رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| عروض الكتب < رؤية تركية

نظام الحكم الرئاسي: إضافة تركيا إلى أنظمة الحكم الديمقراطي

 نظام الحكم الرئاسي: إضافة تركيا إلى أنظمة الحكم الديمقراطي Presidential Government System | المؤلف: أونور إيرم Onur Erim | عرض: أونور بيركان Reviewed by Onur Birkan

 

يتحدث الكتاب بالمجمل عن أنظمة الحكم في الدول ذات الدساتير الديمقراطية، ويحاول أن يستعرض العلاقة بين قوى الحكم التنفيذية والتشريعية والقضائية، وكذلك الهيئات والمؤسسات الممثّلة لها، حيث يرى الكتاب أن الدول تتبنّى أنظمة حكم مختلفة تتوافق مع تراثها، وخلفياتها التاريخية، وجغرافيتها، ونظامها الاقتصادي وعاداتها المجتمعية. وضمن هذا السياق، يتناول الكتاب الذي يتألف من أربعة فصول نظام الحكم الرئاسي، وعملية التحول الدستوري التي تشغل الرأي العام في تركيا. بشكلٍ عام صِبغَ الكتاب بلغة واضحة ومبسطة، وسعى إلى تقديم إطار عام وتعريفات محددة حول هذا الموضوع.

تناول الفصل الأول من الكتاب مفاهيم أساسية تحت عنوانين رئيسين: (مفهوم نظام الحكم) و(أنظمة الحكم الرئيسة). في القسم الأول من هذا الفصل سعى الكاتب إلى عرض تصنيف لأنظمة الحكم المختلفة مستندًا إلى العلاقة بين السلطات المختلفة: التشريعية والقضائية والتنفيذية. وبالتركيز على فكرتَي (تركز السلطات) و(توزيع السلطات) عمل الكاتب على استعراض أهم خصائص أنظمة الحكم: الرئاسية، والبرلمانية، ونصف الرئاسية، وكذا أشار إلى أمثلة من الدول التي تتبنَّى هذه الأنظمة. كما قدّم الكاتب مقارنة بين نقاط التقاء واختلاف هذه الأنظمة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن ترجيح الكاتب النظام الرئاسي، واستخدامه عبارات مدح بحقّ الرئيس التركي أردوغان تحت عنوان (النظام الرئاسي) يجرح في حياد البحث من الناحية الأكاديمية.

يتكون الفصل الثاني من الكتاب والذي جاء تحت عنوان (النظام الرئاسي) من أربعة عناوين، وقد تقاطع بعض نقاط هذا الفصل مع الفصل السابق. استعرض هذا الفصل النظام الرئاسي بشكل أكثر تفصيلًا، وقدّم مقارنة بين هذا النظام ونظامَي الحكم البرلماني والنصف رئاسي، وأشار إلى نقاط ضعف وقوة كل من هذه الأنظمة بشكلٍ مبسّط وبلغة مفهومة للقارئ غير المتخصص. في القسم الأخير من هذا الفصل قدَّم الكاتب عرضًا للنظام الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية تحديدًا، لكن تجب الإشارة هنا إلى أن منهجية البحث القائمة على المقارنة لم تُطبَّق في هذا القسم من الفصل الثاني، حيث لم يقدم الكاتب مقارنة بين النظام الرئاسي المطبّق في الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول التي تتبنّى النظام ذاته، كما أنه أهمل مقارنته بالنظام الرئاسي المنتظّر تطبيقه في تركيا، وأغفل كذلك الفروقات والانعكاسات المحتملة لتطبيق هذا النظام في تركيا مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.

في الفصل الثالث الذي تحدّث عن (محدّدات النظام الرئاسي) تحت عنوانين فرعيين رئيسين، استعرض الكاتب بعض المفاهيم من قبيل الدولة المركزية والولايات المتحدة، وبخاصة مفهوم الدولة الفيدرالية الذي عدّه الكاتب أحد أشكال نظام الحكم الذي يمكن أن يندرج تحته الولايات المتحدة. وذهب الكاتب في هذا الفصل إلى عدم وجود علاقة حتمية بين النظام الرئاسي والنظام الفيدرالي، فالنظام الفيدرالي شكل من أشكال الدول، في حين أن النظام الرئاسي متعلّق بشكل نظام الحكم وفقًا للكاتب. وبهذا يرى الكاتب أن النظام الفيدرالي ليس نتيجة حتمية للنظام الرئاسي، لكن الكاتب لم يعطِ أمثلةً تدعم ادّعاءه في هذا الصدد حول دولٍ تُحكَم بنظام حكم مركزي وتتبنّى النظام الرئاسي نظامًا للحكم. وقد تطرق الكاتب في هذا الفصل إلى النظام الانتخابي في النظام الرئاسي بعد تقديم تعريف للأنظمة الانتخابية، حيث ذهب الكاتب إلى أن نظام الانتخابات القائم على (عدالة التمثيل واستقرار نظام الحكم) يمثّل الحالة المثلى. وهنا يشير الكاتب إلى أن نظام الحكم الرئاسي لا يقتضي نظام انتخابات محددًا. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكاتب في القسم الأخير من هذا الفصل تبنّى موقفًا واضحًا بدعم النظام الرئاسي في خضم التجاذب السياسي الحاصل في تركيا (قبيل الاستفتاء حول النظام الرئاسي) ما يتعارض مع مبدأ الحياد الذي ادّعى الكاتب تبنّيه في بداية الكتاب.

في الفصل الرابع والأخير من هذا الكتاب والذي احتوى على عنوانين رئيسين حول (تركيا على طريق الديمقراطية) و(النظام الرئاسي لأجل تركيا) أشار الكاتب إلى أهمية النظام الرئاسي لتحقيق رؤية تركيا 2023. تطرق الكاتب في القسم الأول من هذا الفصل إلى أنظمة الحكم التي تمّ تبنّيها تاريخيًّا، وفي سياق الشروط المختلفة في تركيا منذ الإمبراطورية العثمانية وحتى الآن. حيث أعطى الكاتب أمثلة على عدم وجود نظام حكم واحد في هذه الفترة، بل تغيّر نظام الحكم بتغيّر الشروط التاريخية واختلاف الحاجة. أما في القسم الثاني من هذا الفصل، فاستعرض فيه الكاتب الأزمات، وعدم الاستقرار، وضعف القرار الحكومي الذي واجهته تركيا في فترات النظام البرلماني، في إشارة إلى الحاجة للنظام الرئاسي. وقد ذهب الكاتب تحت عنوان: (لماذا النظام الرئاسي بالنسبة لتركيا؟) إلى أن تركيا بحاجة إلى الاستقرار لتحقيق رؤية 2023، وأن الاستقرار لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق النظام الرئاسي. ويمكن القول إنّ الكاتب هنا وقع في خطأ في المحاكمة بافتراض أن النظام الرئاسي هو شرط مبدئي لتحقيق الاستقرار السياسي، فيما لم يشر الكاتب إلى الأزمات المحتملة -وإن كان احتمالها ضعيفًا- التي قد تنشأ عن النظام الرئاسي، وكان من الأفضل لو تناول الكاتب هذا الموضوع تحت عنوان: (هل النظام الرئاسي ضروري لتركيا؟) عوضًا عن عنوان: (لماذا النظام الرئاسي بالنسبة إلى تركيا؟).

بشكلٍ عامٍ، صِيغَ الكتاب بلغة سهلة وبأسلوب في متناول الجميع، استعرض فيه الكاتب أهم المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالنظام الرئاسي، لكنه على الجانب الآخر لم يعالج المشكلات والأزمات المحتملة في حال تطبيق هذا النظام في تركيا. ويمكن القول إن الكتاب قدّم استعراضًا لما كُتِب أكاديميًّا حول أنظمة الحكم والنظام الرئاسي بشكلٍ خاص أكثر من كونه قدّم جديدًا في هذا الصدد، وهذا يجعل مقدار الإضافة الأكاديمية التي يقدّمها الكتاب إلى الباحثين محدودًا في هذا الصدد. كما تجب الإشارة هنا إلى أن صفحات الكتاب خالية من إشارة مباشرة لأي بحث أكاديمي حول الموضوع، وإن كان الكاتب عرض في نهاية الكتاب مجموعة من المراجع التي اعتمد عليها في كتابته للبحث. ومع أن الكاتب يقدّم استعراضًا مفيدًا للقارئ العادي حول النظام الرئاسي إلا أن عبارات تحمل تبنّيَ اتّجاه واضح استخدمها الكاتب، مثل: "نعم، ستكون هناك حكومات أكثر ديناميكية"، و"نعم، سيتم الخلاص من الحكومات الائتلافية وما صنعته من أزمة"- أثرت في حياد الكتاب من الناحية الأكاديمية، وبخاصة أنها جاءت في سياق التحضيرات للاستفتاء الحكومي الذي أُجرِي في السادس عشر من نيسان/أبريل 2017.

 


ملصقات
 »  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...