزال من منطلق معاناتهم صدمة مزدوجة متمثلة في الحرمان بوصفهم "مهاجرين" والحرمان بوصفهم "ضحايا كارثة".

الكارثة المزدوجة: وضع السوريين في تركيا بعد الزلزال

حدث زلزالان كبيران بمحافظة كهرمان مرعش، وقع أوّلهما في منطقة بازارجيك وبلغت قوته 7.7 درجة، ووقع ثانيهما في منطقة ألبستان وبلغت قوته 7.6 درجة، حدث أحدهما تلو الآخر بتاريخ 6 فبراير 2023، وقد تسببا في دمار كبير وأضرار مادية جسيمة في 11 ولاية تركية، خصوصًا في محافظات كهرمان مرعش وهاتاي (أنطاكية) وآديمان وملطية، فضلًا عن ارتفاع عدد الضحايا والجرحى. بعد شهرين من الزلزال بلغ إجمالي الخسائر في الأرواح 50500 شخص. وبالنظر إلى مدى الجغرافيا التي تأثرت بالزلزال والعدد الكبير من المباني المنهارة، من المرجّح أن يزداد عدد الضحايا والإصابات.

أجبر الواقع الكارثي الذي ظهر بعد الزلزالين المواطنين الأتراك والأجانب المقيمين في المنطقة على الهجرة. وإذا كان السوريون الخاضعون للحماية المؤقتة بتركيا قد عانوا الهجرة القسرية بسبب الحرب الأهلية، فإنّ زلزالا كهرمان مرعش تسبّبا في مواجهة السوريين هجرة قسرية للمرة الثانية. ومن هنا يُقيَّم هذا الموضوع على أن السوريين يعانون صدمة مزدوجة من الحرمان: فهم "مهاجرين" و"ضحايا كارثة".

تُصنَّف المشكلات التي يعانيها السوريون وتفاقمت مساوئها بسبب آثار الزلزالين في نطاق السياسة الاجتماعية بمعناها الواسع. جعلت الزلازل الأخيرة في تركيا السوريين، مثل العديد من المواطنين الأتراك، بحاجة إلى أدوات السياسة الاجتماعية، وبخاصة المساعدة الاجتماعية والخدمات الاجتماعية.

في هذا الصدد، ستكون الدراسات حول ضحايا الزلزال مفيدة في الحفاظ على مستوى الرفاهية لجميع الناس في منطقة الزلزال. ومن ثَمّ من المهم تحديد وضع السوريين في مناطق الزلزال وعملية الهجرة بعد الزلزال والفرص/ الخدمات المقدمة.

يشكّل السوريون المقيمون في المدن الواقعة في منطقة الزلزال ما يقرب من نصف إجمالي عدد السوريين في تركيا. يواجه أكثر من 1.7 مليون سوري في 11 محافظة تضررت من الزلزال عواقب الكارثة، مثَلهم فذ ذلك مثَل المواطنين الأتراك في المنطقة تمامًا. كان جزء كبير من السوريين الذين فرّوا من الحرب الأهلية في سوريا منذ عام 2011، ولجؤوا إلى تركيا يقيمون في مخيمات مؤقتة. ثم انتقل أغلب السوريين في مراكز الإقامة المؤقتة إلى المدن. كان السوريون يعيشون في منطقة الزلزال بشكل عام مع الشعب التركي، وقد تأثروا بالزلزال مثل جميع سكان المنطقة.

غادر بعض السوريين المحافظات المعنية في أثناء عملية الجلاء والإخلاء بعد الزلزال مثل المواطنين الأتراك الذين كانوا يعيشون في المنطقة، ومع ذلك، لم يكن هناك انخفاض كبير في عدد السوريين في هذه المنطقة، حيث لوحظت حركة محدودة من منطقة الزلزال إلى الجانب السوري وأجزاء مختلفة من تركيا.

انتشرت مزاعم في وسائل الإعلام التقليدية أو وسائل التواصل الاجتماعي بأن هناك تدفقًا جديدًا للسوريين إلى تركيا بعد الزلزال، أو أن هناك حركة هجرة كبيرة داخل البلاد من وقت لآخر، وهذه الادعاءات لا تعكس الحقيقة، ولكن يمكن القول: دخل عدد محدود إلى سوريا عن طريق المعابر.

جرت تلبية الاحتياجات الإيوائية العاجلة للسوريين المتضررين من الزلزال بالتنسيق مع إدارة الكوارث والطوارئ، من خلال  توفير المأوى للمواطنين الأتراك وللسوريين في المخيمات والبيوت المتنقلة. بالإضافة إلى ذلك، فُتِحَت المهاجع التابعة لوزارة الشباب والرياضة لاستخدام السوريين الذين غادروا منطقة الزلزال، وقُدِّم الدعم بالتعاون مع المؤسسات العامة والمنظمات غير الحكومية؛ لتلبية الاحتياجات الأساسية، وبخاصة المأوى والغذاء والنظافة.


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...