ملخص تتناول هذه الدراسة التمويل الإسلامي في العالم عمومًا، وفي تركيا قبل عام 2002 خصوصًا. ثم تتناول التغيير في هذا التمويل في عهد حكومات حزب العدالة والتنمية. بدأ التمويل الإسلامي في تركيا عام 1984، وبدأت المؤسسات المالية الخاصة أوّل نشاطاتها في عام 1985، بموجب قرار سمح بتشكيل البنوك الإسلامية، لكن الحكومات تجاهلت المؤسسات المالية الخاصة، لكنّ هذا الوضع تغيّر بوضوحٍ بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة رغم أن التوجّه نحو التمويل الإسلامي لم يكن مثار اهتمام الدولة في الفترة الأولى... وفي الختام تقدّم هذه الدّراسة مقترحات سياسية حول تطوير التمويل الإسلامي في تركيا.
المدخل:
شكّلت الرغبة في زيادة الأرباح مع زيادة المخاطرة في قطاع المال أساس الأزمة العالمية التي بدأت في عام 2008، ولاتزال آثارها مستمرة حتى اليوم. فقد جرى العمل على كسب الأرباح العالية اعتمادًا على مزيج من المنتجات المالية التي أُنتِجت في ظل التنظيمات الضعيفة المعقّدة التي يصعب فهمها. فأسعار منتجات المشتقّات السامّة التي أُنتِجت بمليارات الدولارات ابتعدت عن الحقيقة، وبلغت نقطةً أصبحت فيه الأزمة المالية حتمية[1]. يتميز التمويل الإسلامي بالمقابل بأنه يعتمد على الموجود، ولا يسمح بممارسات المنتجات المالية التي تتضمن الغموض الشديد (الغَرر). وبهذه الميزة أظهرت المؤسسات المالية الإسلامية أداءً ناجحًا خلال الأزمة العالمية، وأثارت اهتمام المجتمع الدولي[2]. كما أن أداء النمو الكبير الذي شهده التمويل الإسلامي كان سببًا في زيادة هذا الاهتمام.
بدأ التمويل الإسلامي في تركيا عام 1984 بموجب القرار الذي سمح بتشكيل البنوك الإسلامية. وبدأت المؤسسات المالية الخاصة (ÖFK) أوّل نشاطاتها في عام 1985، لكن تجاهلت الحكومات والبيروقراط على حدٍّ سواء المؤسسات المالية الخاصة، ونُظِر إليها كالولد المُتبَنَّى. ولهذا السبب بقيت أسهمها في القطاع لفترة طويلة في حدود 1%. وتغيّر هذا الوضع بوضوحٍ في السنوات التالية لوصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، رغم أن التوجه نحو التمويل الإسلامي لم يكن مثار اهتمام الدولة في الفترة الأولى. والهدف من دراستنا هو تناول هذا التغيير من النواحي القانونية والسياسية والمالية.
تطور التمويل الإسلامي في العالم ووضعُ التمويل الإسلامي في تركيا قبل عهد حزب العدالة والتنمية:
ظهر أول بنك إسلامي بالمفهوم المعاصر في عام 1963 في مصر، حيث قام أحمد نجار بإنشاء البنك الإسلامي ميت غمر [في محافظة الدهقلية بمصر]. وكانت الغاية من هذا البنك جمع مدخرات أصحاب الدخل المحدود من الناس وتحقيق العائدات اعتمادًا على مبدأ الربح والخسارة. وقد استُلهِمت الفكرة من بنوك التوفير المعروفة باسم (شباركاسة) في ألمانيا[3]. لكن هذا المشروع لم يستمر سوى ثلاث سنوات، حيث أُغلِق مع فروعه التسعة في مصر عام 1967[4].
اعتبارًا من عام 1970، وبريادة القطاع الخاص أُنشِئت البنوك الإسلامية في العديد من الدول، في مقدمتها الدول الخليجية، وكذلك مارست البنوك التقليدية العمل المصرفي الإسلامي من خلال نوافذ خاصة بها. في الوقت الحاضر، يؤدّي 480 بنكًا إسلاميًّا نشاطاته في أكثر من 30 دولة. وإلى جانب البنوك الإسلامية، أظهرت القطاعات والمنتجات المالية المختلفة، مثل التكافل والمؤشرات الإسلامية والسندات وصناديق الاستثمارات- تطوراتٍ حقيقيةً أيضًا في الأيام الأخيرة، فبلغ مجموع المؤسسات المالية الإسلامية 1.329 مؤسسة، وبلغ إجمالي حجم الصندوق 2 تريلون دولار تقريبًا[5].
وفي تركيا أُنشِئ بنك الاستثمار العمالي الصناعي الحكومي بموجب القرار بحكم القانون الصادر في عام 1975 بصفته خطوة أولى نحو التمويل (اللاربوي). ولكن المؤسسات المالية الخاصة كانت أولى المؤسسات التي تقوم بنشاطات مصرفية إسلامية بصورة مستقلّة، وقد سُمِح بإنشائها بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 83/7506 تاريخ 16. 12. 1983 وبدأت ممارسة نشاطها في عام 1985. بعد صدور القرار المتعلّق بإنشاء المؤسسات المالية الخاصة، وضع البنك المركزي للجمهورية التركية الأسس القانونية بالاعتماد على الخزينة ومستشارية التجارة الخارجية والبلاغات واللوائح الصادرة من المؤسسات المعنية المختلفة.
لكن المشكلة الحقيقية ظهرت في أواخر 1990 بسبب تغيّر الظروف السياسية وضعف الأسس القانونية التي قامت عليها المؤسسات المالية الخاصة. ففي 28 شباط استُهدِف المتدَيِّنون وأوساطهم[6]. وشارفت المؤسسات المالية الخاصة على الإغلاق بموجب التغييرات المزمع إجراؤها في قانون المصارف عام 1999، لكن العدول عن الخطأ كان سريعًا نتيجة ردود الأفعال الصادرة من داخل السلطة الحاكمة أو المعارضة على حدٍّ سواء[7]. والمأزق الآخر الذي شهدته المؤسسات المالية الخاصة قبل عهد حزب العدالة والتنمية جاء من الداخل هذه المرة لا من الخارج. فقد تأثرت مؤسسة إخلاص المالية التي أُنشِئت عام 1995 بأزمة عامي 2000 و2001 تأثُّرًا كبيرًا، وأوقفت هيئة تنظيم وتدقيق الأعمال المصرفية (BDDK) نشاطات مؤسسة إخلاص بموجب القرار رقم 171 الصادر يوم 10. 02. 2001 من قبل بسبب عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية. وقد رُبِطت الأسباب التي دفعت إخلاص المالية إلى الانهيار بنقص السيولة وسوء الإدارة[8]. ويبيِّن أسوتاي[9] أن هذا الوضع يمكن تفسيره بضعف بنية إدارة الشركة.
وأخيرًا واجهت المؤسسات المالية الخاصة الكثير من الغموض القانوني خلال فترة عشرين عامًا تمتد من صدور القرار بحكم القانون عام 1983 إلى صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002. فقد نُظِّمت أعمال المؤسسات المالية الخاصة حتى عام 1999 بموجب البلاغات من دون الاعتماد على قانون معيّن، وأصبحت عرضة للإغلاق بعد 28 شباط. لدى أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار يمكن القول إن المؤسسات المالية الخاصة كانت تُعامَل معاملة الولد المتبَنَّى[10] لأسبابٍ سياسيةٍ.
التمويل الإسلامي في فترة حكومات حزب االعدالة والتنمية (2002- …)
للبحث في التطورات المتعلقة بالتمويل الإسلامي في عهد حزب العدالة والتنمية، أُخِذَت بعين الاعتبار الأهداف المتعلقة بالتمويل الإسلامي وأعمال البنوك التشاركية والتمويل (اللاربوي) التي تضمنتها البرامج الحكومية. من الأفضل أن نتناول الخطوات التي اتُّخِذَت في مجال التمويل الإسلامي على ثلاث فترات لحكومة حزب العدالة والتنمية: الفترة الأولى؛ وتشمل فترة الحكومتين الـ58 والـ59، وهي الفترة التي عمل فيها حزب العدالة والتنمية على التعرف على البيروقراط والدولة، ولم تتمكن من اتخاذ خطوات تُذْكَر في مجال التمويل الإسلامي. الفترة الثانية؛ وهي فترة الحكومتين الـ60 والـ61، حيث لعبت الحكومة دورًا تمهيديًّا في مجال التمويل الإسلامي. والفترة الثالثة؛ وهي فترة الحكومة الـ62 والفترة الممتدة حتى اليوم، حيث بدأ النظر إلى التمويل الإسلامي كقطاع إستراتيجي. وفي أثناء إجراء هذا التصنيف وُضِعَتْ بالحسبان المقاربات والسياسات المتعلقة بالتمويل الإسلامي، والمكاسب التي حُقِّقت.
يتناول الجدول1 الأهداف المرجوة من التمويل الإسلامي التي تتضمنتها برامج الحكومة في فترات حكومات حزب العدالة والتنمية، والتطورات المهمّة التي شهدتها هذه الفترات. وكما هو واضح من الجدول، فإن الفترة الأولى شهدت تطورات محدودة للغاية، وتضمنت أولويات مختلفة، ولا تبدو هناك أهداف جلية تتعلق بالتمويل الإسلامي. وتبدو الفترة الثانية فترةً شملت تطورات التمويل الإسلامي في المجال المصرفي إلى جانب امتداده إلى مختلف البنى المؤسساتية والمنتجات، ومبادرة الحكومة إلى اتباع سلوك ممهّدٍ من خلال إجراء الترتيبات المختلفة. في حين كانت الفترة الثالثة الفترة التي صار للتمويل الإسلامي مكانة خاصة به في البرامج الحكومية واكتسب أهمية إستراتيجية.
الجدول1: مكانة التمويل الإسلامي في برامج حكومة حزب العدالة والتنمية
الحكومات |
التمويل الإسلامي في برنامج الحكومة |
الأعمال المهمّة |
الحكومة الـ 58 |
لم يتحدّد أيّ هدف |
|
الحكومة الـ 59 |
لم يتحدّد أيّ هدف |
قانون البنوك رقم 5411 وتسمية (البنك التشاركي) (2005) |
الحكومة الـ 60 |
لم يتحدّد أيّ هدف |
تأسيس شركة التكافل الأولى (2009). قام البنك الكويتي التركي بإصدار أوّل صكوكه (2010). إصدار شهادات التأجير في هيئة أسواق رؤوس الأموال (2010). تنظيم لوائح الضرائب وشهادات التأجير (2011). |
الحكومة الـ 61 |
لم يتحدّد أيّ هدف |
تأسيس مؤشر المساهمة (2011). تأسيس شركة التقاعد غير الربوية الأولى (2011). إصدار شهادات الاستئجار العامة الأولى بالليرة التركية والدولار (2012). افتتاح مركز التنمية المالية الإسلامي العالمي (تشرين الأول 2013). تنظيم ورشة العمل المصرفي غير الربوي للتمويل والمشاركة من قبل اتحاد البنوك التشاركية في تركيا ومؤسسة تنظيم العمل المصرفي ومراقبته (كانون الأول 2013). |
الحكومة الـ 62 |
سنواصل أعمالنا من أجل تأسيس بنوك تشاركية برعاية القطاع العام لتطوير القطاع المصرفي غير الربوي (ص119). |
تأسيس البنك الزراعي التشاركي باعتباره أول بنك عام تشاركي (2015). |
الحكومة الـ 64 |
سنكوّن آلية تؤمّن التنسيق في مجال التمويل غير الربوي، ونحدّد مبادئ الإدارة المؤسساتية والمبادئ الأخلاقية التي تناسب هذا المجال. وسنزيد تنوع المنتجات والخدمات (ص77). سنقوم بترتيبات قانونية تفتح الطريق أمام أدوات التمويل الجديدة، مثل الصكوك في مشروعات التحول المدني (ص125). |
تأسيس بنك الوقف التشاركي (2016). تأسيس تنسيقية التمويل غير الربوي (2015). تأسيس دائرة التطبيق- V، ومؤسسة تنظيم العمل المصرفي ومراقبته (2015). |
الحكومة الـ 65 |
سنكون آلية تؤمن التنسيق في مجال التمويل غير الربوي، ونحدد مبادئ الإدارة المؤسساتية والمبادئ الأخلاقية التي تناسب هذا المجال. كما سنزيد تنوع المنتجات والخدمات (ص125).
سنقوم بترتيبات قانونية ضريبية تحفيزية بغية رفع حصة التمويل غير الربوي، وتأمين مزيد من التشارك لأدوات التمويل غير الربوي. سنقوم بترتيبات قانونية تفتح الطريق أمام أدوات التمويل الجديدة مثل الصكوك في مشروعات التحوّل المدني (ص107). |
تأسيس صندوق الأصول التركي (2016). |
المصدر: برامج الحكومة
الفترة الأولى (2002-2007): أولويات مختلفة ومعرفة الدولة
أُسِّس حزب العدالة والتنمية عام 2001، واستطاع أن يشكّل الحكومة بمفرده بعد أول انتخاباتٍ خاضها. استمرت حكومة غول الـ58 أربعة أشهرٍ، وكانت فترةً انتقاليةً، ومع حكومة أردوغان الـ59 بدأت فترة سلطة حزب العدالة والتنمية الطويلة. شكّل حزب العدالة والتنمية حكومته في الفترة التي استمرت متأثرةً بالأزمة الاقتصادية التي اجتاحت البلاد عامي 2000-2001، وكانت أولويتها الإنعاش الاقتصادي وإجراء الإصلاحات اللازمة. لدى البحث في برنامج الحكومتين الـ58 والـ59 نجد أنه لم يَجرِ ذكر أي هدف أو إشارة إلى التمويل الإسلامي. هناك سببان وراء هذا الوضع: يمكن أن نذكر في السبب الأول المشكلات الموروثة في العديد من المجالات، والاقتصاد في مقدمتها، وتوقعات الشعب حول هذه المشكلات. لهذا السبب لم يُحدَّد أي هدف ذي صلة بالتمويل الإسلامي، ولم يتم يُحدَّد بصفته مجالًا ذا أولوية. والسبب الآخر يتعلق بالدينامية العلمانية التي تستند إلى السجل التاريخي لتركيا، والهوية المؤسساتية التي رسمها حزب العدالة والتنمية لنفسه بما يتعلق بهذه الدينامية.
عرّف حزب العدالة والتنمية نفسه بأنّه حزب كتلةٍ ديمقراطيةٍ محافظةٍ[11]. ورغم أن الأشخاص الذين شكّلوا العمود الفقري لهذا الحزب في أثناء تأسيسه ينحدرون من تقليد مِلّي غوروش (الرؤية الوطنية) الإسلامي، فإنهم أكّدوا بوجهٍ خاصٍ ى أنهم لا يشكلون استمرارًا لهذه الرؤية، وأنهم ماضون في التغيير؛ لأنّ جميع الأحزاب القديمة التابعة لحركة الرؤية الوطنية هذه (حزب النظام الوطني، وحزب السلامة الوطني، وحزب الرفاه، وحزب الفضيلة) أُغلِقت بتهمة كونها محورًا للأنشطة المناهضة للعلمانية. ولكي يتجنب الحزب العاقبة نفسها رجّح اختيار عدم استخدام المراجع الإسلامية قدر المستطاع. هذه الطريقة السياسية لا تعني أن حزب العدالة والتنمية تجاهل مطالب جماهير المحافظين الذين صوّتوا له، بل تعني أن الحزب أراد أن يحقّق ما يُنتَظَر منه بتأمين توافقٍ مجتمعيٍّ هادئٍ على خلاف الطريقة المتبعة في الماضي. وصل حزب العدالة إلى سدة الحكم، ولكنه كان بحاجة إلى زمن لتعزيز قوته ونفوذه. ففي فترة الحكومتين الـ58 والـ59 عمل حزب العدالة والتنمية على التعرف على البيروقراط والدولة.
رغم أن التمويل الإسلامي في تركيا لا يستخدم كلمة (الإسلامي)، إلا أنّه يمثل هذه الهوية؛ لهذا السبب لم يُتَطرَّق إلى التمويل الإسلامي في البرنامج الحكومي في هذه الفترة. وبدلًا من ذلك، اتُّخِذَت مبادرات لجسّ نبض الجمهور. فمثلًا: تطرق نائب رئيس حزب العدالة والتنمية ناظم أقرن في عام 2003 إلى أن تقدّم البنوك العامة خدمات مصرفية إسلامية. ووفقًا لذلك تمّ التفكير في أن تنشئ البنوك التشاركية العامة تجمعاتٍ مختلفة، وتطبق نوعًا من النافذة الإسلامية التي يمكن من خلالها تقديم نشاطات على أساس التحاصص على الأرباح والخسائر[12]. وفي العام نفسه عملت مستشارية الخزينة من أجل إخراج صكوك عامة[13]. وأُنشِئت البنوك التشاركية العامة في عام 2014، بينما أُخرِجَت سندات الخزينة في عام 2017. حتى إن بنك (كويت ترك) قام في هذه الفترة بنشاطات من أجل جلب الأموال من الخارج لسدّ احتياجات المؤسسات المالية الخاصة من السيولة. لكن الصادرات المتوقّعة من الخزينة لعامَي 2003 و2004، والأعمال المبذولة لتشكيل الأرضية القانونية لم تصل إلى مستواها المطلوب[14].
إن الخطوة الأكثر أهمية في فترة حكومتي حزب العدالة والتنمية الـ58 والـ59 تتمثل في إنشاء قاعدة قانونية أكثر صلابة للمؤسسات المالية الخاصة بموجب قانون الأعمال المصرفية رقم 5411 الصادر في عام 2005، والاعتراف بإسهامها الفعال في الاقتصاد[15]. بموجب هذا القانون، غُيِّر اسم المؤسسات المالية الخاصة ليُصبح (البنوك التشاركية)؛ لأن اسم المؤسسات المالية الخاصة الذي استُعمِل منذ التأسيس الأول وحتى عام 2005 كان سببًا في تناوله بمعان مختلفة داخل البلاد وخارجها، ومن ثَمّ في التعرض إلى إجراءات مختلفة. هذه المؤسسات التي يمكنها أن تقوم بالكثير من الأعمال التي تقوم بها البنوك الأخرى بما يتوافق مع المبدأ (اللاربوي)، يمكنها أن تقدّم خدمة الأعمال المصرفية الدولية ومعاملات الصرف. لكن بسبب عدم ورود كلمة البنك في اسمها، تصنّفها بعض البنوك خارج البلاد في فئة المؤسسات المالية غير المصرفية، ولذا تعذّر على الزبائن الذين يتعاملون مع المؤسسات المالية الخاصة في التصدير والاستيراد التعاملَ مع تلك الدول[16]. لذا غُيِّر اسم (المؤسسات المالية الخاصة) بحيث يغدو اسمها (الخدمات المصرفية التشاركية)، وذلك بموجب قانون الأعمال المصرفية رقم 5411 الصادر في تاريخ 19 تشرين الأول 2005. وكان كل من تمل هزرأوغلو، ومحمد أمين أوزجان أوّل من استخدم عنوان (الخدمات المصرفية التشاركية)[17]. واسم التشاركية تعني أن هذه المؤسسات تعمل وفق مبدأ المشاركة في الربح والخسارة.
والخطوة التالية التي أقدمت عليها حكومتا حزب العدالة والتنمية الأُولَيَان في صدد البنوك التشاركية- كانت التوصية بتعيين المدير العام لمصرف البركة التركي في تلك الفترة عدنان بيوك دنيز رئيسًا للبنك المركزي. إلا أن هذا العرض رفضه رئيس الجمهورية آنذاك. لم تكن كفاءة العضو المرشّح مثار الجدال في تلك الفترة، بل المخاوف العلمانية، المتمثّلة في حياته الدينية وفي المؤسّسة التي يديرها وحجاب زوجته...[18]. وفي الفترات اللاحقة، عُيِّن أشخاص بيروقراطيون من ذوي الخبرة في العمل المصرفي التشاركي.
وأخيرًا يمكن القول إن برامج حكومات حزب العدالة والتنمية ما بين عامي 2002 و2007 لم تتضمن بوضوحٍ أهدافًا ذات صلة بالتمويل الإسلامي، لكنها بدأت باتخاذ بعض الخطوات المحدودة في هذا الاتجاه. هذا الموقف الحذر لم يكن باتجاه التمويل الإسلامي فحسب، بل كان باتجاه المحظورات التي تعرضت لها الفئات المحافظة عقب 28 شباط أيضًا، مثل: منع الحجاب، والاضطهاد الممارَس على مدارس الأئمة والخطباء. ومما يشير إلى عدم وجود أي هدف له صلة بالتمويل الإسلامي هذه العبارة التي قالتها حكومة حزب العدالة والتنمية بعد عامٍ ردًّا على طلب النائب العام بإغلاق الحزب في الدعوى المرفوعة بشأن إغلاق حزب العدالة والتنمية عام 2008، والتي ورد فيها ما يأتي: "ليس في البرنامج نموذج معارض للعلمانية قولًا وفعلًا"[19]. وعند النظر في العبارات المقدَّمَة في الدعوى بوصفها مسوِّغًا للوصول إلى قناعة بأن حزب العدالة والتنمية هو المستهدف من النشاطات المعادية للعلمانية، يُلاحَظ أن وضع هدف ذي صلة بالتمويل الإسلامي في البرنامج الحكومي يمكن اعتباره بمثابة إغلاق فوري للحزب. وبالرغم من المشكلات البنيوية السياسية في الفترة المعنية، فإن وضع اسم البنك التشاركي بدل المؤسسة المالية الخاصة، وإخضاع هذه المؤسسات لترتيبات قانونية مماثلة لتلك المتعلقة بالنشاطات المصرفية الأخرى، يُعَدُّ أهم الخطوات التي اتُّخِذَت في هذا المجال.
الفترة الثانية (2007-2014): الدور الممهِّد رغم الأزمات السياسية والاقتصادية
شهدت حكومتا حزب العدالة والتنمية الـ61 والـ62 خلال الفترة 2007- 2014؛ فترةً عصيبةً من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، فقد شهدت عام 2008 دعوى قضائية بإغلاق الحزب، إلى جانب الأزمة الاقتصادية العالمية التي تعمّقت آثارها في عام 2009. بعد ذلك أمضت فترة عصيبة جدًّا من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، بسبب التطورات التي جرت داخل تركيا (أعمال الشغب في أحداث المتنزّه، وعمليات 17-25 كانون الأول وغيرها…) في نهاية النصف الأول من عام 2013، والمستجدات في دول الجوار (الحرب في سوريا وتداعياتها على الداخل التركي). ورغم أن برامج كلتا الحكومتين لم تتضمّن أهدافًا ذات صلة بالتمويل الإسلامي، فإنهما اتخذتا ترتيبات من شأنها أن تفتح الباب أمام القطاع الخاص، وللمرة الأولى تمّ الانفتاح على أسواق رأس المال الإسلامية بشهادات الإيجار العامة.
ظهرت آثار الأزمة المالية العالمية 2008 على الاقتصاد التركي بشكل أقوى في عام 2009[20]. ورغم أن الأزمة المالية ألقت بظلالها على المؤسسات المالية الإسلامية (İFK)، فإن هذه المؤسسات خرجت بسلامة أكبر قياسًا على المصارف التقليدية، وذلك بسبب انخفاض أسهمها في القطاع المصرفي الدولي، وأنشطتها التي لا تشمل أدوات محفوفة بمخاطر بالغة. وفي الفترة التي أعقبت الأزمة، لجأت البنوك المركزية المشهورة في العالم إلى الفائدة المنخفضة والسياسة النقدية التوسيعة من أجل دعم اقتصادياتها، وهذا شكل الأرضية لانتشار أسواق رأس المال الإسلامي، ومن ثَمّ تحولت الأزمة إلى فرصة من أجل التمويل الإسلامي، واستفاد القطاع المالي الإسلامي في تركيا فيما بعد عام 2009 إن لم يكن في العام نفسه، من فرصة السيولة النقدية التي وجدتها خارج البلاد.
في 28 كانون الثاني 2009 أصدرت مستشارية الخزينة للمرة الأولى سندات الدخل[21] التي توفّر الدخل القائم على حصص أربعة مشروعات اقتصادية عامة تصبّ في الميزانية، وذلك "من أجل تنويع سندات الدَّين المحلي الحكومي وتوسيع قاعدة المستثمرين"[22]. وقد تمّ شراء هذه السندات وبيعها بشكل مباشر من قبل البنوك التشاركية. فيما بعد أجريت إصدارات بترتيبات قانونية جديدة في 29 نيسان 2009، و24 شباط 2010، و11 آب 2010، و24 آب 2011. وبهذا الشكل نوَّعت البنوك التشاركية الجانب النشط من ميزانيتها. وقد تمّ استخدام سندات الدخل من قبل صناديق المعاشات التقاعدية الفردية التي تستثمر في السندات (اللاربوية) أيضًا.
إن الفتاوى التي أصدرها المستشارون في الفقه بخصوص البنوك التشاركية مُلْزِمَةٌ؛ لأن البنوك التشاركية لا تقوم بأعمال لا تستند إلى المبادئ الإسلامية، ولا تقوم بالمعاملات والإجراءات التي لا تنسجم مع هذه القواعد. والمجالس الاستشارية المكوّنة من الأساتذة الخبراء في قضايا الفقه الإسلامي هم الذين يقرّرون وضع المنتج من حيث الحلال والحرام. وللبنوك التشاركية التي تمارس نشاطها في تركيا بُنىً استشارية تُسمَّى (الهيئة الشرعية) مماثلة لتلك المطبّقة في الدول الأخرى. استنادًا إلى المعلومات الواردة في مقدّمة الدليل الصادر عن مستشارية الخزينة، ذكر خير الدين قرمان في بحثه[23] عام 2009 رأيه حول جواز القيام بالاستثمار في هذه السندات، لكنه بيّن في بحثه[24] بتاريخ 19 شباط 2012 أن هذه السندات ينبغي أن تتحوّل إلى شراكة في الإيرادات، وأن وضعها الحالي ربوي. وبناءً على هذا الرأي صرحت البنوك التشاركية أنها لن تشارك في إصدار سندات الدخل الجديدة، ومن ثَمّ توقّف إصدار سندات الدخل من قبل الخزينة[25].
لم يلاحظ أيّ خطة لها علاقة بالتمويل الإسلامي في برامج حكومتي الـ60 والـ61، والذي جرى هو ترتيبات قانونية لتنويع مجال النشاطات أمام المؤسسات المالية الإسلامية. إذ شوهدت ريادة العديد من القطاعات الخاصة في مجال التمويل الإسلامي، حيث شهدت تركيا في هذه الفترة إنشاء أولى شركات التكافل والشركات التقاعدية (اللاربوية). أصدر بنك كويت ترك التشاركي أوّل سندات القطاع الخاص في تركيا في تاريخ 23 آب 2010 بأجل ثلاث سنوات بقيمة 100 مليون دولار. وقبل هذا الإصدار، أُنشِئت البنية التحتية للسندات للمرة الأولى باسم شهادات الإيجار بموجب البلاغ الصادر[26] عن هيئة أسواق رؤوس الأموال في نيسان 2010. ولأن بنك كويت ترك التشاركي بدأ بنشاط شهادات التأجير قبل هذا البلاغ، فقد تمّ الإصدار من خلال شركة إيجار الأصول VKŞ التي أُسِّست في الخارج بدون الامتثال لقرارات هيئة أسواق رؤوس الأموال. وأُزِيل الغموض حول الضرائب على شهادات الإيجار بالقانون[27] رقم 6111 الصادر في تاريخ 25 كانون الثاني 2011. بناءً عليه، وبموجب التعديل الذي أُجرِي على قانون ضريبة الواردات، عُدَّت الواردات المستحصلة من هذه الوثائق أنها إيرادات رؤوس الأموال القيّمة المنقولة، وتُفرَض عليها ضريبة الخصم من المورد بنسبة 10 في المئة كما هو الحال في السندات. وكذلك أُعفِيت شركة إيجار الأصول من الضرائب تمامًا. ولم تفرض على شركات إيجار الأصول أيّ رسوم، مثل ضريبة القيمة المضافة ورسم سند التمليك، من أجل الأموال المنقولة أو غير المنقولة التي تتناولها أو التي ستتناقلها. ونتيجة الترتيبات المحسّنة في الجانب الضريبي، أُنجِز أول إصدار لشهادات الإيجار بما ينسجم مع إشعار هيئة أسواق رؤوس الأموال من قبل بنك كويت ترك التشاركي في 30 تشرين الأول عام 2011.
أدّى البنك المركزي في الجمهورية التركية دورًا نشطًا في المؤسسة الإسلامية الدولية لإدارة السيولة الرائدة في المجال الدولي من خلال الترتيبات القانونية التي أجرتها مستشارية الخزينة وهيئة أسواق رؤوس الأموال ومؤسسة تنظيم العمل المصرفي ومراقبته في مجال التمويل الإسلامي. وهدف المؤسسة الإسلامية الدولية لإدارة السيولة هو تيسير إدارة السيولة التي تشكل المشكلة الأساسية التي تعانيها المؤسسات المالية الإسلامية بواسطة السندات قصيرة الأجل التي أصدرتها بما ينسجم مع أسس العمل المصرفي (اللاربوي) وبأقل التكاليف، ويشارك البنك المركزي للجمهورية التركية في هذه المؤسسة وفي إدارتها[28].
إن إجراء الترتيبات القانونية اللازمة حول شهادات الإيجار التي توفّر التمويل من المستثمرين في البنوك التشاركية من داخل البلاد وخارجها كانت خطوةً مهمّةً فيما يتعلق بالقطاع. فبفضل هذه الترتيبات القانونية أنشأت البنوك التشاركية شركات تأجير الأصول، وأصدرت العديد من السندات. ومع انتشار الإشعار الخاص بشهادات الإيجار اكتسبت الحكومة الدور التمهيدي، ومع إصدار أول شهادة إيجار اكتسبت مستشارية الخزينة بعدًا مختلفًا. في 8 أيلول 2012 أُصدِرت شهادة إيجار بقيمة 1.5 مليار دولار بأجل 5.5 سنة. وقد وصلت الطلبات الواردة من داخل البلاد وخارجها إلى خمسة أضعاف، وقد بِيعت لـ250 مستثمرًا، 58 بالمئة منهم من الشرق الأوسط، و13 بالمئة منهم من أوربا، و12 بالمئة من آسيا، و9 بالمئة من تركيا، و8 بالمئة منهم من الولايات المتحدة الأمريكية[29]. ويشكّل هذا الطلب الذي فاق التوقعات دليلًا على صواب القرار المتَّخَذ وإن كان متأخرًا.
في 2 تشرين الأول 2012 أصدرت مستشارية الخزينة شهادة الإيجار الأولى من نوع الليرة التركية بقيمة 1.6 مليار ليرة تركية. وبتأثير زيادة الطلب على هذه الإصدارات، دخل إصدار شهادات الإيجار بالعملتين الأمريكية والتركية في برامج الإصدارات المنتظمة للخزينة، ونُظِّمت الإصدارات بقيَم مختلفة سنويًّا. وستشكل شهادات الإيجار التي تصدرها الدولة أداةً استثماريةً بيد البنوك التشاركية لتنويع بُناها النشطة، إضافة إلى كونها فرصة أمام الشركات المالية الإسلامية التي تحتاج إلى واردات ثابتة (لاربوية)، مثل التكافل والمعاش التقاعدي الفردي.
هناك مثال بارز يمكنه أن يشد اهتمام الجمهور إلى المؤسسات المالية الإسلامية في هذه الفترة، هو إقامة (ورشة عمل التمويل غير الربوي والعمل المصرفي التشاركي) على يد اتحاد البنوك التشاركية في تركيا (TKBB) ومؤسسة تنظيم العمل المصرفي ومراقبته خلال الفترة 21-23 كانون الأول 2013. تناولت ورشة العمل هذه قطاع التمويل الإسلامي في تركيا بشكل شامل بمشاركة أكاديميين ومنفذين وهيئات تنظيمية. فتمّ تشكيل طاولات عملٍ لمجالات مختلفة، وإعداد تقريرٍ بالنتائج التي يتم التوصل إليها في نهاية الورشة[30]. لكن هذه الورشة لم تَشغَل حيزًا كبيرًا في الأجندات بسبب أحداث 17-25 كانون الأول.
التطور الآخَر المتعلق بأسواق رؤوس الأموال الإسلامية هو المؤشّر التشاركي الذي أُنشِئ في عام 2011. من خلال هذا المؤشّر الذي تُشبه ميزاته ميزات المؤشّرات الإسلامية الموجودة في العالم منذ مدة طويلة (مثل مؤشّر داو جونز للسوق الإسلامية، ومؤشّر FTSE الشريعة للأسهم العالمية وغيرهما)، تُحَدَّد الشركات التي يتمّ تداول أسهمها في بورصة إسطنبول بما ينسجم مع مبدأ العمل المصرفي التشاركي[31]. وبهذا الشكل قُدِّمت إمكانات بديلة للمستثمرين.
ختامًا يمكن القول إنّ هذه الفترة شهدت ترتيبات قانونية مختلفة وزيادة في أنواع الأنشطة من أجل تطوير قطاع التمويل الإسلامي.
الفترة الثالثة (2014-000): اعتبار التمويل الإسلامي قطاعًا إستراتيجيًّا
أصبحت الخطط الموجّهة نحو التمويل الإسلامي واضحة في البرنامج الحكومي اعتبارًا من الحكومة الـ62. فقد تغيّرت النظرة إلى التمويل الإسلامي، وبدأ قطاع التمويل الإسلامي الذي مُهِّد له في الفترتين السابقتين يُنْظَرُ إليه بصفته مجالًا إستراتيجيًّا. وبافتتاح بنك الزراعة التشاركي عام 2015 تحقق هدف إنشاء البنوك التشاركية العامة التي تمَ الحديث عنها[32] في الربع الأول من عام 2013. وقد ألقى نائب رئيس الوزراء آنذاك علي بابا جان في افتتاحه كلمةً قال فيها: "ذات يوم لم تكن الدولة تنظر إلى القطاع المصرفي التشاركي بصورة إيجابية، حتى إنها عاملته معاملة (الولد المُتَبَنّى). لذا يُعدّ هذا اليوم يومًا تاريخيًّا، فالقطاع المصرفي التشاركي بات يتبوَّأ موقعًا مهمًّا وترعاه الدولة بنفسها. كما أن تعزيز القطاع المصرفي التشاركي واستقراره يبعث برسالة قوية جدًّا داخل البلاد وخارجها"[33]. وتجدر الإشارة إلى أهمية دخول الدولة إلى هذا القطاع باعتباره عاملًا فاعلًا في (ديمومته). ففي عام 2016 بدأ بنك وقف التشاركي بنشاطاته، رغم أنه لا يملك حصة كبيرة بين الشركاء المؤسِّسين[34]، لكنه يحمل أهميةً رمزيةً من حيث مشاركةُ المؤسسات القديمة. وفي الفترة التي تحقّق فيها إنشاء البنوك التشاركية العامة، بدأ الحديث بإنشاء (البنك الشعبي التشاركي) بمبادرة من (البنك الشعبي)، وبدأ العمل فورًا بالترتيبات القانونية المتعلقة بالإنشاء ضمن بنية البنك[35]. ثم تأجّلت هذه المبادرة إلى تاريخ لاحق. ورغم أن البنك الشعبي التشاركي لم يبدأ بنشاطاته خلال عام 2017، فإنه من المتوقع أن يتمّ الحصول على الترخيص[36]. ومن المنتظر أن يرتفع مجموع الأسهم الذي تناله البنوك التشاركية من القطاع المصرفي إلى 15 بالمئة في عام 2025 مع إسهام البنوك التشاركية العامة[37].
يحمل مشروع مركز إسطنبول الدولي للتمويل أهمية إستراتيجية بالنسبة للاقتصاد التركي. وقد بدأت المبادرات حول هذا المشروع عام 2011. وفي كانون الأول 2014 نشرت وزارة التنمية ضمن الخطة الإنمائية العاشرة خطة عمل تتألف من سبعة عناصر فرعية[38]. يشكّل هدف التحوّل إلى مركز تمويل إسلامي إحدى ركائز هذه الخطة، وعلى صلةٍ بالموضوع يتضمن العنصر السابع في خطة العمل تحت عنوان (تطوير القطاع المصرفي التشاركي ونظام التمويل غير الربوي) أربع سياسات و31 خطوة عمل. ويتضمن خطة العمل المذكورة البنود الآتية[39]:
- تحسين الصورة الموجودة حاليًّا عن نظام التمويل (اللاربوي).
- تنمية الموارد البشرية وإثراء الأدبيات في مجال التمويل (اللاربوي).
- تطوير الهيكل التأسيسي، والبنية التحتية القانونية لنظام التمويل (اللاربوي).
- زيادة تنويع خدمات ومنتجات التمويل (اللاربوي).
إنّ من المهم للغاية الإسراع في إنجاز خطة عملٍ تملك بنيةً شاملة جدًّا؛ لأن السعي إلى تَبوُّؤِ موقع محوري في مجال التمويل الإسلامي ليس هدف البلدان الإسلامية فقط (مثل قطر وإندونيسيا وماليزيا...) بل هدف الدول الغربية أيضًا، مثل إنكلترا ولوكسمبورغ. فإنكلترا على سبيل المثال أنشأت عام 2001 مجموعة عملٍ لتطوير قطاع التمويل الإسلامي في بنية البنك المركزي، وتحديد العقبات أمام هذا القطاع، وفي عام 2011 أُسِّست (أمانة التمويل الإسلامي) لتنسيق تطوير التمويل الإسلامي ودعمه[40]، وفي عام 2014 أصدرت السندات الأولى بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني. وعند النظر إلى الخطوة طويلة الأمد التي أقدمت عليها إنكلترا بصفتها بلدًا غربيًّا يعيش فيها أقلياتٌ مسلمة؛ يجب على تركيا إتمام العملية البيروقراطية بأسرع شكلٍ ممكن. إلى جانب ذلك، ويمكن أن تشكل حالة الغموض التي تشهدها إنكلترا مع Brexit فرصة أمام تركيا لتكون مركز التمويل الإسلامي[41].
نَظَّمت تركيا في السنوات الأخيرة فعالياتٍ ومشاركاتٍ مهمَّة في مجال التمويل الإسلامي. ففي عام 2015 تسلّمت تركيا الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين، وبذلت الجهود بشكلٍ خاصٍّ من أجل إدراج التمويل الإسلامي في جدول أعمال مجموعة العشرين[42]، وفي هذا الإطار نُظِّمت فعاليات دولية مهمّةٍ في إسطنبول[43]. وفي تشرين الثاني عام 2016، استضافت إسطنبول الاجتماع الوزاري الثاني والثلاثين للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري في منظمة التعاون الإسلامي، أعقبها توقيع بروتوكول التعاون الإستراتيجي بين بورصة إسطنبول وبنك التمويل الإسلامي[44]. كما أن جميع هذه الأعمال والبرامج تسهم في تحقيق الهدف نحو تحويل تركيا إلى مركز التمويل الإسلامي. وفي الوقت ذاته، تسارعت أعمال إنشاء بنك ميغا (Mega) الذي سيقوم بدور بنك الاستثمار الذي يوفر السيولة للتمويل الإسلامي، بالشراكة بين بنك التنمية الإسلامي وتركيا وبعض الدول الإسلامية (إندونيسيا في المقدمة حاليًّا). وتولي الحكومة أهمية كبرى لمشروع بنك ميغا الذي سيسهم في هدف تركيا في الوصول إلى موقع مركز التمويل الإسلامي[45].
وأُنشِئت بُنىً جديدة في هذه الفترة من أجل لفت الأنظار إلى التمويل الإسلامي باعتباره قطاعًا إستراتيجيًّا، ففي مطلع عام 2015، شُكِّلت وحدة جديدة باسم (رئاسة دائرة التطبيق- V) من أجل تسيير النشاطات المتعلّقة بالعمل المصرفي التشاركي في بنية هيئة تنظيم العمل المصرفي ومراقبته، بشكل أكثر سرعةً وفعاليةً، وتطوير القطاع المصرفي التشاركي[46]. مع تشكيل هذه الوحدة لاحظنا تحوّل الرأي العام إلى تشكيل وحدةٍ من أجل العمل المصرفي التشاركي بعد أن كان بمنأى عن إجراء الترتيبات القانونية اللازمة من أجل المؤسسات المالية الخاصة في وقت سابق. ومما يكشف الأهمية التي أبدتها الحكومة لقطاع التمويل الإسلامي؛ تولّي المخضرمين في العمل المصرفي التشاركي المواقعَ الرئاسية في أهم المؤسسات في المجال الاقتصادي حاليًّا (البنك المركزي التركي وهيئة تنظيم العمل المصرفي والخزينة).
وتحقق الهدف الآخر الذي يتضمنه البرنامج الحكومي مع إنشاء هيئة تنسيق التمويل (اللاربوي) في آواخر عام 2015[47]. يهدف إنشاء هذه الهيئة إلى تحقيق التنسيق بين المؤسسات المالية الإسلامية، وتحديد مبادئ الإدارة الأخلاقية والمؤسساتية لهذه المؤسسات. وتتمّ عملية تحديد المبادئ في المؤسسات المالية الإسلامية وتطبيقها في العالم بشكلٍ عامٍّ من قبل المجالس الاستشارية. بعض الدول تكتفي بمجالس استشارية خاصة، لكن ماليزيا مثلًا لديها مجلس استشاري مركزي إضافة إلى مجالس استشارية خاصة. بهذا الشكل، يتمّ تحديد المبادئ العامة في موضوع الأعمال التي يمكن تنفيذها والخدمات التي يمكن تقديمها في المؤسسات المالية الإسلامية. وفي خطوة في هذاالإطار تواصل هيئة تنسيق التمويل (اللاربوي) العمل من أجل إنشاء مجلس استشاري مركزي[48]. ومن المنتظر أن تتعزز سمعة المؤسسات المالية لدى الشعب، ويزداد ثقته بها؛ بمجرد أن يبدأ المجلس الاستشاري المركزي نشاطه. وستكون الأجوبة متوفرة عن الأسئلة التي يوجّهها الشعب من قبيل: "لماذا لكل بنك مجلس استشاري خاص به؟"، "لماذا تتمّ الإجراءات وفقًا لفتاوى مختلفة؟".
ما من شكّ أنّ الذين يعملون في مجال التمويل الإسلامي من دون معرفة مبادئه سيكون معدل إسهامهم في القطاع مختلفًا تمامًا عن إسهام الذين يعملون معتمدين على هذه المبادئ؛ لأنّ قطاع التمويل الإسلامي تبوّأ موقعًا إستراتيجيًّا في هذه الفترة. ورُصِدَت تطورات مختلفة في مجال التعليم أيضًا. فعندما ننظر إلى مؤسسات التعليم العالي، لا نجد في الفترة قبل عام 2014 أي مادة تعليمية في مجال التمويل الإسلامي، بينما بدأ العديد من الجامعات تُقدّم حول هذا المجال[49] مادة اختيارية بدءًا من عام 2016 وأنشأت فروعًا تعليمية تمنح الشهادات الجامعية والعليا والدكتوراه. وحول موضوع زيادة الموارد البشرية المؤهلة التي تشكّل هدفًا من أهداف تركيا نحو 2023 أُنجِز مشروع مؤسسة التعليم العالي 100/2000. وفي هذا الإطار، سيُهيَّأُ منح الدكتوراه لألفَي شخص في مئة مجال من المجالات ذات الأولوية. وضمن هذه المجالات المئة يوجد (العمل المصرفي التشاركي)[50]، وفي هذا الإطار بدأت ثلاث جامعات مختلفة بقبول طلبات دراسة الدكتوراه. هذه الخطوات التي حدثت في مجال التعليم تساعدنا على اكتشاف الأهمية الإستراتيجية التي اكتسبها التمويل الإسلامي.
الخاتمة والمقترحات
عندما نلاحظ أن المؤسسات المالية الإسلامية أخذت في الانتشار عالميًّا في نهايات أعوام السبعينيات، نستطيع أن نقول إنّ تركيا خطت أولى خطواتها في هذا المجال بالتوازي مع هذا الانتشار، غير أن عملية التطور بقيت متأخرة عن العديد من الدول نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والظرفية. ومنذ أن نجح حزب العدالة والتنمية في تشكيل الحكومة عام 2002 وحتى اليوم، تواصل العمل على اتخاذ الخطوات المختلفة من أجل تطوير التمويل الإسلامي وتمهيد الطريق أمامه وبنائه على قاعدة متينة، لكن لم يتمّ الوصول إلى البعد المطلوب، ويبدو ذلك من أسهم البنوك التشاركية التي لم تتجاوز خمسة بالمئة بعد[51].
وصار المجتمع ممثلًا في التمويل الإسلامي بعد الإصدار الأول للصكوك في عام 2012 من قبل مستشارية الخزينة. وحوّلت الحكومة التمويل الإسلامي إلى قطاع إستراتيجي منذ عام 2014. والسبب في ذلك لا يقتصر على كون التمويل الإسلامي أقرب إلى الحكومة في نظرتها العالمية، بل يتعداه إلى أسباب براغماتية. لقد ازداد الاهتمام بالتوجه نحو التمويل الإسلامي ولاسيّما بعد الأزمة العالمية عام 2008، وبدأ العديد من الدول باتخاذ خطوات من أجل الفوز بالأسهم في هذا المجال. وبادرت تركيا بدورها إلى مشروعات من أجل زيادة أسهمها التي اكتسبتها من التمويل الإسلامي والوصول إلى مصادر التمويل البديلة. لكن علاقاتها المتزعزعة مع الاتحاد الأوربي جعلتها تتعاون مع دول أخرى مختلفة (الدول الخليجية تحديدًا).
وفيما يتعلق بتوسع قطاع التمويل الإسلامي في تركيا، أقامت الحكومة وحدة عمل مشتركة بين البيروقراطية ومؤسسات قطاع التمويل الإسلامي المعنية (البنوك التشاركية والتكافل وشركات التقاعد الفردية وغيرها). ويُعَدّ الموقف الداعم للقطاع الحكومي من قبل الذين يعملون في البنوك التشاركية -وفقًا لإحدى الدراسات- أكبر عاملٍ إيجابيٍ من أجل تطوير التمويل الإسلامي في تركيا، بينما يُعدّ تغير الظروف السياسية التهديد الأكبر[52]. في هذا النهج، أدّت سياسات حكومات حزب العدالة والتنمية، ولاسيّما في الفترة الأخيرة دورًا كبيرًا في فتح الطريق أمام القطاع ودعمه. غير أن مجال التمويل الإسلامي في أيامنا يُنْظَر إليه على أنهّ مجال إستراتيجيّ ليس من أجل تركيا فحسب بل من أجل البلدان الإسلامية وغير الإسلامية أيضًا. وتقوم المؤسسات الجديدة بالاستثمارات لصالح اتحادات العمال والموارد البشرية. لهذا السبب هناك خطوات يجب اتخاذها من أجل وصول القطاع إلى أهدافه المنشودة داخل البلاد، ومن أجل رفع أسهم تركيا التي اكتسبتها من أسواق التمويل الإسلامي العالمية. وفيما يلي التوصيات المقترحة في هذا المجال:
ينبغي أولًا إعداد تشريعاتٍ شاملةٍ من شأنها أن تزيل إشارات الاستفهام من أذهان المستثمرين داخل البلاد وخارجها حول موضوع انسجام نشاطات هذه المؤسسات مع الأحكام الإسلامية؛ ومتوازية مع الممارسات المتبعة في العالم، ومنسجمة مع طبيعة وروح العمل المنجز للمؤسسات المالية الإسلامية (التأمين التشاركي وما إلى ذلك)[53]. وفي أثناء إجراء ذلك، ينبغي الاستعانة بآراء أصحاب الشأن جميعًا، والاستفادة من الممارسات الدولية[54]، وينبغي إبلاغ الرأي العام بأن الممارسات الإشكالية الناجمة عن القيود الناشئة عن التشريعات القائمة تمّ حلّها. كما أن توصّل هيئة تنسيق التمويل (اللاربوي) الذي له أعمال ذات صلة بالمجلس الاستشاري المركزي إلى نتيجةٍ سريعةٍ في هذا الشأن؛ سيكون خطوةً مهمّةً يؤثر بشكلٍ إيجابيٍ في مسيرة القطاع. ومن المتوقع أن تزول مخاوف الناس حول هذه المؤسسات وتزداد ثقتهم بها بفضل المعايير التي سيضعها المجلس الاستشاري المركزي.
إن بناء موارد بشرية مؤهلة للعمل في هذه المؤسسات، تتبنى مبادئ وقواعد التمويل الإسلامي- أمر أهم من تأسيس الهيئات والمؤسسات من أجل سلامة تطوير التمويل الإسلامي في تركيا. فالمواد التي تُدرَّس في الجامعات ذات الصلة بالاقتصاد والتمويل الإسلامي في السنوات الأخيرة، والبرامج المقدَّمة على مستوى الشهادة الجامعية والداسات العليا، والمؤتمرات المحلية والدولية التي تُنظَّم في بلادنا- سوف تسهم في سدّ الثغرات في هذا المجال. ولكن يمكن القول بوضوح: إننا متأخرون جدًّا عن منافسينا المحتمَلين في مجال التعليم المالي الإسلامي. ففي جامعات مثل دورهام وأكسفورد في إنكلترا، تُدَرَّس برامج التمويل الإسلامي منذ أكثر من عشرين عامًا على وجه التقريب.
ويشكل غياب قناعة المجتمع بالبنوك التشاركية في تركيا التي تبلغ نسبة السكان المسلمين فيها أكثر من 90 بالمئة، إحدى الأسباب التي تقف وراء بقاء معدل أسهم المصارف التشاركية فيها حوالي 5%. ومن أجل إقناع المجتمع ينبغي تقديم معلومات عن التمويل (اللاربوي) على نطاق واسعٍ، ومحو الأمية المالية[55]، وتنظيم المؤتمرات بإشراف اتحاد البنوك التشاركية في تركيا، وإقامة تعاون مشترك مع المنظمات غير الحكومية. فالبنوك الإسلامية هي أول من تتبادر إلى الأذهان حينما يُذكَر التمويل الإسلامي.
وقد ازدادت أهمية المؤسسات المالية التي تعمل خارج إطار البنوك في السنوات الأخيرة. وفيما يأتي بعض هذه المؤسسات:
- المؤسسات الإسلامية للتمويلات الصغيرة.
- التعاونيات الإسلامية.
- مؤسسات الرهن (البونبروكيرينغ).
- الأوقاف النقدية.
- صناديق الزكاة.
- نماذج المؤسسات الهجينة (كمزيج الزكاة والوقف).
- بنوك القرض الحسن.
- الصناديق الاستثمارية الإسلامية.
- البنوك المحلية والقروية.
- شركات التكافل الصغيرة.
ينبغي دراسة هذه النماذج وإجراء الترتيبات اللازمة لتطبيقها في تركيا.
يأتي (نشر أصول التمويل الإسلامي) بين المسوّغات لإنشاء صندوق الأصول التركي (TVF) الذي أُسِّس في آب 2016[56]. ومع استخدام صندوق الأصول التركي سيحصل ارتفاعٌ في الحصص التي تحصل عليها تركيا وقطاع التمويل الإسلامي من الأسواق العالمية. وتتمّ إصدارات السندات التي يُرجّحها العديد من مشروعات البنية التحيتة الدولية في التمويل عن طريق صناديق الأصول الموجودة في دول الخليج وماليزيا[57]. يمكن من خلال صندوق الأصول التركي توسيع حجم التمويل الإسلامي من خلال الإقبال على إصدار السندات في مشروعات البنى التحتية المزمع إنشاؤها في تركيا، كما يمكن تشكيل خيارٍ بديلٍ أمام الراغبين في الاستثمار الفردي والمؤسساتي في الصناديق الإسلامية من دول الخليج.
لا يعتمد توسيع قطاع التمويل الإسلامي على حركة الطلب داخل البلاد فقط، بل يمكن أن يتم ذلك بالوصول إلى المصادر الخارجية أيضًا، والمشاركة في المؤتمرات الاستثمارية خارج البلاد، والاهتمام الكبير بالنشاطات التعريفية المضادة للدعايات المناهضة لتركيا التي يُطلقها رودشو (roadshowlar) وتنظيم غولن الإرهابي مؤخرًا. إلى جانب ذلك، يأتي التصنيف الائتماني الذي تمنحه مؤسسات التصنيف الائتماني للدول في مقدمة الأمور التي يلفت انتباه المستثمرين رغم الانتقادات المكثفة التي تلقتها هذه المؤسسات بعد الأزمة العالمية. ولكي تحصل تركيا على التصنيف الائتماني من الدرجة الاستثمارية، هناك حاجة إلى إصلاحات من شأنها أن تقلّل المخاطر في العديد من المجالات، وفي مقدمتها تقلّب أسعار الصرف. وبهذا الشكل يمكن لقطاع التمويل الإسلامي في بلدنا أن يصل بسهولة إلى الموارد الأجنبية، ويحصل على حصته المنشودة من الأسواق العالمية.
ملحق: حصص البنوك التشاركية في الفترة 2000 - 2016 وحجمها
الأعوام |
البنوك التشاركية (مليون ليرة تركية) |
النمو السنوي (%) |
القطاع المصرفي (مليون ليرة تركية) |
حصص قطاع البنوك التشاركية |
2000 |
2,266 |
106,549 |
2,1 |
|
2001 |
2,365 |
4,4 |
218,873 |
1,1 |
2002 |
3,962 |
67,5 |
212,681 |
1,9 |
أداء القطاع المصرفي التشاركي بعد أن وصلت حكومة حزب العدالة والتنمية إلى سدّة الحكم: |
||||
2003 |
5,113 |
29,1 |
249,688 |
2,0 |
2004 |
7,299 |
42,8 |
306,439 |
2,4 |
2005 |
9,945 |
36,3 |
406,909 |
2,4 |
2006 |
13,752 |
38,3 |
499,731 |
2,8 |
2007 |
19,445 |
41,4 |
581,606 |
3,3 |
2008 |
25,770 |
32,5 |
732,536 |
3,5 |
2009 |
33,628 |
30,5 |
834,014 |
4,0 |
2010 |
43,339 |
28,9 |
1,006,667 |
4,3 |
2011 |
56,148 |
29,6 |
1,217,695 |
4,6 |
2012 |
70,279 |
25,2 |
1,370,690 |
5,1 |
2013 |
96,075 |
36,7 |
1,732,401 |
5,5 |
2014 |
104,319 |
8,6 |
1,994,329 |
5,2 |
2015 |
120,183 |
15,2 |
2,357,432 |
5,1 |
2016 |
132,874 |
10,6 |
2,730,943 |
4,9 |
المصدر: اتحاد البنوك التشاركية في تركيا TKBB ومؤسسة تنظيم العمل المصرفي ومراقبته BDDK،
نشرة الأخبار التفاعلية كانون الأول 2016
المراجع والهوامش:
[1] James Crotty, “Structural Causes of the Global Financial Crisis: A Critical Assessment of the ‘New Financial Architecture’”, Cambridge Journal of Economics, V: 33, I: 4, (2009), P. 566.
[2] من أجل خبر الصحيفة المنشورة من قبل الفاتيكان انظر: " Vatican Paper Supports Islamic Finance. France Wants Its Share of Sharia Banking "، The Brussels Journal، 12 آذار 2009، https://www.brusselsjournal.com/node/3819، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
[3] Hussein E. Kotby, “Financial Engineering for Islamic Banks”, Japan: Institute for Middle Eastern Studies, (1990), p. 16.
[4] Ahmed Akgündüz, “The History of Islamic Banking and Finance”, Studies in Islamic Economics (Islamic Banking and Development), ed. Ahmed Akgündüz, (IUR Press, Rotterdam: 2009), p. 40.
[5] ICD – Thomson Reuters Islamic Finance Development Report2016, p. 30.
[6] "أحكام عرفية تصدر بحق العمل المصرفي (اللاربوي)"، صباح، 25 آذار 1998. (الجملة الأولى في الخبر: حكومة يلماز التي سرّعت مكافحة الرجعية تتحكم أيضًا بالقطاع المصرفي اللاربوي). أنيس بربر أوغلو، مذكرة المالية 28 شباط، حرِّييَّت، 6 كانون الأول 1999. (الأسطر الأخيرة من المقال: إن كنتم تودون معرفة رأيي الشخصي... فإن ضريبة الفائدة وحظر البنوك (اللاربوية) ليست قرارات مخزية ينبغي إخفاؤها، بل قرارات تستحق التصفيق. لهذا السبب نستغرب من إنجازها سرًّا في الخفاء).
[7] "يرى السيد رجب أنه تمّ التغاضي عن البنك الإسلامي". حرِّييَّت، كانون الأول 1999.
[8] S. Syed Ali, “Financial Distress and Bank Failure: Lessons From Closure of Ihlas Finans in Turkey”, Islamic Economic Studies, v: 14, i: 2, (2007), p. 1–52.
[9] Mehmet Asutay, “The Development of Islamic Banking in Turkey: Regulation, Performance and Political Economy”, Islamic Finance in Europe: Towards a Plural Financial System, ed. V. Cattelan, (Edward Elgar Pub., Cheltenham: 2013), p. 213–227.
[10] في مقالةٍ صدرت في الصفحة الثامنة من صحيفة ملِّيّت بتاريخ 24 كانون الأول 2000 تحت عنوان "المؤسسات المالية الخاصة" تشرح مليحة أوكور الموقف من المؤسسات المالية الخاصة على النحو الآتي: "ولكن لدى العودة إلى الوراء 10 أعوامٍ نرى أن البيروقراطيين تحديدًا لم يحبذوا المؤسسات المالية الخاصة؛ لأنهم خلال الفترة المذكورة عاملوا هذه المعاملات معاملة (الولد المُتَبنَّى) بسبب التنافس في النظامين السياسي والمصرفي". وورد الكلام ذاته على لسان علي باباجان الذي قال: " إنه توجد 4 بنوك تشاركية في تركية، وإن هذه البنوك التي عوملت معاملة (الولد المتبنّى)في فتراتٍ معينةٍ بلغت نفس شروط التسوية والتنافس التي تتمتع بها البنوك التجارية إثر الترتيبات القانونية التي صدرت في الأعوام 2005-2006"، "تعليمات الانضمام إلى البنك الزراعي والبنك الشعبي"، صباح، 29 آذار 2013.
[11] يالجين أق دوغان، حزب العدالة والتنمية والديمقراطية المحافظة، (ألفا، إسطنبول: 2004)، ص8. عند تأسيس حزب العدالة والتنمية لم يتم وصفه "بأنه ديمقراطي محافظ". لكن هذا الوصف والتعريف تمّ تبنّيه هويةً لحزب العدالة والتنمية بعد صدور كتاب أق دوغان. عُرِّف حزب العدالة والتنمية حزبًا ديمقراطيًّا محافظًا في دراسة بعنوان: "حزب العدالة والتنمية ورؤيته السياسية لعام 2023" السياسة والمجتمع والعالم"، حزب العدالة والتنمية، (https://www.akparti.org.tr/site/akparti/2023-siyasi-vizyon)، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017). "حزب العدالة والتنمية حزب كتلةٍ ديمقراطيةٍ محافظةٍ تضع نفسها في مركز السياسة" (ص4). "رجب طيب أردوغان يسمي سياسة حزبه بالديمقراطية المحافظة"، Haber Vitrini، 12 آب 2002، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017) (http://www.habervitrini.com/gundem/tayyip-erdogan-partisinin-politikasina-isim-koydu-muhafazakar-demokrat-42277).
[12] "البنوك العامة أيضًا ستقوم بالعمل المصرفي الإسلامي"، مِلِّيَّت، 31 آذار 2003.
[13] "سندات إسلامية"، مِلِّيَّت، 25 نيسان 2003. من اللافت للانتباه هذه الجملة الأولى من الخبر: "الجهود التي يتم تسييرها بهدوء".
[14] "ماذا يعني صكوك الإجراء؟"، حرِّييَّت، 8 كانون الثاني 2004.
[15] Asutay, “The Development of Islamic Banking in Turkey: Regulation, Performance and Political Economy”, p. 213–227.
[16] محمد أمين أوزجان وتمل هزر أوغلو، "العمل المصرفي التشاركي بُعدٌ جديدٌ في العمل المصرفي"، المؤسسات المالية الخاصة في تركيا بين النظرية والتطبيق، (منشورات البركة التركية، إسطنبول 2010)، ص194.
[17] تمل هزر أوغلو ومحمد أمين أوزجان، "العمل المصرف التشاركي بُعدٌ جديدٌ في العمل المصرفي"، مجلة Bereket، العدد 9، (شتاء 2000).
[18] "البنك المركزي ومفاجأة المصرف غير الربوي"، حرِّييَّت، 22 آذار 2006. جيغدم توكر، "فيتو بحق الربا الحرام ومرشح جديد مقبل على البنك المركزي"، حرِّييَّت، 26 آذار 2006. "محاسبة في البنك المركزي"، Evrensel، 25 آذار 2006.
[19] "النص الكامل للائحة اتهام حزب العدالة والتنمية"، حرِّييَّت، 18 آذار 2008.
[20] حقّق الاقتصاد التركي نموًّا بنسبة 0,9% عام 2008، وتناقص بنسبة 4,8 % عام 2009. وفي الأعوام اللاحقة انتعش بسرعة كبيرة: 2010 (8,8%)، 2011 (10,8%)، 2012 (4,7%)، 2013 (8,9%)، 2014 (5,0%)، 2015 (5,9%).
[21] سندات الدخل / Gelire Endeksli Senetler هي السندات التي لا تكفل لحاملها الحصول على فائدة السند في موعده المحدد إلا إذا كانت الشركة ربحت في تلك الفترة ربحًا كافيًا لدفع هذه الفوائد، وإذا لم يتحقق ذلك يؤجل دفع هذه الفوائد إلى أن تحقق الشركة أرباحًا تكفي لدفعها، أو تدفع الشركة عائدًا أقل، أو يسقط عنها السداد كلية وتعلن إفلاسها في حالة عدم قدرتها على السداد، وهي بهذه الصفة تشبه الأسهم الممتازة. المترجم.
[22] "دليل تعريف سندات الدخل"، مستشارية الخزينة بالجمهورية التركية، (2009)، ص1، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017):
[23] "سندات الدخل/Gelire Endeksli Senetler "، خير الدين قرمان، 15 شباط 2009، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
http://www.hayrettinkaraman.net/makale/0389.htm
[24] "سندات ديون الدولة"، خير الدين قرمان، 19 شباط 2012، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017):
http://www.hayrettinkaraman.net/makale/0850.htm
[25] "فتوى الفائدة حرّكت البنوك"، NTV، 29 آذار 2012.
[26] "تبليغ شهادات الإيجار"، جريدة رسمية، 7 حزيران 2013، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017):
http://www.resmigazete.gov.tr/eskiler/2013/06/20130607-14.htm
[27] "قانون بشأن إجراء التعديلات في قانون إعادة هيكلة بعض الضرائب، وقانون التأمينات الاجتماعية وقانون التأمينات الصحية العامة، وبعض القوانين والقرارات بحكم القانون الأخرى"، جريدة رسمية، 25 شباط 2011، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017):
http://www.resmigazete.gov.tr/eskiler/2011/02/20110225M1-1.htm
[28] المؤسسة الدولية لإدارة السيولة الإسلامية IILM ، http://www.iilm.com/about-us، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
[29] إعلان صحفي، عدد: 143/ 2012، مستشارية الخزينة بالجمهورية التركية، 18 أيلول 2012.
[30] "تقرير ورشة عمل التمويل غير الربوي والعمل المصرفي التشاركي"، مؤسسة تنظيم العمل المصرفي ومراقبته (تموز 2014)، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
http://www.bddk.org.tr/WebSitesi/turkce/Raporlar/Diger_Raporlar/13334calistay_raporu_24072014.pdf
[31] "عرض تقديمي حول المؤشرات التشاركية"، المؤشرات التشاركية، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
http://www.katilimendeksi.org/content/userfiles/files/yeni_katilim_endeksleri_sunumu.pdf
[32] "تأمينات تشاركية من أجل البنك الزراعي والبنك الشعبي"، صباح، 9 آذار 2013.
[33] "باباجان: الدولى ترعى القطاع المصرفي التشاركي"، Bloomberg HT، 29 أيار 2015.
[34] وقف بيازيد خان الثاني (بيازيد الثاني)، ووقف محمود خان الأول بن مصطفى خان (محمود الأول)، ووقف محمود خان الثاني بن عبد الحميد خان الأول (محمود الثاني)، ووقف مراد باشا بن عبد السلام (مراد باشا). إن الحصة الإجمالية لهذه الأوقاف في رأسمال مصرف الوقف التشاركي 1%.
[35] "بيان بالحالة الخاصة، ‘القطاع المصرفي التشاركي’"، منصة تنوير الشعب (KAP)، 12 آذار 2013، https://www.kap.org.tr/tr/Bildirim/266010، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
[36] "سينشط قبل رأس السنة"، يني شفق، 7 تشرين الثاني 2016.
[37] وثيقة إستراتيجية اتحاد البنوك التشاركية في تركيا 2015- 2025، (TKBB، إسطنبول 2015)، ص 3.
[38]"الخطة الإنمائية العاشرة وخطة مشروع مركز التمويل الدولي بإسطنبول"، وزارة التنمية، http://odop.kalkinma.gov.tr/dokumanlar/4Istanbul_Uluslararasi_Finans_Merkezi_Programi.pdf، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
[39] اتحاد البنوك التشاركية في تركيا، وثيقة إستراتيجية اتحاد البنوك التشاركية في تركيا 2015- 2025، ص23.
[40]UK Excellence in Islamic Finance, (UK Department for International Trade, 2014), https://www.gov.uk/government/uploads/system/uploads/attachment_data/file/367154/UKTI_UK_Excellence_in_Islamic_Finance_Reprint_2014_Spread.pdf, (Accessed: September 12, 2017).
[41] مجاهد أوزدمير، " Brexit والتمويل الإسلامي"، تحليلات PESA، (حزيران 2016).
[42] دمج التمويل الإسلامي في التمويل العالمي، مسودة مذكرة مجموعة العشرين. (ملحوظة مجموعة البنك العالمي/صندوق النقد الدولي بشأن إدماج التمويل الإسلامي بالنظام المالي العالمي، آب 2015).
[43] من أجل الأمثلة انظر: "مؤتمر كوبي الدولي ‘التمويل الإسلامي من أجل الشركات الصغيرة والمتوسطة (Kobi)’"، 23-24 تشرين الأول 2015، إسطنبول/ تركيا، http://kobisurasi.org، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017). ""، 18-19 تشرين الثاني 2015، إسطنبول/ تركية، http://www.worldbank.org/en/events/2015/11/18/mobilizing-islamic-finance-for-long-term-investment-financing، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
[44] "بورصة إسطنبول تتعاون مع بنك التنمية الإسلامي"، بورصة إسطنبول، 24 تشرين الثاني 2016، http://www.borsaistanbul.com/duyurular/2016/11/24/borsa-istanbul-ile-islam-kalkinma-bankasi-is-birligine-gitti، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
[45] "محمد شيمشك: من المتوقع أن يُؤَسَّس بنك ميغا هذا العام"، Fortune Turkey، 11 أيار 2016.
[46] "تقرير فعاليات عام 2015"، مؤسسة تنظيم العمل المصرفي ومراقبته (BDDK)، ص 53، https://www.bddk.org.tr/WebSitesi/turkce/Kurum_Bilgileri/Yillik_Raporlar/15194yfr2015.pdf، (تاريخ زيارة الموقع 12 أيلول 2017).
[47] "تأسست هيئة تنسيق التمويل (اللاربوي)"، مِلِّيَّت، 15 كانون الأول 2015.
[48] "هيئة تنسيق التمويل (اللاربوي) تقيّم أخطار سعر الصرف للقطاع الحقيقي"، Bloomberg HT، 29 كانون الأول 2016.
[49] غول سَوَنْ أوزكان، "ماذا يقول الاقتصاديون في مادة الاقتصاد الإسلامي"، حرِّييَّت، 17 كانون الأول 2014.
[50] من أجل معلومات أوفى عن مشروع مؤسسة التعليم العالي 100/2000، انظر: http://www.yok.gov.tr/web/100-2000/hangi-alanlarda، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
[51] من أجل أداء نمو البنوك التشاركية والتطور التاريخي لحصصها من القطاع المصرفي؛ انظر في جدول حصص البنوك التشاركية في الفترة 2000 - 2016 وحجمها الموجود في ملحق المقال.
[52] Hakan Aslan ve Mücahit Özdemir, “Development of the Islamic Finance in Turkey: A Questionnaire Study”, (Kuala Lumpur International Business, Economics and Law Conference 7 [KLIBEL7], Kuala Lumpur: 2015),p. 40-41.
[53] ينبغي أن لا تقتصر التشريعات على قانون العمل المصرفي، بل ينبغي أن تتعداه إلى أمورٍ أخرى تهمّ مؤسسات مختلفةٍ مثل حساب كفاية رؤوس الأموال والضرائب المزدوجة والمتطلبات الإلزامية.
[54] فمثلًا الدولة في ماليزيا تنجز الترتيبات القانونية اللازمة من أجل قطاع التمويل الإسلامي بسرعةٍ وتدعمه. لهذا السبب تملك الحصة الكبرى في قطاع التمويل الإسلامي في العالم رغم قلة كثافتها السكانية ورغم أن المسلمين لا يشكلون الشريحة العظمى في المجتمع. ينبغي على تركيا الإسراع في القيام بالترتيبات القانونية المطلوبة من أجل تحقيق زيادة كبيرة في حصتها في سوق التمويل الإسلامي في العالم.
[55] يقدّم البنك الاقتصادي التركي بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية للأسر والطلاب برامج مجانية في سبيل محو الأمية المالية. ويجب على البنوك التشاركية أن تكثف اهتماماتها بهذا النوع من الأعمال. فمثلًا يمكن أن يقوم اتحاد البنوك التشاركية بتركيا بمبادرة مهمّة في هذا الشأن. "البنك الاقتصاد التركي (TEB) يتطلع للوصول إلى 25% من السكان في مجال محو الأمية المالية"، ،Bloomberg HT، 27 شباط 2017.
[56] من أجل مسوّغات تأسيس صندوق الأصول التركي، انظر: http://www2.tbmm.gov.tr/d26/1/1-0750.pdf، (تاريخ زيارة الموقع: 12 أيلول 2017).
[57] يمكن أن نورد أمثلة على ذلك: Investment Corporation of Dubai في دبي، و Khazanah Nasional في ماليزيا، وشركة الممتلكات القابضة في البحرين.