رؤية تركية

دورية محكمة في
الشئون التركية والدولية


| المقالات والدراسات < رؤية تركية

هل بدأت الحرب الإيرانية؟

بدأ ارتفاع التوتر في مياه الخليج، العام الماضي مع انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي، وانتهاجها سياسة معادية لإيران، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات أشد من تلك العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما على إيران. أما طهران فتدرك أن ترامب المقبل على انتخابات رئاسية، والرأي العام الأمريكي، ليسا مستعدان لحرب جديدة في الشرق الأوسط، لذا تخاطر ببعض المحاولات، آخر ها كان تهديد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، نظيره الأمريكي مايك بومبيو، بـ “حرب شاملة” في المنطقة.

هل بدأت الحرب الإيرانية؟

إنّ الهجوم على شركة أرامكو السعودية ليس بمعركة وكلاء عادية، فهنالك من يدعي أن عملية إطلاق الصواريخ الموجهة من الطائرات المسيرة على الشركة السعودية نُفّذت من الأراضي الإيرانية.
ورغم تبني جماعة الحوثي للهجوم؛ إلا أن أصابع الاتهام تشير إلى طهران؛ لذا تدور بالأذهان عدة أسئلة منها؛ هل خرج التوتر المتصاعد في الخليج اعتبارا من 2018 عن السيطرة؟ وهل تتحول سياسة الضغوط القصوى على إيران إلى حرب ساخنة؟ لماذا صعّدت إيران التوتر بالتزامن مع إقالة جون بولتون عن منصبه؟ كيف سترد إدارة ترامب على الهجوم  الذي يعتبره "سببا للحرب"؟
على هذه الأسئلة بالضبط تحاول العواصم العالمية الإجابة، بينما يتحضر زعماء العالم لإلقاء خطاباتهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بدأ ارتفاع التوتر في مياه الخليج، العام الماضي مع انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي، وانتهاجها سياسة معادية لإيران، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات أشد من تلك العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما على إيران،  وهذه العقوبات على طهران تكبدها خسائر تقدر بمليار دولار أسبوعيا.
حتى قبل فرض العقوبات عليها، كانت طهران تمارس ضغوطها على حلفاء الولايات المتحدة في الخليج عبر وكالائها، حيث أن حرب اليمن وحدها تسبب صداعا للرياض منذ أربعة أعوام.
وهاهي الإمارات تنسحب من الحرب المفتوحة ضد جماعة الحوثي، ولديها نية لترك حليفهتا وحيدة في المغامرة التي جرت إليها السعودية في اليمن، بالتزامن مع احتجاز إيران ناقلات النفط في مضيق هرمز، محاولة إثبات نفسها.
في هذه الحالة، لماذا ضُربت السعودية الشقيقة الكبرى في الخليج، بقصف عنيف كهذا؟
لا شك أن قصف أرامكو لم يكن يهدف إلى خفض الإنتاج السعودي من النفط بنسبة 40%، فعبر هذا الهجوم وجّهت طهران تهديدها لسائر الخليج.
فقد أظهر الهجوم أن الأسلحة الأمريكية المقدرة بمليارات الدولارات لا تستطيع حتى منع الهجمات الهجينة الفاعلة. ومن الواضح أن هجوما مماثلا على بلد خليجي كالإمارات سيحدث دمارا هائلا.
وهنا يطرح هذا السؤال نفسه، لماذا وقعت هذه الهجمات في الوقت الذي كان يستعد فيه ترامب لتخفيف العقوبات على إيران واللقاء مع الرئيس روحاني.
فمن المعلوم أن ترامب أقال مستشار الأمن القومي جون بولتون بسبب رغبات بولتون الكبيرة في معاداة إيران.
أما طهران المختنقة إلى أبعد الحدود من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، تؤكد رغم هذا الوضع الذي فيه على أنها لن تجلس على طاولة المفاوضات مع ترامب ما لم يرفع العقوبات عنها، لأنه لا يوجد بديل لدى ترامب عن الاتفاق النووي الذي قبله سلفه أوباما.

تدرك طهران أن ترامب المقبل على انتخابات رئاسية، والرأي العام الأمريكي، ليسا مستعدان لحرب جديدة في الشرق الأوسط، لذا تخاطر ببعض المحاولات، آخر ها كان تهديد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، نظيره الأمريكي مايك بومبيو، بـ “حرب شاملة” في المنطقة.
أما واشنطن فتدرس أبعاد الرد على هجوم أرامكو، وتفكر هل تضرب مستودعات ذخيرتها أم منشآتها النفطية التي لا تستطيع بيعها.
ولا بد أن ردا رمزيا لن ينهي التوتر المفتعل؛ وإنما سيقوي قبضة طهران، وحتى وإن تابعت دول الخليج شراء الأسلحة من الولايات المتحدة بعد هذا الهجوم؛ إلا أنها ستبحث عن حلول المصالحة مع إيران.
حتى أن ظريف دعا السعودية والإمارات إلى طاولة المفاوضات من الآن، وهو ما يزيد من طموح إيران للهيمنة الإقليمية.
إدارة ترامب عازمة على ضربة موجعة لإيران، وإذا أقدمت على عملية عسكرية ضدها، سيزداد التوتر في المنطقة، ويبدو أن طهران وضعت نصب عينها هذه المجازفة.
وبما أن واشنطن لن تفكر في سيناريو مشابه لسيناريو “احتلال العراق”، إذن ستنتظر دخول الدول الأوروبية إلى المعادلة وفي مقدمتها ألمانيا.
أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يشاهد المجريات من بعيد، سيجدد عرضه ببيع منظومة إس -400 للسعودية.
فمع هجوم على أرامكو دخلت منطقة الخليج مرحلة جديدة من النزاعات، ورد واشنطن على هذا الهجوم هو من سيوضح معالم ما إذا كان الرد حملة انطلاق الحرب الإيرانية.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط بطريقة محدودة ومقيدة لأغراض محددة. لمزيد من التفاصيل ، يمكنك الاطلاع على "سياسة البيانات الخاصة بنا". أكثر...